في رحيل “المفكر المظلوم” المهدي المنجرة

441

تشيّع اليوم بمقبرة الشهداء بالعاصمة المغربية الرباط جنازة المفكر وعالم المستقبليات المغربي “المهدي المنجرة” الذي وافته المنية أمس – الجمعة – عن سن يناهز 81 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض.

ويعتبر الراحل أحد أبرز المفكرين الذين أنجبتهم الأمة الإسلامية في العصر الحديث نظرًا لدفاعه المستميت عن القيم الإنسانية ومساندته المقهورين في كل أنحاء العالم، وتبنيه القضايا الفكرية والسياسية المناهضة للعنف والإقصاء والتجبر وتسخير البشر من أجل المصلحة الشخصية.

ولد المهدي المنجرة سنة 1933 بالرباط، وتابع دراسته بالولايات المتحدة ثم التحق بجامعة كورنيل بنيويورك بين 1950 و1954 حيث حصل على الأجازة في العلوم السياسية، وانتقل إلى مدرسة لندن للاقتصاديات والعلوم السياسية التابعة لجامعة لندن بين 1954 و1957، ومنها حصل على الدكتوراة في العلوم الاقتصادية والعلاقات الدولية قبل أن يلتحق بجامعة محمد الخامس كأول أستاذ محاضر مغربي بكلية الحقوق.

وكان عدد من الطلاب والباحثين والأساتذة الجامعيين من محبي الراحل، قد أطلقوا قبل شهرين حَملَة إلكترونية لمساندة عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة، بعد دخوله في حالة صحية جد حرجة، وهي الدعوة التي انطلقت تحت اسم “مَعًا من أجل تكريم الدّكتور المهدي المنجرة بالمغرب”، واختارت يوم 13 مارس يومًا عالميًا للاحتفاء بالمنجرة، وتطالب من خلاله بفكّ الحظر والمنع وإزالة التهميش الذي يطاله نتيجة مواقفه الوطنية.

ويعد الراحل المنجرة من أبرز علماء الدراسات المستقبلية في العالم، إذ أصبح مع تراكم تجربته داخل وخارج المغرب، أحد أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية، كما عرف بمواقفه المثيرة للجدل الموجهة لعدد من المنظمات الدولية، التي جال كثيرًا في دهاليزها، عربيًا ودوليًا.

واشتهر الراحل بمقالاته وكتبه الرصينة التي نظرت لمجموعة من الطروحات والقراءات المستقبلية للآفاق السياسية والاجتماعية في العالم العربي الإسلامي، وكان من القلائل الذين تنبأوا بسقوط بعض الأنظمة العربية، وبقيام انتفاضات شعبية في بلدان العالم العربي قبل عقدين من الزمن من حدوث الربيع العربي، كما عرف الراحل في سنواته الأخيرة بمواقفه المناهضة للسياسات الغربية في المنطقة العربية وبنضاله من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان وبدفاعه عن اللغة العربية.

وللمنجرة أكثر من 80 إصدارًا كلها بحوث أكاديمية ومؤلفات في العلوم والاقتصاد والسياسة، وعرف عنه رفضه تولي المناصب السياسية في المغرب.

 المهدي المنجرة مناضل سياسي قال للملك الراحل الحسن الثاني “لا” رغم أنه كان زميله في الدراسة، حيث عُرضت عليه في عهد الحسن الثاني وزارة المالية والوزارة الأولى لكن رفضهما، وتعرض لهذه الأسباب للمنع من إلقاء المحاضرات في المغرب.

المهدي المنجرة مر بأشهر صعبة وهو معزول في بيته، يموت ببطء، قبل أن ينتقل إلى المستشفى ليقضي فيها وقتًا طويلاً كذلك، وعندما توفي، بعث الملك محمد السادس برقية تعزية إلى أفراد أسرته.

ودافع المهدي المنجرة عن اللغة باعتبارها من أركان التنمية، ويرى في اليابان نموذج مثالي، حيث اعتدمت على اللغة اليابانية في مسيرتها التنموية وليس على لغة الغير، كما يرى المنجرة أن الاستعمال المكثف للدارجة المغربية ليس بريئًا بل مخطط يسعى إلى القضاء على اللغة العربية.

الكثيرون من المتابعين على مواقع التواصل تذكروا المهدي المنجرة وتذكروا أفكاره ومؤلفاته