ترجمة وتحرير: نون بوست
كان إيتاي سفيرسكي، 40 سنة، معالجًا يحب الفلسفة. وكان إيدن يروشالمي، 24 سنة، يتدرب ليصبح مدربًا للبيلاتس، أما ألكس لوبرينوف، 32 سنة، فهو أب لثلاثة أطفال، فهو لم يلتقِ بطفله الأصغر.
إنهم من بين 41 رهينة قُتلوا منذ أن تم أسرهم من قبل حماس وحلفائها خلال هجومهم على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وفقًا لتحليل أجرته صحيفة نيويورك تايمز للتقارير الجنائية والتحقيقات العسكرية حول وفاتهم، بالإضافة إلى مقابلات مع أكثر من اثني عشر جنديًا ومسؤولًا إسرائيليًا، ومسؤولًا إقليميًّا رفيعًا، وسبعة من أفراد عائلات الرهائن.
لقد قُتل بعضهم على يد حماس، وبعضهم جراء نيران إسرائيلية، والبعض الآخر لا يزال سبب وفاتهم غير معروف. وأصبحت الخسائر – وخاصة حجمها – الآن في قلب نقاش مؤلم داخل المجتمع الإسرائيلي حول ما إذا كان من الممكن إعادة المزيد من الأشخاص أحياء لو تم التوصل إلى هدنة في وقت أقرب.
لقد زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منذ فترة طويلة أن القوة العسكرية هي الوحيدة التي يمكن أن تجبر حماس على تحرير الرهائن. بينما جادل معارضو نتنياهو بأن استمرار الحرب لفترة أطول يزيد من احتمال قتل حماس للرهائن أو قتلهم في الغارات الإسرائيلية.
إن المناقشة اكتسبت زخمًا أكبر في الأيام الأخيرة؛ حيث تواجه إسرائيل احتمالية العودة إلى الحرب بعد انتهاء الهدنة الأخيرة. وقلبت الحكومة الإسرائيلية العملية مؤخرًا من خلال اقتراح إطار عمل جديد، تم رفضه فورًا من قبل حماس، والذي ينص على تمديد لمدة سبع أسابيع يتم خلالها إطلاق نصف الرهائن الأحياء وإعادة رفات نصف الرهائن المتوفين.
ومن بين الرهائن التسعة وخمسين الذين يُعتقد أنهم مازالوا محتجزون في غزة، قالت الحكومة الإسرائيلية إن 24 منهم فقط على قيد الحياة. وقد ترسخت مخاوف وعدم اليقين بشأن مصيرهم على النفسية الوطنية.
وفي أواخر فبراير/ شباط، اصطف الآلاف من الإسرائيليين على جانبي الشوارع على طول طريق جنازة شيري بيباس وابنيها الصغيرين، أريئيل وكفير، الذين تم اختطافهم خلال الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل وقُتلوا في غزة. وقد حمل العديد منهم لافتات كُتب عليها “آسف”، اعتذارًا لعدم بذلهم ما يكفي لإنقاذهم.

ومن بين 251 شخصًا تم اختطافهم خلال الهجوم الذي شنته حماس وأدى إلى إشعال الحرب في أكتوبر/ تشرين الثاني 2023، تم تبادل أكثر من 130 منهم أحياء مقابل أسرى فلسطينيين. واسترجعت القوات العسكرية الإسرائيلية جثث أكثر من 40 آخرين، العديد منهم تم أخذهم جثثًا إلى غزة خلال الهجوم. وقد سلمت حماس ثمانية جثث كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار الأخير.
ووفقًا لاثنين من المسؤولين الإسرائيليين؛ قُتل عدد قليل من الرهائن على الأرجح في الأيام الأولى من الحرب، قبل أن يصبح من الممكن إبرام هدنة. ولكن العديد من الآخرين توفوا منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الأول في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023؛ حيث استمرت المعارك في حرب أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
وتحدث جميع الجنود والمسؤولون بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لمناقشة النتائج الحساسة.
وعلى الرغم من أن إسرائيل وحماس اقتربا من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في يوليو/ تموز، إلا أن المفاوضات انهارت، واستغرق الأمر خمسة أشهر أخرى لإبرام اتفاق، كان مشابهًا إلى حد كبير لما تم مناقشته في الصيف.
وقال خصوم رئيس الوزراء نتنياهو وبعض أقارب الرهائن إن الأشهر الإضافية من القتال، رغم أنها أدت إلى إضعاف حماس وحلفائها في لبنان وإيران، أسفرت عن مقتل المزيد من الرهائن وفشلت في النهاية في هزيمة حماس.
وقال يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي حتى نوفمبر/ تشرين الثاني، في مقابلة تلفزيونية الشهر الماضي: “كان بإمكاننا إعادة المزيد من الرهائن إلى الوطن، في وقت أبكر وبتكلفة أقل”.
بينما رفض مكتب رئيس الوزراء نتنياهو التعليق، فقد ألقى باللوم لفترة طويلة على حماس في الفشل التوصل إلى هدنة. وقال رئيس الوزراء السنة الماضية: “لن يتم تحرير جميع رهائننا إلا من خلال الضغط العسكري المستمر، حتى النصر الكامل”.

ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الظروف المحددة التي قُتل فيها الرهائن، لكنه قال في بيان لها إنه نفذ عمليات مع اتخاذ العديد من الاحتياطات لحماية الأسرى.
وأضاف البيان أنه “يعرب عن أسفه العميق لكل حادثة قُتل فيها رهائن أثناء أسرهم، وهو يبذل كل ما في وسعه لمنع حدوث مثل هذه الوقائع.” كما قال الجيش إنه يقوم بتحديث عائلات الرهائن بشكل منتظم حول حالة أحبائهم.
لقد قُتل سبعة رهائن على يد خاطفيهم مع اقتراب الجنود الإسرائيليين منهم، وتوفي أربعة آخرون في غارات جوية إسرائيلية، وفقًا للمسؤولين الإسرائيليين ونتائج التحقيقات العسكرية العلنية.
وقال الجيش الإسرائيلي علنًا إن ثلاثة رهائن قُتلوا على يد جنود إسرائيليين الذين اختلط عليهم الأمر وظنوا أنهم مسلحون فلسطينيون، بينما تم قتل أحدهم في تبادل لإطلاق النار. ولا تزال الظروف المحيطة بمقتل 26 رهينة أخرى غير حاسمة.
وفي بعض الحالات، هناك ادعاءات متضاربة، كما هو الحال مع عائلة بيباس؛ حيث قالت حماس إن الثلاثة قُتلوا في غارة إسرائيلية، لكن الجيش الإسرائيلي قال إنهم قُتلوا على يد خاطفيهم.
ولم يقدم أيًّا من الجانبين دليلًا على استنتاجاتهما. وبعد فحص الجثث، قال الدكتور تشين كوجل، مدير معهد الطب الشرعي الوطني في إسرائيل، في بيان إنه لا يوجد دليل على أنهم قُتلوا في قصف.
ويلقي بعض أقارب الرهائن باللوم على حماس وحدها في هذه الوفيات؛ فقد قُتل زوج نيرا شرابي المختطف في غارة جوية إسرائيلية، وفقًا لتحقيق عسكري، لكنها قالت في مقابلة أجريت معها إن حماس هي المسؤولة في نهاية المطاف “لأنهم أخذوه ووضعوه هناك”.

ويعتقد آخرون أن الحكومة اهتمت بمحاربة حماس أكثر من اهتمامها بإنقاذ أحبائهم؛ حيث قالت ميراف سفيرسكي: “لقد خدعت الحكومة الجمهور من خلال التقليل من شأن المخاطر التي تشكلها الحرب على الرهائن”.
ونجا شقيقها من غارة جوية إسرائيلية ليتم إعدامه على يد آسره من حماس بعد أيام، وذلك وفقًا لثلاثة مسؤولين إسرائيليين والسيدة سفيرسكي التي أطلعها الجيش على الأمر.
وأضافت السيدة سفيرسكي: “قتل الآسر أخي، لكن السبب الذي دفعه لإطلاق النار عليه هو حملة الجيش”.
قتلى الغارات الجوية
عندما قصفت إسرائيل مركز قيادة لحماس تحت الأرض في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قتلت الغارة اثنين من قادة حماس، من بينهم أحمد الغندور، وهو قائد في حماس قالت إسرائيل إنه ساعد في تنظيم هجوم أكتوبر/تشرين الأول.
وبعد شهر، اكتشف جنود المشاة الإسرائيليون الذين كانوا يمشطون موقع الغارة جثث ثلاثة ضحايا غير مقصودين: إسرائيلي اختطِف من مهرجان موسيقي في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وجنديان تم أسرهما في قاعدة عسكرية قريبة.
حاول الجيش منع إلحاق الأذى بالرهائن، وطوال فترة الحرب، جمع ضباط المخابرات معلومات عن كل أسير واحتفظوا بسجلات لآخر موقع معروف لهم، وفقًا لأكثر من 12 مسؤولًا.
لكن الجيش لم يتمكن من تحديد مكان وجود العديد من الرهائن، خاصة في الأسابيع الأولى من الحرب عندما كانت المعلومات شحيحة والقصف الجوي على أشده، وفقًا لثلاثة مسؤولين عسكريين وإذا لم تكن هناك إشارة واضحة عن مكان الرهينة، كان بإمكان القوات الجوية توجيه ضربة، كما حدث في الهجوم على الغندور.

بعد أن خلص الجيش في نهاية المطاف في مارس/آذار 2023 إلى أن الغارة الجوية قتلت الرهائن، لم يبلغ الجيش أقاربهم لعدة أشهر، وفقًا لمسؤولين دفاعيين، ورفض الجيش التعليق على الحادث.
وفي يناير/كانون الثاني 2024، سمح الجيش للأقارب بالاطلاع على تقرير الطب الشرعي، الذي اطلعت عليه صحيفة التايمز لاحقًا، والذي أشار إلى أن الرجال ربما اختنقوا بالغازات السامة.
وسرعان ما بدأت معيان شيرمان، والدة أحد الضحايا، حملة عامة للضغط على الجيش للاعتراف بأن الغازات انبعثت خلال انفجار تسبب فيه صاروخ إسرائيلي.
ولم يعترف الجيش بمقتل الرجال في إحدى غاراته الجوية إلا في سبتمبر/أيلول الماضي، ولم يكشف عن السبب الدقيق للوفاة.
أعدمتهم حماس
وفي أواخر أغسطس/آب؛ تقدمت قوات الكوماندوز الإسرائيلية عبر بلدة في جنوب غزة، على أمل العثور على قائد حماس في غزة، يحيى السنوار، وفقًا لخمسة مسؤولين دفاعيين إسرائيليين.
وبينما كانوا يبحثون عن السنوار، قدّر الجيش الإسرائيلي أن هناك أشخاصًا من المحتمل أن يكونوا محتجزين في أنفاق في نفس الحي، وأكدت قوات الكوماندوز وجود رهينة واحد على الأقل في 27 أغسطس/آب، عندما اكتشفوا وجود أسير حي هو فرحان القاضي، وهو عربي إسرائيلي، في أحد الأنفاق.
وخوفاً من أن يؤدي وجودهم إلى تعريض رهائن آخرين للخطر، علقت القوات مهمتها في البداية، وفقًا لتحقيق عسكري.
وتم تحديد المنطقة في الابق على أنها منطقة محظورة للعمليات على الخرائط العسكرية التي اطلعت عليها صحيفة التايمز، وقال ثلاثة مسؤولين إن العسكريين خاطروا بحياتهم من خلال العمل في المنطقة؛ حيث صدرت أوامر للمسلحين بقتل الأسرى إذا حوصروا.

وفي نهاية المطاف، كانت الحاجة إلى مطاردة السنوار ذات أولوية أعلى، وفقًا لأربعة مسؤولين في وزارة الدفاع.
وبعد توقف دام يومًا واحدًا، واصلت قوات الكوماندوز في 28 آب/أغسطس عملية البحث.
في 31 أغسطس/آب، وبدلًا من العثور على السنوار، اكتشف أفراد الكوماندوز جثث ستة رهائن قُتلوا بالرصاص وتركوا في نفق ضيق.
أصدرت حماس رسائل متضاربة بعد الحادث بفترة وجيزة؛ حيث ألقى أحد المسؤولين باللوم على إسرائيل في قتلهم، بينما أشار آخر بقوة إلى أنهم قُتلوا على يد مقاتلي حماس.
وخلص التحقيق العسكري في وقت لاحق إلى أنهم قُتلوا على يد حراسهم عندما اقتربت القوات الإسرائيلية.
وقُتل السنوار في نهاية المطاف في عملية أخرى في 16 أكتوبر/تشرين الأول.
قُتلوا أثناء محاولات الإنقاذ
في إحدى ليالي شهر ديسمبر/كانون الأول 2023، اعتقدت فرقة من قوات الكوماندوز الإسرائيلية أنها كانت على وشك إنقاذ رهينة إسرائيلية، واقتحمت الفرقة مخبأً لحماس في غزة، متوقعين أن يجدوا امرأة إسرائيلية في غرفة منفصلة عن خاطفيها، وفقًا لثلاثة مسؤولين إسرائيليين.
وبدلاً من ذلك، وجدوا أنفسهم في معركة بالأسلحة النارية مع مقاتلي حماس، لم تكن المرأة في أي مكان، ودون أن يدرك ضباط المخابرات الإسرائيلية ذلك، بدا أن حماس استبدلتها على ما يبدو برهينة ذكر، وهو ساعر باروخ، وفقًا للمسؤولين.
وسرعان ما لقي باروخ حتفه؛ حيث قُتل في تبادل لإطلاق النار أدى أيضًا إلى إصابة جنود إسرائيليين بجروح، كما قال المسؤولون. ولم يتضح ما إذا كان باروخ قد قُتل بنيران صديقة أو بنيران خاطفيه؛ وقد نشرت حماس في وقت لاحق شريط فيديو لجثته.
ولا يزال رفات السيد باروخ في غزة.
المصدر: نيويورك تايمز