“انتبهوا، هناك 50 مليون مسلم في أوروبا، وبعض الدول الأوروبية صارت حاضنة للإرهابيين والتطرف، وعليكم الحذر مما يُنشر في دور العبادة، وعليكم إما أن تكشفوا هذا الزيف أو تتحملوا مسؤوليتكم”.
إن حُجبت الصورة واُلبست هذه الكلمات لغة غير العربية لما أمكن تمييز هوية المتكلم عن خطاب أي زعيم من زعماء ما توصف بالشعوبية المتطرفة الصاعدة في أوروبا ضد المهاجرين والمسلمين منهم على وجه الخصوص، لكنه مسؤول عربي بلسان يميني مبين.
هذا التصريح الذي نطق به وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان، في ندوة عامة في الرياض شارك فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو/ أيار 2017، يرسم خطوط عقلية تحكم سياسة أنظمة عربية يفوق عدائها للإسلام ما يخرج من الغرب نفسه، ما يحيلنا إلى التساؤل: ما سر العداء بين الإمارات والإسلام في أوروبا؟
انطلاقًا من هذا السؤال، نتتبع في هذا التقرير تورط الإمارات في سلسلة من حملات التشهير المستهدفة ضد مجموعة من التيارات والمنظمات والأفراد المسلمين الذين لم تكتف الدولة الخليجية الصغيرة التي تلعب دورًا أكبر من حجمها بمعاداتهم في الشرق الإسلامي، بل اتجهت هذه المرة بملاحقتهم في دول الغرب أيضًا.
تأجيج الإسلاموفوبيا في أوروبا
منذ سنوات، تقود الإمارات حملات شرسة ضد الحركات الإسلامية المعتدلة، حيث انتقلت من محاربتهم داخل الدول العربية إلى ملاحقتهم في أوروبا.
وتزامنًا مع زيادة وتيرة تطبيعها مع الاحتلال الإسرائيلي، استغلت أبوظبي مخاوف المتوجسين في الغرب لوصم الحركات السياسية الإسلامية باعتبارها من أشكال التطرف الأيديولوجي المنبثق عن الإسلام.
وبشهادة العديد من الصحفيين والباحثين في أوروبا، كالباحث البريطاني أندرياس كريغ، فإن الإمارات تربط الإسلام بالإرهاب في أوروبا لتبرير سحق المعارضة السياسية ذات الخلفية الإسلامية، وتبرير الممارسات القمعية لأي نشاط سياسي في الإمارات، وتروج للإسلاموفوبيا من خلال شبكات نفوذها في الغرب.
وانتقد كريغ ما وصفه بتدخل الإمارات في نشر الروايات المعادية للإسلام في الأوساط الأوروبية، وذلك تعليقًا على مشاركة وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد مادة صحفية من موقع “سبكتاتور” زعمت أن “التطرف الإسلامي هو التهديد الأول للمملكة المتحدة”، واتهمت السلطات البريطانية بعدم فعل ما يكفي لمنع التطرف الإسلامي المحتمل، رغم أنها بنفس الوقت تتفاعل عندما يكون المجرم يمينيًا متطرفًا.
The #UAE‘s Islamophobic narratives will continue to be spread by its influence network in the #UK undermining objective discourse on the matter – if the Russians would interfere in our discourse through information networks, we would raise red flags #Islamophobia https://t.co/3jkZS0QflJ
— Dr Andreas Krieg (@andreas_krieg) October 22, 2021
ورد الباحث البريطاني على ما كتبه ابن زايد بأن الروايات المعادية للإسلام التي تنشرها الإمارات من خلال شبكة نفوذها في المملكة المتحدة، تقوض الخطاب الموضوعي حول هذه المسألة، واستنكر الصمت الرسمي على تدخلات أبوظبي، قائلاً “لو تدخل الروس لرفعنا الرايات الحمراء”.
وفي وقت سابق، حرَّض الوزير الإماراتي على المساجد في الدول الغربية رابط إياها بالهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم الدولة (داعش) في دول أوروبية خلال السنوات الماضية، وحذَّر الأوروبيين من أن “الإسلام الراديكالي سينمو في أوروبا”، لأن سياسيي أوروبا – كما يقول – لا يرغبون في اتخاذ قرار صحيح بعدم التسامح معهم بدعوى حقوق الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية.
وتلعب الإمارات هذا الدور من خلال التشكيك في الأئمة والعلماء المسلمين، ففي 9 مارس/ آذار 2015، قال ولي عهد أبوظبي آنذاك محمد بن زايد “يتعين على المجتمع الألماني أن يكون متيقظًا لمَنْ يخطب في المساجد وماذا يخطب، لا يجوز أن يكون خطباء من باكستان أو أي دولة أخرى في الأرض هم الخيار الوحيد أمام المسلمين في ألمانيا”.
ويتماهى هذا التصريح مع آخر لوزير التسامح الإماراتي نهيان مبارك آل نهيان، في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، حرَّض فيه على مراقبة المساجد في الغرب، زاعمًا أن اعتناق المسلمين للفكر المتطرف في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا، ووقوع هجمات إرهابية هناك، جاء بسبب غياب الرقابة الكافية على المساجد والمراكز الإسلامية في أوروبا.
وقال آل نهيان إن الإمارات دائمًا ما تعرض على المراكز الإسلامية في أوروبا تقديم المساعدة في تدريب الأئمة، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية “تحريضًا مبطنًا على المسلمين في أوروبا، ووصفته المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بأنه “محاولة يائسة لتحويل المساجد في أوروبا إلى مراكز أمنية للتجسس تخدم أجندات إماراتية”.
شبكة نفوذ أبوظبي
في فضيحة جديدة أُضيفت إلى سجل أبوظبي الأسود، كشفت تحقيقات أوروبية عن شبكة نفوذ وتجسس تعمل لصالح الإمارات في أوروبا وخصوصًا فرنسا، وتستهدف خصوم ومعارضي أبو ظبي، بما في ذلك قطر والمنظمات الإسلامية، واستخدمت هذه الشبكة للتأثير على مناقشات قانون مكافحة التطرف، الذي يخدم مصالحها ضد تيارات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.
وكشفت التحقيقات عن سعي إماراتي للتجسس على المواطنين الأوروبيين المسلمين، وتفكيك الشبكات الإسلامية في أوروبا، وعن تعاون بين أبو ظبي ومقربين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشجيع الأخير على محاربة الجمعيات الإسلامية في فرنسا، وتقديم تقارير للداخلية الفرنسية حول منظمات مرتبطة بها.
أنشطة شبكة النفوذ الإماراتية المعقدة في أوروبا تنسقها شركة “ألب سيرفيسيز” السويسرية، وهي شركة استخبارات خاصة تباهت بقدرتها على إجراء “عمليات تضليل” على الشركات والأفراد، قائلة إن عملائها يشملون دولًا وأثرياء، وأسسها ماريو بريرو، المعروف بأساليبه الاستخباراتية المثيرة للجدل، والمحكوم عليه سابقًا في جرم اختراق مكالمات هاتفية لزوج رئيسة مجموعة “أريفا” النووية الفرنسية آن لوفرغون التي وصفته بـ”الجاسوس”.
ووفقًا للبيانات المسربة، دفعت المخابرات الإماراتية أكثر من 5.5 مليون يورو لهذه الشركة لإنشاء ملفات لأكثر من ألف شخص في أوروبا، ومشاركة أسماء نشطاء بشكل غير قانوني مع أجهزة الاستخبارات الإماراتية التي تستهدف تشويه سمعتهم ووصمهم بالإرهاب من خلال ربطهم بجماعات متطرفة، ما أضر بسمعتهم، وساهم في انعدام الثقة العامة في المسلمين والإسلام.
وبين عامي 2017 و2020، أنشأت شركة “ألب سيرفيسيز” ملفات عن أشخاص من 18 دولة أوروبية و400 منظمة، كان من بينهم 80 منظمة و116 فردًا مدرجين من بلجيكا، من بينهم زكية الخطابي، وزيرة البيئة والاستدامة الفيدرالية في البلاد، وهناك أكثر من 200 شخص و120 منظمة من فرنسا على القائمة المسربة أيضًا.
وزيرة البيئة في الحكومة البلجيكية “زكية خطابي” تتقدم بشكوى ضد #الإمارات بتهمة التجسس عليها
الفضيحة السياسية تفجرت من خلال مؤسسة التعاون الإستقصائي الأوروبي “EIC” استنادا إلى آلاف الوثائق المسربة من شركة الإستخبارات السويسرية الخاصة “Alp Services” أن الشركة تجسست بطلب وتمويل… pic.twitter.com/DzQx3JexHA
— الكـويت ثـم الكـويت 🇰🇼 (@q8__then__q8) April 16, 2024
تهدف “ألب سيرفيسيز” التي قادت حملات تضليل ونشر معلومات مضللة حول النشطاء المسلمين في أوروبا، إلى نشر أو التأثير على 100 مقال سنويًا نيابة عن الإمارات، ثم نشر بعضها عبر حسابات مزيفة، لا سيما في مساحة المشاركة الحرة، بهدف تدمير شبكات الإخوان المسلمين الموجودة في فرنسا، ووضع السلطات في موضع حرج، كونها أهملت التركيز على مجلس المسلمين في أوروبا.
من المقالات المضللة التي روجتها الشبكة مقال نشر في مجلة “فالور أكتويل” الفرنسية اليمينية المتطرفة للصحفي نيكولاس كليمان، اقتبس فيه تدوينة نُشرت باسم مستعار تانيا كلاين، تصف مجلس مسلمي أوروبا بـ”البيت الأم للأخطبوط الإسلامي”، مع وعود بممارسة ضغطًا إضافيًا على وسائل الإعلام الأخرى، ولوبيات سرية لحظر مجلس مسلمي أوروبا في فرنسا، أو على الأقل وضعه رهن التحقيق.
لم تكن هذه أول مرة تُكشف فيها كواليس عملية نفوذ في فرنسا وأوروبا، تشرف عليها مباشرة أجهزة المخابرات الإماراتية، ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، كشف موقع “ميديا بارت” الاستقصائي الفرنسي أن الإمارات قدمت دعمًا ماليًا سخيًا لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان – إحدى الشخصيات الأكثر تطرفًا في فرنسا – بقيمة 8 ملايين يورو عن طريق تقديم قرض من طرف رجل أعمال فرنسي يدعى لوران فوشير ممثلاً عن بنك إماراتي، بناءً على عقد وُقع في مدينة بانغي عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى في يونيو/ حزيران 2017.
الموقع الفرنسي كان قد نشر تحقيقًا في 21 أكتوبر/ تشرين أول 2016 تحدث فيه عن تأثير دولة الإمارات على لوبان المعروفة بتصريحاتها وموقفها العدائية ضد المسلمين، التي استقبلت في يوليو/ تموز عام 2014 ممثلاً عن الإمارات، عرض عليها تمويل حملة حزبها الذي كان يمر بصعوبات مالية كبيرة خلال حملاته الانتخابية لعام 2017، وعزا الموقع ذلك إلى المعركة المشتركة التي تقودها الإمارات وحزب لوبان ضد ما يسمياه “الإرهاب الإسلامي”.
كما تحدث “مرصد الشركات الأوروبية” (CEO) – وهو مجموعة بحثية غير ربحية تهدف إلى “كشف أي آثار للضغوط التي تمارسها الشركات على عملية صنع السياسات في الاتحاد الأوروبي – عن مليارات تدفعها الإمارات لجماعة ضغط أوروبية في بروكسل بهدف دعم وبقاء أنظمة استبدادية في المنطقة، وصرف الانتباه عن تورطها في حرب اليمن ودعمها للانقلاب حفتر في ليبيا، بينما تظهر الإمارات سياسة الاعتدال والاستقرار.
وبحسب المرصد، فقد تمكن حكام الإمارات من استخدام مكافحة الإرهاب ذريعة لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان وتشويه سمعة المعارضين، وهي أيضا أداة ملائمة يمكن من خلالها تشويه سمعة المنافسين الإقليميين.
وباعتراف الإمارات، فإن هناك انسجامًا مع فرنسا في التعامل مع قضايا الإسلام والمسلمين، إذ سبق أن قال وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد “أعتقد الملف الأبرز هو كيف نستطيع إن نواجه التطرف، هذا ملف شائك صعب، ولكن هناك انسجام إماراتي فرنسي لمكافحة هذه الآفة”.
حملات تشويه بتمويل إماراتي
في السنوات الأخيرة، اتُهمت الإمارات مرارًا وتكرارًا بما يسميه خبراء الاستخبارات “عمليات التأثير غير المشروعة” في الولايات المتحدة وأوروبا، ولم يكن هذا ممكنًا إلا لأن محمد بن زايد والإمارات كانا يعلمان أنهما لن يواجها أي رد فعل سلبي.
وفقًا لتقرير نشرته مجلة “نيويوركر” في مارس/ آذار 2023، موَّلت الإمارات سلسلة من حملات التشهير التي ساهمت في تعرض مسلمي أوروبا للإسلاموفوبيا، وأضرت بسمعة وحتى دمرت بعض الأعمال التجارية والخيرية المشروعة لعدد من الشخصيات والمؤسسات الإسلامية في أوروبا، ولكن على أساس الاختلافات الأيديولوجية ومعركة النفوذ.
ونشر رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” ديفيد هيرست مقالاً كشف فيه خطط الإمارات لاستهداف مسلمي أوروبا، وهي السياسة التي انتهجتها أبوظبي كرد فعل على ثورات الربيع العربي، عندما شعر جميع المستبدين في الخليج بخطورة الأحداث التي هزت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأشار هيرست إلى الحملات الممنهجة التي تبنتها الإمارات، إذ تعاقدت مع شبكة من الصحفيين والكتَّاب والباحثين الغربيين الموثوقين لكتابة الأبحاث والتقارير عن “التطرف الإسلامي”، وإنشاء صفحات “ويكيبيديا” سلبية، وتنبيه قواعد بيانات الامتثال والبنوك، وتشويه وإسقاط “الأعداء المفترضين” للدولة الخليجية.
وكان من أبرز ضحايا الحملات الإماراتية واسعة النطاق حازم ندا، وهو رجل أعمال شاب ثري يعيش في إيطاليا، أسس شركة “لورد إنرجي” لتجارة السلع الأساسية (النفط والمواد الخام) عبر الشرق الأوسط وأوروبا، وكانت تحقق إيرادات سنوية تبلغ ملياري دولار، لكن القوى الدافعة والتمويلية وراء إسقاطها في عام 2019 لم تكن المنافسين في تجارة النفط بل محمد بن زايد حاكم الإمارات الذي كان يتمتع بسلطة الموافقة النهائية على عمليات التضليل التي تقوم بها الشركة.
ابتداءً من عام 2017، دفعت الإمارات لشركة “ألب سيرفيسيز” لـ”إلحاق ضرر جسيم” بسمعة ندا وأعماله في حملة تشويه واسعة النطاق اعتمدت على زرع الشكوك حول ندا، من خلال ربط شركة “لورد إنرجي” بجماعة الإخوان المسلمين التي كان والده، يوسف ندا، ذات يوم شخصية بارزة فيها بوصفه المفوض الدولي، لكن هو نفسه – الذي ولد في الولايات المتحدة ويحمل الجنسية الأمريكية والإيطالية في الوقت ذاته – لم يكن له أي علاقات بالجماعة.
وفي مطلع عام 2024، رفع ندا دعوى قضائية – استندت إلى آلاف الوثائق التي حصل عليها قراصنة مجهولون من خوادم داخلية لشركة “ألب سيرفيسيز” – ضد الإمارات وبعض كبار مسؤوليها وشركة النفط الوطنية “أدنوك”، بتهمة إدارة وتمويل عملية “علاقات عامة مظلمة” استمرت لسنوات، وربطت زورًا أنشطته التجارية بتمويل الإرهاب، ما دفع البنوك عن التوقف عن التعامل معها، ويسعى للحصول على تعويضات بقيمة 2.77 مليار دولار عن الحملة التي دفعت شركته “لورد إنرجي” إلى الإفلاس في أقل من عامين.
تسلط العملية المزعومة ضد ندا الضوء على صناعة مزدهرة لما يسميه محللو الأمن مؤسسات “التضليل مقابل أجر” التي تزرع روايات كاذبة، وتروج لعمليات التأثير نيابة عن الحكومات والعملاء الآخرين الدافعين.
وتجاوز تمويل الإمارات لحملات التشهير بكثير حازم ندا وشركته، ليشمل عشرات الأطراف الأخرى التي يُنظر إليها على أنها معادية للدولة الخليجية الغنية بالنفط، إذ أثَّرت الحملة الإماراتية على عمل قطاع كبير من المؤسسات الإسلامية، ففي فرنسا تم وضع أكثر من 25 ألف مؤسسة على قوائم سوداء سرية، وتم إغلاق أكثر من 700 منظمة مملوكة لنشطاء مسلمين، من ضمنها مدارس ومساجد ومؤسسات تجارية.
وكانت أكبر حملة ضد واحدة من أكبر الجمعيات الخيرية الإسلامية في العالم، وهي هيئة الإغاثة الإسلامية الدولية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها، والتي نشط بها حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم في أسكتلندا، وهي الحملة التي كانت الإمارات داعمة لها بشدة، فقد سبق أن زعمت أن هيئة الإغاثة كانت فرعًا لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يمكن رؤيته بوضوح في ربط وسائل الإعلام الإماراتية هذه المنظمة الخيرية بالجماعة.
حاولت الحملة ربط أحد أمناء المؤسسة الرئيسيين حشمت خليفة بالإرهاب، لكن عندما فشلت محاولتهم، وجدت “ألب سيرفيسيز” منشورات كتبها في عام 2014 بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، وشاركتها مع صحيفة “تايمز أوف لندن” في عام 2020، والتي نشرت بعد ذلك قصصًا تتعلق بمنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، ليتم إلإطاحة بخليفة من المؤسسة الخيرية، وبدأت الحكومات الغربية في إصدار بيانات ضد منشوراته التي اُعتبرت “معادية للسامية”، وفتحت تحقيقات في المؤسسة الخيرية، وصادرت ألمانيا التمويل للمنظمة بالكامل.
وخلَّفت هذه الحملة تأثيرًا واسع النطاق، فقد دفعت الإغاثة الإسلامية مئات الآلاف من الدولارات للتدقيق والتدابير الأخرى لاستعادة سمعتها مع الجمهور والحكومات، ومع ذلك، أثّر الضرر الذي لحق بسمعتها على ملايين الأشخاص حول العالم الذين اعتمدوا على الإغاثة الإسلامية للمساعدة، وأضرَّت الحملات الإماراتية في النهاية كل العمل الإنساني.
ويتناسب الهجوم على هذه الشخصيات والمؤسسات الإسلامية مع الحملة الأوسع التي تشنها الإمارات ضد منافستها الخليجية قطر وجماعة الإخوان المسلمين التي لطالما عارضتها الإمارات وصنفتها كجماعة إرهابية في عام 2014.
What a sham this “fatwa council” of #UAE is.
I am no fan of the MB, but it is not “terrorist.”
Even more ridiculous is the very basis of calling them terrorist:
“It is not permissible to pledge allegiance to anyone other than the ruler.”https://t.co/VOh8Vzb0jO
— Mustafa Akyol (@AkyolinEnglish) November 23, 2020
يُذكر أنه في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وجد تحقيق أجرته مجلة “أوريون 21” (Orient XXI)، ومقرها باريس، أن الإمارات كانت تضغط بشكل سري على شريك رئيسي في فرنسا في محاولة لتقديم قطر في ضوء سلبي.
وسلَّط التحقيق الضوء على جهود الإمارات للترويج لارتباطات قطر المزعومة بجماعة الإخوان المسلمين، واتهمتها بانتظام بتمويل الجماعة وربطها بالإرهاب كجزء من حرب الظل التي اشتعلت بين الجارتين الخليجيتين، وبلغت ذروتها بين عامي 2017 و2021، عندما قادت أبوظبي حصارًا خليجيًا على قطر.
جواسيس أبوظبي
في تنفيذ مهمتها لشيطنة المسلمين في الغرب والتحريض ضدهم، استعانت أبوظبي بخدمات العديد من الكتَّاب والباحثين، مثل الأكاديمي الإيطالي الأمريكي لورينزو فيدينو، وهو مدير برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن، والخبير في الإسلام السياسي، وكان ذلك واضحًا في توقيع فيدينو، في يناير/ كانون الثاني 2018، عقد استشاري مع الشركة السويسرية الاستخباراتية بآلاف اليوروات.
فيدينو لديه العديد من المنشورات عن حركة الإخوان المسلمين، فقد ألَّف كتابًا يدين الجمعيات والأنشطة الإسلامية في الغرب، ويتهمها بالتعبئة للإرهاب، ويقود كتابه “الإخوان المسلمين الجدد في الغرب” حملة ضد المسلمين والمواطنين والمهاجرين في الغرب، واستخدمته الإمارات ضمن شبكة واسعة لتجريم الجماعة في بريطانيا.
وفي قلب العلاقة بين “ألب سيرفيسيز” وأجهزة المخابرات الإماراتية، يلوح في الأفق اسم الخبير الأمني الفرنسي رولان جاكار، المعروف لدى القنوات التلفزيونية كخبير في التطرف الإسلامي بعد أن ترأس المرصد الدولي للإرهاب، ويتمتع بشبكة علاقات مهمة في الدوائر السياسية والعسكرية والدبلوماسية، وتباهى أمام الإمارات بالوصول إلى الرئيس ماكرون من أجل إعداد قانون ضد ما يسميه “الإسلام المتطرف”.
وظهر الحارس السابق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ألكسندر بينالا، في قائمة “ألب سيرفيسيز”، وقد شارك في العديد من الفعاليات التي نظمتها شبكة بريرو منذ عام 2018 -أي بعد إقالة بينالا من الإليزيه- بما في ذلك تأمين انتقالات السفير الإماراتي الجديد إلى باريس في صيف عام 2021.
ومن الأسماء البارزة الأخرى التي وصفها موقع “ميديا بارت” بـ”جواسيس أبو ظبي”، الصحفي الفرنسي من أصل جزائري عثمان تزغارت، الذي كان أيضًا رئيس تحرير سابق لغرفة الأخبار باللغة العربية في قناة “فرانس 24” التلفزيونية، والذي نشر مقالات تنتقد الإخوان المسلمين وقطر في مركز أبحاث “سيمو” في باريس، الذي يشرف عليه النائب في البرلمان المصري عبد الرحيم علي المقرب من نظام السيسي، الحليف للإمارات.
كما موَّلت مؤسسة “Countries Reports Publishing” (CRP) الغامضة الأنشطة المهنية لتزغارت في يوليو/ تموز 2019، حيث أطلقت موقعا إلكترونيًا يسمى “Global Watch Analysis”، الذي يصدر مجلة تسمى “Screensaver”، وتتخصص منشوراتها في الرصد الجيوستراتيجي ومراقبة الأمن ومكافحة الإرهاب والتطرف والتعصب بكل أشكاله، ويُخصص جزء كبير من مقالاتها لانتقاد جماعة الإخوان المسلمين.
كما نشر “Global Watch Analysis” النسخة الفرنسية من عمل حديث عن جماعة الإخوان المسلمين للأكاديمي لورينزو فيدينو، والذي تم تمويله من قبل “ألب سيرفيسيز”، كما نشر الموقع في أبريل/ نيسان 2022، كتاب “التهديد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين”، وهو ترجمة لتقرير من الكونجرس الأمريكي حول هذا الموضوع، مصحوبًا بتحليلات من قبل العديد من الخبراء، بما في ذلك جاكار وتزغارت.
كما استغلت الإمارات أيضًا أذرعها ونشطاءها للظهور في وسائل الإعلام من أجل تشويه المسلمين الأوروبيين ووصمهم بالإرهاب، فضلاً عن تأليب الحكومات الغربية عليهم ومطالبتها بتقييد حرياتهم وحظرهم.
في مقدمة الأذرع الإعلامية المدعومة إماراتيًا أمجد طه، الذي يعمل على الترويج لمصطلحات مغلوطة، وسبق أن أدَّعى أن “الإسلام المتشدد ينتشر في المملكة المتحدة بينما يتراجع في دول مثل السعودية والإمارات، مع اختباء الإسلاميين المتطرفين وراء حرية التعبير”.
‘I think you have more extremists in the UK than you have in the Middle East.’
Political analyst Amjad Taha says the word Islamaphobia is used to stop criticism of muslims.
📺 Freeview 236, Sky 512, Virgin 604
🔓 Become a GB News Member: https://t.co/mNsRsGCG3N pic.twitter.com/ZcImiJkHXE
— GB News (@GBNEWS) February 16, 2025
وفي قلب شبكة النفوذ الإماراتية، يثير مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف المعروف بـ”هداية”، الذي افتتحه عبدالله بن زايد، في ديسمبر/ كانون الأول 2012، جدلاً واسعًا حول أهدافه والقائمين عليه، وعلاقته باستهداف المسلمين المهاجرين في أوروبا، وكيف تستخدم السلطات الإماراتية مكافحة التطرف لتبرير القمع وتحسين سمعتها حول العالم، وتنشر الأجهزة الأمنية التطرف بدعوى مواجهتها.
ووفقًا لتحقيق نشره موقع “الإمارات 71“، تمكنت أبو ظبي من تسويق “هداية” دوليًا من خلال إقامة ورش عمل وندوات ودراسات حول مكافحة التطرف، وأوصلته إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة كمؤسسة تبدو بعيدة عن الشك وممارسة الدعاية للإرهاب، رغم أن المركز – الذي يدعي أنه محايد وغير سياسي وغير أيديولوجي، ويرحب بوجهات النظر المتنوعة – يخدم بالمقام الأول أهداف أبوظبي المعادية للإسلاميين، وتركز فعالياته وأبحاثه على الإسلام دون غيره من حركات التطرف حول العالم.
وبميزانية تصل إلى 6 ملايين دولار سنويًا، يدير فريق من المتطرفين “هداية”، ويمثلون سلوك أبوظبي تجاه اعتبار ما هو إسلامي مصدر تهديد محتمل، فإلى جانب رئيس المركز علي النعيمي، الذي اعتاد الترويج لفزاعة الإسلاميين والإخوان المسلمين، هناك المدير التنفيذي للمركز أحمد القاسمي، وكلاهما لا يمتلكان خبرة في مواجهة التطرف، فالأول أحد المقربين من جهاز أمن الدولة، والثاني كان حتى قبل منصبه الجديد، نائب مدير التعاون الأمني في وزارة الخارجية الإماراتية، وهو منصب لم يصل إليه إلا بمباركة جهاز أمن الدولة.
ويبرز الهولندي إيفو فينكاب نائب المدير التنفيذي للمركز، الذي انضم إليه في وقت مبكر من تأسيسه، وهو المسؤول عن العمليات اليومية داخل المركز، ولديه خبرة في عمل لجان المخابرات ومكافحة الإرهاب، وتحدث قبل سنوات عن خطط مراقبة للمسلمين في دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المؤسسات الدينية ودور العبادة.
كما أنه – بجانب باحثة في المركز تدعى سارة زنجر- قدم مقترحات مركز “هداية” لمكافحة التطرف في التعليم، التي نفذت الإمارات معظمها في السنوات اللاحقة، حيث تم ربط مؤسسة التعليم بجهاز أمن الدولة ولجان مكافحة الإرهاب، وأدَّى ذلك إلى إنشاء مخبرين وسط الطلاب والمعلمين والموظفين، وتوزيع كتب تحرِّض على المطالبين بالإصلاحات والتحذير من الحديث في السياسة أو الانتقاد.
كما يوجد ضمن الفريق الأكاديمي لورينزو فيدينو – الذي سبق ذكره ضمن قائمة “إلب سيرفيسيز” – المعروف بزعمه أن “حتى المنظمات الإسلامية الأكثر اعتدالًا في الغرب يمكنها أن تدفع المسلمين نحو الانفصال والعنف”، وكان معروفًا أيضًا بربط جماعة الإخوان المسلمين بالجماعات المتطرفة، واستخدمت كتاباته العديد من وثائق السياسة الحكومية في جميع أنحاء أوروبا.
الأمر ذاته بالنسبة لبقية الباحثين والقائمين على المركز، الذين يوصفون على الموقع الرسمي للمركز بـ”شبكة واسعة من الخبراء المتميزين لمكافحة التطرف العنيف ومنعه”، لكن الواقع أن جميعهم يستهدفون الإسلام، ودائمًا ما يناقشون ما يعتبرونه تطرف الإسلاميين لدى الغرب.
ليس المركز وحدة ما تستخدمه الإمارات في سياستها المعادية للإسلاميين، حيث ينبثق عن “هداية” شبكة متعددة الاختصاصات والاهتمامات، تخدم أجندة أبوظبي وطموحاتها ومواجهة خصومها مثل “صواب” و”المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات” ومنصة “عين أوروبية على التطرف”، وجميعها مرتبطة بالنعيمي الذي كان يدير موقع “العين” الإخبارية حتى وقت قريب، وهو أحد أدوات أبو ظبي لنشر الإشاعات والتغطية على القمع والترويج للتطبيع مع “إسرائيل”.
ولعل ما يشير إلى الترابط بين هذه المراكز هو بروز عددًا من الأسماء في مؤتمرات ومنتديات “هداية”، بينهم الإيطالية اليمينية المتطرفة سارة برزوسكيويتش، والمحلل السياسي السعودي المتطرف تجاه الإسلاميين الذين يمارسون السياسة كامل الخطي.
وهذان الشخصان يشكلان مجلس التحرير في موقع “عين أوروبية على التطرف” الذي يصدر بأربعة لغات (عربية وإنجليزية وإسبانية وفرنسية)، وهو منصة يديرها جهاز الأمن الإماراتي، ويعتبر أحد أذرعه في أوروبا لتجريم المهاجرين المسلمين والدعوة إلى تجديد مراقبتهم، فضلا عن تشويه منظمات الإسلام السياسية والتحذير من مأسسة الإسلام في بلاد الأندلس.
ويضم فريق الموقع 28 باحثا، معظمهم أوروبيون وأمريكيون متطرفون، من بينهم ماغنوس نوريل، القريب في توجهاته من الاحتلال الإسرائيلي، وهو أكبر المحرضين على المنظمات الإسلامية في السويد والاتحاد الأوروبي، وسبق أن قدم وآخرون من السلطات السويدية تقريرًا يحرِّض على المسلمين، لكن باحثون سويديون فنَّدوا تقريره، واعتبروه مؤامرة وحملة ممنهجة على المنظمات التي تمثل المسلمين السويديين.
ويُعتقد أن أبوظبي تسعى إلى استبدال المنظمات الإسلامية الموجودة في الغرب بأخرى جديدة تروج لها على أنها تحمل “الفكر المعتدل”، في محاولة للسيطرة على مجتمع المهاجرين المسلمين، ليصبحوا أداة ضغط تمارسها على تلك الدول.
شركاء صناعة الإسلاموفوبيا
يتضح مما سبق أن الإمارات لجأت إلى استخدام نظريات المؤامرة حول أسلمة الغرب، وتحاول التأثير على صناعة السياسات الغربية، خاصة تجاه الدول الإسلامية، من أجل فرض روايتها المشبوهة عن الإسلام والإخوان المسلمين.
وكشف تقرير للمجهر الأوروبي، وهو مؤسسة تعنى برصد التفاعلات في قضايا الشرق الأوسط، عن تنامي تمويل حكومة لا حدود لهدرها للأموال لجماعات ضغط في أوروبا للتأثير على السياسات وتبييض سمعة أبو ظبي، واتهم الإمارات – التي اعتبرها من أكبر دول العالم إنفاقًا على اللوبيات- بإطلاق موقع إلكتروني جديد ناطق بعدة لغات يعمل على إعاقة عمل وتشويه صورة الجاليات المسلمة في أوروبا.
ومع ذلك، تتجاهل أغلب الدول الغربية أنشطة الإمارات وعمليات التأثير التي تقوم بها في عواصم تلك الدول باعتبارها أنشطة دبلوماسية عامة لشريك في الخليج، هذا رغم التنامي الواضح لأعداد المسلمين الذي يقابله تعاظم في أشكال العنصرية الموجهة ضد المسلمين ضمن موجة الإسلاموفوبيا التي تجتاح بلاد “العالم الحر”، والتي انتقلت من الشارع إلى مؤسسات الحكم.
على سبيل المثال، وثقت دراسة نشرتها منظمة “قياس الهجمات ضد المسلمين” المعروفة بـ”Tell MAMA UK” تضاعف كراهية المسلمين في بريطانيا خلال العقد الأخير، من 584 حالة في عام 2012 إلى 1221 في عام 2021، وتلقت المنظمة أكثر من 20 ألف تقرير من أشخاص بلّغوا عن اعتداءات جسدية ولفظية تعرضوا لها خلال السنوات العشر الأخيرة.
Cases of anti-Muslim hate ‘have more than doubled’ in a decade https://t.co/bCw0WGhtfR
The NEW report from Tell MAMA covering a decade of anti-Muslim hate cases and supporting over 20,000 people can be found HERE: https://t.co/MZT7HpbTDH#AntiMuslimHate #Islamophobia pic.twitter.com/d13nc45Vqh
— Tell MAMA UK (@TellMamaUK) July 20, 2023
أرجعت المنظمة الأسباب إلى أنشطة اليمين المتطرف وخطابات السياسية لمجموعات وشخصيات يمينة متطرفة أبرمت حكومات دول عربية تحالفات معها، للقيام بمهمة نشر كراهية الإسلام والمسلمين، وهي المجموعات والشخصيات والأفكار نفسها التي تماهى معها منفذ مذبحة المسجدين في نيوزيلندا التي كان يمكن أن تُرتكب في أي عاصمة غربية.
لأنها وفقًا لخبراء نتيجة حتمية لصناعة متنامية اسمها الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام، ويشارك في إنتاجها ساسة ووسائل إعلام ومراكز أبحاث ومنظمات تتصدر المشهد كواجهة تسمح بالحفاظ على سرية هوية الممولين الأصليين وأطراف تختار البقاء في الظل بينما يضخون ملايين الدولارات للتأثير في النظرة إلى المسلمين في أوروبا.
وتربط مجلة “فورين بوليسي” بين مذبحه نيوزيلندا وخروج ناشط إماراتي يدعى محمد الحبتور، تقول إنه مرتبط بعلاقات تجارية مع حكام الإمارات وعائله ترامب المعروف بتصريحاته التحريضية ضد المسلمين، ويخوِّف منهم ويعيد تسويق كلام الشيخ عبد الله بن زايد صاحب “أطروحة الـ50 المليون مسلم الكامنين في بطون أوروبا يتحينون فرصة الانقضاض على الجسد الحاضن”.
وتضيف أن السعودية والإمارات تدفعان ملايين الدولارات لمراكز أبحاث وفكر تغذي الخوف من الإسلام، وتقدم مثالاً على ذلك: إرسال السعودية وفدًا نسائيًا للقاء أقصى ممثلي اليمين في البرلمان الأوروبي.
إلى جانب حكام الإمارات والسعودية، يمثل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووصوله للسلطة وصورته التي يروجها كقامع للإسلام السياسي – وإن في أكثر أطيافه اعتدالاً واعتمادًا للسلمية في الوصول للسلطة – ما يستبطن جوابًا من قبيل أنه تكبير القوس لحشر كل فكر إسلامي منشغل بالهم العام في خانة الإرهاب والتخويف منه، وبعدها يُحشر كل معارض على اختلاف هواه وانتمائه السياسي أو الفكري.
قد يكون ظن هؤلاء الحكام بذلك اكتساب شرعية مفقودة باستدعائها من الغرب الساكت عن استبداد هذه الأنظمة ولو كلَّف الأمر تشويه سمعة شعوبهم بل المسلمين كافة، وتصويرهم بأنهم متطرفون بالسليقة، وأنهم هم فقط المانعون لأمواج الهجرة المسلمة نحو الشمال طوعيهً أم قسرية.
وذلك حال قد يستدعى من التاريخ القريب السؤال الأشهر الخارج من الولايات المتحدة قبل عقدين: لماذا يكرهوننا؟ حين حاول الرئيس السابق جورج بوش تسطيح سردية التطرف وأسبابه بتعميم وتنميط يمكن لمَنْ يقبع من المسلمين اليوم تحت جور الاستبداد في أوطانهم أو مَنْ يقعون ضحية الاستدعاء والعنصرية والكراهية الدينية في الغرب أن يضيفوا إليه: لماذا يكرهنا الكل؟ لماذا يحرِّض على المسلمين حكام مسلمون؟