ترجمة وتحرير نون بوست
أكد مهراج الدين واني لزوجته في آخر مرة رآها أنه سيصبح حرًا في وقت قريب، كان واني يتحدث إلى زوجته جولشان من خلف قضبان سجن سريناجار في كشمير، تقول جولشان: “كان متيقنًا من إطلاق سراحه، وقال إنه سيعود إلى المنزل في غضون أيام”.
لكن أيًا من ذلك لم يحدث، فواني بائع الفاكهة ذو الـ29 عامًا ما زال معتقلًا، كما أرسلوه إلى سجن آخر يبعد مئات الكيلومترات عن كشمير، يعد واني واحدًا من آلاف الأشخاص الذين اعتقلوا في حملة جماعية في منطقة الهيمالايا المتنازع عليها التي واجهت حملة أمنية منذ أن نقض رئيس الوزراء الهندي الهندوسي القومي ناريندرا مودي اتفاقية الحكم شبه الذاتي في كشمير ذات الأغلبية المسلمة في أغسطس الماضي.
سافر والدا واني مسافة 1000 كيلومتر بالحافلة لزيارته في سجن أغرا المركزي الأسبوع الماضي، يقول والده غلام نبي واني: “ليس لديك فكرة كيف دبرت هذا المال للسفر، لقد تغير شكل واني وأصبح ضعيفًا للغاية وكان يرتعش في أثناء الحديث”.
كان واني قد اعتقل يوم 9 من أغسطس خلال مظاهرات في سريناجار ضد الحكومة الهندية، وقالت أسرته إنه اعتقل بعد إصابة قدمه بطلقة نارية، وحاولوا إطلاق سراحه بكفالة لكن الضباط وجّهوا إليه تهمًا قاسية تحت قانون الأمن العام المثير للجدل الذي يسمح للشرطة باعتقال الناس لمدة تصل إلى عامين، هذا القانون الذي وصفته منظمة العفو الدولية بالـ”قانون غير القانوني”.
تقول وثيقة الحكومة التي توضح بالتفصيل سبب اعتقال واني: “لقد كنت عنصرًا فعالًا في حشد وتعبئة عناصر غير وطنية لخلق الفوضي، وكانت أفعالك تهدف إلى إبقاء الدولة في حالة غليان وسط الاضطرابات الحاليّة وبذلك تجلب الانفصال لجامو وكشمير عن الاتحاد الهندي”.
يقول مسؤول هندي: “تعتبر الاعتقالات وقائية بطبيعتها ويتم مراجعتها باستمرار، ويُتخذ القرار المناسب وفقًا لتقديرات النظام والقانون”
أنكرت عائلة واني التهم ووصفته بأنه شخص هادئ ومسالم للغاية ويحب أسرته التي تتكون من زوجته وابنته ذات الـ3 أعوام التي يعتبرها مركز عالمه، وقالوا إن واني فقير جدًا حتى إنه لم يستطع أن يتحمل تكلفة تركيب أبواب ونوافذ لمنزله ذي الغرفتين.
يعتقد والد واني أن ابنه أصبح هدفًا للسلطات الهندية لأنه من أنشار، ذلك الحي الذي أصبح رمزًا للمقاومة ضد السلطات الهندية في المنطقة، قبل إعلان نقض الاتفاقية التي تقول إن كشيمر منطقة ذاتية الحكم، انتشرت عشرات آلاف القوات العسكرية بكثافة في المنطقة، لكن المكان الذي لم تستطع القوات الهندية السيطرة عليه كان أنشار، حيث صد الطلبة والتجار وربات البيوت القوات من خلال حفر الخنادق ووضع المتاريس من الأحجار وخزانات المياه والأعمدة الخرسانية.
تحولت أنشار إلى قطعة من الأمل للعديد من الكشميريين، ووفقًا لوالدي واني فقد أدى دور الحي في مقاومة القوات الهندية إلى سجن ابنهما لفترة طويلة، قال مسؤول هندي حكومي إن قرارات الاعتقال تُتخذ على مستوى محلي لحفظ النظام والقانون، وأضاف “تعتبر الاعتقالات وقائية بطبيعتها ويتم مراجعتها باستمرار، ويُتخذ القرار المناسب وفقًا لتقديرات النظام والقانون”.
في خارج سجن أغرا تنتظر العائلات لزيارة ذويهم، يحمل بعضهم حقائب محملة بتفاح بساتين كشمير كذكرى من الوطن بالإضافة إلى بعض الأدوية والبسكويت الجاف، كما جلبوا معهم ما يكفي من الأطعمة الخفيفة ليتشاركها النزلاء، داخل هذا السجن هناك نحو 80 كشيميريًا من بينهم شخصيات رفيعة المستوى مثل رئيس نقابة المحامين في كشمير، هناك الكثير من العائلات التي لا تستطيع أن تتحمل السفر إلى أغرا الذي يستغرق 48 ساعة بالحافلة.
هناك شعور عامًا بالعجز بين جميع العائلات لعدم قدرتهم على القيام بأي شيء
يقول أحد الزوار -رفض ذكر اسمه- إن شقيق زوجته معتقل هنا بموجب قانون الأمن العام، وأضاف أن هناك شعورًا عامًا بالعجز بين جميع العائلات لعدم قدرتهم على القيام بأي شيء، وأنه لم يعد يثق بالنظام، حاولت العائلة الطعن في عملية الاعتقال في المحاكم لكن محاميي الحكومة لم يردوا حتى الآن، يقول الزائر: “إذا لم تقدم الحكومة ردًا مناسبًا للمحكمة فلن يكون هناك أي طريقة لمواجهة الأمر”.
يضيف الزائر: “لقد كان شقيق زوجتى شخصًا مشغولًا في عمله دائمًا وقد أصابتنا صدمة باحتجازه في مكان لا تتجاوز مساحته “10*10” متر، لقد بكى شقيق زوجتي عندما زارته ابنته، لكن الابنة ليس لديها أي خيار ويجب أن تتكيف مع الأمر”.
بالعودة إلى كشمير، يقول شخص آخر إن الناس يعيشون في خوف، ويضيف: “يستطيع أي شخص أن يوقفك ويعتقلك، ليس هناك أي حساب، ففي اللحظة التي تتحدث فيها ستكون داخل السجن”، يقول كولين جونسالفيز أحد المحامين الكبار في شبكة حقوق الإنسان في دلهي إن أسلوب المطرقة الذي تتبعه الهند في كشمير يثير العديد من قضايا حقوق الإنسان، ويضيف “تتخذ قوات الأمن خطوات متطرفة وانتقامية ومن الصعب على الدولة تبريرها”.
لم يتمكن والدا واني من الجلوس معه إلا 30 دقيقة الأسبوع الماضي، تقول فطيمة والدة واني: “إنه يفتقد ابنته بشدة فهي مثل روحه، لكن السفر إلى أغرا بعيد للغاية ولا تستطيع الطفلة أن تتحمله”، وتضيف فطيمة “حتى لو كانوا سيعتقلونه لفترة طويلة فيجب على الأقل أن ينقلوه لمكان قريب من الوطن، من الصعب علينا للغاية السفر إلى أغرا فهي بعيدة جدًا، لقد فقدت قلبي، فقلبي وروحي معه”.
المصدر: الغارديان