ترجمة وتحرير نون بوست
هربًا من مستقبل غير معلوم، يقول النازحون السوريون في شمال شرق سوريا إنهم في أول الأمر مُنعوا من البحث عن ملجأ آمن في المنطقة الكردية بالعراق، يقول أحد اللاجئين الذي وصلت أسرته إلى كردستان العراق بمساعدة المهربين هذا الأسبوع: “لم يسمحوا لنا بعبور الحدود، لقد اضطررنا إلى الدخول بطرق غير قانونية”.
يوم الخميس الماضي بعد أسبوع من التوغل العسكري التركي المخطط له منذ وقت طويل في شمال شرق سوريا، وافقت أنقرة على التوقف عن القتال 5 أيام، حيث ستسهل الولايات المتحدة تراجع مقاتلي وحدات حماية الشعب عن المنطقة العازلة على الحدود البالغ طولها 32 كيلومترًا.
من بين الأسئلة التي لم يُجب عنها: ما الذي يعنيه ذلك لعشرات آلاف السوريين الذين يعيشون في المنطقة التي تنوي تركيا السيطرة عليها وإذا ما كان يجب على المنطقة أن تستعد لموجة أخرى من النزوح؟ منذ أن انطلقت العملية التركية في 9 من أكتوبر، قدرت الأمم المتحدة فرار أكثر من 160 ألف سوري من بينهم 70 ألف طفل من الضربات الجوية والقصف العنيف على مدنهم، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن هناك 300 ألف مدني نزحوا.
قال مسؤولون كبار من حكومة إقليم كردستان إن جميع النازحين مرحب بهم لعبور الحدود، لكن بعض عمال الإغاثة في المنطقة أو قوات الأمن الداخلي الكردية المعروفة باسم آسايش تقول لبعض المدنيين إنهم بحاجة لتصريح خاص للدخول.
يقول أحد عمال الإغاثة: “إنهم يخبرونهم بأنهم لا يستطيعون عبور الحدود لأن الجانب الآخر لا يسمح بذلك، عند الحدود لا يمكن للمدنيين أن يقولوا إنهم يرغبون في الذهاب إلى كردستان العراق، فهم بحاجة إلى كفيل من الجانب العراقي أو أن يكون لديهم سبب طبي”.
في يوم الأحد، قالت حكومة إقليم كردستان إنها سجلت أكثر من 4 آلاف لاجئ، ورفضت وزارة الداخلية التصريح بعدد اللاجئين الذين دخلوا بشكل غير قانوني، لكن المتحدث باسم مؤسسة بارزاني الخيرية – منظمة غير حكومية مسؤولة عن استلام اللاجئين عند الحدود – يقول إنه لم يلتق إلا بسوريين جاءوا عبر طرق غير قانونية.
يقول ديلشاد علي: “مئة بالمائة من اللاجئين جاءوا بطرق غير قانونية، إنهم يأتون بعد التاسعة مساءً، ويدفعون لعبور الحدود”، يقول باحث في الشأن السوري وصاحب علاقات في شمال شرق البلاد إن المهربين يحصلون على 700 دولار كحد أدنى للفرد، ويضيف: “إذا فُتحت الحدود فلن يجني هؤلاء المهربون أي دولار، سوف يعبر الناس فقط، يعلم جميع الناس أنه لا فائدة من الظهور عند الحدود إلا إذا كنت تملك كفالة ولديك جميع الأوراق”.
العامل الآخر الذي يدفع الشباب إلى عبور الحدود بشكل غير قانوني هو الخدمة العسكرية الإلزامية في قوات الدفاع الذاتي التابعة للإدارة ذاتية الحكم، يقول أحد المواطنين – 28 عامًا – الذي تمكن من الهرب من التجنيد باستخدام هوية مزورة: “إذا قبضوا عليّ عند الحدود سوف يأخذونني إلى الخدمة العسكرية”.
موجة جديدة من اللاجئين
زيادة عدد اللاجئين يضغط على قدرة حكومة إقليم كردستان على توفير سبل المعيشة لأكثر من مليون لاجئ ونازح داخلي عراقي يعيشون بالفعل داخل حدود كردستان، من بين تلك المجموعة 250 ألف سوري معظمهم من الأكراد وصلوا بين عامي 2012 و2013.
تعمل وكالات الإغاثة وقتًا إضافيًا لنقل الوافدين الجدد إلى بردراش وهو مخيم شمال شرق الموصل كان مخصصًا للنازحين العراقيين الفارين من تنظيم الدولة الإسلامية، يقول توم بيري كوستا المتحدث باسم المجلس النرويجي للاجئين في العراق: “الأمر يتعلق بالوقت، فنحن بحاجة لوقت طويل للإعداد لمثل هذه الاستجابة الضخمة لأننا نتوقع قدوم المزيد والمزيد من اللاجئين”.
وثقت جماعات حقوق الإنسان اعتقالات تعسفية وتجنيد قسري وتعذيب في سجون الأسد سيئة السمعة في المناطق التي عادت تحت سيطرة الحكومة
تقول حكومة إقليم كردستان إنها تنفق سنويًا 1.9 مليار دولار لتوفير السكن والخدمات الأساسية لسكانها النازحين، وفي الوقت نفسه انخفضت المنحة الحكومية المساهمة للنازحين واللاجئين في المنطقة بنسبة 50% وفقًا للوثائق الداخلية التي أعدتها وزارة الداخلية.
أكد مسؤولون أكراد بشكل عام وبشكل خاص حاجة الحكومات الأجنبية لبذل المزيد من الجهد، يقول ديار أمين دبلوماسي من حكومة إقليم كردستان في بروكسل: “من مسؤولية أوروبا أن تقدم المساعدة، إننا نمنع وصول هؤلاء اللاجئين السوريين إلى أوروبا، إنهم يحصلون على معاملة كمواطنين من الدرجة الأولى وهذا ما يبقيهم في العراق”.
يقول ديندار زيباري منسق حكومة إقليم كردستان للدعاوى الدولية: “سيتحول الأمر إلى كارثة إذا تركنا الحكومة الكردية في هذا الأمر وحدها، وبصراحة لم يكن هناك أي نقاش من أي نوع مع الولايات المتحدة عن هذا الأمر”، وتعليقًا على ذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الشركاء في العمل الإنساني في العراق لم يتواصلوا معهم بشأن حاجتهم لتمويل إضافي، لكن الولايات المتحدة مستعدة للاستجابة عند طلبهم ذلك.
الفرار من دمشق
في يوم 13 من أكتوبر وفي مقابل الحماية من القوات التركية، قالت القوات الديمقراطية السورية ذات القيادة الكردية إنها عقدت اتفاقًا مع حكومة بشار الأسد تسمح بعودة القوات السورية إلى شمال شرق سوريا، ورغم أن النتائج طويلة المدى لتلك الاتفاقية ليست واضحة، فإن بعض النشطاء والصحفيين ورجال الجيش يخشون من وجود قوات موالية للحكومة في المنطقة فيما يتعلق بأمنهم الشخصي.
يقول راسل – رجل من قامشلي -: “أعلم جيدًا عواقب بقائي هنا”، ففي المناطق التي عادت تحت سيطرة الحكومة في سوريا، وثقت جماعات حقوق الإنسان اعتقالات تعسفية وتجنيد قسري وتعذيب في سجون الأسد سيئة السمعة، يحاول 63% من العائدين الفرار مرة أخرى وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن الجمعية السورية لكرامة المواطن.
دفع راسل 1000 دولار لجندي في القوات الديمقراطية السورية ليأخذه على دراجة نارية إلى قرية قرب الحدود السورية العراقية، ومن هناك يخطط الاثنان للذهاب بالسيارة إلى منزل آمن قبل السير إلى آخر في منطقة شمال مدينة دهوك العراقية، يقول راسل: “كان من الصعب اتخاذ هذا القرار وترك الحياة في سوريا، لكن ما الذي يحمله المستقبل تحت نظام الأسد؟”.
المصدر: ميدل إيست آي