ترجمة وتحرير نون بوست
بقلم: نيكولاس كريستوف وآدم إيليك
لقد عملنا معًا على أفلام وثائقية في عدة بلدان “صعبة” مثل: إيران، لكن التقرير في هذا الفيديو عن ميانمار، كان تحديًا من نوع خاص، نظرًا لانعدام الثقة بين المجتمعين البوذي والمسلم.
في تغطية لمحنة الروهينغا المسلمين، وهي أقلية مسلمة تعاني في البلد ذي الغالبية البوذية، كان علينا إقناع السائقين البوذيين بالذهاب إلى تلك الأماكن التي يجدونها غير مريحة إلى حد بعيد، ولا أحد وافق على الذهاب معنا. سائق واحد، بوشم بوذي يفخر به، كان على استعداد أن يأخذ الطريق الوعر الذي يبلغ مسيرة خمس ساعات إلى إقليم آراكان غرب ميانمار، لكن بينما كنا نقترب من بعض القرى المسلمة، كان قد بدأ السائق في القلق وحذرنا من الأخطار المتتالية ومن نقاط تفتيش الشرطة ومن حظر التجول غير المفروض، وعلى الرغم من ذلك أوصلنا إلى كل الأماكن عدا قرية واحدة، لقد رفض رفضًا قاطعًا أن يوصلنا إلى قرية بوذية قريبة، خوفًا من أن يعاقبنا الأهالي بسبب حديثنا مع القرويين المسلمين في وقت سابق.
“نيكولاس كريستوف” أجرى مقابلات مع مزارعين في قرية مسلمة، و”آدم إليك” كان المصور، لقد اضطررنا لتوظيف مترجمين مسلمين وبوذيين، لكن المترجم المسلم لم يستطع الخروج من معسكر الاعتقال الذي يقبع فيه، وبينما كنا نحاول للوصول إلى إحدى القرى المسلمة، دعا مترجمنا صديقًا له لمساعدتنا، وبينما نحن في انتظاره إذ جاء إلينا مرتديًا قميصا مرسوم عليه شعارات معادية لمسلمي الروهينغا.
إن ميانمار تعرض صورة جلية للتناقض، البلد تحقق تقدمًا حقيقيًا في الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، خاصةً مع وجود انتخابات رئاسية متوقعة خلال العام المقبل. العديد من الاستثمارات الأجنبية بدأت في الوصول إلى البلاد، والصحافة قد بدأت في التحول لتصبح أكثر استقلالية، وخلال رحلتنا التي بلغت 12 يومًا استطعنا أن نتجول في البلاد وهو أمر لم يكن مُتصورًا قبل عدة سنوات. السلطات تدعم هذا الانفتاح من خلال إعطاء تصاريح للصحفيين، لكن في ذات الوقت، فالحكومة ذاتها تمرر سياسات وحشية ضد الأقلية المسلمية. عادةً ما ترفض الأنظمة القمعية إعطاء التصاريح للصحفيين أو حتى السماح لهم بدخول البلاد أو التجول بحرية، لكن هذا لم يحدث معنا.
وبعد رحلتنا في هذه المناطق النائية، التي تظهر في الفيديو، طرنا إلى أكبر مدينة في البلاد (يانغون)، لقد بدت وكأنها دولة مختلفة، كانت أكثر تطورًا وأكثر سلمية، الابتسامات شائعة والمكان يبدو وديًا للغاية، لا يمكن إنكار انتشار التوترات العرقية، عندما كنا في طريقنا للعودة، سألنا سائق التاكسي عن رحلتنا، وعندما أخبرناه أننا كنا في مناطق الروهينغا المسلمين، أجاب والابتسامة لم تغادر شفتيه “من المفترض أن يضرب إعصار هذه المنطقة عما قريب، أتمنى أن يقضي على كل المسلمين”.
والمسلمون يمثلون أقل من 9٪ من الشعب في بورما (ميانمار) إلا أن عددهم أكثر من مليون شخص، ومعظمهم يعيشون في إقليم آراكان، غرب البلاد.
وكان الروهينغا المسلمون يتمتعون بحقوقهم الكاملة كمواطنين حتى عام 1982 عندما أصدر العسكر قانونًا جديدًا سحب الجنسية من الروهينغا المسلمين بناء على ادعاءات باطلة بأنهم أتوا إلى تلك البلاد بعد الاحتلال البريطاني لإقليم آراكان عام 1823.
في الوثائقي باللغة الإنجليزية يتحدث نيكولاس كريستوف مع أهالي المنطقة من المسلمين ومع رجال دين بوذيين ومع مسئول حكومي.
ويعرض الفيلم كذلك للحائزة على جائزة نوبل للسلام “أونج سان سو كي” والتي كان يُتوقع منها أن تدافع عن قضية المسلمين المضطهدين، لكنها آثرت الصمت لرغبتها في الترشح للرئاسة في 2015.
المسلمون يعانون بشدة، لا خدمات صحية، هناك امرأة ظلت في المخاض لأكثر من عشرين ساعة قبل أن تنقذ بأعجوبة وتفقد ابنتها القادمة حياتها قبل أن ترى النور.
المسئول الحكومي يقول إنه لا يوجد ما يسمى الروهينغا في بلادنا، والراهب البوذي يقول إن المسلمين هم المشكلة، الإسلام هو المشكلة، وحيثما وُجد المسلمون، يبدأون الجهاد، كما يتحدث أن المسلمين يتكاثرون بسرعة، وأنهم سيبتلعون البوذيين الذين تتجاوز نسبتهم 90٪ من سكان البلاد، مع العلم أن الروهينغا المسلمين غير مسموح لهم أن يتزوجوا أو أن ينجبوا أكثر من طفلين بلا موافقة حكومية.
وفي حوار خاطف مع طفل بوذي، يسأله كريستوف: “ما الذي ستفعله لو قابلت طفلاً مسلمًا في مثل عمرك؟”، يجيب الطفل بابتسامة خجولة لكن بكلمات ثابتة: “سأقتله!”
يمكنكم مشاهدة الفيلم هنا