ساعات قليلة على انتهاء المهلة المحددة قانونا أمام المرشحين المفترضين للانتخابات الرئاسية في الجزائر لسحب استمارات اكتتاب توقيعات الناخبين، وتقديم ملفات ترشحهم إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قبل ذلك دعونا نتعرف على أبرز المرشحين لهذه الانتخابات إلى حد الآن.
ميهوبي.. مرشح التجمع
أول المرشحين لهذه الانتخابات المثيرة للجدل، وزير الثقافة السابق والأمين العام بالنيابة لـ”التجمع الوطني الديمقراطي” ( حزب السلطة الثاني)، عز الدين ميهوبي، حيث كان أول من قدم ملفه المتضمن أكثر من 100 ألف استمارة اكتتاب من الناخبين إلى الهيئة العليا للانتخابات.
وتعدّ هذه المرّة الأولى التي يتم فيها تسليم ملفات المرشحين إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عوض المجلس الدستوري الذي تعود استقبال الملفات، وذلك عملًا بالتعديلات الأخيرة على قانون الانتخابات، الذي نصّ على كون هيئة الانتخابات هي المسؤولة عن جميع الجوانب التنظيمية الخاصة بالانتخابات منذ بداية العملية وإلى غاية إعلان النتائج.
يصف الأمين العام لـ”الأرندي” الانتخابات الرئاسية المقرّر إجراؤها نهاية هذه السنة بـ”المحطة المصيرية التي يتوقف عليها تكريس الإرادة الشعبية لإخراج البلاد من الأزمة الراهنة”
يعتبر عز الدين ميهوبي، أحد رموز نظام بوتفليقة حيث عمل تحت إمرته إلى حين استقالته، وقد تولى حقيبتين وزاريتين في عهده، الأولى كتابة دولة للإعلام ثم وزيرا للثقافة حتى الأيام الأخيرة من حكومة أحمد أويحيى، الأمين العام السابق للتجمع الوطني الديمقراطي والموجود في السجن، لاتهامه في قضايا فساد، كما سبق أن تولى ميهوبي منصب رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، التابع لرئاسة الجمهورية.
ويشغل ميهوبي الآن، منصب الأمين العام بالنيابة لـ”التجمع الوطني الديمقراطي”، وهو ثالث سكرتير أول للحزب المعروف اختصارا بـ”الأرندي” منذ تأسيسه عام 1997، بعد كل من رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى والرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح الذي كان أول أمين عام له عقب تأسيسه.
الأمين العام بالنيابة لـ”التجمع الوطني الديمقراطي” عز الدين ميهوبي
يذكر أن حزب “التجمع الوطني الديمقراطي” كان ثاني قوة سياسية في الائتلاف الحاكم أثناء فترة رئاسة عبد العزيز بوتفليقة للبلاد، وقد شكل مع الحزب الحاكم وحزبي “تجمع أمل الجزائر” و”الجبهة الشعبية الوطنية” تحالفًا لدعم سياسات بوتفليقة، شارك بوزراء عدة، وقاد أمينه العام السابق الحكومة الجزائرية 4 مرات متتالية في عهد بوتفليقة.
ويصف الأمين العام لـ”الأرندي” الانتخابات الرئاسية المقرّر إجراؤها نهاية هذه السنة بـ”المحطة المصيرية التي يتوقف عليها تكريس الإرادة الشعبية لإخراج البلاد من الأزمة الراهنة”، ويرى ميهوبي، وهو شاعر أصدر في وقت سابق عددا من الدواوين الشعرية، بأن له القدرة في المرور إلى الدور الثاني من الانتخابات.
عبد المجيد تبون وثوت المظلومية
إلى جانب عز الدين ميهوبي، من المنتظر أن يقدّم رئيس الوزراء الأسبق عبد المجيد تبون ترشحه لمنصب رئاسة الجزائر، في الساعات القليلة القادمة، ويعد تبون أحد أبرز رجالات النظام الجزائري. تبوأ عديد المناصب السامية في الدولة، وكان أول منصب وزاري له سنة 1991 في وزارة الجماعات المحلية، ثم شغل منصب وزير للاتصال، وبعدها وزيرًا للسكن والعمران والمدينة.
يعتبر تبون، أقصر رؤساء الوزراء في الجزائر حيث تولى رئاسة الحكومة الجزائرية في 25 مايو / أيار 2017 وأقيل في 15 أغسطس/ آب من نفس السنة
كما عيّن تبون وزيرًا للسكن والعمران عام 1999 ووزيرًا للاتصال عام 2000، وعاد لوزارة السكن والعمران عامي 2001 و2002، وهو نفس المنصب الذي تبوأه منذ عام 2012، قبل أن يتم تعيينه مكلفًا بمهام وزير التجارة بالنيابة سنة 2017 مكان بختي بلعايب الذي غادر الوزارة لظروف صحية.
يعتبر عبد المجيد تبون، أقصر رؤساء الوزراء في الجزائر حيث تولى رئاسة الحكومة الجزائرية في 25 مايو / أيار 2017 وأقيل في 15 أغسطس/ آب من نفس السنة بسبب المس برجال أعمال مقربين من السلطة والتلويح بمحاسبتهم، فضلاً عن قيامه بتحركات يراها عبد العزيز بوتفليقة وحاشيته تعديًا على صلاحيات الرئاسة.
رئيس الوزراء الأسبق عبد المجيد تبون
رغم وصفه بكونه أحد مرشحي النظام، فقد اختار “تبون” أن يرتدي ثوب المظلومية حيث قال عند سحب استمارات الترشح، بأنه دفع هو وابنه ثمن انسلاخه عن الفساد، ومحاربته فساد المال العام، وأصبحت عدوًا للعصابة، وسحبت صوري بالكامل من قصر الحكومة”.
وفي تصريح إعلامي جديد، أفاد تبون أن إقالته من الحكومة سنة 2017 من طرف ما وصفها بـ”العصابة” من الأسباب الأساسية التي دفعته للترشح للانتخابات القادمة حتى يواصل العمل الذي توقف بإقالته، مؤكّدًا استعداده لفتح ملفات الفساد.
“علي بن فليس”.. مرشح المعارضة؟
فضلا عن هؤلاء، نجد رئيس الوزراء الأسبق “علي بن فليس” الذي ينوي تقديم ترشّحه عشية اليوم، ويروّج “بن فليس” وجماعته إلى كونه مرشّح المعارضة الجزائرية والأقدر على الفوز في هذه الانتخابات التي تأتي بعد رحيل بوتفليقة عن الحكم، رغم عمله لسنوات عدّة مع بوتفليقة.
وظهر “بن فليس” على الساحة السياسية بقوة بعد نجاحه في إدارة الحملة الانتخابية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عام 1999، وبعد فوز بوتفليقة بالرئاسة تم تعيينه أمينًا عامًا لرئاسة الجمهورية بالنيابة ثم مديرًا لديوان رئيس الجمهورية من 27 ديسمبر/كانون الأول 1999 إلى 26 أغسطس/آب 2000 ثم وزيرًا أولًا، وقد تمت إقالته من هذه الوظيفة في مايو/ أيار 2003 كما أقال بوتفليقة 6 وزراء موالين لبن فليس، ليصبح خصمًا ومنافسًا لبوتفليقة.
إلى جانب ترؤسه الحكومة، فقد ترأس “علي بن فليس” الذي ولد في ولاية باتنة شرقي الجزائر – وهي منطقة لها نفوذ كبير في السلطة والجيش منذ استقلال الجزائر سنة 1962- حزب جبهة التحرير الوطني، قبل أن تتم إقالته بعد خلافات مع بوتفليقة دامت نحو سنة. وفي العام التالي، ترشح ضد بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية، كما كرر ترشحه في انتخابات سنة 2014.
رغم تقديم هذه الترشحات وإصرار السلطات الحاكمة وعلى رأسها الجيش على ضرورة إجرائها هذه الانتخابات في موعدها، يصرّ العديد من الجزائريين على رفضهم لها
عمل بن فليس في مناصب عدة في القضاء منذ سنة 1968 وحتى سنة 1974، ثم عمل محاميا خلال عقد الثمانينات حين تم انتخابه مرتين نقيبا للمحامين في مدينة باتنه شمال شرق الجزائر، قبل أن يتم تعيينه وزيرا للعدل في سنة 1988 واحتفظ بهذا المنصب في حكومة قاصدي مرباح، وحكومة مولود حمروش، وحكومة سيد أحمد غزالي.
وفي ديسمبر 1989 انتُخب عضوا في اللجنة المركزية وفي المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير، وهو حزب موالٍ لبوتفليقة، وترشح ضمن قائمة حزب الجبهة في انتخابات 1991 وهزم في وجه منافسه من جبهة الإنقاذ الإسلامية.
يعتبر بن فليس أن”الاقتراع الرئاسي هو الجزء الأساسي في إستراتيجية الخروج من الأزمة” وأن “أي إخفاق محتمل سيدخل البلاد في غياهب المجهول” كما جاء في خطابه أمام أنصاره. مشيرًا إلى “حتمية نجاح المحاولة الثالثة” بعد إلغاء انتخابات 18 أبريل/نيسان التي ترشح لها بوتفليقة قبل استقالته، وبعدها عدم إمكانية إجراء انتخابات 4 يوليو/تموز لعدم وجود مرشحين.
رئيس الوزراء الأسبق “علي بن فليس”
سبق أن أعلن الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في 12 من ديسمبر/كانون الأول المقبل، ليتوافق مع التوقيت الذي كان قد اقترحه رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الماسك بزمام الأمور في البلاد.
ووصل بن صالح إلى الرئاسة يوم 9 من أبريل/نيسان الماضي، إثر تعيينه من البرلمان الجزائري بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)، رئيسًا مؤقتًا للبلاد لمدة 90 يومًا بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه، إثر الحراك الشعبي المطالب برحيله وتخلي أبرز حلفائه عنه ومنهم الجيش الذي كان أبرز حليف له وعمود حكمه الفقري طوال فترة حكمه التي امتدت لقرابة الـ20 سنة.
رغم تقديم هذه الترشحات وإصرار السلطات الحاكمة وعلى رأسها الجيش على ضرورة إجرائها هذه الانتخابات في موعدها، يصرّ العديد من الجزائريين على رفضهم لها، حيث يرفض أغلب الجزائريين هذه الانتخابات التي ترتب لها السلطة متوعدين بإسقاطها كما أسقطوا الانتخابات السابقة، وهو ما يوحي بأيام صعبة قادمة على الجزائر.