التقى دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى مع نظيره الإيراني في فيينا يوم الإثنين لبحث سبل التعاون المتاحة بين الولايات المتحدة وإيران لتنصيب حكومة عراقية أكثر استقرارًا ولتخفيف “التهديد الأمني الناتج عن المسلحين السنة في العراق”.
وعقد هذا الاجتماع بين الطرفين بعد أن أشار وزير الخارجية “جون كيري” إلى أن “إدارة أوباما مستعدة للتعاون مع إيران حول الملف العراقي”، وذلك بالرغم من العلاقات المتوترة القائمة بين البلدين حيث توصف إيران بأنها دولة راعية للإرهاب وتعمل الولايات المتحدة على منعها من اكتساب التكنولوجيا النووية خوفًا من استخدامها في المجال العسكري.
وتهدف استراتيجية إدارة أوباما للضغط على رئيس الوزراء العراقي “نوري المالكي” وحكومته التي يهيمن عليها الشيعة، لتشكيل حكومة متعددة الطوائف مع السنة والأكراد وذلك لرأب الصدع الذي يجري استغلاله من قبل المتمردين.
وقال البيت الأبيض، يوم الإثنين، إن الرئيس أوباما عقد اجتماعًا مع كبار مستشاريه للأمن القومي لمراجعة الخيارات في مكافحة الجماعة السنية المتشددة والتي تعرف باسم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) والتي يقال إنها هزمت الجيش العراقي الأسبوع الماضي، حيث بين أوباما أن أي مساعدة عسكرية أمريكية ستكون مرتبطة بمحاولة العراقيين رأب الصدع بين جميع الطوائف.
كما قال وزير الخارجية جون كيري، في مقابلة مع ياهو نيوز، إن الولايات المتحدة “منفتحة على المناقشات مع إيران في صورة وجود قرارات بناءة”، مضيفًا: “أعتقد أننا بحاجة للتدرج لفهم الملف العراقي بأكثر واقعية، وإننا لا نستبعد أي مبادرة بناءة من الجانب الإيراني”.
وقال مسئول في وزارة الخارجية “إن الغرض من التحالفات مع إيران وغيرها من الدول المجاورة للعراق، مناقشة التهديد الذي يشكله المتشددون السنة والامتناع عن كل ما هو أجندة طائفية”.
وعلى الرغم من أن جون كيري، في مقابلته مع ياهو نيوز، ترك الباب مفتوحًا للتعاون العسكري مع إيران، فإن مسئولا في وزارة الخارجية أشار في وقت لاحق إلى أن الاجتماعات لن تناقش “التنسيق العسكري أو قرارات استراتيجية حول مستقبل العراق”.
ونظرًا لتزايد المخاطر في العراق، أبلغ الرئيس أوباما الكونجرس، يوم الإثنين، أنه سيتم إرسال ما يصل إلى 275 من العسكريين لتعزيز الأمن وتقديم الدعم للسفارة الأمريكية شديدة التحصين في بغداد، كما أعلنت الولايات المتحدة بالفعل عن خطط لإجلاء عدد كبير من موظفي السفارة.
وقد اقترح بعض المسئولين الإيرانيين على السيد المالكي العمل مع السنة لإخماد التمرد، ولكن الجنرال “قاسم سليماني” رئيس الفيلق الشبه عسكري في الحرس الثوري الإيراني “القدس”، سافر مؤخرًا إلى بغداد للقاء القادة العراقيين، وهناك مخاوف من أنه حشد الشيعة العراقيين الذين تدربوا في إيران للدفاع عن حكومة المالكي.
المسئولون الأميركيون مستعدون للعمل مع المالكي، لكنهم أيضًا على استعداد لأن يحل محله سياسي شيعي آخر يكون أكثر شمولاً في تعامله مع بقية الطوائف، علمًا بأن أي مرشح محتمل لمنصب رئيس الوزراء يجب أن يحظى بقبول إيراني.
ومما يزيد من تعقيد الحالة العراقية هي المحادثات الموازية بين إيران والقوى العالمية بشأن برنامجها النووي، حيث تم تحديد 20 يوليو كموعد نهائي مبدئي للاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، ويتم الضغط على إيران للوصول إلى اتفاق ينطوي على فترة وجيزة للحد من قدرتها على تخصيب اليورانيوم.
وقال أحد الخبراء من الوفد المفاوض الأميركي: “سيحاول الإيرانيون بما في وسعهم مساعدة العراق للحصول على أي ميزة للمساومة مع المفاوضين الرئيسيين لكسب المناقشات حول ملفهم النووي”، في حين أشار مساعدو أوباما إلى إن “الأولوية الأولى في الشرق الأوسط هي منع إيران من الحصول على السلاح النووي لأنه في حالة حدوث ذلك سينشأ سباق تسلح في المنطقة”.
وهذا التواصل مع طهران يعتبر انقلابًا مفاجئًا في السياسة الأمريكية التي لم تعقد محادثات مع إيران بشأن الأزمات الإقليمية، ومن شأن التعاون بين الولايات المتحدة وإيران لاحتواء الأزمة العراقية أن يمثل المرة الأولى التي يواجه فيها البلدين أغراضًا أمنية مشتركة منذ التعاون الاستخباراتي العسكري لمواجهة حركة طالبان في أفغانستان بعد هجمات 11 أيلول 2001.
وعمل وزير الخارجية للولايات المتحدة، جون كيري، بشراسة في يناير/ كانون الثاني لإقناع الأمم المتحدة بعدم تشريك إيران في محادثات السلام بجنيف حول سوريا، بحجة أن الدعم العسكري الإيراني للرئيس السوري، بشار الأسد، لا يؤهلها للمشاركة.
وكانت الولايات المتحدة وإيران منذ فترة طويلة في عداء كبير، حيث قام الجيش الثوري الإيراني بتدريب الميليشيات الشيعية العراقية التي تستهدف القوات الأمريكية، وزود هؤلاء المتشددين بعبوات ناسفة قوية، كما أنشأ الجيش الأمريكي قوة مهمة لاصطياد المقاتلين العراقيين الشيعة المدعومين من إيران.
علمًا وأنه سبق وأن عقدت إدارة بوش محادثات مع مسئولين إيرانيين في بغداد أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، ولكن تلك المناقشات لم تحرز أي تقدم.
علاوة على ذلك، اتهمت وزارة الخزانة إيران هذا العام بإيواء متشددين ممن قدموا الدعم لتنظيم القاعدة.
المصدر: ترجمة نون بوست من NYTimes