ترجمة وتحرير نون بوست
شرحت الأخصائية في الفسيولوجيا العصبية السريرية، كريستينا غارسيا دي ليوناردو، أن النوم يعد نشاطا لا غنى عنه لضمان بقاء الكائن الحي، خلال هذه المرحلة. وفي هذا الإطار، صرحت غارسيا دي ليوناردو قائلة: “تحدث العديد من التغيرات الفسيولوجية التي تؤثر على وظائف القلب والتنفس ودرجة الحرارة وكتلة العضلات وضغط الدم والإفرازات الهرمونية. لذلك، ترتبط قلة النوم بالتغييرات المناعية والتمثيل الغذائي والغدد الصماء، على غرار عدم تحمل الجلوكوز ومرض السكري والسمنة، كما ترتبط أيضا بظهور أمراض القلب والأوعية الدموية أو أنواع مختلفة من السرطان”.
في الواقع، هل هناك أشخاص في كامل مداركهم العقلية يجرؤون على عدم إيلاء الاهتمام الذي يستحقونه لشيء بالغ الأهمية لصحتنا؟ الجواب هو أن الشيء ذاته يحدث مع مسألة أخرى حيوية لصحتنا، من قبيل نمط الحياة المستقرة والخاملة. ووفقا لما كشف عنه تقرير “كيف ينام الإسبان؟”، الذي أجرته شركة فيتبيت الأمريكية، يعترف حوالي 58 بالمئة من الإسبان بعدم حصولهم على قسط كاف من النوم، والأسوأ من ذلك هو أن حوالي 46 بالمئة منهم يعترفون أنهم لا يفعلون شيئا لتحسين هذا الوضع.
إن عدم الحصول على قسط كاف من النوم أو عدم النوم بشكل جيد يقلل من المهارات المعرفية والحركية لدى الأشخاص
علاوة على ذلك، تكشف البيانات عن حقيقة مفادها أنه، في وقت ظهور وسم #صحة جيدة، بدا ذلك متناقضا نوعا ما. فعلى الرغم من أننا ندرك بشكل متزايد مدى أهمية النوم لساعات كافية (أي بين سبع وتسع ساعات في المتوسط)، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة، انخفضت نسبة الأشخاص الذي يحافظون على عادات النوم الصحية بشكل ملحوظ.
لذلك، بغض النظر عن عدد ساعات النوم، ما هي العلامات التي تنبهنا إلى أننا لا نحصل على قسط كاف من الراحة؟ في هذا السياق، توضح غارثيا دي ليوناردو قائلة: “بالإضافة إلى التعب والإرهاق، ترتبط قلة النوم أيضا بتغيرات الغدد الصماء التي تعزز عدم تحمل الجلوكوز وزيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم. وفي بعض الأحيان، يعد الحفاظ على نوعية نوم جيدة كاف للسيطرة على الزيادات في ضغط الدم المقاوم للعلاج”.
ما الذي يؤدي إلى حرماننا من النوم؟
بالنسبة لحوالي 35 بالمئة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع، يعد العمل السبب الرئيسي الذي يجعلنا نسهر لوقت طويل في الليل، بينما يرى حوالي 32 بالمئة منهم أن العائلة هي سبب الحرمان من النوم. ولا بد من الإشارة إلى أن لهذه الاعترافات عواقب لا رجعة فيها، حيث اعترف حوالي 57 بالمئة من الإسبان المشاركين في هذه الدراسة أن عدم الحصول على قسط كاف من الراحة يؤدي إلى نقص التركيز الذي يؤثر على أدائهم، سواء في العمل أو الأسرة، في حين يقول 32 بالمئة منهم أنهم يشعرون بمزيد من الغضب.
إذا قارنا بين الجنسين، يرتفع الرقم بين الإناث حيث تعترف حوالي 60 بالمئة منهن بأن قلة النوم تؤدي إلى انخفاض القدرة على التركيز (مقارنة بحوالي 54 بالمئة من الرجال)، في حين يقول حوالي 38 بالمئة منهن أنهن يشعرن بمزاج أسوأ (مقارنة بحوالي 26 بالمئة من الرجال). وفي هذا السياق، وضحت الدكتورة غارثيا دي ليوناردو قائلة إن “عدم الحصول على قسط كاف من النوم أو عدم النوم بشكل جيد يقلل من المهارات المعرفية والحركية لدى الأشخاص، وهو ما أثبتته العديد من الدراسات التي أجريت في السنوات الأخيرة”.
عشاق السهر
وفقا لهذه الدراسة، التي تعد نتيجة لرصد نوم مستخدمي فيتبيت في أوروبا، يعدَ الإسبان (في ظل نومهم لسبع ساعات و31 دقيقة) من أكثر الناس المحبين للسهر، ويسبقهم الإيطاليون (بسبع ساعات و28 دقيقة). ومن جهة أخرى، تعتبر إيرلندا على رأس قائمة أولئك الذين ينامون أكثر من غيرهم (بمعدل سبع ساعات و57 دقيقة)، تليها فرنسا (سبع ساعات و50 دقيقة) والمملكة المتحدة (سبع ساعات و49 دقيقة) ثم ألمانيا (سبع ساعات و43 دقيقة).
الألمان أكثر الناس الذين يستيقظون باكرا أي على تمام الساعة السابعة ودقيقتين صباحا
بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الإسبان من أكثر الناس الذين يخلدون للنوم في وقت متأخر أي في حدود منتصف الليل و21 دقيقة. في المقابل، تعتبر ألمانيا البلد الأوروبي الذي ينام في وقت مبكر أي على تمام الساعة الحادية عشرة و19 دقيقة مساء، باستثناء تشيلي وهونغ كونغ، الذين ينام أغلب سكانها في وقت متأخر من الليل.
علاوة على ذلك، يؤدي تأخر الإسبان في الخلود إلى النوم إلى التأخر في الاستيقاظ مقارنة ببقية دول أوروبا، حيث يكون ذلك على حدود الساعة السابعة و51 دقيقة صباحا، حيث تحتل المرتبة الخامسة في التصنيف. في المقابل، يعتبر الألمان أكثر الناس الذين يستيقظون باكرا أي على تمام الساعة السابعة ودقيقتين صباحا.
العواقب
تجدر الإشارة إلى أن لقلة النوم المريح، الذي يساعد الجسم على التخلص من الأعباء اليومية، عواقب كثيرة مثل تسارع ساعتنا البيولوجية. ومن المحتمل للغاية أن تكون هذه الآليات المسببة للالتهابات في تطوير أمراض القلب والاوعية الدموية هي نفسها التي تساهم في تسريع الشيخوخة خاصة لدى الأشخاص الذين لا ينامون مطلقا. لذلك، لسائل أن يسأل، إلى أي مدى يمكننا تخصيص ساعات من وقت راحتنا للتدريب؟
يجب أن نعطي أهمية للرعاية الذاتية والجسدية وحتى الداخلية كطريقة لتعزيز الصحة
وضحت الدكتورة غارسيا دي ليوناردو قائلة: “ربما ندرك بشكل متزايد مدى أهمية النوم بشكل جيد على صحتنا وجودة حياتنا”. ويعد النوم نشاطا ضروريا لبقاء الكائن الحي، إذ يمنح أجسامنا الراحة من الأنشطة اليومية ويُعتبر أيضا أمرا ضروريا للحفاظ على الطاقة. لذلك، لا يبدو أن الحرمان المزمن من النوم سيكون أفضل طريقة لإدراج بعض التمرينات في حياتنا اليومية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نعطي أهمية للرعاية الذاتية والجسدية وحتى الداخلية كطريقة لتعزيز الصحة، كما يجب ألا نتأخر في القيام بذلك حتى فوات الأوان.
أما السؤال الثاني، فهل تساهم قلة الراحة في زيادة خطر التعرض للإصابات؟ في هذا الصدد، توضح الخبيرة أن “الأرق الحاد وفقدان النوم الحاد من شأنه أن يؤدي إلى حدوث الإصابات الرياضية، وخاصة الإصابات المجهدة، التي تكون مرتبطة بانخفاض التحكم في وضعية الجسم، وقلة الانتباه. بالإضافة إلى ذلك، تتسبب قلة النوم في تباطؤ شفاء الإصابات بسبب توليف البروتينات التي تساعد على الشفاء”.
المصدر: الموندو