ترجمة وتحرير: نون بوست
انتفض الشعب في لبنان ضد فرض ضريبة على خدمة واتساب وندد بالفساد المستشري. وفي التشيلي، كانت الاحتجاجات بسبب الزيادة في أجرة المترو وتفشي عدم المساواة. أما مظاهرات هونغ كونغ، فكانت نتيجة مشروع قانون تسليم المجرمين والسلطة الخانقة، في حين أن احتج الجزائريون على الولاية الخامسة لرئيس طاعن في السن وعلى عقود من الحكم العسكري.
لئن ارتكزت الاحتجاجات التي تأججت اليوم ومنذ الأشهر الماضية في شوارع المدن حول العالم على دوافع مختلفة، إلا أن أسبابها متشابهة من ركود الطبقات الوسطى والديمقراطية الخانقة وصولا إلى الاقتناع العميق بأن الأمور يمكن أن تكون مختلفة، حتى لو كان البديل غير واضح دائمًا.
على هذا الأساس، لم يَسلم سوى عدد قليل من بلدان العالم من الاحتجاجات الكبيرة خلال سنة 2019. فقد شهدت كل من روسيا وصربيا وأوكرانيا وألبانيا مظاهرات كبرى، بينما لا تزال المملكة المتحدة تخوض مرحلة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وقد واجهت فرنسا حركة السترات الصفراء، في حين شهدت إسبانيا اضطرابات في منطقة كتالونيا. في الأثناء، أصبح الشرق الأوسط مشحونا بالخلافات لدرجة أن البعض يلقبها بالموجة الثانية للربيع العربي. وفي أمريكا الجنوبية، شهدت البرازيل والبيرو والإكوادور وكولومبيا وفنزويلا اضطرابات شعبية، والقائمة لازالت طويلة.
قالت منظمة أوكسفام إن أغنى 26 فردًا في العالم يملكون ثروة تعادل ثروة نصف أفقر سكان العالم
حسب جاكلين فان ستيكلنبرغ، الأستاذة التي تدرس التغيير الاجتماعي والصراع في جامعة فريجي بأمستردام: “تشير البيانات منذ سنة 2009 إلى أن حجم الاحتجاجات في تزايد مشابه للستينات الصاخبة”. لكن الاحتجاجات لم تكن كلها بسبب الشكاوى الاقتصادية، فاتساع الفجوات بين الأثرياء وضعفاء الحال هو السبب الذي جعل الكثير من الشباب متشددين في مواقفهم تجاه حكومات بلدانهم.
في كانون الثاني/ يناير، قالت منظمة أوكسفام إن أغنى 26 فردًا في العالم يملكون ثروة تعادل ثروة نصف أفقر سكان العالم، إذ نمت ثروات المليارديرات بقيمة مجتمعة قدرها 2.5 مليار دولار في اليوم خلال سنة 2018، في حين انخفضت الثروة النسبية لأفقر سكان العالم البالغ عددهم 3.8 مليار شخص بمقدار 500 مليون دولار في اليوم.
انضم الآلاف من الناس إلى الاحتجاجات المتجددة بقيادة حركة “تمرد ضد الانقراض” بسبب عدم اتخاذ القادة إجراءات بشأن أزمة المناخ وترك هذه المشكلة للجيل القادم. والجدير بالذكر أن الإنترنت ليس عاملاً محددًا لاندلاع الاحتجاجات، فلم تكن هناك وسائل إعلام اجتماعية في الستينيات، ولكن من الواضح أنه مهم.
يبدو أن وسائل الإعلام الاجتماعية وسهولة الوصول إلى المعلومات يساهمان في إعادة ترتيب هرم المعرفة والتواصل. ومن الواضح أن السلطات يمكنها أن تقاوم عن طريق استخدام أنظمة المراقبة الواسعة أو عن طريق التعتيم الرقمي المشابه لما فرضته الهند مؤخرا في كشمير. لكن المحللين قالوا إن هياكل السلطة في القرن العشرين تتعرض لضغط هائل.
حسب سانجوي تشاكرافورتي، أستاذ الدراسات العالمية بجامعة تيمبل، فإن الطبيعة غير القيادية للعديد من الاحتجاجات تجعل من الصعب على الحكومات الاستبدادية قمعها، ولكنها قد تحدّ من استدامة الحركات ذاتها
حيال هذا الشأن، قال تيري دي مونبريال من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إن “النظام التقليدي لفرض القوة من أعلى الهرم السياسي إلى أسفله يتعرض للتحدي على نحو متزايد، فهناك ثورة اجتماعية وتزايد الطلب على الديمقراطية التشاركية”. كما أنه من الأسهل في عالم رقمي معولم معرفة كيف يعيش النصف الآخر. ومن جهتها، أوضحت فان ستيكلنبرغ أنه “لا توجد تدفقات جديدة من المعلومات فقط، وإنما تدفقات من الناس أيضا. ومن المرجح أن هؤلاء الشباب في الربيع العربي يعرفون شخصًا واحدًا على الأقل يعيش في الخارج، وهذا يخلق نوعًا من الحرمان النسبي، يجعلهم يقولون: أريد أن أحصل على هذا أيضًا”.
إن انتشار الاحتجاجات لا يضمن تغير الأمور. ووفقا ليوسف الشريف، المحلل السياسي وأحد مؤلفي أبحاث كارنيجي الجديدة حول نجاح حركات الاحتجاج: “لم يعد تنظيم المظاهرات هو الجزء الصعب. فالمشكلة تكمن فيما يجب فعله بعد الاحتجاجات، وكيفية توضيح وجهة نظرك وتحقيق الأهداف التي تدافع عنها. هذا هو الجزء الأكثر صعوبة”.
أضاف الشريف أن الاحتجاجات والثورات تحددها شعارات مثالية، لكن التغيير المنهجي هو العمل الأكثر صعوبة، “يمكنك إسقاط جزء من النظام، ولكن من الصعب للغاية الإطاحة بالهيكل بأكمله الذي يتكون من مؤسسات وشبكات يصعب تفكيكها”.
حسب سانجوي تشاكرافورتي، أستاذ الدراسات العالمية بجامعة تيمبل، فإن الطبيعة غير القيادية للعديد من الاحتجاجات تجعل من الصعب على الحكومات الاستبدادية قمعها، ولكنها قد تحدّ من استدامة الحركات ذاتها. وأورد تشاكرافورتي أن “الحركات التي أدت إلى تغيير فعلي أو التي كانت أكثر استدامة كان لديها أساس وهيكل قيادة وأشخاص يعبرون عن أنفسهم وتنظيم وإصرار على حث الناس على التظاهر. إن مسألة القيادة أمر مركزي وهذا هو الشيء الذي لم نتوصل إليه بعد: كيف نجد القيادة بالفعل في خضم تظاهرات الغضب هذه؟”.
هونغ كونغ
من يحتج؟
أهم المتظاهرين من الشباب، وكثير منهم من طلاب الجامعات أو المدارس الثانوية. لكن انضم الناس من جميع أنحاء المجتمع ومن مختلف القطاعات والفئات العمرية إلى المسيرات والاحتجاجات.
عمّا يحتجون؟
في الأصل، يحتج المتظاهرون على تغيير مقترح في قانون تسليم المجرمين الذي يسمح بنقل المشتبه بهم إلى الصين القارية ومحاكمتهم في محاكم يسيطر عليها الحزب الشيوعي. وبعد سحب مشروع القانون، يتظاهر المحتجون الآن ضد وحشية الشرطة المزعومة وضد الحكومة بسبب طريقة تعاملها مع الأزمة. وعلى نطاق أوسع، هم يعارضون أيضًا النفوذ الصيني المتزايد على المدينة.
كيف تتفاعل السلطات؟
ألقي القبض على أكثر من ألفي شخص، وتتبع الشرطة إجراءات أكثر صرامة لقمع المظاهرات، بما في ذلك استعمال الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه التي تغرق الناس في صبغة زرقاء مختلطة بمحلول الفلفل، وفي بعض الحالات، تقوم الشرطة بجولات على عين المكان. علاوة على ذلك، رُفضت الطلبات المقدمة من قبل مجموعات المجتمع المدني لعقد اجتماعات حاشدة. كما فُعّلت قوانين الطوارئ للحقبة الاستعمارية التي تمنع الناس من ارتداء أقنعة الوجه في الاحتجاجات.
ماذا بعد؟
بعد خمسة أشهر، تضاءل عدد الأشخاص المشاركين في الاحتجاجات. ومع ذلك، لا توجد علامات واضحة على أن سلسلة الاحتجاجات شارفت على النهاية، حيث تعهد المتظاهرون المتشددون بمواصلة المسيرة حتى تُلبى جميع مطالبهم.
لبنان
من يحتج؟
يبدو أن الاحتجاجات تمثل شريحة معينة من المجتمع، حيث تسود الانقسامات الدينية والسياسية التي أشعلت 15 سنة من الحرب الأهلية في لبنان بدءًا من سنة 1975. ويعتقد أن حوالي 1.3 مليون شخص، أي ما يعادل 20 بالمئة من السكان، حضروا أكبر المظاهرات إلى حد الآن، الأحد الماضي.
عمّا يحتجون؟
إن الحكومة اللبنانية، وهي ائتلاف غير مستقر، منقسمة ومختلة، وغير راغبة أو غير قادرة على الاستثمار في الطرق المتهالكة في البلاد، أو تحديث شبكة الكهرباء، أو إصلاح نظام جمع النفايات أو معالجة مشكلة بطالة الشباب المتفاقمة، بالإضافة إلى مجموعة من القضايا الأخرى. ومن بين الأسباب الرئيسية وراء الاحتجاجات الأخيرة فرض ضريبة بنسبة 20 سنتا على مكالمات الواتساب التي أعلنتها الحكومة كجزء من سياسات التقشف للسيطرة على عبء الدين العام المرتفع للغاية في البلاد.
كيف تتفاعل السلطات؟
نظرًا لأن مجلس الوزراء الحاكم مستمد من مجموعة متوازنة من الأحزاب السياسية الطائفية، فمن المستحيل أن تتحدث الحكومة بصوت واحد عن الاحتجاجات. بشكل عام، حاول القادة السياسيون التعاطف مع المحتجين لكنهم دافعوا عن النظام وطالبوا بتعميم الهدوء. وفي الأسبوع الماضي، وافق مجلس الوزراء على حزمة من الإصلاحات بما في ذلك خفض رواتب النواب إلى النصف.
ورد أنه كان هنالك بعض المحاولات التي قام بها مسلحون لترهيب المتظاهرين. في الأثناء، استخدم الجيش الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين، لكن سُمح للحركة السلمية بالتواصل حتى عندما أدت إلى إغلاق الطرقات وتحويل أجزاء من المدن إلى حفلات رقص في الهواء الطلق.
ماذا بعد؟
يثير احتمال تشكل هوية لبنانية جديدة وموحدة في الشوارع الحماس، ولكن يزداد القلق من إمكانية ظهور الانقسامات السياسية والدينية العميقة في البلاد من جديد ربما من خلال بعض أعمال العنف الطائفية، بالإضافة إلى النظام المبني على هذه الانقسامات. لا تمتلك الحركة الاحتجاجية قائدا أو خطة واضحة، لذلك حتى إن كانت قادرة على إقالة الحكومة، فمن غير الواضح من الذي سيحل محلها.
تشيلي
من يحتج؟
بدأت الاحتجاجات في سانتياغو كتمرد بقيادة الشباب، ولا يزال الطلاب في قلب الحركة. لكن مع تضخم التمرد ليشمل المدن والبلدات الواقعة خارج العاصمة، انضم المواطنون من جميع الأعمار والطبقات الاجتماعية إلى الحركة الاحتجاجية. كانت العديد من الاحتجاجات سلمية، لكن شُنت عمليات نهب وحرق متعمدة على الفضاءات التجارية الكبرى ومحطات قطار الأنفاق والمباني الحكومية ومقر إحدى الصحف المحافظة.
عمّا يحتجون؟
اندلعت المظاهرات في البداية ردًا على ارتفاع أسعار تذاكر المترو. وفي منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر، تدفق حشد من طلاب المدارس الثانوية نحو شبكة المترو في سانتياغو كجزء من حملة تفادي دفع سعر تذكرة السفر قصد إجبار الحكومة على إلغاء الزيادة. منذ ذلك الحين، تحولت الاحتجاجات إلى معركة أوسع نطاقًا ضد عدم المساواة، ونقص الخدمات العامة، وضعف الأجور ومعاشات التقاعد والقمع الحكومي.
كيف تتفاعل السلطات؟
كان رد فعل رئيس وسط اليمين سبستيان بنييرا في البداية متشددا، إذ أعلن حالة الطوارئ يوم الجمعة الماضي وأمر آلاف الجنود بالنزول إلى شوارع سانتياغو. ويوم الأحد، أعلن بنييرا أن تشيلي “في حالة حرب” مع عصابات من المنحرفين “الأشرار” العازمين على إحداث الدمار. وقد أُلقي القبض على أكثر من 2600 شخص وتوفي 15 شخصًا على الأقل، مات أربعة منهم على أيدي قوات الأمن.
يقول النقاد إن هذا الموقف المتشدد زاد الطين بلة. ويبدو أن بنييرا أدرك ذلك واعتمد يوم الثلاثاء أسلوبا أقل حدة، حيث قابل زعماء المعارضة وألقى خطابًا تلفزيونيا كشف فيه عن سلسلة من السياسات الاجتماعية الجديدة بما في ذلك زيادة طفيفة في الحد الأدنى للأجور واعتذر عن “قصر نظر” القادة السياسيين في تشيلي.
ماذا بعد؟
من غير الواضح ما إذا كانت محاولة بينيرا للتخفيف من حدة الموقف ستنجح، بينما تستعد التشيلي لاستضافة زعماء العالم بمن فيهم دونالد ترامب وشي جين بينغ الشهر المقبل لحضور قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، لذلك يأمل بنييرا أن يتحقق ذلك. من بين صيحات الاستنفار الرئيسية التي تنادي بها الحركة هي أن الاحتجاجات لم تبدأ إلا للتو. وردد المتظاهرون هذا الأسبوع عبارة “استيقظت تشيلي”.
كتالونيا
من يحتج؟
يمثل الشباب أغلبية المتظاهرين الذين تجمعوا في شوارع برشلونة وغيرها من البلدات والمدن الكتالونية، ومعظمهم في سن المراهقة والعشرينات. ومع ذلك، فإن المظاهرات الأخرى – بما في ذلك الاحتجاج السلمي الذي تجمع فيه ما يقدر بنحو 525 ألف شخص في برشلونة يوم الجمعة الموافق لـ 18 تشرين الأول/ أكتوبر – قد جذبت أشخاصًا من جميع الأعمار، بداية من الأطفال وصولا إلى المتقاعدين.
عمّا يحتجون؟
تصاعدت التوترات في المنطقة بعد أن أدانت المحكمة العليا في إسبانيا هذا الشهر تسعة قادة انفصاليين كتالونيين بتهمة إشعال فتيل الفتنة وإساءة استخدام الأموال العامة في محاولة فاشلة لتحقيق الاستقلال قبل سنتين، وحُكم عليهم بالسجن لمدة تتراوح بين تسع و13 سنة. لطالما افتخرت حركة استقلال كتالونيا بالاحتجاجات السلمية. مع ذلك، وقعت العديد من الاشتباكات العنيفة التي هوجِم خلالها ضباط الشرطة بالحجارة والزجاجات وزجاجات المولوتوف والمقاليع، وضُرب أثناءها المتظاهرون وأُطلق عليهم الرصاص المطّاطي والإسفنجي.
كيف تتفاعل السلطات؟
تلقى حوالي 600 شخص علاجًا طبيًا وما زال اثنان منهم -ضابط شرطة ومتظاهر- في حالة حرجة، كما اعتُقل أكثر من 200 شخص. قالت الحكومة في مدريد إن أولويتها تتمثل في الحفاظ على النظام العام، ووصفت استجابتها على أنها مناسبة إلى حد الآن. أضافت الحكومة أن التعاون بين ضباط الشرطة الوطنية ونظرائهم الكتالونيين كان فعالا للغاية، كما رُفضت طلبات الأحزاب اليمينية لتولي السيطرة المباشرة على الشرطة الكتالونية أو لاستخدامهم الدستور لتنفيذ الحكم المباشر.
انتُقِد رد فعل الشرطة بشدة من قبل البعض وذلك بسبب استهدافهم بشكل عشوائي للمارة الأبرياء وأعضاء وسائل الإعلام. بالإضافة إلى ذلك، انتُقِد الرئيس الإقليمي لكتالونيا المؤيد للاستقلال يواكيم تورا وذلك بسبب استغراقه وقتًا طويلاً لإدانة العنف، فضلا عن دعوته للعصيان المدني ثم إرسال الشرطة الإقليمية للتعامل مع هذا العصيان.
ماذا بعد؟
هدأت الأمور بشكل كبير منذ وصول الاحتجاجات لذروتها في نهاية الأسبوع الماضي. دعا تورا إلى إجراء محادثات مع الحكومة الإسبانية لكنه هدد أيضًا بالاحتجاج ضد حكم المحكمة العليا عبر إجراء استفتاء أحادي آخر حول استقلال كتالونيا. لكن، رفضت الحكومة الإسبانية بقيادة القائم بأعمال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز هذه الدعوات متهمة إدارة تورا بالفشل في القيام بما يكفي لضمان النظام العام وتجاهل إرادة غالبية الكتالونيين الذين يعارضون الاستقلال. حتى لو توقفت الاحتجاجات، ستبقى المسألة الكتالونية قضية رئيسية في الانتخابات العامة الإسبانية الشهر المقبل.
العراق
من يحتج؟
كانت الاحتجاجات في العراق هذا الشهر بلا قيادة، لكن شارك فيها بنسبة عالية الشباب والعاطلون عن العمل في بلد ترتفع فيه نسب البطالة بشكل متواصل وأين يعيش حوالي ربع عدد السكان في الفقر.
عمّا يحتجون؟
بعد عقود من العقوبات والغزو الذي قادته الولايات المتحدة وسنوات من الحرب الأهلية بما في ذلك الحرب على تنظيم الدولة، أضحت البنية التحتية للعراق في حالة سيئة، وأصبحت الخدمات العامة غير كافية، كما أن الدولة تناضل من أجل إعادة بناء اقتصادها. من جهة أخرى، تفشّى الفساد، وهو مشكلة لا تحاول الأحزاب السياسية الطائفية في البلاد تغييرها. لذلك، تمثل الاحتجاجات في العراق صرخة غضب ضد النظام.
يُعتقد أن استبعاد عبد الوهاب السعدي، وهو ضابط بالجيش أصبح عنصرا بارزًا خلال الحرب ضد تنظيم الدولة وكان يُعتبر بطلاً نادرًا عبر الخطوط الطائفية، هو أحد الدوافع المباشرة للاحتجاجات. لم يتم شرح سبب فقدانه لمنصبه علنًا، لكن يعتقد العديد من العراقيين بأن ذلك يعود لمحاولته محاربة الفساد في جهاز مكافحة الإرهاب في البلاد.
كيف تتفاعل السلطات؟
قُتل ما يقارب 150 شخصًا على مدار الأيام الخمسة الأكثر حدة للاحتجاجات خلال هذا الشهر، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه “خسارة أرواح بشرية لا معنى لها”. ووفقًا لنتائج تحقيق حكومي صدر هذا الأسبوع، توفي حوالي 70 بالمئة من الضحايا متأثرين بإصاباتهم بالرصاص على مستوى الرأس أو الصدر. وخلصت اللجنة إلى أن الضباط والقادة “فقدوا السيطرة على قواتهم خلال الاحتجاجات” ما “تسبب في الفوضى”، كما وُجدت أدلة تثبت أن المتظاهرين لقوا مصرعهم على يد قناص يتمركز على سطح مبنى مهجور في بغداد. دعا التقرير إلى إقالة العشرات من كبار مسؤولي الأمن وإحالتهم إلى النيابة لمحاكمتهم المحتملة.
ماذا بعد؟
كانت هناك دعوات لبدء مظاهرات جديدة يوم الجمعة الموافق للذكرى السنوية الأولى لتولي رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي السلطة. وتجدر الإشارة إلى أن عبد المهدي وعد بإجراء إصلاحات وإعادة تشكيل حكومته لمحاولة إرضاء المحتجين.
المصدر: الغارديان