قبل أيام معدودة، أقر المجلس البلدي لمدينة أوسلو عاصمة النرويج، مقاطعة منتجات وخدمات المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة، ويشمل القرار الشركات الدولية التي تعمل فيها أيضًا، لتنضم بذلك إلى 6 بلديات نرويجية أخرى. وبكلماتٍٍ مقتضبة وحازمة، قال زعيم حزب اليسار الاشتراكي في أوسلو، سنيفا إيدسفول، “إن الشعب الفلسطيني الذي يتعين عليه التعامل مع الاحتلال غير القانوني على أرضه كل يوم، يستحق الاهتمام والدعم الدوليين”.
سبق هذا الإعلان المبهج، مطالبة مسؤول أممي، بفرض حظر كامل على جميع المنتجات المصنوعة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، ونشر قائمة بيانات الشركات العاملة في تلك المناطق، في محاولة لإنهاء وتغيير الاحتلال الدائم، وضمان حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وهي الغاية التي لا يمكن الوصول إليها مع اتساع نطاق المستوطنات غير الشرعية، إذ أشار المقرر الأممي إلى أن نسبتها ازدادت خلال السنوات الـ40 الأخيرة بنسبة 800%.
ولكن مع نشاط الحراك الدبلوماسي الأوروبي المناهض للاستيطان، ليس من المنتظر أن تصيب هذه المواقف “إسرائيل” بالصداع فقط، لإن انعكاساتها تعمق من عزلتها وتؤثر سلبًا على اقتصادها، وفي الوقت نفسه، تذكرها باستمرار بأنها دولة محتلة لأراضي الفلسطينيين، ولا تملك الشرعية القانونية أو الأخلاقية في مواصلة انتهاكاتها.
موقف الاتحاد الأوروبي من منتجات المستوطنات الإسرائيلية
في بداية عام 2014، قررت دول الاتحاد الأوروبي فرض مقاطعة تجارية وعلمية وأكاديمية واستثمارية ضد المستوطنات الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة، نتيجة لحكم المحكمة الدولية في لاهاي عام 2004 بأن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية وتخرق البند رقم 49 من ميثاق جنيف الذي يحظر على دولة محتلة أن توطن سكانها في المناطق التي احتلتها.
وفي فترة وجيزة، تلقت “إسرائيل” ضربات متتالية من القطيعة الاقتصادية، إذ طالب 16 وزير خارجية أوروبي بسن قانون يفرض وضع ملصقات على بضائع المستوطنات، بحيث تكتب عبارة “تم إنتاجها في الضفة الغربية-مستوطنة إسرائيلية”، أو “تم إنتاجها في هضبة الجولان-مستوطنة إسرائيلية”، بدلًا من عبارة “صُنع في إسرائيل”، من أجل تمييز بضائع المستوطنات والحد من مبيعاتها في الأسواق الأوروبية، إضافة إلى ضمان حق المستهلك الأوروبي في معرفة منشأ السلع التي يشترونها.
الأثر التراكمي بين عامي 2014 و2024، في سيناريو المقاومة السلمية عبر المقاطعة سوف يكلف نحو 80 مليار دولار أمريكي للاقتصاد الإسرائيلي، منها 44 مليار دولار تسببت في خسارتها حركة المقاطعة
وفي ذاك الوقت، شهدت منتجات “إسرائيل” الزراعية تراجعًا في معدل الأرباح بما يتراوح بين 10 و20%. عدا عن ارتفاع تكاليف الاستيراد، فوفقًا للاتفاقيات التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي فإن غالبية المنتجات التي يتم تصنيعها في “إسرائيل” أو داخل مناطق السلطة الفلسطينية معفاة من ضريبة الجمارك، أما السلع التي يتم إنتاجها في المستوطنات تخضع لقوانين جمركية خاصة. غالبًا ما تتنوع منتجاتها بين الخضار والفاكهة الطازجة والعسل وزيبت الزيتون والنبيذ ومنتجات التجميل،
ذكر تقرير أصدرته “سي أن بي سي” الأمريكية، أن الأثر التراكمي بين عامي 2014 و2024، في سيناريو المقاومة السلمية عبر المقاطعة سوف يكلف نحو 80 مليار دولار أمريكي للاقتصاد الإسرائيلي، منها 44 مليار دولار تسببت في خسارتها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، المعروفة باسم “البي دي أس”. وهي محاولة لتقليد الطريقة التي قاطع بها الأوربيون منتجات جنوب إفريقيا إبان الفصل العنصري، إذ امتنعت تلك الشعوب عن شراء سلع من أي بلد يخالفوه في توجهاته وقناعاته السياسية أو الإجتماعية.
ومع ذلك، لا توجد بيانات رسمية أو دقيقة حول حجم صادرات المستوطنات الإسرائيلية، ولكن ذكر الموقع الأوروبي “إي يو أوبزرفر” أن الاتحاد الأوروبي يستورد حوالي 30 مليار يورو سنويًا من البضائع الإسرائيلية، ولا تعرف مقدار ما يأتيها من المستوطنين، إلا أن البنك الدولي قدر حجمها عام 2012 بـ 230 مليون يورو، إضافة إلى المصادر الأخرى التي أفادت أن الدول الأوروبية تستورد من منتجات المستوطنات 15 ضعف ما تستورده من المنتجات الفلسطينية.