ترجمة وتحرير: نون بوست
يكتب الكثير من الأشخاص يومياتهم لأنها تساعدهم على التفكير الواعي، وقد تبيّن أيضا أنها تمكنهم من تطوير المهارات القيادية.
ربّما سمعت عن كيفية تعزيز كتابة اليوميات لرفاهية صحتك العقلية، وبغض النظر عما إذا كان الأمر يتضمن كتابة ما أنت ممتن بشأنه أو انطباعك في نهاية اليوم فإن ذلك يساعدك أيضًا في أن تصبح قائدًا أفضل. ويعد الاحتفاظ باليومية أحد أكثر الطرق فعالية للتفكير في تجربتك اليومية واتخاذ قرارات أكثر صلابة ودقة.
لكن الأمر الوحيد الذي يجب الحذر بشأنه هو إذا كانت كلمة “يوميات” تعيد للذهن الرؤى حول الندوات الغريبة لمساعدة الذات والمذكرات المقفلة بالقفل والمفتاح، فقد حان الوقت للتخلص من هذه الصور النمطية. يجب أن تتمحور كتابة اليوميات حول اعتبار أفكارك أداة قوية للتطور سواء كنت تقود فريقًا يتكون من ثلاثة أشخاص أو 300 شخص.
فوائد كتابة اليوميات
وفقا لمؤسس شركة “إمبرايز” باس كونكه، يحتاج قادة اليوم لإتقان خمس مهارات شخصية: الاستماع الفعال، والتراحم الذاتي، والتعاطف، والحساسية، والصدق. لهذا السبب، تشكل اليومية مساحة خاصة وصريحة يمكن من خلالها استكشاف هذه المهارات وتعزيزها.
قد تكون قيادة الأفراد والمنظمات من الأعمال المتطلّبة، حيث تظهر الأبحاث أنه عندما ينهار القادة تحت الضغط تعاني الفرق بنفس القدر لكن كتابة اليوميات تعمل كصمام أمان يساعد على التخلص من التجارب المجهدة والتعامل معها.
تعتبر وجهة نظرك الفريدة كقائد ميزة خلاقة وتنافسية، إنها بمثابة المكون السري الذي يمكن أن يغير مسار مؤسستك بشكل كامل. وفي مقال نشرته مجلة “هارفارد بزنس ريفيو”، أشارت نانسي جيه. أدلر، رئيسة برنامج س. برونفمان للإدارة بجامعة ماكجيل، إلى أن كتابة اليوميات تمكنك من الوصول إلى الأفكار الخلاقة الكامنة تحت السطح.
تشير الدراسات إلى أن كتابة اليوميات تساهم في تقوية جهاز المناعة والتخفيف من أعراض التوتر والاكتئاب. وفي تصريح لها لصحيفة “تليغراف”، أفادت الدكتورة في علم النفس جين مكارتني بأن “الكتابة حول شيء ما توقف التفكير المستمر والهوس بشأنه ويمكن أن تساعدنا على فهم مزيج أفكارنا ومشاعرنا”.
قد تكون قيادة الأفراد والمنظمات من الأعمال المتطلّبة، حيث تظهر الأبحاث أنه عندما ينهار القادة تحت الضغط تعاني الفرق بنفس القدر لكن كتابة اليوميات تعمل كصمام أمان يساعد على التخلص من التجارب المجهدة والتعامل معها.
كيف يمكن البدء
إن كنت لا تعلم من أين تبدأ، احجز على الأقل من 20 إلى 30 دقيقة من جدولك واختر مكانا هادئا بعيدا عن الإزعاج، قم بإغلاق الإشعارات الرقمية وضع هاتفك بعيدا إن لزم الأمر. الآن يمكنك أن تقرر ما إن كنت ستستخدم أوراقا أو أحد الأجهزة الإلكترونية.
وفقا لبيانات شركة نيلسون، يقضي المواطن العادي الأمريكي أكثر من 10 ساعات يوميًا أمام الشاشة، لذلك من شأن الاحتفاظ بكراس يوميات أن يوفر استراحة أصبحت تمثل حاجة ملموسة في ظل هذا التوهج المستمر للشاشات
حسب خبراء على غرار أدلر، فإن الكتابة اليدوية لها فوائد أكثر بكثير من الطباعة أو الكتابة الإلكترونية، حيث يساعد وضع القلم على الورق إلى زيادة التركيز ونشاط الدماغ داخل القشرة الحركية مما يساهم في تحفيز الحالة الذهنية التأملية.
وفقا لبيانات شركة نيلسون، يقضي المواطن العادي الأمريكي أكثر من 10 ساعات يوميًا أمام الشاشة، لذلك من شأن الاحتفاظ بكراس يوميات أن يوفر استراحة أصبحت تمثل حاجة ملموسة في ظل هذا التوهج المستمر للشاشات. في المقابل، يستطيع معظمنا الطباعة بشكل أسرع بكثير من الكتابة، لذلك إن كنت أكثر ميلًا إلى الضغط على لوحة المفاتيح يمكنك الاحتفاظ بيومية رقمية، ولضمان الخصوصية عليك التأكد من الابتعاد عن مصادر الإلهاء قبل الانغماس في الكتابة.
ماذا أكتب؟
قد تكون الصفحة الفارغة أمرا مثيرا للإحباط. لهذا السبب، يحتاج الكثير منا إلى حافز حتى تنساب الكلمات. ومن ضمن الأمور الأخرى، تقترح أدلر الإجابة على هذه الأسئلة الثلاثة:
- كيف أشعر الآن؟
- ما هو شعوري تجاه مهاراتي القيادية؟
- ما هي أكثر الأفكار فظاعة التي سمعت عنها خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية؟ ما هو أكثر شيء أعجبك في ذلك؟
تشجع المديرة التنفيذية والمدربة القيادية، كريستي هغستاد، عملاءها على كتابة يومياتهم. وفي تقرير نشره موقع “هافينغتون بوست”، قدّمت هغستاد 25 حافزا يدفع نحو مزيد التفكير الشخصي. في تجربتي، الأسئلة هي مجرد اختبار حقيقي لأننا نجيب عن الأسئلة على أساس اهتماماتنا الحالية.
على الصعيد الشخصي، “ما الذي ألاحظه؟” إن هذا السؤال من أحد أسئلتي المفضلة. يمكن لهذه الجملة التي تبدو بساطتها مضلّلة أن تطلق العنان لوابل من الإجابات، ابتداء من القضايا التنظيمية والانتصارات وصولا إلى الأفكار والمشاعر المتجذرة. وأفضل ما في الأمر، نادرا ما يثير هذا السؤال الإجابة ذاتها مرتين.
متى أكتب؟
إذا لم تكن الصفحة الفارغة أو مؤشر الكتابة الوامض يثير إزعاجك، فيمكنك أيضًا تجربة الصفحات الصباحية التي قدمتها المؤلفة جوليا كاميرون في كتابها “طريق الفنان”. وتعتبر هذه الطريقة المفضلة بالنسبة لي لكتابة اليوميات.
كيف ما اخترت كتابة اليومية، يجب أن تتعلم أن الوقت الذي تقضيه في الكتابة سيعود عليك بفوائد هامة
يوميا، افتح عند وصولي إلى مكاتب غوتفورم ملفا إلكترونيا فارغا، ثم أكتب ثلاث صفحات من سيل الوعي، غالبا ما تبدأ بشكاوى سخيفة أو بملاحظات تافهة لكني أستمر دون وضع رقابة عليها. في نهاية المطاف، تتحول الثرثرة السطحية إلى مواضيع أكثر متانة قد تتعلق باستراتيجية جديدة أو مفهوم مميز أو حتى قائمة من المهام. >في بعض الأحيان، قد تبقى أفكاري مختلطة لكن هذا أيضًا أمر لا بأس به، فمع مرور الوقت يمكن أن تنتج هذه الممارسة فوائد هائلة تتراوح بين تعميق إبداعك وتقوية الحدس وتوضيح وجهة نظرك. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون الكتابة في نهاية اليوم أمرا فعالا، حاول كتابة بعض الصفحات المسائية لمعالجة أفكارك وتصفية ذهنك. وأوضحت الأستاذة فرانشيسكا جينو وزملاؤها في ورقة عمل لكلية هارفارد للأعمال بأن تخصيص 15 دقيقة للتفكير في نهاية يوم عمل مزدحم يمكن أن يعزز الأداء.
كيف ما اخترت كتابة اليومية، يجب أن تتعلم أن الوقت الذي تقضيه في الكتابة سيعود عليك بفوائد هامة. قد تكون مواجهة نفسك أمرا غير مريح خلال كتابة بعض الصفحات لكن هذا يمكنه تحفيز النماء والابتكار، تمامًا مثلما يحصل حين ترتدي الحذاء الرياضي وتصعد على جهاز الجري. سواء شئت أم أبيت، لا يمكنك الجلوس وانتظار الإلهام وإنما عليك دمج كتابة اليوميات في روتينك اليومي وتخصيص وقت لسماع صوتك الداخلي الفريد.
المصدر: فاست كومباني