شهدت السنوات الأخيرة في عالم التكنولوجيا تطورات سريعة ومتلاحقة، كان إحداها نمو سوق الألعاب الإلكترونية بشكل غير مسبوق، فعلى ما يبدو، لم تعد هذه التطبيقات والبرامج مجرد نشاطات ترفيهية، وإنما صناعة مزدهرة تسعى شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل جوجل وآبل، إلى احتكارها والتهام أرباحها وحدها، وسط بيئة تنافسية شديدة.
تحتوي متاجر آبل وجوجل الإلكترونية على أكثر من 300 ألف لعبة، وتربح كلتا الشركتين ما بين 15 إلى 30% من المشتريات التي تتم بواسطة الأجهزة المحمولة. ويوجد كذلك، أكثر من ملياري لاعب رقمي حول العالم، أي ما يقرب من ثلث سكان العالم، ويشمل هذا الرقم المستخدمين الذين يلعبون بالمجان على الهواتف وأجهزة الحاسوب.
حجم السوق.. منطقة الشرق الأوسط الأكثر نموًا
وفقًا لبيانات “Market Research Future”، فإن سوق الألعاب الإلكترونية نما بوتيرة سريعة، من أصغر سوق رقمي إلى صناعة بمليارات الدولارات، حيث تأتي نصف العائدات من ألعاب الهاتف المحمول، وهي مصدر الدخل الأكثر نموًا في صناعة الألعاب الإلكترونية، فمع انتشار الهواتف الذكية في أيدي الغالبية، ازداد الطلب وتضاعفت عمليات الشراء والاشتراك الخاصة بالألعاب الرقمية.
تعدّ منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكبر وأسرع سوق لألعاب الهاتف المحمول على مستوى العالم بسبب ارتفاع جودة الاتصالات الحاسوبية في تلك المناطق وتطوّر تكنولوجيا الـ 3G-4G، وتوفرها للمستخدمين من الطبقة المتوسطة في المجتمع. تليها أمريكا الشمالية كثاني أكبر منطقة في سوق ألعاب الهواتف الذكية، من حيث اللاعبين والمشترين على حد سواء. أما السوق الأوروبي، فمن المتوقع أن يظهر نمواً معتدلاً بسبب عدم رغبة السكان في الدفع من أجل تنزيل الألعاب أو الدخول إلى تطبيقاتها حتى.
تركيا تأتي في المرتبة الـ 16 من حيث حجم سوق الألعاب في العالم، والذي تم تقديره بحوالي 138 مليار دولار في عام 2018، إلى 180 مليار دولار بحلول عام 2021
وفيما يخص منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يفيد تقرير نشرته “LAI Global Game Services بأن بلدان تلك المناطق تعد “موطن الألعاب الأكثر نشاطًا في العالم”، حيث تتمتع بأعلى معدل نمو على مستوى العالم، بنسبة 25% في السنة مقابل 9.2% في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، و4% في أمريكا الشمالية. تأتي هذه الإمكانات من أن نصف سكانها -نحو 400 مليون شخص- تقل أعمارهم عن 25 عامًا، وذلك عدا عن أن سكان منطقة الخليج يتمتعون بقدرة شرائية كبيرة، مقارنة بالدول الأخرى.
من جانب آخر، تعتبر مصر والإمارات العربية المتحدة وتركيا والسعودية من أكبر الأسواق، حيث تمثل تركيا أكثر من 60% من سوق الألعاب في المنطقة، كما تشير البيانات إلى أن تركيا تأتي في المرتبة الـ 16 من حيث حجم سوق الألعاب في العالم، والذي تم تقديره بحوالي 138 مليار دولار في عام 2018، إلى 180 مليار دولار بحلول عام 2021، وتليها السعودية في المرتبة الـ 17 عالميًا.
فرصة استثمارية
بحسب تقرير نشرته SuperData، حقّقت الألعاب الإلكترونية إيرادات بلغت 118 مليار دولار خلال عام 2018، وجاء أكثر من نصف ذلك (61.3 مليار دولار) من ألعاب الهواتف المحمولة، ومن المتوقع أن يصل حجم الإنفاق على هذه الألعاب في نهاية العام الحالي نحو 152.1 مليار دولار، و174 مليار دولار بحلول عام 2021، ما يمثل زيادة بنسبة 9.6% على أساس سنوي.
في ألمانيا، على سبيل المثال، خصصت الحكومة 50 مليون يورو من ميزانيتها لعام 2019 لإنشاء صندوق للألعاب. أما في السويد، تعد لعبة Sweden Game Arena شراكة بين القطاعين العام والخاص. وفي حين أن هذه الأرقام قد تقزّم استثمارات اللاعبين التجاريين أو الماليين، فإن اهتمام الحكومات المفاجئ في فضاء الألعاب الإلكترونية يشير إلى كيفية تحول صناعة الألعاب من حيز ترفيهي محدود إلى سوق مربح ماليًا ومغري تجاريًا، فلا عجب إذن من هذا الاهتمام، ولا سيما بعدما توقع الخبراء أن يحقق قطاع الألعاب الإلكترونية نحو 196 مليار دولار من العائدات بحلول عام 2022.
ومع وجود التنبؤات التي تشير بأن سوق ألعاب الهواتف الذكية سيصل إلى 60% من حصة السوق في نهاية العام الجاري، ينظر العديد إلى هذه التحولات الرقمية كفرصة تجارية للاستثمار والاستحواذ، بطريقة آمنة ومربحة في نفس الوقت، سواء على صعيد الأفراد أو الشركات أو الحكومات.