لا تحاربوا داعش في العراق وتتجاهلوها في سوريا!

ترجمة وتحرير نون بوست
خلال العامين الماضيين، كثير من الساسة، وأنا منهم، جادلنا مرارًا وتكرارًا من أجل استخدام القوة في سوريا، ولكن دون جدوى، وسخر منا بتهمة أننا دعاة للحرب، وبأننا لا نفهم أن القوة ليست الحل لكل مشكل ولا يتم استخدامها إلا في الدفاع عن المصالح الحيوية للولايات المتحدة، وبأن القوة تستعمل في حالات خاصة جدًا.
فجأة وفي غضون أسبوع، بدأت الإدارة تفكر في استخدام القوة في العراق، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، ضد الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش)، وهذا التغيير المفاجئ للأحداث يتركنا في حيرة من أمرنا.. فلماذا تهديد “داعش” في العراق يهدد المصلحة الحيوية للولايات المتحدة ولا تهددها الحرب الأهلية البشعة في سوريا التي تسببت في زعزعة استقرار لبنان والأردن والعراق؟
وأظن أن المسئولين في البيت الأبيض يقدمون ثلاثة أسباب لهذا التدخل:
السبب الأول: أن مقاتلي “داعش” في العراق يتبعون تنظيم القاعدة، ولكن الخبراء توقعوا منذ أكثر من سنة أن عدم التدخل بفاعلية في سوريا، سيمكن “داعش” من إقامة دولة إسلامية في شرق سوريا وغرب العراق، فلماذا لا يتم التدخل في سوريا، حيث سيعزز القضاء على داعش من فرص نجاح المعارضة المعتدلة؟!
السبب الثاني: قد يقول البيت الأبيض إن الحكومة العراقية طلبت المساعدة وهو ما يجعل استخدام القوة مشروعًا بموجب القانون الدولي، في حين أن نفس هذا القانون الدولي يجب تطبيقه مع سوريا التي بدأت عملية القتل، ونشرت عمدًا لهيب الحرب الأهلية، ولم تسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، وبالرغم من كل ذلك تعترض الولايات المتحدة على استخدام القوة ضدها.
السبب الثالث: أن البيت الأبيض وبعد حرب دامت لمدة عشر سنوات في العراق، بتكلفة رهيبة تاركة حكومة ضعيفة وغير مستقرة مما يلزمها بدعمها لضمان الاستقرار في المنطقة، ولكن استقرار المنطقة سبق تهديده من الحكومة السورية التي تسببت في زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وهكذا فإننا نرى البيت الأبيض أعمى مع معاناة الشعوب وهو لا ينظر إلا إلى مصالحه ويكيل دومًا بمكيالين حفاظًا على مصالحه الاستراتيجية، والسكوت على ذبح المواطنين ورميهم بالأسلحة الكيميائية والقنابل سيزيد من العنف والتعصب في كامل المنطقة، كما أن السماح للحكومة السورية بمواصلة ارتكاب أسوأ الجرائم ضد الإنسانية منذ رواندا، واختيار رئيس الوزراء المالكي بالرغم من عدم اضطلاعه بمهامه لصالح مواطنيه سيفتح الباب على مصراعيه لنجاح التنظيمات الإرهابية ونجاح مقاتلي “داعش” في منطقة يسودها ظلم الحكومات وظلم المجتمع الدولي.
الرئيس أوباما ينبغي أن يسأل نفس السؤال في العراق وسوريا، ما هو أفضل مسار يمكن القيام به في سوريا والعراق على المدى القصير وعلى المدى الطويل للشعب العراقي والسوري؟ ما هو المسار الذي يجب اتخاذه لوقف العنف والبؤس؟ وما هو أفضل مسار لإعطاء فرصة للسلام والازدهار؟
الإجابة على تلك الأسئلة ربما تورطنا في استخدام القوة على الفور ولكن على أساس محدود، في كلا البلدين، ما يكفي من القوة لتذكير جميع الأطراف أننا نستطيع إجبار الحكومات والمتمردين على حد سواء على الجلوس على طاولة المفاوضات. ما يكفي من القوة لخلق فسحة للأمل.