تحديات أمنية كبيرة ما تزال تواجه الإدارة السورية الجديدة، تتمثّل في بذل جهود لإعادة بناء الجيش السوري وتطوير قدراته في ظلّ الوضع الاقتصادي المتردّي، وعدم وجود ترسانة عسكرية يمكن الاعتماد عليها ضدّ الأخطار الكبيرة، بعد تعمّد إسرائيل تدميرها منذ سقوط الأسد، ما يضع الحكومة أمام مخزونٍ قليلٍ مرجّح النفاد بعد فترة قصيرة، في ظل العقوبات المفروضة على سوريا، والتي تمنع استيراد الأسلحة وصيانتها.
بالمقابل، ما تزال عقيدة الجيش السوري الجديد محطّ اهتمام المراقبين، بالنظر إلى تعدّد ولاءات الفصائل العسكرية والتنظيمات المنتشرة على الأراضي السورية، إضافة إلى الأسلحة التي ما تزال الفصائل والتنظيمات تحتفظ بها، رغم إعلان انضمامها إلى الجيش السوري الجديد.
اندثار الترسانة العسكرية
كان يمكن للإدارة الجديدة أن ترث تركة نظام الأسد البائد، تراكمت عبر عقود من طائراتٍ حربية، ودبّابات، ومعدّات، ومواقع، ومنشآت، وأسلحة صاروخية، وأسطول بحري، لولا أن ركّز الاحتلال الإسرائيلي على تدمير تلك الترسانة العسكرية الضخمة.
فمنذ سقوط النظام، شنّ الاحتلال الإسرائيلي حملة قصف واسعة، وُصفت بأنّها “أكبر العمليات الهجومية في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي”، طالت مواقع ومطارات عسكرية سورية من الشمال حتى الجنوب، ضمن عملية أُطلق عليها اسم “سهم باشان”، في إشارة إلى الاسم التوراتي لجنوب غرب سوريا، مستهدِفة أكثر من 320 هدفًا في جميع أنحاء سوريا خلال 48 ساعة تقريبًا.
ومن ضمن تلك الأهداف: تدمير البنية التحتية العسكرية، والمطارات العسكرية، ومراكز البحوث العلمية، وأسراب طائراتٍ مقاتلة من نوعَي “الميغ” و”السوخوي” بشكل كامل، وعشرات المروحيات، والمراكز التي تحتوي على أسلحة كيميائية، وكذلك الثكنات العسكرية التي تحتوي أسلحة ثقيلة وصواريخ بعيدة المدى.
إضافةً إلى تدمير سلاح البحرية الإسرائيلي أسطولَ الجيش السوري في ميناء اللاذقية وميناء البيضا في المحافظة ذاتها، واللذين يحتويان على العشرات من صواريخ “بحر- بحر”، لتصل نسبة تدمير القدرات العسكرية الاستراتيجية السورية إلى أكثر من 70 بالمئة، حسب ما ذكرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
يشير موقع Global FirePower، المتخصص في رصد القدرات العسكرية، إلى أن إجمالي الطائرات الحربية السورية 452، بينها 271 طائرة لديها جاهزية عمل مباشرة، ومن بينها 101 مقاتلة، و16 طائرة مروحية.
فيما بلغ عدد الدبابات القتالية قبل سقوط النظام 2720 دبّابة، بينها أكثر من 1700 دبّابة جاهزة للقتال، بالإضافة إلى أكثر من 1500 قوّة مدفعية، و400 راجمة صواريخ تقريبًا.
أمّا الأصول البحرية، فتبلغ نحو 47، بينها 33 سفينة دوريات، و7 طرّادات لزرع الألغام، موزّعة على طول الساحل السوري بين محافظتي اللاذقية وطرطوس على البحر الأبيض المتوسط، بطول 183 كيلومترًا.
ومن المعلوم أن سوريا حصلت على معظم معدّاتها البحرية من الاتحاد السوفييتي، إذ توفّر روسيا خدمات الصيانة وتحديث المعدّات، وخاصة لأسطول المروحيات السوري، وفقًا لعقودٍ سبقت اندلاع الثورة السورية.
وتشغّل البحرية السورية سفينتين مرافقتين من طراز المشروع 159 (فئة بيتيا 2)، من صنع الاتحاد السوفييتي، بطول 81.8 مترًا ووزن 950 طنًا، وهما مسلّحتان بأربعة مدافع عيار 76.2 ملم، وعشرة أنابيب طوربيد مقاس 16 بوصة، وقاذفتي صواريخ من طراز RBU-6000. وقد أعادت روسيا تجهيز هاتين السفينتين في عام 2000.
كما تمتلك البحرية السورية 3 سفن من “مشروع 771” (فئة بولنوسني-بي)، وستة عشر طرّادًا صاروخيًا هجوميًا سريعًا، و4 كاسحات ألغام، 3 منها كاسحات ألغام ساحلية ومينائية ونهريّة.
وخسر الجيش، الذي صنّفه موقع Global Firepower في المرتبة 60 عالميًا عام 2024، نحو 170 ألف جندي، ومعظم تلك القوّة الضاربة، في تصنيف العام 2025.
أمام ما تمّ تدميره، وخاصة منظومة الدفاع الجوي وسلاح الجو السوري، رغم قدمه مقارنةً بتطوّر السلاح الجوي في العالم، بات اليوم خارج نطاق المعادلة العسكرية في المنطقة.
ما يعني أن خيارات الحكومة السورية الجديدة محدودة في كيفية إعادة بناء تلك القدرات أو جزء منها على الأقل، في ظلّ المخاوف الإسرائيلية، وما إذا سيكون هناك أيّ توافق دولي على رفع العقوبات المفروضة على سوريا، المتعلّقة بمنع استيراد الأسلحة وصيانتها، واستيراد مواد تدخل في تصنيعها، أو استقدام خبراء يساهمون في صيانتها من جهة، وما يمكن أن يؤدّيَه ذلك من اضطرار إلى التعامل والتوجّه مجددًا نحو روسيا، باعتبار أن سلاح الجو السوري يعتمد على التسلّح الشرقي، أي الروسي، ويحتاج إلى قطع الصيانة والخبرات الروسية في هذا الإطار، وبالتالي احتمالية أن يلحق هذا التوجّه تنازلات من الدولة الناشئة هي بغنى عنها.
لكن مع العروض التركية، وانفتاح الطرفين السوري والتركي على بعضهما، ربّما تتّجه أنظار دمشق نحو أنقرة في مسألة إعادة الترسانة العسكرية أو ترميم جزءٍ منها، لا سيّما أن البنية التحتية للصناعات العسكرية التركية متميّزة، إضافة إلى الخبرة الكبيرة لتركيا “العضو في حلف الناتو” في تنظيم الجيوش والقدرات الدفاعية.
وكانت صحيفة “حرييت” التركية، أشارت إلى عزم تركيا تعيين مستشار عسكري للجيش السوري الجديد خلال المرحلة المقبلة، وذلك في ظلّ تعهّد أنقرة بدعم قدرات البلد الجار على الصعيدين الأمني والدفاعي.
وأضافت الصحيفة، أن تركيا تعتزم المساهمة في إعادة هيكلة الجيش السوري، وتزويده بمنتجات صناعتها الدفاعية المتطوّرة لتعزيز قدراته، كما سيتم تعيين مستشار عسكري تركي للجيش السوري، بجانب الملحق العسكري التركي المتواجد في دمشق.
لا يستبعد الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش، توقيع اتفاقيات دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فحسب تعبيره، إنّ تركيا يمكن أن تقدّم المساعدة لسوريا على أكثر من مستوى، سواء على مستوى تقديم الاستشارات أو إعادة بناء مؤسّسة عسكرية محترفة، وصولًا إلى حدّ تسليح الجيش السوري الجديد.
وفي حديثه لـ”نون بوست”، أشار الخبير الإستراتيجي، العقيد مالك الكردي، إلى أن التشكيلات والنموذج العسكري السوري سيكون وفقًا للنظام الشرقي السابق، حيث ستُستخدم الأسلحة الروسية المتبقية من الجيش السابق، بعد إصلاح العتاد والسلاح بخبرات محلية، والاعتماد على توريد بعض قطع الغيار من روسيا، وربما بعض العتاد والسلاح، ولكن بشكل محدود.
متوقّعًا أنه سيكون هناك انفتاح على السلاح الغربي، وخاصة التركي، وهذا يتطلّب تنظيم بعض التشكيلات وفقًا لهذا الأساس.
ويضيف الكردي أن الحرب خلال مراحل الثورة السورية أنتجت تكتيكًا جديدًا، واستخدامات جديدة للأسلحة والعتاد، ممّا يجعلها دروسًا مستفادة تفرض نفسها على الواقع الجديد، لإجراء تعديلات جوهرية في بنية التنظيم العسكري.
عقيدة الجيش السوري الجديد
تُعرَف العقيدة العسكرية بأنّها المذهب العسكري الذي تتّخذه الدولة لبناء جيشها وتحديد استخدامه في زمن السلم والحرب، وتأسيس كل مجالات الدولة العسكرية، وبمعنى أعمّ، هي مُجمل المفاهيم والمبادئ والسياسات والتكتيكات والتقنيات والتدريبات والأساليب المُستخدمة أو المُتّبعة لضمان كفاءة تنظيم وتدريب وتسليح وإعداد وتوظيف المؤسّسة العسكرية لوحداتها التكتيكية والخدمية.
وتختلف العقيدة القتالية الشرقية عن الغربية، فالنظرة الشرقية لمسرح الحرب تركّز على التمسّك بالمكتسبات الإستراتيجية، ومواجهة العدو في مكان وزمان مختارَين بعناية، وتجهيز أرض المعركة بأفضل شكلٍ ممكن، وهي عقيدة تُضحّي بالمرونة التكتيكية على أرض المعركة لصالح المرونة الإستراتيجية، فهي تدفع بالأعداد البشرية الهائلة، في مقابل الحرص على المعدّات، التي هي نقطة ضعفها في مقابل الغرب.
في حين تركّز النظرة الغربية أكثر على حرب خاطفة، وذلك راجع أساسًا إلى قوّة تأثير الرأي العام على القرار السياسي مدنيًا وعسكريًا، وهو ما يجعل العقيدة العسكرية الغربية مستعدّة للتضحية بالآليّات والجوانب المادية، في حين تحرص -في المقابل- على الحفاظ على الأرواح، فغضبة المجتمع في هذا الشأن كاسحة.
لم يتمّ الإعلان عن العقيدة القتالية للجيش السوري الجديد بشكلٍ رسميّ ومفصّل في الإعلان الدستوري، ومن المرجّح أن يواجه الجيش السوري الناشئ مشكلة في تلك العقيدة، نظرًا لتعدّد ولاءات التنظيمات العسكرية المنضمّة إليه، كفصائل الجيش الوطني الموالية لتركيا، وغرفة عمليات الجنوب بدرعا، والتي تتمتّع بعلاقات جيدة مع روسيا والأردن، وبعض فصائل السويداء، وقوات سوريا الحرة الموالية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، إضافة إلى قوات “قسد” الكردية المزمع اندماجها في الجيش السوري.
وحسب دراسة بحثية، فإنّ الإيدولوجيا والرؤى لمستقبل سوريا، والتحالفات الأجنبية، والانتماءات العرقية والدينية، هي ما يُعدّ عائقًا كبيرًا أمام أيّ محاولة لتوحيد الفصائل والتنظيمات العسكرية السورية في جيش واحد، فكثير من عناصر هذه الأجسام العسكرية يدينون بالولاء لقادتهم الميدانيين أكثر من الدولة السورية.
كما أن هناك تحدّيات تنظيمية لبناء الجيش السوري، متعلّقة بمدى انضباط العناصر، كون قسمٍ كبيرٍ منهم لم يخضع لدورات عسكرية وفق الأنظمة المتّبعة عادةً في الجيوش الرسمية، تؤهّلهم للانخراط في مؤسّسة الجيش، هذا إلى جانب ضعف القدرة على تمويل هذا الجيش، في ظلّ إفلاس الخزينة العامة وضعف اقتصاد البلاد.
لكن في حال استطاعت الحكومة الجديدة تجاوز هذه التحدّيات، فإنّه يمكن رسم ملامح العقيدة القتالية المحتملة، والتي تتمثّل بالتوجّه الدفاعي، والتركيز على حماية الحدود والأمن الداخلي، ومواجهة التهديدات مثل تنظيم الدولة أو الجماعات الانفصالية، وهذا يتماشى مع التوجّه لتشكيل جيش احترافي من المتطوّعين، سريع الاستجابة، بدلًا من جيش تقليدي هجومي.
كما سيكون لافتًا تأثير الجارة تركيا، التي عرضت تدريب القوات، مع التركيز على مكافحة الإرهاب وضبط الاستقرار، إضافةً إلى التأثير الأيديولوجي، باعتبار أن هيئة تحرير الشام، العمود الفقري في تشكيل الجيش السوري، تحمل خلفية إسلامية سنّية، إلا أن وجود أجسام عسكرية متعدّدة المشارب، يتطلّب من دمشق تقديم صورة وطنية تراعي التوازنات الداخلية.
وحسب الباحث الكردي، فإنّ هذه المرحلة سيتمّ فيها التركيز على دمج الفصائل، وفقًا للمبدأ الذي يتوافق عليه جميع السوريين، وهو وحدة الأراضي السوريّة، ممّا يتطلّب أن يكون جيشها واحدًا موحّدًا.
ويضيف الكردي، أنه سيتمّ تأجيل وضع عقيدة الجيش إلى أن يتمّ تحقيق تنظيمه، وأن تتحدّد وتتوضّح السياسة العامة للدولة الوليدة، وتحدَّد علاقتها بشكلٍ واضح مع الأحلاف العسكرية الدولية والإقليمية. ولكن يمكننا القول -يتابع الكردي- إنّ العقيدة العسكرية للجيش السوري ستكون عقيدة خاصّة تجمع بين العقيدتين الشرقية والغربية، ولا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وتحقّق حدًّا معيّنًا لمقاصدها.
أسلحة باقي الفصائل
ينتشر السلاح في البلاد انتشارًا عموديًا بين الأقليات من جهة، والفصائل الإيديولوجية من جهةٍ ثانية، فمثلًا تنتشر قوات “قسد” المدعومة بسلاح أمريكي في شرق سوريا، وفي الجنوب هناك فصائل محافظة السويداء. أمّا من ناحيةٍ ثالثة؛ فينتشر السلاح أفقيًا على امتداد الجغرافيا السورية، باعتبار انتشار الفصائل في كل أراضي البلاد.
بالمقابل، يوجد أكثر من 60 فصيلًا مسلّحًا في مختلف مناطق البلاد، 41 فصيلًا ينضوي تحت مظلّة “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، والذي يضمّ ما بين 70 و90 ألف مقاتل، فيما يبلغ عدد مقاتلي قوات “قسد” 100 ألف مقاتل، ويُعتبَر الجسمان هما الأكبر من حيث العدد ونوعيّة التسليح في سوريا.
وتُعدّ تركيا هي المورّد الرئيس لتسليح الجيش الوطني، من أسلحة خفيفة ومتوسّطة، مثل البنادق الهجومية كـ AK-47 وM16، والرشّاشات، وقاذفات القنابل الصاروخية (RPG)، وقنابل يدوية، وأسلحة ثقيلة من مدافع هاون، ومدفعيّة ميدانية مثل مدافع D-30 عيار 122 ملم، وصواريخ مضادّة للدروع مثل TOW الأمريكية التي تمّ توفيرها في مراحل مبكرة عبر برامج دعم دولية، ثم إعادة توزيعها.
إضافةً إلى مركبات عسكرية، كعربات مدرّعة خفيفة، وشاحنات عسكرية، وفي بعض الحالات، دبابات مستعملة مثل T-62 أو T-55، تمّ الاستيلاء عليها من مخازن النظام السوري البائد، أو توفيرها عبر تركيا.
وأسلحة مضادّة للطائرات، مثل المدافع المضادّة للطائرات عيار 23 ملم (ZSU-23)، وبعض أنظمة الصواريخ المحمولة على الكتف (MANPADS)، مثل SA-7، على الرغم من أن استخدامها محدود بسبب سيطرة القوات التركية على المجال الجوي في المناطق التي كان ينشط فيها الجيش الوطني، عدا عن ذخائر ومعدّات لوجستية من قذائف مدفعيّة، وذخيرة متنوّعة، ومعدّات اتصالات حديثة مقدّمة من تركيا لضمان التنسيق مع قواتها، وطائرات مسيّرة.
أمّا تسليح قوات “قسد” فلا يقلّ أهمّية عن تسليح الجيش الوطني، باعتبار أن المورّد الرئيسي لها يأتي من الداعم الأمريكي والتحالف الدولي، وتشمل الأسلحة المقدّمة:
أسلحة خفيفة ومتوسّطة، من بنادق هجومية مثل M16 وAK-47، ورشّاشات ثقيلة مثل M2 Browning عيار 12.7 ملم، وقاذفات صواريخ (RPG-7)، وأسلحة مضادّة للدروع كالصواريخ الموجّهة BGM-71 TOW، التي تمّ توفيرها في مراحل مبكرة لمحاربة داعش، وصواريخ Javelin المضادّة للدبّابات.
إضافةً إلى مدفعيّة وهاون، ومركبات عسكرية مدرّعة، ومعدّات متطوّرة من أجهزة رؤية ليلية، وأنظمة اتصالات حديثة، وطائرات مسيّرة، عدا عن كميّات كبيرة من الأسلحة تمّ اغتنامها من معاقل داعش والنظام السوري البائد، في معارك مثل الرقة (2017) ودير الزور. وتشمل هذه الغنائم: دبّابات سوفيتيّة الصنع مثل T-55 وT-62، ومدفعيّة ثقيلة.
فيما اقتصر تسليح “الفيلق الخامس” التابع لأحمد العودة في درعا، والذي تولّت روسيا تسليحه، على دبابات T-62M القديمة، ودبّابات T-72B3، ودبّابات T-90A المطوّرة، إضافةً إلى مدافع رشّاشة، وشاحنات صغيرة مُثبّتة بمدافع أوتوماتيكية.
وبات حصر وجود السلاح بيد جهة الدولة فقط يشكّل أولويّة أساسية للمرحلة المقبلة، في ضوء تعدّد التنظيمات والفصائل السورية المسلّحة، وإمكانية أن تكون هذه التنظيمات قنابل موقوتة، في ضوء تنوّع ولاءاتها، ناهيك عن حالة الفوضى والفراغ السياسي الذي أعقب انهيار النظام، وهو ما يتطلّب بشكلٍ أساسي تسليم السلاح لمؤسّسة الجيش، مع دمج مقاتلي الفصائل والتنظيمات فيها بعد تأهيلهم.
ويتوقّع الخبير الكردي، أنه سيتمّ احتواء كلّ الفصائل تدريجيًّا داخل الجيش الجديد، حيث سيتمّ أولًا استيعاب العناصر مع أسلحتهم، وإدخالهم للجيش ككيانات جماعية، ثم يتمّ توزيعها على التشكيلات وفقًا للتخصّصات والمهامّ المُلقاة على التشكيلات، ويأتي بعدها مراحل عدّة من التنقّل، حتى يتمّ إحداث المزج الوطني، واستكمال التنظيم العسكري.
ختامًا.. لا يخفى أنّ أمام الإدارة الجديدة معوّقات بالغة الخطورة والحساسيّة، فيما يتعلّق بإعادة بناء جيشها، وإدماج التنظيمات المنتشرة على كامل التراب السوري، ومن ثمّ إعادة بناء ترسانتها العسكرية. وهذا يتطلّب مرونة في التعامل مع هذه التنظيمات وتوافُقات تكتيكية، إذ لا يكفي التوافُق الدولي والإقليمي على ضرورة دعم الاستقرار، الذي تقوده الإدارة الجديدة في ظلّ وجود ملفات داخلية شديدة التعقيد.