قد يبدو الأمر غريبًا بالنسبة لعدد ضخم من الناس، ولكن بالفعل، أربكت بطولة كأس العالم لكرة القدم 2014 المقامة حاليًا في البرازيل، كثيرًا من طقوس الحياة اليومية في اليمن الذي اعتاد مواطنوه على السهر في رمضان حتى ساعات الصباح الأولى، الأمر الذي حدث تمامًا مع متابعتهم لمباريات المونديال.
وتُبث مباريات المونديال ابتداءً من السابعة مساءً بتوقيت العاصمة اليمنية صنعاء حتى الثالثة فجرًا، حيث يصل فارق التوقيت بين المدن البرازيلية واليمن إلى ست ساعات كاملة.
كما أن جلسات القات (النبات المنشط المستخدم بكثرة في اليمن) تم ترحيلها من فترة العصر إلى المساء لمواكبة مواعيد بث المباريات ليلاً.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أن الدوائر الحكومية بدأت تشهد غيابات لبعض الموظفين في الفترة الصباحية بسبب متابعة المواجهات الكروية حتى ساعات الفجر.
ويقول مواطنون يمنيون إن مباريات المونديال أدخلتهم في أجواء شهر رمضان مبكرًا؛ حيث يعتاد اليمنيون على السهر في رمضان حتى ساعات الصباح الأولى، والنوم إلى فترة الظهيرة، وهو ما يحدث الآن بين المتابعين لمباريات المونديال.
ويحل شهر رمضان هذا العام أواخر الشهر الجاري، وتتزامن أيامه الأولى مع منافسات المونديال التي تنتهي في الـ 13 من يوليو المقبل.
الطالب جامعي أكرم محمد يقول إن “الأدوار التمهيدية الأولى لكأس العالم بمثابة بروفة لشهر رمضان، وأن اليمنيين سيعيشون 45 يومًا في أجواء رمضانية بسبب البطولة العالمية الأبرز”.
وكانت قد بدأت منافسات المونديال في الـ 12 من يونيو الجاري، الذي وافق الـ 14 من شهر شعبان بالتوقيت الهجري.
وأضاف أكرم أن “توقيت مباريات المونديال سيكون مناسبًا لنا في رمضان، الناس هنا متعودون على السهر ليلاً والدوام الوظيفي يتأخر إلى فترة الظهر، كما أن أغلب طلاب الجامعات والثانوية (مرحلة ما قبل الجامعة) سينهون امتحاناتهم مع بداية الشهر المبارك، ويتابعون المونديال بكل أريحية”.
إلا أن عددًا من اليمنيين “الحريصون على وظائفهم” وخاصة أولئك الذين لا يمضغون شجرة “القات” المنشطة والمساعدة على السهر، يضطرون لتفويت عدد من المباريات التي تبث في وقت متأخر من الليل، ويشاهدونها مسجلة في اليوم التالي.
الناقد الرياضي اليمني، منصور الجرادي، قال: “يروق لليمنيين متابعة التلفزيون أثناء فترة المقيل (وهي وقت الاستراحة وهم يمضغون نبتة القات من بعد الظهيرة وحتى العاشرة مساءً)، وبالتالي يجدون صعوبة حقيقية في متابعة أحداث كأس العالم في البرازيل هذه العام لتعارضها مع مواعيدهم”.
وينتشر القات – الذي تصنفه منظمة الصحة العالمية كنبات مخدر – في اليمن وخاصة بين الفقراء، وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن اليمنيين ينفقون قرابة 25 مليار ريال يمني (أي حوالي 156 مليون دولار تقريبًا) على القات سنويًا.
الجرادي أضاف قائلاً: “المزاج العام للمقيل تبدل وغيّر الكثير ممن يتعاطون القات أوقاتهم إلى المساء وتحديدًا مع الساعة السابعة مساءً بالتزامن مع بدء أول مباراة”.
ويقول رياضيون يمنيون إن مونديال فرنسا 1998، كان الأنسب لطقوس اليمنيين، نظرًا للفارق البسيط في التوقيت بين أوروبا ومكة المكرمة والذي لا يزيد عن الساعتين.
فيما ترك مونديال كوريا الجنوبية واليابان في عام 2002، انطباعًا سيئًا في ذاكرة اليمنيين، حيث كانت مبارياته تبث في الحادية عشر صباحًا والواحدة صباحًا أي في وقت يكون الناس في أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم.
ويتخوف يمنيون من أن يتسبب المونديال في فقدان البعض لوظائفهم بسبب السهر حتى الثالثة فجرًا لمتابعة آخر مباريات دور المجموعات والتغيب عن الدوام الصباحي.
وقال محمد الشرعبي، وهو موظف حكومي، لوكالة الأناضول: “حاليًا ننام ثلاث ساعات أو أربع وأحيانًا نضحي بالمباراة الأخيرة التي تبث في وقت متأخر، لكننا لن نفعل ذلك في الأدوار المتقدمة حيث سيزداد المونديال سخونة ولن نفرط في أي دقيقة منه”.
وإضافة إلى فارق التوقيت الذي حرم كثيرين من مشاهدة المباريات التي تبدأ في وقت متأخر، في بلد يشهد اضطرابات أمنية، تأتي مشاكل تقنية لتقف حائلاً آخر أمام متابعة اليمنيين للمونديال وأبرزها “التشفير”، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.
وفي هذا الإطار، قال الجرادي: “الكهرباء والتشفير والإنترنت عوامل أثرت كثيرًا في متابعة هذا المونديال .. يحاول بعض اليمنيين متابعة المباريات ولو مسجلة عبر اليوتيوب في اليوم التالي للمباراة”.
وتشهد أنحاء اليمن على فترات متقطعة تفجيرات واستهداف لموظفين وأفراد جيش وشرطة، وتندلع مواجهات عسكرية بين قوات حكومية وعناصر تنظيم القاعدة في محافظات جنوبية، أبرزها أبين وشبوة، كما تشهد محافظة عمران، شمالي البلاد، في الفترة الأخيرة، مواجهات دموية بين الحوثيين وقوات الجيش.