بدأت المملكة العربية السعودية تكثيف تحركاتها الاقتصادية والسياسية في شرق أفريقيا، في ما يمكن وصفه بعودة قوية إلى هذه المنطقة الاستراتيجية، التي تحظى باهتمام متزايد وتنافس مستمر بين قوى عالمية وإقليمية.
على الصعيد الاقتصادي، استحوذت شركة سعودية كبرى على مشروع ميناء باجامويو العملاق في تنزانيا، كما وقّعت شركة بوابة البحر الأحمر الدولية – التابعة لصندوق الثروة السيادية السعودي – الأسبوع الماضي مذكرة تفاهم مع حكومة جيبوتي لإدارة ميناء تاجورة لمدة 30 عامًا.
في الوقت نفسه، تحدثت تقارير عن قرب ضخ استثمارات سعودية بمليارات الدولارات في ميناء عصب الإريتري، وهو ما قد يُشير إلى تحول استراتيجي عميق في منطقة القرن الأفريقي. أما على المستوى السياسي، فقد قام نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، بجولة إقليمية شملت إثيوبيا وكينيا وجنوب السودان وتشاد.
اتفاقيات كبرى واستحواذات ضخمة
نُشر الخبران الأول والثاني المتعلقان بالموانئ عبر منصات إخبارية موثوقة، بينما لم يتأكد رسميًا حتى الآن استحواذ السعودية على ميناء عصب في إريتريا، سواء من الجانب السعودي أو الإريتري، لكنه ورد في موقع “إريتريا فوكس”، وهي مؤسسة بحثية مقرها لندن، تُركز على انتهاكات حقوق الإنسان في إريتريا، وذلك استنادًا إلى مصادر غير محددة.
في المقابل، يُعتقد أن جولة نائب وزير الخارجية السعودي مرتبطة إلى حد كبير بالملف السوداني، خاصة أن سفير المملكة لدى السودان، علي حسن جعفر، رافق الرجل الثاني في الدبلوماسية السعودية خلال الزيارة، ومع ذلك لا يمكن فصل هذه الجولة عن التحركات السعودية الأوسع في شرق أفريقيا.
ذلك أن غياب المملكة – وهي الدولة الخليجية الأكبر والأكثر تأثيرًا – فتح المجال أمام الإمارات للعب دور محوري في المنطقة، من خلال نسج شبكة تحالفات مع قادة العديد من دول الإقليم، مثل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والرئيس الكيني وليام روتو، ورئيس جنوب السودان، ورئيس تشاد محمد إدريس ديبي، وجميعها دول شملتها جولة الوفد الدبلوماسي السعودي رفيع المستوى.
وتزامنًا مع التسريبات بشأن الصفقة السعودية-الإريترية الوشيكة الخاصة بميناء عصب، نشرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) الأسبوع الماضي خبرًا عن تلقي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رسالة خطية من الرئيس الإريتري إسياس أفورقي، تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين.
وخلال زيارته إلى الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أجرى الرئيس أفورقي حوارًا مع صحيفة الشرق الأوسط المملوكة للسعودية، قال فيه: “إن الشراكة السعودية-الإريترية استراتيجية تكاملية شاملة، وفق خطة تنموية جادة بتوقيتات محددة. ونطمح إلى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية، وتوسيعها لتشمل منطقة القرن الأفريقي، في مجالات الأمن والصناعات التحويلية”.
وأضاف أن السعودية هي الدولة الخليجية الأجدر والأقدر على إقامة علاقات مستقرة مع إريتريا، نظرًا لاشتراك الدولتين في البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن إريتريا عضو مؤسس في مجلس الدول العربية والإفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، الذي تستضيفه الرياض.
السعودية تقتحم سوق الموانئ الأفريقية
حتى وقت قريب، كانت إريتريا، بقيادة إسياس أفورقي، تتمتع بعلاقات جيدة مع الإمارات، حيث لعبت الأخيرة دورًا محوريًا في توقيع اتفاق السلام بين إريتريا وإثيوبيا عام 2018، غير أن هذا الاتفاق تعرض لانتقادات، إذ اعتُبر اتفاقًا شخصيًا بين الرئيس الإريتري ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وسرعان ما تدهورت العلاقات بين الزعيمين، لتصل حاليًا إلى مرحلة انقطاع التواصل، وسط أحاديث عن حرب جديدة محتملة بين البلدين الجارين.
بلغت العلاقات بين إريتريا والإمارات ذروتها عام 2015، عندما أبرمت أبو ظبي اتفاقية مع أسمرة، سمحت بموجبها بإنشاء قاعدة عسكرية ضخمة في إريتريا، بهدف نقل الأسلحة الثقيلة والقوات السودانية إلى اليمن، حيث كانت الإمارات تقاتل ضمن التحالف الذي تقوده السعودية.
وكشف موقع ستراتفور الاستخباراتي أن عقد الإيجار كان لمدة 30 عامًا، كجزء من اتفاقية الشراكة المبرمة بين الطرفين، وذلك لإنشاء قاعدة عسكرية إماراتية في ميناء عصب، بالإضافة إلى مطار عصب المجاور، الذي يتميز بسطحه الصلب ومدرج طوله 3500 متر، قادر على استقبال طائرات نقل ضخمة، من بينها طائرات “بوينغ سي-17 غلوب ماستر 3” التي يستخدمها سلاح الجو الإماراتي.
إلا أن الإمارات فكّكت قاعدتها في عصب عام 2021، تزامنًا مع وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السلطة، حيث سارع إلى إعلان وقف دعم العمليات العسكرية في اليمن، وقد كان تفكيك القاعدة الإماراتية، إلى جانب عوامل أخرى، سببًا في توتر العلاقات بين الإمارات وإريتريا.
ويرجح أن الإمارات أقنعت السعودية آنذاك بأهمية استغلال قاعدة عصب في الحرب على الحوثيين، حيث جرفت أجزاءً من ميناء المدينة، وحسّنت مدرج الطائرات بطول 3.5 كيلومترات، لتسهيل هبوط طائرات الدعم الثقيل.
هل تحاصر السعودية النفوذ الإماراتي؟
مؤخرًا، وبعد توتر العلاقات بينه وبين الإمارات، اتجه الرئيس الإريتري إسياس أفورقي نحو السعودية، التي يبدو أنها أحسنت استغلال الفرصة، فإريتريا تتمتع بموقع استراتيجي مهم على أحد أهم طرق الملاحة البحرية في البحر الأحمر، عبر مضيق باب المندب.
إلى جانب ذلك، يمتلك الرئيس الإريتري ثقلًا كبيرًا في المنطقة لا يمكن تجاهله، واحتضانه يمثل نقطة محورية في جهود السعودية للحد من النفوذ الإماراتي المتزايد في القرن الأفريقي والقارة الأفريقية بشكل عام.
خلال السنوات الأخيرة، شهدت الإمارات تمددًا كبيرًا في أفريقيا، مع تركيز خاص على قطاع الموانئ، حيث استحوذت على عدة موانئ في شمال القارة، مثل مصر والجزائر، بالإضافة إلى استثماراتها في السنغال بغرب أفريقيا، وأرض الصومال وتنزانيا في القرن الأفريقي، وموزمبيق في الجنوب.
أثارت الاستثمارات الإماراتية، وخاصة في قطاع الموانئ، العديد من التساؤلات حول أهداف أبو ظبي من سعيها للاستحواذ على الموانئ في أفريقيا وغيرها، فقد تم إلغاء اتفاقيات معها من قبل، مثلما حدث في جيبوتي، التي أنهت في عام 2018 اتفاقية مشروع مشترك بينها وبين “موانئ دبي العالمية” لإدارة ميناء دوراليه.
وقالت جيبوتي آنذاك إن “موانئ دبي العالمية” تقاعست عمدًا عن تطوير محطة الحاويات، وحولت مسارات الشحنات لتمر عبر ميناء جبل علي في دبي، وفقًا لتقرير نشرته رويترز.
وفي الولايات المتحدة، اضطرت “موانئ دبي العالمية” إلى بيع كامل حصص شركة “بي أند أو” التابعة لها عام 2007 إلى مجموعة “أي آي جي” الأمريكية، بعدما أثارت الصفقة جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية الأمريكية، فقد كانت “بي أند أو” تدير ستة موانئ أمريكية في ولايات مختلفة، وكان من المقرر أن تنتقل إدارتها إلى “موانئ دبي العالمية”، وهو ما أثار مخاوف لدى أعضاء ومسؤولين في الكونغرس الأمريكي بشأن الأمن القومي، مما دفعهم إلى إصدار تشريع يمنع إتمام الصفقة.
على الجانب الآخر، وفي إطار توسع المملكة في استثماراتها الخارجية، وقّعت الشركة السعودية الأفريقية للاستثمار والتنمية (SADC) اتفاقية مع السلطات التنزانية بشأن مشروع ميناء باجامويو في تنزانيا، وذلك تزامنًا مع جهود السعودية لتعزيز مكانتها كمركز لوجستي عالمي.
أكد رئيس اتحاد الغرف السعودية، حسن بن معجب الحويزي، أن السلطات التنزانية المختصة منحت حقوق الامتياز والاستحواذ على مشروع ميناء باجامويو في تنزانيا للشركة السعودية، وذلك ضمن مشروع أطلقته المجموعة تحت اسم “مشروع بوابة الشرق”، في إشارة إلى منطقة شرق أفريقيا.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن الحويزي قوله إن هذه الخطوة ستعزز دور المملكة كمحرك رئيسي للتنمية الاقتصادية على المستوى العالمي، كما تأتي في إطار جهودها لتوسيع استثماراتها الخارجية، لا سيما في القارة الأفريقية، وأضاف أن المشروع سيعزز القدرات اللوجستية للمملكة، مما يسهم في إيصال الصادرات السعودية إلى الأسواق العالمية بفعالية أكبر.
أهمية ميناء باجامويو
يمثل ميناء باجامويو – الذي بدأ العمل فيه عام 2018 – أحد أكبر المشاريع اللوجستية في شرق أفريقيا، حيث يتمتع بموقع استراتيجي على الساحل التنزاني المطل على المحيط الهندي، ما يجعله محورًا رئيسيًا لحركة التجارة بين أفريقيا والعالم.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة أوبزرفر للأبحاث (ORF)، فإنه من المتوقع أن يصبح الميناء، بعد اكتماله، بوابة رئيسية لتصدير المواد الخام والثروات الطبيعية الأفريقية إلى الأسواق الدولية، بالإضافة إلى توريد السلع الأساسية إلى الدول الأفريقية المجاورة.
الامتيازات التي يتمتع بها ميناء باجامويو والمنطقة الصناعية التابعة له، وفقًا لتقرير المؤسسة البحثية:
- يقع مشروع ميناء باجامويو شمال مدينة دار السلام بنحو 70 كيلومترًا، وقد بدأ العمل فيه عام 2013 بشراكة بين الحكومة التنزانية وشركة “تشاينا ميرشانتس هولدينغز إنترناشيونال”، أكبر مشغل للموانئ في الصين، وبدعم مالي عُماني، بهدف تخفيف الضغط عن ميناء دار السلام وتعزيز القدرات اللوجستية لتنزانيا.
- نظرًا لموقعه الاستراتيجي، كان الميناء في السابق أحد أكبر الموانئ في أفريقيا، ومركزًا للتجارة البحرية من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر.
- تُقدَّر تكلفة إنشاء الميناء بحوالي 10 مليارات دولار أمريكي، حيث كان من المخطط بناء ثلاثة أرصفة قادرة على استيعاب سفن الحاويات متوسطة الحجم، والتعامل مع 20 مليون حاوية بحجم عشرين قدمًا بحلول عام 2045.
- يضم المشروع منطقة اقتصادية خاصة تبلغ مساحتها 1700 هكتار، بجوار الميناء، ويرتبط بشبكات السكك الحديدية الرئيسية في تنزانيا، ما يعزز فرص تحويل باجامويو إلى مركز استثماري استراتيجي في شرق أفريقيا.
- واجه المشروع عدة تحديات، أبرزها التمويل والاتفاقيات المتعلقة بشروط التنفيذ. وفي عام 2019، توقفت أعمال البناء بسبب خلافات حول شروط التمويل والملكية.
- من المتوقع أن يجذب الميناء نحو 700 صناعة إلى منطقة باجامويو الاقتصادية الخاصة، وباكتماله، يُنتظر أن تصبح تنزانيا مركزًا إقليميًا للشحن والخدمات اللوجستية في شرق أفريقيا.
ميناء تاجورة في جيبوتي
في خطوة جديدة تعزز الاستراتيجية السعودية تجاه شرق أفريقيا، وقّعت شركة بوابة البحر الأحمر الدولية الأسبوع الماضي اتفاقية مع ميناء تاجورة في جيبوتي لإدارة وتشغيل الميناء لمدة 30 عامًا، مما سيسهم في تعزيز كفاءة العمليات اللوجستية والتجارية في المنطقة.
وُقّعت الاتفاقية بين كامل محمد، رئيس مجلس إدارة ميناء تاجورة، وجاجان سيكساريا، مدير الاستثمارات في شركة بوابة البحر الأحمر الدولية المحدودة، التي تعمل تحت مظلة صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
بموجب هذا الاتفاق، ستتولى بوابة البحر الأحمر الدولية إدارة ميناء تاجورة، ليُضاف إلى قائمة الموانئ التي تديرها الشركة، والتي تشمل موانئ جدة وينبع ونيوم وجازان، ومن شأنها أن تعزز التكامل الاقتصادي بين السعودية وجيبوتي، وتدعم حركة التجارة بين الشرق الأوسط والقرن الأفريقي.
يُعد هذا التعاون نقلة نوعية في مجال تطوير البنية التحتية اللوجستية في جيبوتي، وسيسهم في تعزيز كفاءة الموانئ وزيادة قدرتها الاستيعابية، مما يعزز من مكانة جيبوتي كمركز تجاري إقليمي، ويدعم رؤية المملكة في توسيع استثماراتها في قطاع النقل البحري والخدمات اللوجستية على المستوى الدولي.
مصلحة مشتركة في لجم طموحات أبو ظبي
فيما يتعلق بالصفقة المتوقعة مع إريتريا بشأن ميناء عصب، فإن الشراكة المحتملة بين الرياض وأسمرة ستعود بالفائدة على البلدين اقتصاديًا وسياسيًا، فعلى الصعيد الاقتصادي، تتميز إريتريا بمواردها الطبيعية غير المستغلة، إلى جانب مواردها البحرية الغنية.
ويشير تقرير صادر عن منظمة “إيفاد” إلى أن 26% من أراضي إريتريا صالحة للزراعة، إلا أن 4% فقط منها تتم زراعتها فعليًا، فضلًا عن امتلاك البلاد كميات وافرة من المعادن، مثل النحاس والذهب وخام الحديد والنيكل والسيليكا والكبريت والرخام والجرانيت، مما يجعلها وجهة استثمارية واعدة.
أما على الصعيد السياسي، فإن للبلدين مصلحة مشتركة في تحجيم نفوذ الإمارات وحليفتها إثيوبيا، خاصة مع مساعي أديس أبابا للوصول إلى البحر الأحمر بدعم إماراتي، وهو ما قد يشكل تهديدًا للتوازنات الإقليمية في المنطقة.
ويرى تقرير صادر عن وكالة “نوفا” الإيطالية أن الاستثمار السعودي المحتمل في ميناء عصب لا يقتصر على البعد الاقتصادي، بل يعكس إعادة ترتيب العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإريتريا لحماية مصالحهما على طول أحد أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم.
كما يشير التقرير إلى أن هذا التعاون قد يمنح إريتريا الدعم اللازم لمقاومة الضغوط الإثيوبية، في الوقت الذي يعزز فيه النفوذ السعودي في القارة الأفريقية.،غير أن هذه الخطوة قد تثير ردود فعل من أطراف إقليمية أخرى، من بينها الإمارات وتركيا والصين، التي تمتلك جميعها مصالح استراتيجية في الممرات البحرية للمنطقة.
سباق النفوذ الاقتصادي والسياسي
يرى الخبير الاقتصادي السعودي د. علي دعدوش أن دوافع السعودية للاستثمار في شرق أفريقيا ترتكز على تنويع مصادر الدخل وتعزيز مكانتها كمركز لوجستي عالمي، مشيرًا إلى أن هذا الاستحواذ يساهم في ربط آسيا بأوروبا وأفريقيا.
وأضاف دعدوش أن الاستثمار في البنية التحتية يمنح السعودية نفوذًا جيوسياسيًا أكبر في المنطقة، مما يسمح لها بتعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية والتأثير في السياسات الإقليمية، وأوضح أن شرق أفريقيا تعد منطقة نامية تشهد نموًا اقتصاديًا سريعًا، وتوفر فرصًا استثمارية واعدة في قطاعات مختلفة.
وفي السياق ذاته، لا يمكن تجاهل التنافس السعودي-الإماراتي في قطاع الموانئ، وخاصة فيما يتعلق بصفقة ميناء باجامويو، التي تُعد الأضخم من نوعها، ففي عام 2023، وقّعت أبو ظبي اتفاقية مع حكومة تنزانيا لتشغيل وتحديث ميناء دار السلام، الذي يبعد 70 كيلومترًا فقط عن مشروع ميناء باجامويو.
بموجب هذه الاتفاقية، تعهدت “موانئ دبي العالمية” باستثمار أكثر من 250 مليون دولار خلال المرحلة الأولى لتحديث ميناء دار السلام، مع إمكانية ارتفاع حجم الاستثمار إلى مليار دولار خلال فترة الامتياز، إلى جانب مشاريع لوجستية في المناطق النائية.
ورغم هذا الاستثمار، يُعد ميناء دار السلام أصغر حجمًا مقارنة بميناء باجامويو، الذي حصلت السعودية على امتياز تشغيله، حيث من المتوقع أن تستثمر فيه نحو 10 مليارات دولار، وبمجرد اكتماله، يُتوقع أن ينقل ميناء باجامويو نحو 20 مليون حاوية نمطية، أي ما يعادل 25 ضعف كمية البضائع التي يحملها ميناء دار السلام.
تشير التحركات السعودية في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا ككل إلى استراتيجية جديدة تتجاوز الاستثمار إلى بناء تحالفات دبلوماسية وسياسية، حيث تتمتع المملكة بحضور قوي ومقبول من مختلف الأطراف في المنطقة، خاصة بعد تبنيها سياسة التهدئة منذ توقيع اتفاق مع إيران في مارس/آذار 2023، إلى جانب دعمها السياسي والعسكري للجيش السوداني في حربه ضد مليشيا الدعم السريع، وانحيازها إلى الإدارة السورية الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد.
كما يُحتمل أن تعود السعودية للتنسيق مع قطر بشأن السياسة الخارجية، كما حدث سابقًا خلال دعمهما المشترك للثورة السورية في سنواتها الأولى، إذ يختلف النهج السعودي-القطري عن الإستراتيجية الإماراتية، إذ تسعى الرياض والدوحة إلى تحقيق مصالحهما عبر التعاون مع الحكومات الشرعية، بعيدًا عن دعم الكيانات الانفصالية غير الشعبية.
وهو النهج الذي تتبعه أبو ظبي، التي تواجه انتقادات بسبب دعمها لأطراف مثيرة للجدل، مثل الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر، ومليشيا الدعم السريع في السودان، والمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، بالإضافة إلى ما يُشاع عن دعمها للتحركات المناوئة للإدارة السورية الجديدة.