حتى مع الدعم السعودي، ولاء “داعش” غير مضمون

استولى مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على 500 مليار دينار عراقي (ما يعادل أكثر من 420 مليون دولار أمريكي) من البنك المركزي في مدينة الموصل بشمال العراق، صارت داعش تمتلك الآن نحو ملياري دولار يمكنها استخدامها في “الجهاد”. مصدر أموال داعش مسألة تثير الكثير من الجدل.
من ناحية أخرى توجه الحكومة العراقية أصابع الاتهام بشأن تمويل داعش، للسعودية إذ قال رئيس الوزراء العراقي “نوري المالكي” بشكل مباشر إنه يحمل السعودية مسئولية الدعم المالي لداعش.
قوبلت هذه التصريحات برفض الولايات المتحدة (حليف السعودية) إذ وصفت “جين بساكي” المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تصريحات المالكي بـ “العدائية وغير الدقيقة”، كما رفضتها السعودية جملة وتفصيلًا.
لكن حلفاء السعودية في تل أبيب كان لهم رأي آخر، فكتب “سمدار بيري” في صحيفة يديعوت أحرونوت قائلاً: إنه بحسب المعلومات التي توثق نشوء المنظمة السري واتساعها السريع، بدأت منظمة داعش تعمل في مناطق سوريا وليبيا قبل ثلاث سنوات مع ميزانية بلغت 875 مليون دولار، وتضاعفت الملايين وزادت على ذلك على إثر الاستيلاء على منشآت النفط والتهريبات والاستيلاء على المصارف في المدن التي احتلت في العراق.
ومن المثير للاهتمام أن نتبين أن أميرين سعوديين عُزلا في لحظة بأمر ملكي تعسفي ليحل محلهما أميران آخران يثق الملك عبد الله بهما وهما مطلعان على أسراره الخفية. الأول: مُقرن بن عبد العزيزالذي يبدو أنه ملك السعودية القادم، والثاني: محمد بن نايف، وقد عُين وزيرًا للداخلية ورُفع مباشرة إلى منصب رئيس الأجهزة الاستخبارية في المملكة.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية فقد أُرسل الأميرين ليدعما داعش سرًا وللانفاق عليها واستخدامها وهي التي كان يفترض – بحسب خطة الأسرة المالكة الأصلية – أن تسقط نظام بشار الأسد، وقد أصبح السعوديون اليوم مستعدين للاعتراف بأنهم تعلموا بأصعب طريقة أنه لا يمكن الاعتماد على براك أوباما ليقوم بالعمل مكانهم، وقد تابعوا في غضب كبير الغرام بين واشنطن وطهران وخلصوا إلى استنتاج أنهم إذا لم يدخلوا هم بأنفسهم وسريعًا إلى ساحة المواجهة العسكرية في سوريا دون ترك بصمات فستزحف إيران إلى الأماكن المقدسة في مكة والمدينة وتستخدم خلايا إرهابية نائمة في الإمارات المجاورة وتنقض نظام الحكم عندهم.
وبعد التمويل السعودي – الذي يؤكده أصدقاء الرياض في تل أبيب، وينفيه الأمريكيون والسعوديون – يأتي النفط، إذ أن النفط هو ثاني أهم مصدر تمويل لداعش التي استولت على حقول النفط في شمال سوريا وتقوم بنقل النفط عبر الحدود إلى تركيا، في الوقت نفسه صارت داعش في وضع يمكنها من تمويل نفسها بشكل مستقل كما يقول الأستاذ الألماني تشارلز ليستر:”سعت داعش لتأسيس شبكات في المجتمع لضمان مصدر تمويل دائم”، يظهر هذا من خلال عدة أمثلة من بينها عمليات الابتزاز الممنهجة التي تقوم بها عناصر داعش في مدينة الموصل.
وعن ضحايا عمليات الابتزاز يقول ليستر في تصريحات صحفية إنهم من “صغار رجال الأعمال والشركات الكبرى وشركات البناء وبعض رجال الحكومة المحليين، إن صحت الشائعات”، ويضيف: “ثمة تخمينات حول قيام داعش بفرض ضرائب في المناطق الخاضعة لسيطرتها بالكامل مثل محافظة الرقة في شمال شرق سوريا”.
استيلاء داعش على أكثر من 420 مليون دولار من البنك المركزي في الموصل والحصول على أموال من بنوك أخرى في المدينة والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها، يمكنها من تجنيد المزيد من “الجهاديين”، ووفقًا للمدون البريطاني “إليوت هيغينز” فإن الأموال التي صارت الآن تحت تصرف داعش تمكنها من “دفع 600 دولار شهريًا لـ 60 ألف مقاتل لمدة عام واحد”، وتشير التقديرات إلى أن عدد المقاتلين في صفوف داعش يبلغ حاليًا نحو عشرة آلاف شخص.
على كل حال، يؤكد الإسرائيليون أنه على الرغم من التمويل السخي الذي قدمه السعوديون لداعش، إلا أن الحركة الآن قد بدأت في طور استقلال شبه كامل بعد مكاسبها الأخيرة، وهو ما قد يهدد داعميها الأوائل كما يهدد أعداءهم، الأمر الذي يذكر بتجربة الجهاد الأفغاني الذي دعمته الولايات المتحدة في البداية لإضعاف الاتحاد السوفيتي، ثم لم يلبث أن انقلب على “الشيطان الأكبر”.
المصدر: الخليج الجديد+دويتش فيله