ترجمة وتحرير نون بوست
رغم أن الطائرات بدون طيار “الدرونز” تُعد وسيلة شديدة القسوة في القتل، ورغم أن الولايات المتحدة تعتمد عليها في رصد وقتل أعدائها حول العالم في العراق وباكستان وأفغانستان واليمن وحتى ليبيا وأفريقيا، إلا أن صحيفة واشنطن بوست أشارت في تقرير شديد الأهمية عن أن أخطار الطائرات بدون طيار تتجاوز القتل المتعمد إلى القتل الخطأ.
ولا نعني بهذا القتل الخطأ، ما تقوم به الطائرات من استهداف للمدنيين عبر صواريخها غير الدقيقة، لكن الطائرات ذاتها قد تشكل خطرًا هائلاً إذا سقطت في مناطق مأهولة، باعتبارها قنابل غير موجهة.
ورغم عدم الاعتراف الرسمي بها، إلا أن صحيفة واشنطن بوست أثبتت أن ما لا يقل عن 400 طائرة عسكرية بدون طيار، سقطت حول العالم وعلى الأرض الأمريكية منذ عام 2001.
وقد استطاعت الواشنطن بوست إجراء تحقيق استقصائي ضخم، استغرق عامًا كاملاً، واطلع فيه معدو التحقيق الصحفي على أكثر من خمسين ألف صفحة من التقارير القضائية وسجلات أخرى وصفتها الصحيفة بالسرية.
وتقول الصحيفة إنها حصلت على معلومات تثبت بالتفصيل أسباب سقوط مئات الطائرات، ومواقع سقوط كل منها.
ورغم أنه لم تسجل حالات وفاة جراء سقوط الدرونز، إلا أن عملية السقوط تنم عن إهمال عميق في العديد من الدوائر العسكرية الأمريكية، فتكشف إحدى الوثائق عن أن طائرة من نوع بريداتور، تبلغ قيمتها 3.8 مليون دولار، وتحمل صاروخ هيلفاير سقطت بالقرب من قندهار في يناير 2010 لأن قائدة الطائرة لم تدرك أنها تقود الطائرة وهي مقلوبة رأسًا على عقب! كما أن طائرة أخرى من نفس النوع سقطت لاحقًا في العام ذاته لأن قائد الطائرة أخطأ بضغط زر يجعل الطائرة تدور حول نفسها!
ومن ناحية أخرى، فإن الطائرات بدون طيار سقطت في أماكن أخرى غير مواقع القتال، فقد سقط العديد منها فوق الأراضي الأمريكية في مهام تدريب أو اختبار.
وتعتبر الولايات المتحدة التي تستخدم هذه الطائرات منذ عدة أعوام لمكافحة “الإرهاب” وعمليات المراقبة أن تحليق هذه الطائرات فوق الأماكن المأهولة يعد دائمًا أمرًا مأمونًا، غير أن تقرير الواشنطن بوست أوضح أن من بين الحوادث المميتة المترتبة على إسقاط هذه الطائرات حالات لم يتم تحاشي السقوط فيها إلا نادرًا.
فقد سقطت، في أبريل الماضي، طائرة وزنها 170 كيلوجرامًا تابعة للقوات المسلحة الأمريكية بالقرب من فناء إحدى المدارس في ولاية بنسلفانيا، بعد لحظات قليلة من مغادرة التلاميذ إلى منازلهم.
وذكر التقرير أيضًا أن من بين هذه الحالات، سقوط الطائرات فوق منازل مأهولة أو حقول للمزارعين أو فوق الطرق السريعة، وقالت الصحيفة إن أحد حوادث سقوط هذه الطائرات كانت بسبب اصطدام إحداها بطائرة نقل تابعة لسلاح الجو الأمريكي فوق أجواء أفغانستان.
وبين التقرير أنه برغم أن هذه الواقعة لم تسفر عن ضحايا، لكن المستندات تبين أن تحاشي الكارثة في جميع هذه الحوادث كان يتم قبل لحظات قليلة من وقوعها أو أن الأشخاص المعرضين لها حالفهم الحظ في النجاة منها.
ولخصت الصحيفة أسباب سقوط الطائرات في عدة نقاط مثل: عدم القدرة على رصد وتجنب المشكلة، وأخطاء الطيارين، وعيوب التصنيع التي لا يمكن تفاديها، وعيوب الاتصال بين قائد الطائرة والطائرة التي قد تبعد آلاف الأميال.
ويعرض تقرير الصحيفة كذلك للكيفية التي تطير بها الدرونز، وكيف يتم التحكم بها، وكيف أن قائدي الدرونز يعتمدون في قيادتهم على الأقمار الصناعية، حيث يوجد نوعين من الأقمار التي تتعامل معها الطائرة، الأول هو القمر الاصطناعي الخاص بالاتصال، والآخر هو الخاص بالـ GPS أو نظام تحديد المواقع العالمي.
وتقول الصحيفة إنه في حال فقدان الاتصال بالطائرة، فإنها مبرمجة إما على العودة تلقائيًا للقاعدة، أو على الطيران في دوائر حول آخر نقطة اتصال لحين عودة الاتصال بها من جديد.
كما أورد التقرير معلومات عن سبع أنواع من الطائرات بدون طيار، والاختلافات بينها، وهي طائرات: بريداتور، ريبر، هانتر، جراي إيجل، فانتوم، جلوبال هوك و فاير سكوت.
ومن بين الحوادث التي أوردها التقرير، 67 حادثة في أفغانستان، و47 في الولايات المتحدة، و41 في العراق، و18 في أماكن سرية لم تفصح عنها الصحيفة أو لم تحصل عليها الصحيفة، و6 في باكستان، وواحدة في إيران، وواحدة على سواحل ليبيا، وأخرى في مالي، ورابعة في الساحل الغربي لأفريقيا، وطائرات سقطت في المحيط أو في الخليج العربي بالقرب من الكويت أو في المحيط الهندي أو بالقرب من القاعدة الجوية الأمريكية في الإمارات أو حتى على السواحل الإيطالية أو جزيرة سيشل أو مدغشقر.
وتعود تلك الطائرات في معظمها إلى سلاح الجو، فيما تعود نسبة معتبرة منها إلى الجيش الأمريكي، وعدد قليل منها إلى البحرية الأمريكية.
وكان أعلى معدل لحوادث الطائرات في 2012 عندما سقطت 26 طائرة، وفي 2008 و2011 عندما سقطت 23 طائرة، وكان أقل معدل للسقوط في عام 2003 عندما سقطت ثلاث طائرات بدون طيار فقط.
المصدر: واشنطن بوست