لايختلف أحد على أخطاء الرئيس مرسي وجماعته منذ بداية الثورة وحتى عام الحكم اليتيم للرئيس مرسي، كما لا ينكر عاقل حجم المؤامرة التى تعرضت لها جماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسي لإفشال تجربتهما في الثورة وحكم مصر.
فأخطاء الرئيس وجماعته كانت سببًا كبيرًا في تفتيت الصف الثوري وتفضيل المسار الإصلاحي وشرعيته (شرعية البرلمان لا شرعية الميدان) على المسار الثوري الميداني وضرورته ومتطلباته، وانفراط عقد التحالف الثوري بين أبناء الثورة وفصائلها، وتدمير الحاضنة الشعبية للثورة وتفكيكها وخلق رأى عام ضاغط على الثورة وأبنائها وفصائلها – أنا هنا لا أعفي أيضًا أبناء الثورة وشبابها من دورهما فى كل ماسبق -.
كما أن المؤامرة التى قادها تحالف الشر الأمريكي الغربي والعربي الخليجي وعملائهما في الداخل المصري من الجيش وأذرعه الإعلامية والقضائية والأمنية والاقتصادية وذلك بإنشاء غرفة عمليات تديرها دبي لإجهاض الثورة وحكم الإخوان، ورصد التمويل اللازم للثورة المضادة وأدواتها، وحشد الذراع الإعلامي في تشويه الوعي، وخلق رأي عام ضاغط باستغلال الأخطاء وإبرازها وخلق الأكاذيب وتضخيمها وكأنها حقائق، وتفعيل الدور القضائي في تكسير عظام الثورة والثوار من أحكام مهرجان البراءة للجميع وحتى الحكم بالإعدام على الثورة والثوار، واللعب بالملف الأمني في تخويف الناس وإفزاعهم من خلال نشر الفوضى وعدم قيام الداخلية بواجباتها بزعم كسرها وضعفها من يوم سقوطها في 28 يناير، ولا يُنسى الدور المخابراتي لأجهزة المخابرات في بث الشائعات وخلق الأكاذيب وتقديم المعلومات الكاذبة وغير الصحيحة للفصائل والقوى السياسية وكذا رئيس الجمهورية.
ونتج عن هذه المؤامرة وتلك الأخطاء زومبي الثورة المضادة وولدها من سفاح هذا ما يسمى زورًا بثورة 30 يونيو والتى تم حقنها بهرمونات التضخيم والتهويل والتكبير من قبل غرفة العمليات وأذرعها الإعلامية المحلية والإقليمية والدولية، وزاد فى ذلك تهوين وتحقير وعدم اعتراف مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين وداعميها من بعض الأحزاب والتيارات الإسلامية بهذه الحشود وأعدادها ومطالب بعضها المشروعة.
ومن بين من شاركوا في 30 يونيو كثير من أبناء الثورة المخلصين من شباب ثوري وقوى وفصائل ثورية كان لها مطالب مشروعة كحزب مصر القوية و6 أبريل والاشتراكيين الثوريين وبعض من أبناء حزب الدستور.
كثير من هؤلاء استفاق على خدعة 30 يونيو بسرقتها يوم 3 يوليو، ومنهم من لايزال ناشطًا ثوريًا مقاومًا للانقلاب، ومنهم من استتر بنفسه وأهله وأخذ جانبًا صامًتا على الدماء والأشلاء وحمو الموس.
والحل يكمن فى خلق مشهد 30 يونيو من جديد بصورته الحقيقية في موجة ثورية صادقة بين أبناء الثورة وفصائلها الصادقين للقضاء على الحكم العسكري وفاشيته واستعادة مسار ثورة 25 يناير، وذلك بحشد الطاقات والإرادات الثورية في مشهد مهيب على أساس ثوري مرحلي هدفه التخلص من العسكر وأدواته بشعار “يسقط يسقط حكم العسكر” وميدان واحد، فكما جمعتنا الزنازين فلتجمعنا الميادين وليكن بيان القاهرة الأرضية الثورية الحقيقية والأرضية الصلبة التي يقف عليها ثوار الأمس وأصدقاء الميدان.
ولتفعيل بيان القاهرة – والذي أرى بوضوح بطء خطواته – يجب اتخاذ خطوات مثل:
- يتم دعوة جميع القوى والفصائل والائتلافات الشبابية والثورية الصادقة والمخلصة والمرابضة في الميادين الثورية والسياسية المناهضة للانقلاب العسكرى وجرائمه.
- يتم وضع خطة عمل ثوري عاجل بميدان واحد وشعار واحد وورقة عمل واحدة.
- البحث عن رأس ثوري جامع (رمز أو مجموعة عمل) تحشد الثورة أطيافها حوله بمسار مرحلي محدد وموقت بالقضاء على الحكم العسكري وذيوله في مرحلة انتقالية محسوبة ومدروسة لثلاث سنوات يتم بعدها انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحليات.
- المرحلة الثورية الانتقالية هدفها تثبيت أركان الثورة والقضاء على أعدائها وتنقية الأجواء لعدالة انتقالية عادلة شاملة من 25 يناير وحتى الآن، بعيدًا عن عبثية اللجان وفساد القضاء وتآمر أركان الدولة العميقة.
- أساس المرحلة الثورية الانتقالية التشاركية الندية لا العددية ومدادها التاريخ الثوري النضالي الكيفي لا الكمي العددي.
بغير هذا أرى أننا نضيع أوقاتنا ونزيد التكلفة من دمائنا وحرياتنا وأعراضنا ونكرر مشاهد ذكرى 25 يناير و6 أكتوبر البائسة، ونزيد من إحباط شبابنا وأمله فى التغيير ونحفظ بيضة قوتنا وثوريتنا ووطننا وأمتنا.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.