“الملائكة لا تستحق العيش إلا في الجنه …. هكذا أسماء ملاك يمشي علي الأرض”
هكذا كتبت صفحة دشنها بعض أصدقائها بعدما قضت نحبها على يد قوات الانقلاب في مصر.
كل من عرفها يكرر نفس الكلمة “ملاك يمشي على الأرض”. هكذا يتحدث الجميع عن أسماء محمد البلتاجي، ذات السبعة عشر ربيعا والتي قتلها قناص برصاصة أصابت صدرها يوم “الأربعاء الدامي” حين قُتل أكثر من 2000 مصري برصاص الجيش والشرطة في ميدان رابعة العدوية.
وُلدت أسماء في يناير ١٩٩٦، وقتلتها القوات المسلحة المصرية يوم ١٤ أغسطس ٢٠١٣، لكن على صغر سنها. كانت أسماء قد تجاوزت سني عمرها القليلة كثيرا بما اعتادت أن تفعله منذ الثورة وما قبلها.
تقول أسماء شحاتة، التي صحبت أسماء في لحظاتها الأخيرة في شهادتها التي كتبتها على صفحتها الشخصية: “وقتها قابلت اسماء البلتاجي رحمها الله رحمة واسعة كانت على باب المسجد من طريق النصر بتجمع الطوب في جرد أبيض كقلبها وقفت أجمعه معاها ولما اتملى على الاخر مسكت ايد الجردل علشان انقله .. لحظتها جت عيني في عين اسماء ولما شافتني ابتسمت وتركتني اشيله عنها وطلعت بيه لأدام وفجأة واحدة رصاص رصاص رصاص بيتضرب علينا”، وتتابع: “رجعت مالقيتش اسماء البلتاجي فوقفت امام باب المستشفى وبدأت أصور مرة تانية بالموبايل المصابين اللي وصلوا … مر من جوارنا اخوة وشايلين جثمان حد فجأة لقيت سارة بتصرخ وبتقع وبتقول اسماااء اسماء البلتاجي .. طلعنا نجري ورا الإخوة اللي شايلين اسماء لحد المركز الطبي وحطوها على نقالة وقالوا لنا انها اصابة خطيرة وهتدخل العمليات فورا .. شفت اسماء وجهها كان ابيض زي القمر لكن كانت شهيدة مش مصابة كان وجهها ابييييييض وبارد”
كانت أسماء البلتاجي قد شهدت مشاهد الثورة كلها، وكانت تدور مع الحق حيث دار، فعندما كان الإخوان المسلمون يؤيدون المجلس العسكري، وينفون القتل عن وزارة الداخلية والشرطة، كانت أسماء البلتاجي في شارع محمد محمود مع الثوار في نوفمبر من عام الثورة الأول، كتبت أسماء وقتها: “من ميدان التحرير.. يااا رب أنت تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على ثورتك و تعاهدت على اقامة دولة العدل فوثق اللهم رابطتها و اهدها سبلها و املأها بنورك الذي لا يخبو”
أسماء في محمد محمود، وعلى وجهها مواد يستخدمها الثوار للتخلص من أثر الغاز المدمع
وفي سبتمبر من نفس العام، كتبت ابنة القيادي الإخواني الوحيدة تؤكد مشاركتها في تظاهرات اليوم، وفي اعتصام تم أمام السفارة الإسرائيلية. كتبت: “التحرير , دار القضاء , السفارة الإسرائيلية , يوم موفّق بشكل كبير الحمد لله”
كان آخر ما كتبته أسماء على صفحتها الشخصية عقب مذبحة الحرس الجمهوري التي قتل فيها أكثر من 100 مصري برصاص الجيش أثناء وعقب صلاة فجر يوم 8 يوليو تموز، كتبت مقتبسة استغاثة قالها صحابي يستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة ويستنصره من خيانة قريش
“هم بيتونا بالوتير هجدا .. وقتلونا ركعا و سجدا .. وهم أذل و أقل عددا .. فادع عباد الله يأتوا مددا .. في فيلق كالبحر يجري مزبدا”
والدها الذي لم يستطع أن يحضر جنازتها كونه مطلوبا لدى قوات الأمن المصرية وقادة الانقلاب، كتب يعتذر لها على صفحته قائلا: “آلمني شديد الألم ألا أكون في وداعك الأخير وألا أكحل عيني بنظرة وداع أخيرة وألا أضع قبلة أخيرة على جبينك وألا أشرف بإمامة الصلاة عليك , والله يا حبيبتي ما منعني من ذلك خوف على أجل ولا خوف من سجن ظالم وإنما حرصا على استكمال الرسالة التي قدمت أنت روحك لأجلها وهي (استكمال مسيرة الثورة حتى تنتصر وتحقق أهدافها) “
كتبت أسماء في مايو 2012 على صفحتها على فيس بوك تقول: “أتعلم حقيقة أن الشهادة لا تكفّ يد الظلم عن أرواح الناس و أموالهم , لكنها تسلب سيطرة الظلم على أرواح الناس فتسيطر عليها ذكرى الشهداء , و هذا هو نفسه حمل الأمانة , يستسلم الناس لسلطة الظلم لكنهم لا يسلمون أرواحهم , هذا هو تراث الإنسانية و ما تتوارثه الأجيال خارج كتب التاريخ , هذا هو فحسب”
وفي يونيو من نفس العام كتبت أسماء “لا حقَّ لحيٍّ إن ضاعت في الأرضِ حقوقُ الأموات”