شهدت العديد من العواصم العربية والإسلامية والعالمية تظاهرات حاشدة مؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، وداعمة للقضية الفلسطينية، ومطالبة بوقف الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتلبي تلك التظاهرات الدعوات التي أطلقها الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشعوب بالخروج لنصرة غزة، ومحاصرة قنصليات الاحتلال حول العالم، كذلك تلك الصادرة عن لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، والتي دعت إلى تدشين فعاليات حقيقية فاعلة وضاغطة على الاحتلال ورعاته، بهدف وقف جرائم الإبادة التي يتعرض لها سكان القطاع لأكثر من 16 شهرًا.
يتزامن ذلك مع دعوة القوى والفصائل الفلسطينية إلى إضراب شامل، الاثنين 7 إبريل/نيسان 2025، يشمل فلسطين ومخيمات الشتات، للتضامن مع قطاع غزة والضغط من أجل وقف حرب الإبادة الإسرائيلية ضده، داعية في بيان مشترك إلى “إنجاح الإضراب العالمي من أجل إعلاء الصوت وتسليط الضوء على مذابح وجرائم الاحتلال البشعة بقتل المدنيين الأطفال والنساء والتدمير بهدف تهجير أبناء شعبنا”، كما طالب بتحرك عاجل لوقف حرب الإبادة الجارية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، “في ظل فشل المجتمع الدولي في فرض عقوبات على الاحتلال أو محاسبة حكومته الإرهابية”.
المشاركة بالإضراب واجب ومسؤولية.. شارك..
📣 إضراب شامل في جميع أنحاء العالم اليوم الإثنين، تنديداً بجرائم الاحتلال في غزة وللمطالبة بوقف الحرب الصهيونية#إضراب_عالمي #عصيان_مدني_حتى_تتوقف_الإبادة pic.twitter.com/OBuvlncPoU
— هيئة علماء فلسطين (@palscholars48) April 7, 2025
وفي ذات السياق دعت “الحملة العالمية لوقف الإبادة” على قطاع غزة، لإضراب عالمي، للمطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية، مع الدعوة انطلاق مظاهرات العصيان المدني في عدة دول عربية، من بينها الأردن وعمان والبحرين والكويت والسعودية والجزائر والمغرب وليبيا والإمارات وسورية والقدس، وكافة دول الوطن العربي.
ويعيد هذا الحراك القضية الفلسطينية للأضواء مجددًا بعد خفوت نسبي جراء الابتزاز والترهيب والضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية بحق كل من يتعاطف أو يدعم حقوق الشعب الفلسطيني ويتجرأ على إدانة الاحتلال وجرائمه، أفرادًا كانوا أو كيانات اجتماعية وتعليمية، في مشهد يعيد الأجواء إلى الأيام الأولى من الحرب، حين تصدرت القضية الفلسطينية اهتمامات الرأي العام العالمي.
إضراب شامل في الضفة والقدس
مع صباح الاثنين عم الإضراب الشامل، كافة مناحي الحياة في الضفة الغربية، التي باتت خاوية تمامًا من المارة والطقوس اليومية المعتادة، إذ شمل كافة مناحي الحياة وأغلقت المحال التجارية أبوابها، كما شمل الإضراب المؤسسات وقطاع التعليم وكافة مناحي الحياة بما في ذلك قطاع النقل العام.
ويأتي هذا الإضراب تأكيدًا على رفض الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، وعلى الدعم المطلق من سكان الضفة لأشقائهم في القطاع، كما جاء على لسان عضو لجنة التنسيق الفصائلي في فلسطين عصام بكر، الذي أشار في تصريحات صحفية له أن دعوات الإضراب “انطلقت من منطلق صحوة ضمير الشعوب حول العالم، التي ترفض الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين”.
مشاهد من الإضراب الشامل في بلدة حوارة جنوب نابلس فلسطين، رفضا لحرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غ….زة pic.twitter.com/MDlD33mXxs
— Radio Al-Balad 92.5 راديو البلد (@Radio_Albalad) April 7, 2025
وكشف بكر أن استجابة سكان الضفة لدعوات الإضراب تحمل رسالة بالغة الأهمية، تتمحور حول وحدة الصوت الفلسطيني في رفض ما يجرى للفلسطينيين في أي مكان، وأن الشعب الفلسطيني ليس معزولًا، بل يحظى بدعم شعبي واسع، مضيفًا : “هذا يوم للتحرك، لا للجلوس في المنازل. هناك فعاليات وتظاهرات ستُنفذ في مراكز المدن في الضفة الغربية والعالم والدول العربية، في رسالة واضحة بضرورة تحرك العالم لحماية الفلسطينيين”.
لم يقتصر الإضراب على الضفة الغربية وحدها، بل امتد للعديد من المناطق الأخرى في القدس المحتلة، حيث عطلت وزارة التربية المدارس وأعلن الاتحاد العام للمعلمين المشاركة، كما دعت نقابة المهندسين فرع القدس أعضائها للإضراب، ما أسفر عن حالة من الشلل التام خيمت على شوارع القدس، حيث توقفت الأعمال اليومية وأغلقت المحال التجارية، فيما خرجت دعوات للتظاهر أمام السفارات في الداخل والخارج.
تفاعل عربي على استحياء
على المستوى العربي، استجابت بعض البلدان إلى دعوات الإضراب والتظاهر، حيث أعلنت مؤسسات ونقابات في الأردن والكويت، ومصر، والمغرب، وتونس، عن التزامها بالإضراب، فيما دعت كيانات أخرى للتظاهر والاحتشاد أمام السفارات والمطالبة بوقف الحرب الإجرامية على القطاع.
ففي المغرب خرج الالاف في العاصمة الرباط في مسيرات حاشدة للتنديد بالحرب، رافعين شعارات و لافتات داعمة للفلسطينيين والقضية الفلسطينية، ومطالبين بوقف المجازر اليومية التي يرتكبها جيش الاحتلال وإدخال المساعدات وفتح المعابر الحدودية، داعين إلى الضغط على تل أبيب بشتى السبل لإثنائها عن جرائمها التي لا تتوقف.
وفي الأردن تظاهر مئات المئات في محيط السفارة الأميركية في العاصمة عمًان، تنديدًا باستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث رفعوا شعارات منددة بالدعم الأمريكي لـ”إسرائيل”، ومطالبة بوقف الحرب، فيما شهدت الجامعات الأردنية فعاليات احتجاجية لافتة حيث رفع الطلبة المشاركون لافتات تستنكر الصمت على جرائم الاحتلال، وتدعو لتحركات أكبر لوقف العدوان.
ففي الجامعة الأردنية، خرج الطلاب تحت حملت شعار “مسيرة الغضب، لبيك يا غزة”، مرددين العديد من الهتافات منها “قتلوا الأخت وقتلوا الخي.. وبدنا نحارب هالكيان.. يا اللي عينه على عمان”، و”بالروح بالدم نفديك يا غزة”، كما حملوا لافتات كتب عليها: “سلاح المقاومة خط أحمر”، “مع المقاومة”، “آتون بطوفان هادر”، “درعا.. اليمن.. لبنان.. غزة دم واحد ألم واحد”.
وفي الجامعة الهاشمية رددوا الطلاب هتافات: “الله أكبر يا ناس.. وين النخوة والإحساس”، و”مين قال الطالب مات.. هيو بيهتف بالساحات” و”سمع كل ونذل وجبان.. ما بنهاب الأمريكان”، و”حط الطلقة ببيت النار.. يرحم روحك يا سنوار” و”حط السيف قبال السيف.. الجنة بتلبق للضيف”.
وفي سوريا، تجمع مئات المتظاهرين أمام الجامع الأموي في العاصمة دمشق، احتجاجًا على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ونصرة للشعب الفلسطيني، حيث رفع المتظاهرون العلمين الفلسطيني والسوري، وأطلقوا هتافات منددة بالممارسات الوحشية التصعيدية لجيش الاحتلال بحق المدنيين في غزة، مطالبين بوقف العدوان الهمجي على الفلسطينيين.
أما في مصر فنظم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، اعتصاما رمزيا في مقره الواقع في وسط القاهرة، يوم الاثنين، 7 نيسان/ أبريل 2025، من الساعة 12 ظهرًا حتى 7 مساءً، تضامنًا مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، استجابةً لدعوات الإضراب، مؤكدًا في بيان له أن هذا الاعتصار يأت في إطار “الدعم الثابت للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والرفض القاطع للاحتلال وجرائمه البشعة التي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية”، منوها أن “التضامن الأممي هو سلاح الشعوب في مواجهة الظلم والاستعمار، وأن الوقوف مع فلسطين هو جزء لا يتجزأ من النضال ضد الإمبريالية والصهيونية”.
العالم ينتفض دعمًا لغزة
على المستوى الدولي فقد شهدت عدد من العواصم الأجنبية، شرقًا وغربًا، العديد من الفعاليات الاحتجاجية تنديدًا بالجرائم الإسرائيلية التي وصفوها بالعنصرية، مطالبين بوقف الحرب ومستنكرين الصمت العالمي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية الوحشية التي لا تتوقف بحق سكان غزة والضفة ومختلف المناطق الفلسطينية.
في تركيا، خرج الالاف في تظاهرات حاشدة أمام قنصلية الاحتلال في مدينة إسطنبول؛ تنديدًا باستمرار حرب الإبادة على غزة، حيث نددوا بالإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، مطالبين بوقف فوري للحرب، وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، كما رفعوا الأعلام التركية والفلسطينية، ورددوا هتافات تدعم الفلسطينيين وتدين الجرائم الإسرائيلية المستمرة للعام الثاني.
آلاف يعتصمون ويحاصرون سفارة الاحتلال الصهيوني في اسطنبول نصرة لغزة ورفضاً لوحشية الاحتلال.#غزة_تباد_مجدّداً pic.twitter.com/nEuybyvW8e
— نون بوست (@NoonPost) April 6, 2025
وفي فرنسا نظم الالاف من داعمي القضية الفلسطينية في العاصمة باريس تظاهرات حاشدة، رافضة لتصاعد الخطاب العنصري للأحزاب اليمين المتطرف ضد فلسطين، كما نددوا بالحرب المستعرة وطالبوا بوقفها فورًا، فيما شارك في التظاهرة العديد من أنصار الحريات وحقوق الإنسان من الفرنسيين المؤمنين بحق الشعوب في التخلص من الاستعمار.
وفي السويد، نظم نشطاء حقوقيون في العاصمة ستوكهولم محاكاة للمجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في غزة، فيما شهدت مدينة مالمو (ثالث أكبر المدن وتقع في جنوب البلاد) مظاهرة حاشدة، مطالبة بوقف الإبادة الجماعية في القطاع، ومنددين بالصمت الدولي إزاء ما يتعرض له أطفال ونساء فلسطين من انتهاكات على أيدي الإسرائيليين.
في بريطانيا، شهدت العاصمة لندن تظاهرة حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف من المنددين بالحرب الإسرائيلية، مطالبين بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومستنكرين قطع الكهرباء عن الفلسطينيين، واستمرار الإبادة الجماعية، وطالبوا بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح، وبفرض العقوبات على الاحتلال الإسرائيلي.
وفي الولايات المتحدة شهدت العاصمة واشنطن فعاليات احتجاجية واسعة، حيث تظاهر عشرات الآلاف ضد سياسات الرئيس دونالد ترامب الداعمة للاحتلال الإسرائيلي والإبادة الجماعية التي تمارس بحق المدنيين في غزة، مطالبين بوقف الحرب فورًا، وتجميد المساعدات الأمريكية لجيش الاحتلال.
مظاهرات حاشدة في العاصمة الأميركية واشنطن دعما لقطاع غزة وتنديدا بمجـ.ـازر الاحتـ.ـلال pic.twitter.com/EMmC6vSX9d
— شبكة رصد (@RassdNewsN) April 6, 2025
وفي كوريا الجنوبية، خرج العشرات من المناصرين للقضية الفلسطينية في تظاهرات متفرقة تنديدًا بجرائم الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال في قطاع غزة، فيما شهدت العاصمة سول تجمعات لأنصار الحقوق الفلسطينية من الكوريين أنفسهم وبعض النشطاء الأجانب، استغلالًا لحالة الزخم التي عليها الشارع الكوري جراء محاولة إدارة ترامب ترحيل الطالبة الجامعية الكورية الجنوبية يونسيو تشونغ (21 عامًا)، بسبب تأييدها لفلسطين، ما دفعها لرفع دعوى قضائية ضد الإدارة الأمريكية.
ويثبت هذا التفاعل الشعبي العالمي مع دعوات الإضراب والتظاهر، والذي أعاد الزخم مرة أخرى للقضية الفلسطينية، وصعدها مجددًا على مسرح الريادة بعد خفوت قهري، حتى وإن لم يكن على المستوى المأمول مقارنة بما كان عليه قبل عام مثلًا، أن سلاح الترهيب والتهديد والابتزاز التي يشهره ترامب وبعض الحكومات الأوروبية في وجه المتعاطفين مع الفلسطينيين فشل في تحقيق أهدافه، وعجز عن إخراس صوت الضمير الإنساني الجماهيري، حتى وإن نجح في إرضاخ وتركيع الحكومات والأنظمة وأدخل المجتمع الدولي ثلاجة التجميد.