ترجمة وتحرير: نون بوست
شهدت سوريا تغييرات جوهرية منذ الإطاحة بنظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول، وتشكيل حكومة مؤقتة برئاسة أحمد الشرع، الذي قاد حتى وقت قريب فصيل هيئة تحرير الشام السني، وعلى مدار الأشهر الأربعة الماضية، كشف الشرع عن مسودة دستور جديد وعيّن حكومة جديدة، يرى كثير من السوريين أنها لا تفي بوعوده ببناء سوريا جديدة شاملة وديمقراطية وعادلة، وقد زادت موجة العنف المروعة التي اندلعت في المنطقة الساحلية العلوية الشهر بالماضي من مخاوف انزلاق البلاد إلى صراع أهلي مرة أخرى.
ومع ذلك، وفي تطور مفاجئ، وقّع الشرع في 10 مارس/ أذار اتفاقية تاريخية مع مظلوم كوباني، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية الكردية مع دمشق.
يعتقد كثيرون أن مثل هذا الاتفاق ما كان ليتحقق دون موافقة تركيا، حليفة الشرع الوثيقة.
وقد توقفت الهجمات الجوية التركية ضد قوات سوريا الديمقراطية منذ ذلك الحين، كما هدأت الاشتباكات العنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل السنية المدعومة من تركيا بالقرب من سد تشرين، مما مهد الطريق لاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق للسيطرة على السد. وفي مقابلة حصرية استمرت ساعتين في قاعدة عسكرية شمال شرق سوريا، أُجريت في 8 أبريل/ نيسان، اختار كوباني كلماته بعناية فائقة أثناء إطلاعه المونيتور على الوضع الراهن.
بعد تحريرها بشكل طفيف من أجل الوضوح:
المونيتور: لقد حدثت الكثير من الأمور منذ آخر لقاء لنا هنا في نوفمبر/ تشرين الثاني. لنبدأ بأحدث التطورات؛ يُعدّ توقيع اتفاقية انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من حي الشيخ مقصود في حلب إنجازًا هامًا، يُمكن أن يُشكّل نموذجًا للحكم المستقبلي في منطقتكم، ويمنحكم درجةً من الحكم الذاتي مع الحفاظ على قوات الأمن الداخلي الخاصة بكم، الأسايش.
كوباني: إنها خطوة بالغة الأهمية. ولكن سيكون من السابق لأوانه الحديث عنه كنموذج حتى يتم ضمانه دستوريًا لأنه سيبقى هشًا. سنُصرّ على تضمينه في الدستور الجديد، فنحن نريد حكمًا محليًا، وهذا موضوع نقاش مع دمشق. قد تُصرّ بعض الأحزاب السياسية الكردية على الفيدرالية، ولكن سيُعقد مؤتمر حوار وطني، وستُصاغ رؤية سياسية مشتركة بين جميع الأحزاب الكردية، وسيتم تشكيل وفد مشترك لتمثيل هذه المنطقة في المحادثات مع دمشق.
ومع ذلك، أتفق معك في أهمية اتفاق الشيخ مقصود. أولًا، لأسباب أمنية؛ فقد كان هناك توتر كبير بين قواتنا، خاصة مع الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، وكان حي الشيخ مقصود فعليًا تحت الحصار، لكن هذا اتفاق مؤقت، وسوف تنتهي صلاحيته عندما نتوصل إلى اتفاق نهائي مع دمشق.
حتى ذلك الحين، لن يكون هناك تصعيد في المنطقة، وستتولى قوى الأمن الداخلي مسؤولية الأمن المحلي بالتنسيق مع قوات الأمن العام السورية. كما ستتم عمليات تبادل للأسرى، وسيتم إخلاء السجون، لن تكون هناك اعتقالات وما إلى ذلك، وستبقى مدارسنا وبلدياتنا على حالها. هذا جيد لشعبنا ولصورة هيئة تحرير الشام أيضًا؛ فهو يسمح لهم بالقول “نحن نحل مشاكل الناس، حلب تعود إلى طبيعتها”. تخيلوا أن منطقة كبيرة ذات أهمية إستراتيجية من حلب كانت حتى الآن خارج سيطرة الحكومة، وقد تم حل هذه المسألة الآن.
المونيتور: التطور الكبير الآخر هو خفض التصعيد مع تركيا والجيش الوطني السوري حول سد تشرين. هل يمكنك إطلاعنا على آخر المستجدات؟
كوباني: منذ أكثر من 12 يومًا، شهدنا وقفًا للأعمال العدائية بتسهيل من أصدقائنا.
يتألف اتفاق تشرين من شقين: الأول يتعلق بالسد نفسه؛ حيث اتفقنا مع دمشق على إبقاء إدارة السد وكوادره كما هي، ويقع مركز عمليات السد داخل السد نفسه، وستتم إدارته كما كان من قبل حتى نتوصل إلى اتفاق نهائي مع دمشق، كما هو منصوص عليه في إطار خطة عمل 10 مارس/آذار الذي وقّعته أنا والرئيس المؤقت الشرع، ونعتقد أن هذا مهم لحسن سير عمل السد، فالكوادر هناك تتمتع بخبرة واسعة.
أما من الناحية العسكرية، فستنسحب قواتنا إلى جانبنا شرقًا، وتسلم مواقعنا لقوات دمشق. نحن متمركزون حاليًا على بُعد ثمانية كيلومترات من السد، هناك منطقة واسعة يدور فيها الصراع، وهي قريبة من منبج.
ستعمل قوات دمشق بمثابة حاجز فعلي بين قواتنا وقوات الجيش الوطني السوري الذي كانت قواتنا تقاتل ضده.
المونيتور: هل تعتقد أن الحوار الجاري بين عبد الله أوجلان والحكومة التركية بهدف إنهاء صراع حزب العمال الكردستاني، قد ساهم في تخفيف حدة التوترات؟
كوباني: الحوار أمر نرحب به ونشجعه، وقد كان له أثر إيجابي على منطقتنا، أنا متفائل بأن الوضع سيتحسن أكثر، وأتفق مع الزعيم عبد الله أوجلان على أن زمن الكفاح المسلح قد ولّى.
ومع ذلك، بعد دعوة الزعيم أوجلان حزب العمال الكردستاني إلى عقد مؤتمر لحل نفسه، يقول الحزب إن الحكومة التركية عليها اتخاذ بعض الخطوات للمساعدة في بناء الثقة وإثبات صدقها، ويقول حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي (الموالي للأكراد) إن تخفيف عزلة الزعيم أوجلان وسنّ تدابير تشريعية لتهيئة الظروف المناسبة لتقدم العملية هي أولى الخطوات الضرورية. نرى أن الاستجابة لهذه الدعوة تتقدم ببطء، ومن المقرر أن يلتقي وفد من حزب الاتحاد الديمقراطي بالرئيس أردوغان، ونأمل أن نرى بعض الخطوات تُتخذ في المستقبل القريب.
المونيتور: هل يمكنك تقديم المزيد من التفاصيل حول كيفية تأثير الحوار إيجابًا على منطقتكم؟
كوباني: تلقينا رسالة من القائد عبد الله أوجلان موجهة إلى “أصدقائه”، وهي بحد ذاتها تطور إيجابي للغاية.
المونيتور: ماذا جاء في الرسالة؟
كوباني: تضمنت بعض الملاحظات العامة حول الأثر الإيجابي المحتمل لعملية السلام المرتقبة في تركيا على منطقتنا، ونصحتنا بالعمل في إطار أجندة سورية تشمل جميع أنحاء سوريا. لقد كانت رسالة عامة وإيجابية.
المونيتور: أعتقد أنها كُتبت باللغة التركية.
كوباني: نعم.
المونيتور: وبأي لغة كان ردكم؟
كوباني: كان ردنا باللغة العربية، ثم ترجمناها لاحقًا إلى التركية. أعتقد أن هذا كان له أثر إيجابي على وقف العمليات العسكرية في المنطقة.
المونيتور: بالفعل. يبدو أن تركيا بدأت تتقبل بوجودكم؟
كوباني: تركيا، كما تعلمون، كانت حتى وقت قريب تضع شروطًا متشددة فيما يتعلق بقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وقد تمت تنحية هذه الشروط المسبقة جانبا منذ اتفاقنا مع الشرع.
وهذا يخلق جوًا من الاستقرار هنا؛ حيث تستخدم الحكومة التركية لغة أكثر اعتدالاً في بياناتها الرسمية التي تشير إلى المنطقة، وبدأت تتخلي عن مصطلحات مثل “إرهابي”، ولاحظنا قبولًا لفكرة دمج قوات سوريا الديمقراطية ومؤسسات الإدارة في الدولة السورية، وهو تطور إيجابي ملحوظ. وهذا في الواقع تطور مرحب به للغاية.
المونيتور: هل لديكم اتصالات مباشرة مع تركيا؟
كوباني: هناك اتصالات لكن لا يمكنني أن أسميها “مباشرة”.
المونيتور: لقد عقدتم لقاءً تاريخيًا مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني؛ كيف جرى ذلك؟
كوباني: أعتقد أن هذا اللقاء كان ضروريًا نظرًا للظروف والتطورات الأخيرة في المنطقة، وخاصةً في سوريا، وكان للحوار الجاري في إمرالي [الجزيرة التي يُحتجز فيها أوجلان] أثر إيجابي عليه. كان هذا أول لقاء لنا، لذا يُمكن وصفه بأنه “تاريخي”. وقال: “نحن كشعب كردي، نمر بمرحلة حرجة”، وشدد على أهمية الحفاظ على المكاسب الكردية في سوريا، وقال إنه مستعد لمساعدتنا في علاقتنا مع دمشق. كان ترحيبه حارًا ومضيافًا للغاية، ودعونا لا ننسى أن قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني ساعدتنا في الدفاع عن مدينة كوباني. وتحدثنا عن الماضي، عن والده، الملا مصطفى بارزاني. إن ما يريده قبل كل شيء هو الوحدة الكردية.
المونيتور: بالعودة إلى اتفاق 10 مارس/ أذار الذي وقّعتموه في دمشق. كيف تم استقبالكم؟ هل كانت علاقتكم جيدة مع الرئيس الشرع؟
كوباني: كانت الأجواء ودية ومريحة، وتم التعامل معنا باحترام وحفاوة، وكان يناديني مستخدمًا لقبي الرسمي.
المونيتور: كانت هناك بعض الادعاءات عن وجود أمريكيين في الغرفة.
كوباني: لا، هذا غير صحيح. لم يشارك الأميركيون في مناقشاتنا مع دمشق. لقد لعبوا دور الميسر للعملية؛ حيث وفروا لنا وسائل النقل إلى دمشق ووفروا لهم وسائل الانتقال إلى منطقتنا. وبشكل عام، كانوا داعمين جدًا للاتفاق لأنهم يريدون أن تكون سوريا مستقرة ولضمان عدم نشوب صراع آخر بيننا وبين تركيا، أو ربما بيننا وبين الحكومة الانتقالية السورية. سيكون هذا الأمر خطيراً للغاية لأنه سيخلق الظروف الملائمة لعودة داعش، من بين أمور أخرى.
المونيتور: هل تم تشكيل أي من اللجان المنصوص عليها في اتفاق 10 مارس/ أذار حتى الآن؟ سمعنا أن اللجنة المعنية بالتعليم بدأت عملها من أجل حل مشكلة الشهادات الصادرة عن إدارة روج آفا، والتي لا تعترف بها دمشق رسميًا، وقد كانت هذه مسألة ملحة في الوقت الذي يستعد فيه الطلاب لامتحاناتهم الجامعية في يونيو/ حزيران.
كوباني: نعم، لقد شكلنا لجنة للحوار حول كيفية تنفيذ اتفاقية 10 مارس/ أذار، كما سيتم تشكيل لجان فرعية متخصصة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء هيئة مرجعية تضم ممثلين عن جميع مكونات ومناطق شمال وشرق سوريا.
ومسألة التعليم يتم مناقشتها بين الجانبين، ولكن ليس على شكل لجان.
هناك بُعدان لهذه المشكلة؛ يتعلق الأول بالخطوات التي يجب اتخاذها فورًا لضمان معاملة هؤلاء الأطفال الذين يتقدمون لامتحانات القبول في المدارس الثانوية والجامعات بنفس الطريقة التي يُعامل بها جميع الأطفال السوريين الآخرين، وأن تُصدّق الحكومة المركزية في دمشق على نتائجهم. أما المسألة الأخرى فتتعلق بالأطفال الذين حصلوا على شهادات من مدارسنا خلال الفترة التي كانت فيها منطقتنا خارج سيطرة نظام الأسد؛ حيي نريد الاعتراف بشهاداتهم أيضًا، وهم يتعاملون مع طلبنا بإيجابية.
المونيتور: وماذا عن مسألة اللغة؟
كوباني: إنهم لا يعارضون اللغة الكردية، ولكنها لم تُدرج في الدستور المؤقت، وهذا أمر مخيب للآمال للغاية.
المونيتور: ما هي اللجنة ذات الأهمية القصوى بالنسبة لك؟
كوباني: اللجنة الدستورية؛ فلقد تم الإعلان عن الدستور المؤقت بعد أيام فقط من اتفاقنا، وتنتهك أحكامه روح ذلك الاتفاق. نحن بحاجة ماسة إلى عقد لجنة دستورية والاتفاق على مبادئ وجوهر دستور جديد عادل وديمقراطي لكل الشعب السوري، وليس فقط لهذه المنطقة.
المونيتور: ما هي خطوطكم الحمراء؟
كوباني: أولًا، لا نريد أن تتركز السلطة الإدارية في دمشق وحدها. ثانيًا، نريد أن تحافظ قوات سوريا الديمقراطية على هويتها المتميزة ضمن صفوف الجيش الوطني السوري الجديد الذي في طور التأسيس. نتفق تمامًا على أنه لا يمكن أن يكون هناك جيشان منفصلان في سوريا، ولا ينبغي أن يكون هناك جيش داخل جيش، هذا ليس هدفنا. ولكن الخبرة الواسعة التي اكتسبتها قواتنا خلال العقد الماضي في محاربة تنظيم الدولة لا يمكنها إلا أن تُعزز وتُثري الجيش الوطني السوري الجديد الذي سيكون جيش الأمة السورية جمعاء. سيكون جيشنا، بمشاركة قواتنا ودعمها. وهذا من شأنه أن يُعزز أواصر الترابط بيننا ويساعد في بناء جسور الثقة بعد عقود من القمع الذي مارسه نظام البعث، وسيلعب الحفاظ على سلامة قواتنا دورًا حاسمًا في هذا الصدد.
المونيتور: هل سيبقى المكوّن العربي، الذي غالبًا ما يوصف بأنه يُشكل أكثر من نصف قوات سوريا الديمقراطية، على حاله؟
كوباني: نعم، إنهم أعضاء قيّمون في قوات سوريا الديمقراطية، وهم جزء لا يتجزأ من عملها.
المونيتور: هل يرغبون في البقاء جزءًا من قوات سوريا الديمقراطية؟
كوباني: نعم، يرغبون في ذلك.
المونيتور: هل ينظر الرئيس الشرع بإيجابية إلى هذا الأمر؟
كوباني: لم يُبدِ أي اعتراض على هذا الأمر في اجتماعنا الأخير.
المونيتور: هل تعتقد أن العنف في منطقة ضد العلويين عجّل بالاتفاق؟
كوباني: كان هذا الاتفاق في مصلحة جميع السوريين. بل على العكس، أعتقد أنه هو الذي ساعد في وقف المجازر التي كانت تحدث هناك، ومهد الطريق لإيصال المساعدات إلى المدنيين في المنطقة الساحلية. وبهذا، أؤكد أن العلويين جزء لا يتجزأ من المجتمع السوري، ويجب أن يكون لهم تمثيل عادل في مستقبل سوريا. ومن الضروري التمييز بين العلويين، وهم طائفة أصلية في سوريا، وبقايا نظام الأسد.
المونيتور: هل كان من الممكن أن يتم ذلك دون موافقة تركيا؟
كوباني: أشك في ذلك.
المونيتور: هل كانت تركيا على علم بمضمونه؟
كوباني: هذا مستبعد جدًا، لأننا ناقشنا مضمونه خلف أبواب مغلقة لمدة ثلاث ساعات قبل التوقيع عليه. صغنا معًا المسودة الأولية، وفي الواقع، كان الاتفاق الذي تم توقيعه ثمرة جميع المناقشات التي جرت خلال ذلك الاجتماع، وهو يمثل رؤيتنا المشتركة.
المونيتور: هناك تكهنات قوية بأن لغة إسرائيل التهديدية وتصرفاتها تجاه تركيا بشأن دورها في سوريا واحتضانها العلني للإدارة الذاتية قد أثارت قلق أنقرة الشديد، وقد يكون هذا سبب آخر لإعادة النظر في موقفها من روج آفا.
كوباني: قد تكون هذه الحجة لها وجاهتها. فتركيا، وكذلك دمشق، سيأخذان إسرائيل على محمل الجد عندما يتعلق الأمر بمخاوف إسرائيل من مدى النفوذ التركي. لذلك لم يكن من المستغرب أن نسمع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يعطي تأكيدات علنية بأن تركيا لا ترغب في أي تصعيد مع إسرائيل بشأن سوريا.
المونيتور: هل يريد الرئيس الشرع منكم أن تتنازلوا عن السيطرة على المناطق ذات الأغلبية العربية مثل دير الزور والرقة؟
كوباني: نعم، لكن هذه ليست أولوية بالنسبة إليه، إنها أولوية بالنسبة لأنقرة. ستتم مناقشة وضع تلك المناطق ولكن ما نتحدث عنه الآن هو دمج مؤسساتنا مع دمشق.
المونيتور: هل يعني هذا أن البيروقراطيين العرب وغيرهم من المسؤولين سيأتون إلى منطقتكم؟
كوباني: بالتأكيد، والعكس صحيح، سيتوجه شعبنا للعمل في دمشق حالما نتوصل إلى اتفاق لدمج روج آفا مع بقية سوريا. على سبيل المثال، يمكن لقادة قوات سوريا الديمقراطية أن يشغلوا مناصب في هيئة الأركان العامة السورية.
المونيتور: هل طُرحت مسألة إسرائيل خلال اجتماعكم مع الرئيس الشرع؟
كوباني: لا، إطلاقًا. ما سأقوله عن إسرائيل ينطبق على جميع جيراننا؛ نريد علاقات سلمية وودية مع جميع جيراننا، يمتنع فيها الطرفان عن أي أعمال عدوانية غير مبررة، ويحترمان وحدة أراضي كل منهما.
المونيتور: ماذا عن تركيا؟
كوباني: لقد نقلوا مخاوف تركيا المعروفة، ومن الواضح أنهم يأخذون هذه المخاوف على محمل الجد وسيواصلون معالجتها.
المونيتور: كانت هناك الكثير من الادعاءات بأن الرئيس الشرع ليس سعيدًا جدًا بالنفوذ التركي الكبير في سوريا.
كوباني: لم نتطرق إلى ذلك. ومع ذلك، فقد تم الحديث عن عدم الارتياح تجاه بعض الفصائل السنية المسلحة التي تدعمها تركيا وأفعالها غير القانونية، والخطة هي استيعابهم في نهاية المطاف في النظام، لكنهم يدركون التحديات التي يشتمل عليها هذا الأمر. في الوقت الراهن، يتقاسمون المسؤولية معهم في بعض المناطق، كما هو الحال في حلب على سبيل المثال، لكن هذه خطوة تكتيكية أكثر من كونها انعكاسًا لأي تمكين حقيقي لتلك الجماعات.
المونيتور: هل ناقشتم العنف في اللاذقية؟
كوباني: لقد أخبرت السيد الشرع عن مدى قلقنا الشديد إزاء المأساة التي وقعت في المناطق الساحلية والخسائر غير المقبولة في أرواح المدنيين من السكان العلويين هناك، وطالبنا بإجراء التحقيق الذي تعهدت به الحكومة بأقصى درجات الصرامة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الأعمال الشنيعة. وفي الوقت نفسه، فإن موقفنا المشترك هو أنه يجب عدم السماح لبقايا النظام بتعطيل وتخريب الجهود الرامية إلى بناء سوريا الجديدة والديمقراطية من خلال أي عمل من أعمال العنف أو الاستفزاز. إن أي جهد يبذلونه من أجل العودة إلى الوراء لن يكون مصيره إلا الفشل، ونحن ثابتون في عزمنا على مساعدة الحكومة على مقاومة أي تحركات من هذا القبيل من قبل فلول النظام كما هو منصوص عليه في اتفاق 10 مارس/ أذار.
المونيتور: ما هو تصوركم حول كيفية تطور أعمال العنف؟
كوباني: نقل السيد الشرع أن الحكومة نشرت بعض قوات الأمن الداخلي التابعة لها في المنطقة لحفظ الأمن، وأنهم كانوا مدركين تماماً للحساسيات في المنطقة العلوية. ومع ذلك، تعرضت قواتهم لهجوم من قبل فلول النظام، وقُتل العديد منهم في يوم واحد، وبالتالي اضطرت الحكومة إلى التدخل. وخلال هذا التدخل، انضمت أيضًا فصائل أخرى غير هيئة تحرير الشام ولجأت إلى عمليات قتل انتقامية إلى جانب فصائل أخرى من السكان المحليين الذين أرادوا تصفية حسابات شخصية. وقال إنه يشعر بانزعاج عميق من الأحداث، إلا أن فلول النظام هم من أشعلوا فتيل العنف، وأضاف أن اللجنة المكلفة بالتحقيق في الأحداث تواصل عملها، وعرضنا مساعدتنا للتوصل إلى حل سلمي.
المونيتور: هل طلب الشرع مساعدتكم لبناء علاقات مع الأمريكيين؟
كوباني: ما قيل هو أننا نستطيع معًا حل مشاكل سوريا وبناء مستقبل قوي معًا. وفي هذا السياق، قلنا إننا نستطيع المساعدة في بناء تعاون بينهم وبين الولايات المتحدة.
المونيتور: من المفترض أن يكون مثل هذا التعاون أساسي لمحاربة تنظيم الدولة.
كوباني: يقولون إن تنظيم يشكل تهديدًا كبيرًا وأن لديهم إستراتيجيتهم الخاصة لمحاربته. إنهم بالتأكيد حريصون على التعاون معنا لاحتواء وتدمير تنظيم الدولة. لقد اقترحنا عليهم إعادة العديد من السوريين في مخيم الهول الذين ليسوا من أبناء منطقتنا. ولم نتمكن من إرسالهم بسبب نظام الأسد، ولكن الآن الوضع مختلف. وطلبنا منهم إرسال وفد لتقييم الوضع معًا، وإجراء مراجعة أمنية لتقييم أهليتهم. وهؤلاء النساء والأطفال يريدون المغادرة. قد يكون هذا تعاونًا مهمًا جدًا. فيما يتعلق بإدارة السجون التي يُحتجز فيها مقاتلو تنظيم الدولة، يمكن للجِهات المعنية معالجة هذه المسألة.
المونيتور: هل الأمريكيون يشجعون على مثل هذا التعاون؟
كوباني: نعم، بالتأكيد.
المونيتور: هل يريد الأمريكيون البقاء في روج آفا؟
كوباني: بصراحة، لا أعرف؛ حيث يريد الجنود بالتأكيد البقاء. ولم تحدد إدارة ترامب بعد سياسة واضحة في هذا الصدد. ومن غير الواضح لنا ما هو موقفهم، فكل شيء يعتمد على الرئيس ترامب. ومن خلال ما نلاحظه، الولايات المتحدة تحدد سياستها في الشرق الأوسط مع محاولة واضحة لحماية مصالح إسرائيل. وترغب إسرائيل في بقاء القوات الأمريكية هنا بينما يستمر تهديد تنظيم الدولة. كما أن الولايات المتحدة كانت قد أبرمت اتفاقًا مع العراق بشأن العمليات ضد تنظيم الدولة. وقد يكون هذا نموذجًا. إن أمنيتنا هي أن تبقى القوات الأمريكية حتى وإن كانت بأعداد أقل.
المونيتور: قلت إن الشرع ينظر إلى تنظيم الدولة كتهديد. في هذه الحالة لا بد أنهم يريدون بقاء القوات الأمريكية في سوريا للمساعدة في إضعاف وتدمير تنظيم الدولة أيضًا؟
كوباني: هم يريدون تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة، لكن الولايات المتحدة تحافظ على مسافة بينها وبين دمشق.
المونيتور: صحيح، لكنهم لم يمنعوك من توقيع اتفاق مع دمشق وساعدوك في الوصول إلى هناك.
كوباني: وزارة الخارجية الأمريكية ترغب في الحوار مع دمشق، لكن يبدو أن البيت الأبيض لديه تحفظات قوية في الوقت الراهن.
المونيتور: كان تنظيم الدولة هادئًا بشكل غير معتاد في الأشهر الماضية. ما الذي يخطط له؟
كوباني: في رأيي، لقد زادت الظروف التي قد تؤدي إلى عودة تنظيم الدولة خلال هذه الفترة بسبب الفراغ الأمني في البلاد. لقد اتسع نطاق تحركاتهم. ووفقًا لمسؤولي الاستخبارات لدينا، إنهم ينتقلون الآن إلى المدن الكبرى حيث يمكنهم التحرك دون أن يتم اكتشافهم، مثل دمشق وحمص وحماة. إن الالحكومة والتحالف بقيادة الولايات المتحدة على علم بذلك ومن المرجح أنهم ينسقون لاتخاذ إجراءات ضدهم.
الخطر الآخر بالنسبة للحكومة هو أن تنظيم الدولة بدأ يروج للفكرة القائلة بأن هيئة تحرير الشام قد ابتعدت عن الإسلام الحقيقي وأنهم أصبحوا مرتدين. وهذا يمكن بالتأكيد أن يساعد في تعزيز تنظيم الدولة. دعونا لا ننسى أن هناك الآلاف من الجهاديين الأجانب لا يزالون يتجولون بحرية في بعض مناطق سوريا، والذين من المحتمل أن ينضموا إلى تنظيم الدولة.
المونيتور: هل يخطط حزب الاتحاد الديمقراطي لفتح مكتب لتمثيلهم في دمشق؟
كوباني: في الوقت الحالي، من يمثلنا هو مجلس سوريا الديمقراطية في دمشق، ولدى قوات سوريا الديمقراطية ممثل في دمشق أيضًا.
المونيتور: ماذا عن النفط؟ ما الذي اتفقتم عليه بشأن النفط؟
كوباني: هذه مسألة أخرى سيتم معالجتها من قبل اللجان. وفي الوقت الحالي، نحن نساعد دمشق في تلبية احتياجاتها من النفط والغاز.
المونيتور: ماذا عن الروس؟ لا يزالون في مطار القامشلي؛ حيث يريد الشرع أن يغادروا؟
كوباني: نعم، هم في القامشلي ولكن، على حد علمي، هو لا يضغط لمغادرتهم فورًا. بل سيأخذ في اعتباره بقاءهم بشرط أن يوقعوا اتفاقًا جديدًا مع حكومته. على أي حال، الروس والأتراك وهيئة تحرير الشام كانت لديهم علاقة عمل ما في إدلب ضمن اتفاق الأستانة. فهم ليسوا غرباء عن بعضهم البعض.
المونيتور: إذا أصرت الولايات المتحدة على الاستمرار في فرض العقوبات على سوريا، فقد لا يكون من المفاجئ أن تقوم الحكومة الجديدة بإعادة تجهيز جيشها بمعدات عسكرية روسية.
كوباني: النظام السوري كان مجهزًا من قبل روسيا، وما تبقى من ذلك العتاد بعد القصف الإسرائيلي هو في الغالب روسي، لذا قد يكون ذلك منطقيًا.
المونيتور: هل يشكّل بقاء الروس في مطار القامشلي مشكلة بالنسبة لكم؟ وهل لا يزال المطار مغلقًا؟
كوباني: الأمر لا يثير قلقنا. إن إعادة فتح المطار ستكون خطوة جيدة للغاية، لكن القرار بهذا الشأن يعود إلى اللجان المختصة.
المصدر: المونيتور