يرى مراقبون فلسطينيون أن “المال وحده لا يكفي” في فلسطين لإحداث تنمية مستدّامة، فما من جدوى لأية مشاريع استثمارية، وخطط اقتصادية رفيعة الأرقام أمام العراقيل والمعوقات التي تفرضها إسرائيل في الضفة الغربية، وقطاع غزة.
ويقول “رامي عبده” رئيس المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان (منظمة حقوق إنسان أوروبية شرق أوسطية، مركزها جنيف بسويسرا)، إنّ كافة التقارير الدولية، تُجمع على أن العائق الأساسي أمام التنمية المستدامة في الأراضي الفلسطينية هي “إسرائيل”، مضيفًا أنّ المنظمات الأوروبية تقوم بتمويل عشرات المشاريع في قطاع غزة والضفة الغربية ويكون مصيرها “التدمير”، و”الاستهداف” الذي يعود بالفلسطينيين إلى الوراء لسنوات وعقود.
وتابع رامي عبده: “هناك مشاريع تمول بمليارات الدولارات، ولكن للأسف تأتي إسرائيل وتقوم بتدميرها، تمامًا كما حدث لمطار غزة الدولي، الذي تشهد حجارته على أن أمنيات الفلسطينيين الاقتصادية تصطدم بالانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة”.
وفي عام 1996 تم وضع حجر الأساس لمطار غزة الدولي، والذي عرف باسم “مطار ياسر عرفات الدولي” تيمنًا بالرئيس الفلسطيني الراحل كونه صاحب فكرة إنشائه، كما تم افتتاحه عام 1998 بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وزعيم جنوب أفريقيا الراحل نيلسون منديلا، وكان المطار قادرًا على نقل 700 ألف مسافر سنويًا، ويعمل على مدار الساعة.
ومع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، تعرّض المطار للقصف الإسرائيلي المستمر والمتواصل من الدبابات والطائرات التي أحالته إلى دمار، وبعد تدميره بالكامل، وعدم تمكّن المواطنين من السفر عبر المطار، تم اعتماد معبر رفح البري الحدودي مع مصر، كمنفذ بري وحيد لقطاع غزة نحو العالم.
وفي الوقت الحالي، تغلق السلطات المصرية، معبر رفح بشكل شبه كامل وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، عقب إطاحة قادة الجيش المصري، بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي.
ويؤكد عبده أن إسرائيل تتحكم في الخارطة السياسية والاقتصادية الفلسطينية، وتقوم بعرقلة أي نشاط اقتصادي وتجاري، من خلال منعه أو تدميره، قائلاً: “نايجل روبرتس الممثل السابق للبنك الدولي في الأراضي الفلسطينية، أكد لنا كحقوقيين واقتصاديين ومن خلال تجربته أن المال في الضفة وغزة وحده لا يكفي، فما من تنمية مستدامة بإمكانها أن ترى النور في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة”.
وحسب “عادل سمارة” مدير مركز المشرق للدراسات الثقافية والتنموية في رام الله، تتكفّل إسرائيل بإفراغ كل الأمنيات الاقتصادية، وبمنع ارتفاع معدلات النمو في الأراضي الفلسطينية، حيث قال: “إسرائيل ومن خلال ما تشّنه في الوقت الحالي من عدوان في مدن الضفة الغربية كبدّت الاقتصاد الفلسطيني خسائر مادية فادحة تقدر بملايين الدولارات”.
وبحسب أرقام فلسطينية اقتصادية فإن الفلسطينيين خسروا ما قيمته 150 مليار دولار أمريكي، خلال السنوات العشرين الماضية، بسبب الانتهاكات الإسرائيلية، وتابع سمارة: “إسرائيل تعيق النمو الاقتصادي اليومي، فكيف سيكون الحال مع تنمية مستدامة، وأفق اقتصادي كامل وشامل، القطاع الخاص يعاني في الضفة من الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة، وفي غزة الحياة الاقتصادية متوقفة بالكامل”.
وأكد سمارة، أنّ إسرائيل تسعى إلى إتلاف وتدمير البنية التحتية، من خلال تدمير الطرق والمصانع والمؤسسات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي شن عملية واسعة في الضفة الغربية، في أعقاب اختفاء 3 مستوطنين إسرائيليين فقدوا مساء الخميس 12 يونيو/ حزيران الجاري، من مستوطنة “غوش عتصيون”، شمالي الخليل، لم تعلن أي جهة فلسطينية مسئوليتها عن اختطاف المستوطنين، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حمّل حركة حماس المسئولية عن اختطافهم، في حين رفضت حركة حماس هذه الاتهامات الإسرائيلية دون أن تؤكد أو تنفي صحة الاتهام.
ويرى خبير الاقتصاد الفلسطيني “مازن العجلة” أن إسرائيل تتعمدّ ضرب الاقتصاد الفلسطيني، والذهاب بمعدلات نموه إلى الهاوية، وقال مازن العجلة: “لا جدوى لأية مشاريع استثمارية أمام العراقيل الإسرائيلية المتواصلة في غزة والضفة، والأموال والخطط كلها تبقى منقوصة، فأي قوة اقتصادية مهما بلغت درجة فعاليتها تتحول إلى صفر مقابل أي عدوان إسرائيلي”.
المصدر: الأناضول