في الجزائر، تحولت ظاهرة التهاب أسعار المواد الغذائية إلى مشكلة “مزمنة” تؤرق الجزائريين مع حلول شهر رمضان من كل عام، في وقت تتقاذف فيه الحكومة والتجار المسؤولية حول أسبابها.
وفي اليوم الأول الذي يحل اليوم الأحد على الجزائر، يعود الجدل بشأن المسؤول عن الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية واللحوم، حيث يتفاجأ المواطن قبل هذا الشهر الفضيل بأن هناك زيادات تصل في بعض الأحيان إلى مائة بالمائة، حسب ما نقلت وكالة الأناضول بعد جولة بأحد الأسواق بالعاصمة الجزائر.
وسجلت أسعار الخضراوات بصفة خاصة تضاعفا على غرار “الجزر” الذي كان سعر الكيلو منه منذ أسبوع لا يتجاوز 60 دينارا (0.6 دولار) ليصل اليوم إلى 120 دينارا (1.2 دولار) أي الضعف.
وبسؤال أحد الباعة المتجولين بحي القبة بالعاصمة عن السبب، أجاب ببساطة “لست المسؤول عن ذلك، الارتفاع مصدره أسواق الجملة”.
من جانبه، قال محمد الطاهر بولنوار، الناطق باسم اتحاد التجار الجزائريين، عن أسباب هذه الزيادة الكبيرة قال “فعلا هذه الزيادات موجودة”.
وعن سبب تضاعف سعره لدى تجار التجزئة، قال بولنوار:”المشكلة متعددة الأبعاد، وأصلها هو وجود عجز في الأسواق الجوارية (الأحياء) في الجزائر، وبالتالي فإن لجوء التاجر إلى كراء (استئجار) محلات بأسعار مرتفعة بالإضافة لمستحقات النقل يزيد من نفقات التاجر بشكل يؤثر على السعر مباشرة”.
وأضاف بولنوار “لو افترضنا وجود أسواق جوارية بالعدد الكافي، والتجار يستعملون النقل الجماعي للسلع، فبالتالي تتراجع النفقات وهو ما ينعكس مباشرة على السعر بالانخفاض”.
وحسب المتحدث، فإن “الأسعار أيضا يحددها العرض والطلب، ففي الجزائر مثلا هناك دراسة تقول إن العائلات تخصص 40 إلى 45 بالمائة من الدخل الشهري لاقتناء المواد الغذائية في الأشهر العادية، وفي رمضان ترتفع المخصصات إلى 60 بالمائة”.
وتابع أن “هذه الزيادة في الطلب تؤثر في الأسعار بشكل حتمي، وتتجه بها إلى الأعلى”.
وأوضح أنه “رغم وجود وفرة في المنتجات، كما أكده أصحاب أسواق جملة، إلا أن المواطن مازال لديه تخوف مثل كل سنة من النذرة، ويلجأ إلى التخزين أياما قبل رمضان”.
ومضى المتحدث بالقول “لكن معروف أن هذه الأسعار ستعود إلى طبيعتها مع الأسبوع الثاني لرمضان لأن المواطن يعود إلى سلوكه الاستهلاكي العادي بعد أن يتاكد من وفرة السلع”.
من جهته، قال مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك: “في الجزائر يراد برمجة المستهلك بأن ارتفاع الأسعار ظاهرة عادية كل سنة رغم أنها ليست كذلك”.
وتابع: “الأمر له علاقة بوجود اختلال في السوق، وتلهف من المواطن بسبب عدم ثقته في مؤسسات مكلفة بضبط السوق حيث ينتابه في كل مرة خوف من النذرة يلجأ معه إلى التخزين”.
وأوضح أن “هذا الإقبال من المواطن يقابله التجار بانتهازية لأجل الربح السريع، والدولة دورها ليس الرقابة على الأسعار لأننا في سوق حرة ولكن دورها يبقى كسب ثقة المواطن بأن النذرة لن تحدث وهذا أمر سيأخذ وقتا طويلا لتجسيده”.
بدوره دعا وزير التجارة الجزائري، عمارة بن يونس، الأسبوع الماضي، المواطنين إلى “عدم تغيير سلوكياتهم الغذائية في رمضان، والتي عادة ما تؤدي إلى رفع الأسعار”.
وتابع في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية “أدعو الجزائريين إلى اقتناء مختلف المنتجات بصفة عادية، فهناك ما يكفي منها لعدة أشهر، ويجب عدم التهافت حتى لا يؤثر ذلك على الأسعار”.