ألقى بيل كلينتون، على مدى سبعة أيام، مجموعة خطابات حول أفكاره في موضوع الطاقة لمديرين تنفيذيين لشركات في سويسرا والدنمارك ومجموعة من المستثمرين في السويد ومجموعة من كبار رجال الأعمال والسياسيين في النمسا بأجر قدره 1.4 مليون دولار.
وهذا الأسبوع المربح من مايو 2012 يقدم لمحة عن طريقة كلينتون في توظيف شعبيته العالمية لكسب ثروة شخصية، حيث إنه بعد أسبوعين فقط من خروجه من المكتب الأبيض، ألقى كلينتون مئات الخطب المدفوعة، “ليرفع عائلته من حالة الفقر إلى حالة الغنى” كما قالت زوجته هيلاري كلينتون في وقت سابق من هذا الشهر.
وقد تم دفع ما قيمته 104.9 مليون دولار لبيل كلينتون لما مجموعه 542 مداخلة في جميع أنحاء العالم ما بين يناير 2001، عندما غادر البيت الأبيض، ويناير عام 2013، عندما عُينت هيلاري وزيرة للخارجية، وفقًا لواشنطن بوست.
وبالرغم من أن أكثر بقليل من نصف ظهوره كان في الولايات المتحدة، إلا أن معظم دخله كان من الخطب الأجنبية (56.3 مليون دولار) وكثير منهم قُدموا في الصين واليابان وكندا والمملكة المتحدة.
وكانت غالبية المداخلات التي قدمها كلينتون تُعنى بالقطاع المالي، فبنوك وول ستريت وغيرها من شركات الخدمات المالية قد استأجرت كلينتون لما لا يقل من 102 مداخلة ودفعت ما مجموعه 19.6 مليون دولار.
ومنذ أن تركت وزارة الخارجية، مشت هيلاري كلينتون على خطى زوجها على منوال العديد من الرؤساء ووزراء الخارجية في هذا المجال المربح، فقدمت العديد من المداخلات لصالح مجموعات صناعية وبنكية وغيرها من المنظمات لقاء أجر، وتبقى سجلات الأرباح خاصتها غير متاحة للجمهور، ولكن وبحسب مسئولين تنفيذيين لهم دراية برسوم التعاقدات فإن معدل خلاص المداخلة لهيلاري كلينتون يبلغ ما يفوق 200 ألف دولار، وأنه حاليًا عليها الطلب أكثر من زوجها.
هذه المداخلات يمكن أن تسبب تحديًا سياسيًا لهيلاري كلينتون في صورة ترشحها للرئاسة، فهي تعطي فرصة للمعارضين للهجوم على عائلة كلينتون لكونها تخدم مصالح الشركات الكبرى، ورفضا التعليق على هذه التعليقات كل من “مات ماكينا” المتحدث باسم بيل كلينتون، و”نيك ميريل” المتحدث باسم هيلاري كلينتون.
مداخيل كلينتون من المداخلات، خلافًا للرؤساء السابقين الآخرين، يتم الكشف والإعلان عنها في الكشف العلني السنوي لزوجته باعتبارها مكلفة بمنصب عام.
ويقدم كلينتون أيضًا مداخلات مجانية فعلى سبيل المثال: هو يقوم بزيارات متكررة لمدرسة كلينتون للخدمة العامة في جامعة أركنساس.
وتطلب عائلة كلينتون في بعض الأحيان من عرابي مداخلاتهم دفع أتعابهم كتبرع لمؤسسة بيل، هيلاري وتشيلسي كلينتون، المؤسسة الخيرية العائلية غير الربحية التي تقوم بمبادرات خيرية عالمية، ووفقًا لمكتبها، قامت هيلاري كلينتون بمنح رسوم خطبتها في خريف هذا العام في جامعة نيفادا في لاس فيغاس والبالغ مقدارها 225 ألف دولار لمؤسسات خيرية.
وقد ألقى بيل كلينتون خطبه المدفوعة لمجموعة متنوعة من مؤسسات الصناعة من موزعي الخمور في الصين إلى شركات المرافق العامة التي تعمل بالفحم في ولاية فلوريدا إلى لقائه للمديرين التنفيذيين لصناعة الأدوية في ولاية نيو جيرسي.
وقال أنتوني سكاراموسي، مؤسس سكاي بريدج كابيتال – التي دفعت 175 ألف دولار لكلينتن خلال تنظيم مؤتمرها السنوي للاستثمار في عام 2010 في لاس فيغاس – إن “كلينتون معشوق الجماهير”، مضيفًا “لم يكن هناك أحد في كابانا بيلاجيو للتشمس عندما كان الرئيس كلينتون يتحدث في قاعة المؤتمرات”.
وقد استأجرت جولدمان ساكس، بيل كلينتون لثماني خطب بما قيمته مليون و350 ألف دولار، والكثير من هذه الخطب كانت موجهة لعملاء في أماكن متعددة كباريس، وفينيكس، ومنتجع شاطئ ولاية كارولينا الجنوبية من جزيرة كياوا.
جولدمان أيضًا دفعت لهيلاري كلينتون في خطب موجهة لأصحاب المشاريع التكنولوجية في ولاية أريزونا في الخريف الماضي و لسيدات الأعمال في نيويورك هذا العام.
وقال مسئول تنفيذي لغولدمان – الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته – “خطب الرئيس كلينتون دائمًا مثيرة للاهتمام، ولكن هناك الكثير من الطلب في الوقت الراهن بالنسبة للسيدة كلينتون لأنها حديثة العهد مع الحكومة، والشعب يريد أن يسمع عن ذلك، سواء كان ذلك في إيران أو في روسيا للتعرف على التحديات الكبيرة التي واجهتها”.
وحسب تحليل واشنطن بوست فإن بنك ت.د الذي تعامل مع كلينتون من خلال 10 خطب فهو أكثر مؤسسة مانحة حيث دفعت له حوالي 1.8 مليون دولار، مما يجعلها أكبر راعي له في المجال المالي، وهذا البنك أسسه “جو ريكيتس” أحد أكبر المانحين لحملات الجمهوريين وللمحافظين.
الخطب المدفوعة هي أكبر مصادر الدخل لعائلة كلينتون، على الرغم من أن كلا من بيل وهيلاري قد حصلا أيضًا على عشرات الملايين من الدولارات في كتابة الكتب وكمية أصغر من خلال استثماراتهم.
في خطاباته، بيل كلينتون يتحدث عن قضايا السياسة العامة في الوقت الراهن، المحلية والأجنبية، مع ربط تصريحاته مع مصالح رجال الأعمال الذين يرعونه، إنه كثيرًا ما يتحدث ليشد إليه الجمهور في اهتمام كبير، وإجابته على الأسئلة تكون بأسلوب هزلي مع استغلال تجربته في البيت الأبيض ولسنوات طفولته في ولاية اركنساس.
وقال كلينتون في عام 2012 “إن هذه الخطب تجعلني أشعر وكأنني رئيس مرة أخرى”، وذلك أمام حشد كبير للاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة ، والتي دفع له 200 ألف دولار.
كلينتون يقدم خطابات أيضًا لتجار التجزئة وذلك من خلال استغلال موروث والدته التجاري.
في عام 2011، دفع تحالف الأعمال والمعلومات بوادي السيليكون لبيل كلينتون ما قيمته 200 ألف دولار لمخاطبة حوالي 400 رجل أعمال حول قضايا التجارة مع الصين والأزمة المالية في أوروبا، وقال :جيمس تساى” وهو محام ورئيس للتحالف “تحدث كلينتون لمدة ساعة تقريبًا، أجاب عن الأسئلة ووقف لالتقاط الصور.”
وكان التحالف مسرورًا بظهور بيل كلينتون محاولاً التعامل مع هيلاري كلينتون في عام 2013 حول موضوع “سيدات الأعمال” لكنها رفضت الدعوة.، وقال جيمس تساى إنه لا يعرف سبب هذا الرفض، ولكن لاحظ أن الرسوم التي عرضت لهيلاري كانت أقل من المبلغ المدفوع لبيل.
يقول بعض المتعاملين مع عائلة كلينتون إن العقود المنضمة لهذه الخطب كانت تشترط منع تسجيل كلماتهم أو توزيع الفيديو أو نص ملاحظاتهم.
وقال تشاك كار، نائب رئيس معهد رسكلة الصناعات، الذي استأجر بيل كلينتون للتحدث في عام 2009 وهيلاري كلينتون في أبريل/ نيسان: “ليس هناك الكثير من التفاوض في العقود المبرمة مع عائلة كلينتون”.
العقود عادة ما تكون غير مكشوفة أمام وسائل الإعلام، على الرغم من أن بعض اللقاءات الأخيرة لهيلاري كلينتون كانت مكشوفة للصحفيين، بما في ذلك كلمتها المدفوعة في شيكاغو إلى جمعية اتحاد الإنتاج الطازج ومعهد التسويق الغذائي في 10 يونيو، وهو اليوم الذي تم فيه تسويق كتابها الجديد “خيارات صعبة”.
على الرغم من أن العديد من الرؤساء السابقين لم يخوضوا هذه التجربة في التقاعد، إلا أن بيل كلينتون وعلى غير العادة فقد كان مورد رزقه الأول من الخطب التي يلقيها. وكان أكثر عام ازدحامًا على الإطلاق سنة 2012، عندما أعطى 72 خطبة مدفوعة ليكسب منها 16.3 مليون دولار، وفقًا لبيانات الواشنطن بوست.
وقال كلينتون هذا الأسبوع “فوجئت أن الناس لا يزالون يريدون مني أن أقدم محادثات” في مقابلة له مع محطة إن بي سي.
وقال “روثرفورد” وهو صديق ومستشار لكلينتون منذ فترة طويلة: “لا اعتقد أنهم ينظرون إليه على أنه الرئيس السابق، اعتقد أنهم ينظرون إليه على أنه قائد عالمي، ونتيجة تلك المكانة، نجد أن العديد من المؤسسات تريد أن يقدم لها خطاباته”.
في الأسابيع التي لحقت ترك كلينتون البيت الأبيض كانت العروض “تتراكم مثل الطائرات فوق لاغوارديا في يوم ضبابي”، بحسب ولكر لواشنطن بوست.
ألقى كلينتون خطابه الأول يوم 5 فبراير 2001، في منتجع الغولف في بوكا راتون بولاية فلوريدا ودفعت الشركة المنتفعة لكلينتون مبلغ 125 ألف دولار.
في عام 2008، تم دفع 125000 لكلينتون لتقديم مداخلة لمؤتمر في نيويورك استضافه بنك رودمان ورينشو، وهو البنك المتخصص في الاستثمار في الشركات الصينية، وتحدث كلينتون مرة أخرى للشركة في عام 2010 بأتعاب قدرها 75000 دولار.
بعد ذلك بعامين، بدأ بنك رودمان ورينشو بإغلاق أعمال الأوراق المالية، ورفض يان غيرون، الذي عينته المحكمة وصي إفلاس للبنك، التعليق مكتفيًا بالقول “الوضع الحالي للشركة هو الذي يتم تصفيته”.
في عام 2013، بلغت رسوم كلينتون من الصندوق القومي اليهودي لإلقاء كلمة في حفل عيد الميلاد التسعين للرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز 500 ألف دولار، وتسربت هذه المعلومة إلى الصحافة مما أثار ضجة، هذه الرسوم برمجت في البداية أن تدفع لمؤسسة كلينتون، ولكن الرئيس السابق حولها إلى مؤسسة خيرية إسرائيلية.
الرؤساء السابقون أثاروا أيضًا جدلاً مع كلماتهم المدفوعة، فبعد وقت قصير من مغادرته منصبه في عام 1989، تلقى “رونالد ريغان” مليوني دولار لمقابلة رجال الأعمال في طوكيو في وقت كانت الولايات المتحدة في نزاع تجاري حاد مع اليابان. “جورج بوش الأب” تحصل هو أيضًا على الملايين من الدولارات ليتحدث إلى عديد الشركات في جميع أنحاء العالم.
ويتم حاليًا إقناع الأسماء الكبيرة ، بما في ذلك “جورج بوش” والرئيس الفرنسي السابق “نيكولا ساركوزي”، لتقديم خطبهم أمام العديد من المؤسسات.
وقال سكاراموسي، وهو جمهوري ومن كبار جامعي التبرعات: “عندما تحصل على كلب كبير، يمكنك الحصول على بقية الناس من بعده”، وقال “الرئيس كلينتون ساعد بمفرده لإضفاء الطابع المؤسساتي وتعزيز هيبة ومصداقية التظاهرات التي ننظمها.”
وقال سكاراموسي “حاولت حجز هيلاري كلينتون لمؤتمر 2014 خلال الشهر الماضي، لكنها رفضت”، وقال: “من الواضح أن الطلب عليها مرتفع جدًا “.
المصدر: واشنطن بوست