أزمة “بلبن”.. هل تُدار بيئة الاستثمار في مصر بمزاج السلطة؟

في الوقت الذي تهيمن فيه على الساحة الإقليمية والدولية أحداث جسام، وتطورات خطيرة، بدءًا من الوحشية الإجرامية الإسرائيلية في قطاع غزة والمجازر التي لا تتوقف ليلًا نهارًا، مرورًا  بالحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وصولًا إلى المفاوضات الأمريكية الإيرانية ما بين مسقط وروما، كان الشارع المصري مشغولا بأمر أخر سحب البساط مؤقتًا من تحت أقدام كل تلك الأحداث سالفة الذكر.

جدل واسع النطاق أحدثه قرار إغلاق سلسلة المطاعم الشهيرة “بلبن” المالكة لعدد من العلامات التجارية الأخرى مثل “وهمي، كنافة وبسبوسة، كرم الشام، عم شلتت”، ما تسبب بإيقاف أكثر من 25 ألف عامل بحسب المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة الشركة، مؤمن عادل.

يأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من إغلاق عدد من فروع تلك السلسلة في السعودية وإزالتها من تطبيقات التوصيل داخل المملكة، بعد شكاوى بشأن تسجيل حالات تسمم جماعي في الرياض وفقًا لما أعلنته السلطات السعودية، ما أسفر عن صدور قرار بالإغلاق الكلي لحين التحقيق في الأمر.

أحداث متسارعة وغير منطقية شهدتها تلك الواقعة التي تصدرت اهتمامات الشارع المصري على منصات التواصل الاجتماعي، فبعد ساعات قليلة من قرار الإغلاق فوجئ الجميع بالصفحة الرسمية للسلسلة تقدم شكرًا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسط أنباء عن إعادة افتتاح الفروع مرة أخرى وإلغاء قرار التشميع، وسط حالة ذهول من قبل المتابعين للمشهد وتساؤلات حرجة عن مسببات اتخاذ قرار الإغلاق ودوافع التراجع عنه بهذه السرعة.

فما الذي حدث؟ وأي رسائل حملتها تلك الواقعة بشأن العلاقة بين السلطة ومجتمع الأعمال في مصر وانعكاسات ذلك على صورة وسمعة الاستثمار في السوق المصري؟

الحكاية.. تفاصيل متسارعة

قبل 3 أسابيع سجلت العاصمة السعودية الرياض حالات تسمم جماعي بين مواطنين ومقيمين بعد تناولهم منتجات من فروع “بلبن”، إثر البلاغات المتكررة، ما دفع الجهات الصحية السعودية بإغلاق جميع فروع تلك السلسلة مؤقتًا حتى الانتهاء من التحقيقات والتحاليل اللازمة.

الخبر حينها أثار لغطًا كبيرًا لدى الشارع المصري، حيث تم قراءته بأكثر من لغة، البعض شكك في صحة تلك الأنباء معتبرًا أن هناك مؤامرة ممنهجة لإغلاق السلسلة بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها في وقت قياسي جدًا، واستطاعت سحب البساط من تحت العشرات من العلامات التجارية الشهيرة ذات الحضور القديم في المملكة.

وقبل أن يجد الناس إجابة مقنعة عن تساؤلاتهم بشأن ما حدث في الرياض، فوجئوا قبل يومين بالواقعة ذاتها تتكرر في مصر، حين تلقت مديرية الصحة بالجيزة بلاغاً يفيد بإصابة ثلاثة مواطنين بالغثيان والقيء وآلام المعدة، عقب تناولهم وجبات من فرع “بلبن” في الشيخ زايد بمدينة السادس من أكتوبر، حيث نقلوا إلى المستشفى وأجريت لهم الفحوصات اللازمة لتستقر الحالة الصحية لهم سريعًا.

بعدها بساعات قليلة أجرت محافظة الجيزة عبر لجنة صحية تابعة لها، مكلفة من مجلس الوزراء، حملة تفتيش شاملة على الفرع محل الواقعة، حيث رصدت فيه مخالفات صحية جسيمة، أبرزها استخدام مواد خام منتهية الصلاحية، وسوء تخزين للمواد الغذائية، حسب بيان المحافظة، ليصدر المحافظ عادل النجار في الحين قرارًا فوريًا بإغلاق وتشميع الفرع.

إلى هذا الحد ربما يكون السياق منطقيًا، لكن سرعان ما اتخذت الأزمة أبعادًا أخرى، حين أعلنت المحافظة إغلاق 11 فرعًا للسلسلة، كـ “إجراء احترازي”، قبل أن يتوسع الأمر ليشمل 110 أفرع يعمل فيها أكثر من 25 ألف عامل، فيما تضمن قرار الإغلاق العلامات التجارية الأخرى المنضوية تحت السلسلة في تطور مثير للجدل.

في مواجهة هذه الهجمة نشرت سلسلة “بلبن” عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك بيانًا تكذب بيان المحافظة الخاص بإرجاع قرار الإغلاق لأسباب صحية ووجود حالات تسمم جراء تناول وجبات من أحد الفروع، مؤكدة أنه لا يوجد بلاغ طبي ولا تقرير رسمي يؤكد هذا الكلام، لافتة أن ما يحدث أمر “غير مفهوم وأكبر من مجرد ملاحظة أو مخالفة”، موضحة أن قرار إغلاق بعض الفروع إجراء إداري لأسباب تنظيمية.

وتلا هذا البيان استغاثة أخرى وجهتها السلسلة إلى رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، وأجهزة الدولة المصرية، أوضحت فيها توقف نشاط الشركة بالكامل داخل مصر، بعد إغلاق جميع الفروع البالغ عددها 110 فروع، إلى جانب المصانع والمنشآت التابعة لها، مضيفة أن الشركة كيان مصري خالص نشأ بأياد مصرية، وأنها تدر عملة صعبة للدولة ويعد غلقها خسارة اقتصادية كبيرة.

وردًا على هذا البيان أصدرت هيئة سلامة الغذاء بمصر (حكومية) تقريرًا قالت فيه إنه بعد أكثر من 47 زيارة أجريت لمحال ومنشآت غذائية تابعة لـ “بلبن” تم التوصل إلى وجود بكتيريا ممرضة في عديد من المنتجات الغذائية المعدة للتداول، وتؤثر في الجهاز الهضمي بصورة أساسية، وتعد من الأسباب الرئيسة للتسمم الغذائي، وعليه قررت الهيئة اتخاذ إجراءات نظامية للتعامل مع تلك الأخطاء، شملت إغلاق النشاط موقتاً للعلامات التجارية، لحين تصحيح وتوفيق الأوضاع، ومصادرة وإعدام كميات من المنتجات غير الصالحة للاستهلاك الآدمي.

بعد ساعات قليلة من تقرير هيئة سلامة الغذاء خرج المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة “بلبن”، مؤمن عادل، في مداخلة هاتفية تلفزيونية مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه “الحكاية” المقدم عبر شاشة “إم بي سي مصر”، ليعلنها صريحة، أنا خدام الدولة، وتحت أمرها في أي شيء تطلبه مني، لكن تراجعوا عن قرار الإغلاق لأنه يشرد 25 ألف عامل، موجها خطابه لرئيس الجمهورية.

لم يستغرق الأمر طويلا، ليتفاجأ الجميع ببيان رسمي للشركة، السبت 19 أبريل/نيسان الجاري، توجه فيه الشكر للسيسي، مؤكدة أنها تلقت استجابة سريعة وتدخلًا مباشرًا من الرئيس، ودعوة لعقد اجتماع عاجل مع الجهات المتخصصة، للالتزام الكامل بمعايير السلامة والعمل داخل السوق المصرية، لتدخل الأزمة نفقًا سريعًا من التبريد، ليس في مصر وحدها.

اليوم وعلى صفحة السلسلة على “فيس بوك” أعلنت بشكل رسمي عودة فتح فروعها في السعودية بعد إغلاق دام لأكثر من 20 يومًا، تزامن ذلك مع بدء انفراجة في مصر، حيث كتبت ” نُعلن بفضل الله وتوفيقه صدور القرار المنتظر بإعادة فتح فروع بـ “لبن” في المملكة العربية السعودية البلد التي احتضنتنا قياده و شعبا و كانت نقطه انطلاقنا في الخليج العربي.. ويأتي هذا تزامنًا مع بدء انفراجه الأزمه في مصر بناء علي  توجيهات القائد الأب عبد الفتاح السيسي في مشهد لا نراه إلا تجليًا للفرج بعد الضيق، ولطف الله الذي لا يتأخر أبدًا”.

غموض يفتح باب التكهنات

السرعة الهائلة التي سارت بها أحداث تلك الواقعة من الإغلاق الكامل داخليًا وخارجيًا إلى التراجع عن القرار بشكل مفاجئ، دون تبيان تفاصيل ما حدث، منذ لحظة اتخاذ القرار وحتى التراجع عنه، وهي الفترة التي لا تتجاوز اليومين أو الثلاثة أيام على أقصى تقدير، فتحت الباب أمام عدد من التساؤلات والتكهنات:

1 – ما الأسباب الحقيقية التي أدت إلى قرار إغلاق وتشميع 110 فرعًا مرة واحدة؟.. فإن كان المبرر كما أشارت المحافظة في بيانها مخالفات صحية، وهو ما ترتب عليه إغلاق فرع الشيخ زايد محل الواقعة، فلماذا أغلقت كل الأفرع الأخرى على مستوى الجمهورية؟ فهل تم مراجعة كل تلك الأفرع؟ وهل هذا معتاد في مثل تلك الحالات حين يكون فرعًا مخالفًا لإحدى العلامات التجارية أن تغلق كافة الأفرع كإجراء احترازي؟

2 – إذا كان سبب الغلق كما هو مُعلن مخالفات صحية جسيمة، وفق البيان الرسمي، فيما علقت السلسلة بأنها مخالفات إجرائية تنظيمية، فهل صححت الشركة من أوضاعها، صحية كانت أو تنظيمية بهذه السرعة خلال تلك الساعات القليلة ليعاد النظر في القرار ويتم التراجع عنه؟ وهل هذه المرونة متبعة مع بقية العلامات التجارية الأخرى؟

3 – هل هناك موقف ما من سلسلة “بلبن” تحديدًا؟ بمعنى أكثر وضوحًا: هل أغضبت الشركة أيًا من كبار المسؤولين فانقلب عليها بهذه الصورة؟ هل نافست مثلا سلاسل تجارية أخرى تابعة لمحاسيب النظام فقرر معاقبتها؟

4 – مثل تلك التساؤلات تقودنا إلى تساؤل أخر: هل ما حدث مع “بلبن” شبيه بما حدث سابقًا مع رجل الأعمال صفوات ثابت رئيس شركة “جهينة” التي تعد واحدة من أكبر شركات المنتجات الغذائية في مصر حين رفض الانصياع للضغوط الممارسة عليه للتنازل عن بعض أسهم شركته لجهات ما؟

5 – هل رفض ملاك السلسلة التعاطي مع الطلبات التي طلبت منهم من مسؤولين أو جهات كبيرة في الدولة كتبرع أو دعم على سبيل المثال أسوة بما تفعله كبريات السلاسل التجارية في الدولة وكان نتيجة لذلك اتخاذ هذا الإجراء من باب “قرصة ودن” و “إظهار العين الحمراء” للشركة وملاكها؟

شركة “بلبن”.. جدل هو هوية المُلاّك

الصعود الصاروخي لسلسلة “بلبن” في مصر كان مثار جدل كبير لدى الجميع، العامة والنخبة، فالشركة التي تأسست عام 2021 وكانت عبارة عن محل ألبان صغيرة في الإسكندرية متخصص في الحلويات التقليدية مثل “الارز باللبن” و “أم علي” استطاعت اليوم أن تبني امبراطورية اقتصادية غير مستوعبة، ليصل عدد فروعها إلى أكثر من 150 فرعًا في مصر وخارجها.

هذا الأمر دفع موقع “صحيح مصر” الاستقصائي للبحث في خلفية مُلاّك تلك السلسلة وكيف بنوا تلك الإمبراطورية الاقتصادية الكبيرة في غضون أقل من 5 سنوات في الوقت الذي تٌغلق فيه مئات المصانع والشركات بسبب العثرات التي تواجهها جراء العراقيل والتحديات التي تعترض نشاطاتها وأعمالها، لتظهر الكثير من الحقائق المثيرة للجدل حول نشاط الشركة ونفوذها الإقليمي والدولي، وحصول أصحابها على جنسيات دول تعتبر ملاذات ضريبية سيئة السمعة.

  • في نهاية العام الذي تأسست فيه الشركة (2021) وصل عدد فروعها لنحو 22 فرعًا في القاهرة والإسكندرية
  • في نهاية 2023 افتتحت المجموعة علامات تجارية جديدة، أبرزها: “وهمي” للوجبات السريعة، “عم شلتت” للفطائر، “كرم الشام” للشاورما، و”كنافة وبسبوسة”. وامتلكت المجموعة 53 فرعًا في محافظات الجمهورية، منها 18 فرعًا في صعيد مصر.
  • في نفس العام بدأت الشركة توسع نشاطها ليتجاوز الحدود المصرية، حيث افتتحت 3 فروع في السعودية.
  • في عام 2024، افتتحت السلسلة 91 فرعًا إضافيًا في مصر، و30 فرعًا في السعودية، و14 في الإمارات، و7 في الأردن، و3 في سلطنة عُمان، و3 في قطر، وفرعين في ليبيا، وفرعين في المغرب، وفرع في الكويت، كما يتم التخطيط لافتتاح فروع في البحرين، العراق، أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الجاري.

  • البيانات المسجَّلة لشركات “بلبن” بشأن أصحابها وملاكها تظهر وجود بعضهم خارج البلاد وأخرين غير معروفين، ولكن في الواجهة ثلاثة أسماء: الأخوان مؤمن وكريم عادل رمضان محمد عمار، وإسلام سلامة.
  • يمتلك مؤمن عادل، بمساعدة شقيقه كريم، شركة “بلبن للاستثمار” التي أُسِّست في سلطنة_عمان عام 2023، برقم 1502990 في السجل التجاري العُماني، وبرأسمال قدره 10 آلاف ريال عُماني (ما يعادل 1.3 مليون جنيه مصري). يمتلك كريم 10% فقط من الشركة، بينما يمتلك مؤمن 90%
  • أسس كريم شركة أخرى تعمل في مجال النقل البري للبضائع والشحن في أغسطس/أب 2024، تحت اسم “ليكس كارجو موفرز”، وفي نفس العام أسّس شقيقه مؤمن شركة في بريطانيا باسم “B.LABAN EUROPE LTD”، برقم 16125142 في السجل التجاري البريطاني، وبرأسمال 10 آلاف جنيه إسترليني، ويشاركه آخرون لا تظهر أسماؤهم في قواعد البيانات.
  • تُظهر وثائق الشركة البريطانية أن مؤمن يحمل جنسية “سانت كيتس ونيفيس”، وهي دولة كاريبية تُعرف بكونها ملاذًا ضريبيًا، لا تفرض ضرائب على الدخل أو الثروة أو الميراث، وتسمح بالحصول على الجنسية مقابل تبرع للحكومة بقيمة 250 ألف دولار، أو شراء عقار بقيمة 400 ألف دولار، كما تتيح تلك جنسية تلك الدولة لأصحابها إخفاء الهوية، والحصول على إعفاءات ضريبية، والحماية من إجراءات التقاضي المعقدة، ما يجعلها خيارًا مفضّلًا لكثير من رجال الأعمال الباحثين عن سرية بياناتهم وإخفاء هوياتهم والمرونة الضريبية، وقد أدرجت تلك الشركة في القائمة السوداء للاتحاد الأوروبي عام 2018، ثم أُزيلت منها في فبراير 2020. وتضم القائمة الدول التي لم تلتزم بمعايير الشفافية الضريبية أو لم تتخذ إجراءات كافية لمكافحة التهرب الضريبي.
  • أسّست مجموعة  “بلبن” شركة أخرى في الولايات_المتحدة باسم B.LABAN INC، في منطقة بروكلين بنيويورك، وتحمل الرقم 7575084 في السجل التجاري للولاية، وذلك عن طريق شخص يُدعى أنور الطاهري، ويعمل كوكيل لها، وهناك اثنان آخران من المديرين، لكن تم حجب أسمائهما من قِبل الموقع.

رسائل إيجابية محفوفة بالقلق والريبة

واقعة “بلبن” حملت بين ثناياها العديد من الرسائل، بعضها إيجابي ومُحفز، والأخر مٌريب بشكل كبير، الأمر الذي دفع الكثير من المراقبين لعدم تمرير تلك الحادثة مرور الكرام، ولابد أن توضع تحت مجهر الدراسة والاهتمام لتعلم الدروس المستفادة وتجنب تكرار الأخطاء، إذا ماكانت هناك نية حقيقية في تحسين المشهد الاقتصادي وإيصال رسائل طمأنة لرؤوس الأموال والمستثمرين.

الرسالة الإيجابية الأبرز في الموضوع تلك السرعة التي تحركت بها الدولة ممثلة في رئيسها لحل تلك الأزمة بصورة عاجلة، غير معهودة، وإنقاذ أحد العلامات التجارية القوية في السوق المصري وحمايتها من الانهيار والوقوع في فخ البيروقراطية المملة التي طالما تسببت في هدم الكثير من المشروعات والنجاحات سابقًا.

لكن على الجانب الآخر فإن الغموض الذي شاب الواقعة، بداية من سرعة قرار إغلاق فرع الشيخ زايد محل الواقعة، ثم شموله 11 فرعًا أخرين، وصولا إلى الأفرع الـ 110 كاملة، ثم التراجع عن القرار بهذه الصورة، بما ينسف المبررات التي ساقتها المحافظة لتبرير قرارها السابق، وذلك بعد اللقاء الذي عقده ممثلو الشركة مع المسؤولين المصريين.

كل هذا يبعث برسائل مريبة لكل من يفكر في ضخ استثمارات في السوق المصري، فالأمور لا تسير بهذه الطريقة العشوائية، قرارات تتم بشكل فردي وربما انتقامي ابتزازي، ودون نظام مؤسسي، لاسيما بعد التلميحات التي أثيرت بشأن تقديم الشركة للثمن – الباهظ بطبيعة الحال- مقابل نظير التراجع عن قرار الغلق، وهي التلميحات التي لم يصدر ما يؤكدها وإن كان لها سوابق معروفة.

الجدل أيضًا ينسحب على السرعة الصاروخية التي صعدت بها بعض السلاسل التجارية والاقتصادية في مصر خلال الآونة الأخيرة، والتي هبطت بـ “براشوت” على السوق دون تمهيد أو مؤشرات أو خلفيات سابقة، هذا الصعود غير المنطقي وغير المقنع والذي بات سمة وظاهرة اقتصادية مريبة في المشهد المصري السنوات الماضية.

فالأمر لا ينحصر في سلسلة “بلبن” وفقط، بل هناك مؤسسات وكيانات أخرى ربما تجاوزت تلك الشركة بمحطات كثيرة أبرزها امبراطورية “العرجاني” المثيرة للجدل، ومن قبلها مجموعة هشام طلعت مصطفى العقارية، كيف صعدت تلك الشركات بتلك السرعة في هذا الوقت القصير؟ وأين الرقابة عليها؟

وتعيد تلك التطورات الذاكرة إلى نظرية تزاوج المال بالسلطة، والتي ظهرت بداية الأمر خلال عهد أنور السادات، كما هو الحال مع رجل الأعمال عثمان أحمد عثمان ووزير الزراعة ورئيس مجلس الشعب أنذاك السيد مرعي، ثم تعاظمت بشكل أكثر فجاجة خلال عهد حسني مبارك، كما توثقه عائلات حسين سالم والجمال (صهر جمال مبارك) ومجدي راسخ (صهر علاء مبارك)، وصولا إلى العرجاني وصافي وهبة وأبو هشيمة في الوقت الحالي.