في حادثة فريدة من نوعها، فقدت عاصمة الثورة السورية، ليلة الجمعة، أحد أبرز رموز الثورة في مدينة حمص وسط البلاد، حسين محمد علي غليون، المعروف باسم “الخال”، الذي فقد حياته على يد العميد الطيار في نظام الأسد، علي شلهوب، في تطور يعكس استمرار الثورة.
لم يتوانَ الخال، الذي عرف كقناص بارع، عن مهامه بحماية المدنيين في حمص، التي ما زالت تقدّم الشهداء في سبيل نيل الحرية ونشر الأمن والأمان، حيث سارع لتنفيذ مهمة أمنية للقبض على مجرم الحرب الفار من العدالة علي شلهوب، الذي رمى قنبلته صوب الدورية الأمنية قبل أن تتمكن من تحييده.
كيف وقعت حادثة مداهمة منزل عميد البراميل المتفجرة؟
أفاد “أبو أحمد”، نائب مسؤول مفرزة الأمن العام في وادي الذهب، لـ”نون بوست” بأن العميد شلهوب، كان تحت المراقبة منذ مدة، وعندما علموا بمكان تواجده في منزله الواقع في شارع الخضري بحي وادي الذهب، داهمت قوات الأمن العام بقيادة الخال أبي بشار غليون، منزله في حدود الساعة العاشرة مساء الخميس 24 أبريل/نيسان الجاري، وأوعزت للسكان بعدم الخروج من منازلهم حرصًا على سلامتهم.
أبو أحمد أضاف أنهم عندما دخلوا المنزل، كانت زوجته في المنزل والإنارة ضعيفة، وقاموا بتفتيشه فوجدوه مختبئًا داخل كنبة، وفي يد مسدس وبالأخرى قنبلة جاهزة للانفجار، فرمى القنبلة وأطلق الرصاص، ليتم تحييده على الفور، ما أسفر عن مقتل القيادي حسين غليون (الخال أبو بشار) وإصابة خمسة عناصر من قوات الأمن العام بجروح متفاوتة.
من هو الخال؟
حسين محمد علي غليون، المولود في حي باب الدريب بمدينة حمص، يُكنّى بـ”أبي بشار”، أبٌ لخمسة أولاد (ثلاثة صبيان وبنتين)، كان من أبرز القناصين ضد نظام الأسد في أحياء حمص خلال فترة الحصار التي استمرت لعامين من 09 يونيو/ حزيران 2012، إلى 09 مايو/ أيار 2014، كما يقول المنشد الثوري غسان السرحان (أبو سامر الحمصي) لـ”نون بوست”.
يُعدّ “الخال” من أبطال حمص المحاصرة الذين أبت نفوسهم الذل والهوان، فضحى بكلّ ما يملك في سبيل إسقاط حكم نظام الأسد على مدى السنوات الـ14 الماضية، وفقًا للمنشد السرحان، فبعد تهجير ثوار حمص إلى ريفها الشمالي عام 2014، تابع نضاله على جبهات ريف حمص الشمالي، لينتقل خلال تهجير الريف الحمصي عام 2018 إلى جبهات ريف حلب الغربي، وانضم إلى “حركة أحرار الشام”، وخاض أشرس المعارك هناك، إضافة إلى جبهات إدلب وحماة.
ومؤخرًا، في معركة “ردع العدوان“، كان في أولى المتقدمين في تحرير مدينة حلب، وعاد إلى مدينته حمص فاتحًا في 08 ديسمبر/كانون الأول 2024، وتابع سيره إلى تحرير دمشق، ثم انضم إلى جهاز الأمن العام ليتابع عمله في تنظيم إدارة أمن المدينة التي رواها بدمائه، حسب غسان السرحان.
يقول الصحفي بلال شرف الدين، أحد إعلاميي حمص المحاصرة، لـ”نون بوست”، إن حسين غليون كان يتمتع بشعبية كبيرة، وذلك لبساطته ودماثة أخلاقه ومعاملته الحسنة وتواضعه وسماحة طبعه، فله مناقب كثيرة، فهو صاحب بأس شديد ومقدام في المعارك ضد النظام البائد، وعطوف رحيم مع رفاقه.
وأوضح شرف الدين أن الخال حسين غليون، انتسب بداية تسليح الثورة السورية إلى “كتيبة الأنصار”، ثم تسلم جناح القناصة، فعُرف بلقب الخال القناص، وهو لقب مُحبّب للثوار، فبعد أن أذاق النظام البائد الويلات، بدأ بعد تحرير حمص بالتخطيط لترتيب إدارة القطاعات في حمص لبسط الأمن وحماية المدنيين، إلى غاية المداهمة التي أودت بحياته.
تشييع الخال من مسجد خالد بن الوليد إلى مقبرة الكتيب
يصف شرف الدين، المعروف باسم “أبو رامي الحمصي”، المصاب بمقتل الخال بالعظيم، لكن الفرحة بأنه قضى شهيدًا على يد مجرم حرب، كونه من أوائل الثوار وطالما تمنى الشهادة، مشيرًا إلى تشييعه في مسجد الصحابي خالد بن الوليد الواقع في حي الخالدية، وصلى عليه الشيخ حسن الأقرع، القاضي الشرعي الأول في حمص، وسار في الجنازة زهاء ألف مشيّع، من بينهم دوريات من الأمن العام وعناصر، ورؤساء قطاعات، وصحفيون ونشطاء.
ودفن الخال في مقبرة الكثيب، قرب قبر الشيخ محمود جنيد، أحد أهم علماء حمص، المقبرة المطلة على حمص القديمة التي كان مرابطًا على جبهاتها، والشهيرة كونها تُعد ثاني أكبر مقبرة تاريخية إسلامية تضم نحو 300 ضريح من الصحابة رضوان الله عليهم، بعد مقبرة البقيع في المدينة المنورة، منوهًا إلى تعرض المقبرة للخراب والدمار على يد نظام الأسد.
من هو العميد الطيار علي شلهوب؟
علي شلهوب هو ضابط بارز في سلاح الجو التابع لنظام الأسد، عُرف بدوره الكبير في تنفيذ الهجمات الجوية التي استخدمت فيها البراميل المتفجرة ضد مناطق سيطرة المعارضة السورية، حيث يُعد شلهوب أحد رموز الحرب الجوية التي شنها النظام خلال الثورة السورية، ويتهم بالضلوع المباشر في مئات الغارات الجوية التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء. بدورها، وثقت منظمات حقوق الإنسان الدولية تلك الانتهاكات، واعتبرت أن شلهوب يتحمل مسؤولية مباشرة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مما جعله هدفًا للملاحقة من قبل قوى أمنية وميدانية.
حسب مصادر محلية، فإن علي شلهوب، قائد مروحية “البراميل المتفجرة”، قد خدم في عدة مطارات وقواعد عسكرية، من بينها تفتناز، حيث شارك في أولى حملات البراميل ضد المدنيين، كما خدم في مطار حماة العسكري وقاعدة جب رملة الجوية، في حين عمل في مطار حميميم كموقع دعم وتنسيق مع القوات الجوية الروسية التي شاركت في قتل الشعب السوري.
تدرّج شلهوب، المنتمي للطائفة العلوية، في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة عميد في سلاح الجو، وعُرف بدقته العالية في تنفيذ عمليات الاستهداف ضد المدنيين، حيث لعب دورًا تنفيذيًا محوريًا في تكتيك البراميل، والذي أصبح علامة مسجلة في الجرائم الجوية بسوريا، ما جعله محل تكريم من شخصيات بارزة في النظام البائد، على رأسهم جميل الحسن وسهيل الحسن.
#عاجل استشهاد القائد العسكري في إدارة العمليات العسكرية أحمد الوزير أبو عكر من حي #بابا_عمر خلال عملية التمشيط على فلول ميليشيات أسد في منطقة #تلكلخ غربي #حمص
استشهاد المرابط محمد عبد القادر الخليل أبو عبدو تلبيسة أثناء التمشيط على فلول ميليشيات أسد في منطقة #بانياس بريف #طرطوس pic.twitter.com/XyuYet8QCe
— مزمجر الثورة السورية (@mzmgr941) January 25, 2025
لم تكن حادثة مقتل البطل الثوري حسين غليون (أبو بشار) الأولى، ولن تكون الأخيرة طالما هناك مجرمو حرب فارون من العدالة في حمص وبقية المحافظات، فقد سبق أن قُتل القيادي أحمد وزير (أبو عكر)، المنحدر من حي بابا عمرو، أثناء تمشيط منطقة تلكلخ غربي حمص من فلول النظام البائد في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، وسبقه في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2024 مقتل سالم جنباز (أبو لؤي)، قائد عسكري من مرتبات فيلق الشام، على ذات الجبهة.