ترجمة وتحرير نون بوست
“طالما بقينا في إسرائيل، نعرف أن مصيرنا سيكون السجن، نحن لا نريد أن نعود إلى إسرائيل، نريد أي فرصة ممكنة للخروج من هنا”.
“جاك آدم” الذي يبلغ من العمر 31 عامًا هو مجرد أحد آلاف اللاجئين من جنوب السودان وإريتريا، الذين يعيشون داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي بطريقة غير مشروعة، وقد بدأ إضرابًا عن الطعام قبل يومين بعد أن تم طرده وآخرين من قطعة أرض كانوا يقطنون بها في صحراء النقب شمال الحدود المصرية الإسرائيلية.
بعد ظهر الجمعة، اقتحم آدم ورفاقه اللاجئين مركز الاحتجاز في نيتسانيا وتوجهوا إلى الحدود المصرية مطالبين بفتحها وأن تسمح لهم السلطات بمغادرة إسرائيل، لكن المتظاهرين تم إبعادهم بواسطة الجيش، الذي استخدم القوة مع بعضهم، فيما قرر اللاجئون إقامة مخيم أبعد من المنطقة العازلة على الحدود المصرية مؤكدين نيتهم عدم العودة إلى مركز الاحتجاز.
أحد الأشخاص صرح لموقع ميدل إيست آي قائلاً إن “الموت سيكون خيارًا أفضل”، وتابع تيشومي نيجا “من الأفضل أن نظل هنا ونموت على أن نكون في مركز الاحتجاز، على الأقل هنا يمكننا الحركة والتنفس بحرية”!
يقول الرجال في المعسكر الذي أقامه اللاجئون ويقع على بعد حوالي ثلاث ساعات بالسيارة جنوب القدس المحتلة، إنهم لن يتخلوا عن أملهم في الخروج من هذه البوابات والرحيل عن إسرائيل، لكن في وقت متأخر من الليلة الماضية هاجمت الشرطة الخيام وطردت الجميع بعنف من المنطقة، وهذا هو الذي أدى إلى بدء إضرابهم عن الطعام، بعد أن نُقلوا جميعًا مرة أخرى إلى معسكر اعتقال ساهارونيم، وقد أصيب عدد كبير منهم خلال ذلك الإخلاء.
الكثير من هؤلاء في معسكر ساهارونيم كانوا محتجزين في مركز الاعتقال “هولوت” في نيتسانيا منذ افتتاحه أواخر العام الماضي، لكن معظمهم كانوا في إسرائيل منذ مدة أطول، بعضهم هنا منذ 2007.
في البداية كانت السلطات الإسرائيلية ترغب في أن تُظهر سياسة “الباب المفتوح”، كان الطريق حول المنشأة مراقبًا بالكاميرات والرادارات وأجهزة الاستشعار، وكان يمكن للقاطنين مغادرة الموقع خلال أي وقت من اليوم لكن لابد من العودة ثلاث مرات خلال اليوم لتسجيل ذلك لدى إدارة المعسكر، فيما يتم غلق البوابات بين العاشرة مساءً والسادسة صباحًا.
تم بناء المركز بعد صدور حكم في سبتمبر الماضي من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا، يقضي بأن حبس المهاجرين دون محاكمة لمدد تصل إلى 3 سنوات هو أمر غير قانوني، ولذلك فقد قررت المحكمة الإفراج عن طالبي اللجوء والمهاجرين المحتجزين في مراكز الاعتقال خلال تسعين يومًا، وردًا على ذلك، قامت الحكومة الإسرائيلية بإصدار تشريع يحد من فترة الاعتقال (في السجن) لتصل إلى سنة واحدة كحد أقصى لكنه يفتح الباب أمام مدد غير محدودة من الحبس في “مراكز الاحتجاز المفتوحة”، لكن اللاجئين يرفضون تسميتها “مراكز مفتوحة”.
يقول جاك آدم والذي يقيم في إسرائيل منذ ست سنوات “إنه سجن وليس معسكر! يسمونه معسكر لكنه ليس كذلك، كيف يمكن ألا يكون سجنًا ونحن مضطرون للتوقيع لديهم ثلاث مرات في اليوم الواحد!، كيف يمكن أن يكون معسكرًا ونحن لا نمتلك طعام أو خدمات صحية أو أي شيء”.
آدم وغيره الكثيرون، حاولوا أن يجدوا عملاً منذ أن قدموا إلى إسرائيل، لكنك ترى وتسمع قصص اللاجئين الذين ينامون على مقاعد الحدائق العامة في تل أبيب بينما انتقل عدد منهم إلى الساحل الشمالي في نتانيا أو جنوبًا في إيلات بحثًا عن وظائف كذلك.
حسن، وهو شاب في السابعة والعشرين من عمره من دارفور السودانية كان يساعد في تنظيم التظاهرات ضد السلطات الإسرائيلية مع أصدقائه اللاجئين، يقول “لم نعد نستطيع الإقامة في مخيمات الاحتجاز، إن الهولوت مكان غير قانوني حيث إننا لسنا مجرمين، هولوت مجرد سجن آخر، والسجن مكان المجرمين، ولذل فقد قررنا جميعًا أن نعود إلى أفريقيا، بغض النظر عن عواقب ذلك، حتى لو مات بعضنا”.
حسن يقول إن الجيش أوقفهم الجمعة الماضية على الحدود الإسرائيلية وقال لهم إنهم ينتهكون قوانين دولة الاحتلال، وتابع “لقد أخبرونا أنهم الآن منشغلون بنا عن حماية مواطني إسرائيل”.
افتحوا الحدود!
الجميع الآن متفقون أنهم يريدون الرحيل عن إسرائيل، لا يريد أحدهم العودة، وجميعهم متفقون على الاستمرار في النضال حتى رحيلهم عن دولة الاحتلال، وبدلاً من الإقامة في إسرائيل، ينادون جميعًا بفتح الحدود ليغادروا إلى أفريقيا عن طريق مصر!
يقول حسن “أنا لا أريد أن أظل في إسرائيل أكثر من ذلك، كنا نعرف أن إسرائيل لن تقبلنا، سواء كنا مهاجرين أو طالبي لجوء، لن تقبل أي منا!” ، ويتابع “مصر بالنسبة لي خيار أفضل، النظام ليس أفضل من النظام الإسرائيلي، لكن مفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تنشط هناك، لكن هنا في إسرائيل، لا يوجد لديها أي سلطة، ولا يمكن أن تحل أي من مشاكلنا، لماذا يوجدون بالأساس إذن”؟
يقول اللاجئون إن موظفي المفوضية زاروهم، لكن ممثل المفوضية قال لهم إنه ليس لديهم حتى الميزانية الكافية لتزويدهم ببعض الطعام والماء!
يقول حسن إن الإسرائيليين يريدون إرساله إلى أوغندا، على الرغم من كونه من غير مواطني أوغندا، وهو ما سيجبر السلطات الأوغندية على ترحيله إلى السودان، حيث لا يعلم ما الذي من الممكن أن يحدث له!
ويقول أحمد عيسى، وهو أحد اللاجئين المتظاهرين، ويبلغ من العمر 27 عامًا، إن مصر ستكون خيارًا أفضل له لأن الأطباء في مصر آدميون وسيرعوننا! هنا في إسرائيل، حتى الأطباء عنصريون! كيف يمكنك أن تكون عنصريًا وطبيبًا في نفس الوقت؟!
وقبل أن يأتي إلى إسرائيل، كان عيسى يعتقد أن إسرائيل ستكون دولة أفضل من ذلك، بما أنها دولة ديمقراطية! لكنه يقول إنه يعلم الحقيقة الآن، جميع من في الحكومة الإسرائيلية لن يساعدوهم، نتنياهو يسمينا مخترقين للدولة، فيما يطلق علينا مسئولون آخرون أننا كالسرطان في إسرائيل”.
“شعوري بالسوء يزيد عندما يطلق علي أحدهم ألفاظًا مثل تلك! نحن هنا منذ سبع سنوات، لا أحد من الحكومة حادثنا، الجميع يهاجموننا ويهينونا طوال الوقت، نحن فقراء ونبحث عن مكان يؤينا وعن الحماية!”
وعلى الرغم من إخلاء اللاجئين، وعدم وجود أي دعم سياسي لقضيتهم، يقول اللاجئون إنهم لن يفقدوا الأمل، “نحن لدينا الأمل في عبور الحدود، وهذا سوف يحدث، نحن على الحدود الآن ونحن سعداء بذلك، نحن نعاني بالفعل، لكن لدينا أمل حقيقي”.
كان المخيم بأكمله يقع على الرمال، لكن الجميع كانوا آملين في استطاعتهم الرحيل عن إسرائيل، الخيام كانت مجرد قطع من القماش، لكن الناس كانت جالسة تضحك وتدعم بعضها البعض، وبعضهم كان ينام في الظل في درجة حرارة تجاوزت 39 مئوية.
يقول حسن “نحن نحصل على الكثير من الدعم من إخوة لنا في تل أبيب، لقد أتينا وهم من نفس الخلفية ونعيش نفس الظروف، ونحن الآن في وضع أسوأ”، وأضاف “إننا نحادث بعضنا البعض، ونخبر الناس ألا يفقدوا الأمل وأن الحياة قد تكون صعبة بالفعل، لكن ذلك لا يعني أن نذهب لنقتل أنفسنا. في يوم ما، سنحصل على أسرة وحياة أفضل، نحن بشر، ونستحق ذلك”.
يمكنكم الاطلاع على ألبوم لصور مكان اعتصام اللاجئين عبر الضغط على الصورة التالية