صعّد هجوم دام وقع يوم الثلاثاء 22 أبريل/نيسان 2025، قرب بلدة باهالغام، في وادي بيساران السياحي من إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، التوتر بين الجارين العدوين، بعدما قتل مسلحون 26 سائحًا -جلّهم هنود-، في أكبر هجوم منذ نحو عقدين.
كيف بدأ الصراع؟
يقع إقليم كشمير الخلاب، شمال غرب الهند وشمال شرق باكستان، وجنوب غرب الصين في وسط آسيا، والذي خاضت بسببه الهند وباكستان ثلاث حروب سابقًا.
بدأ النزاع على كشمير بعد تقسيم بريطانيا لمستعمرتها السابقة “الهند” عام 1947، حين قرر حاكم الإقليم الهندوسي هاري سينغ الانضمام إلى الهند رغم وجود أغلبية مسلمة تقدّر بنحو 90% كانوا يفضلون الانضمام إلى باكستان.
إلا أن سينغ اقترح لاحقًا معاهدة لإبقاء الوضع على ما هو عليه، فقبلت إسلام آباد، بينما رفضتها نيودلهي.
اندلعت أول حرب بين سكان الإقليم والقوات الهندية عام 1947، ما مكن الهند من السيطرة على ثلثي المنطقة.
وبقي الإقليم يتمتع بحكم ذاتي، إلى أن قررت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلغاء الحكم الذاتي في كل من جامو وكشمير عام 2019، ما نجم عنه عدة قرارات تقييدية متشددة جعلت المنطقة تشهد تمرداً مستمراً، حتى تاريخ 26 فبراير/شباط 2025، حين شنت الهند غارات جوية على الأراضي الباكستانية لاستهداف قواعد للمسلحين، ونفت باكستان -حينها- أن تكون الغارات قد تسببت بأي أضرار، لكنها وعدت بالرد.
تصاعد حدة الصراع
وفقًا لمصادر في الخارجية الهندية فإن رئيس وزراء الهند ناريندا مودي قطع زيارته إلى السعودية التي كان من المفترض أن تستمر ليومين وعاد إلى بلاده وقال في بيان: “عزمُنا على مكافحة الإرهاب لن يلين وسوف يزداد قوة”.
اندفعت الهند نحو تصعيد حاد ضد باكستان، إذ أمهلت جميع المواطنين المقيمين على أراضيها حتى 29 أبريل/ نيسان 2025 لمغادرتها، بالإضافة إلى تعليق العمل بمعاهدة رئيسية لتقاسم المياه، وأغلقت المعبر البري الرئيسي بين البلدين وأجرت تقليصات واسعة في عدد الدبلوماسيين، بما في ذلك سحب العديد من الدبلوماسيين والملحقين العسكريين والموظفين الهنود من إسلام آباد، وتوجيه إنذارات لنظرائهم الباكستانيين بمغادرة البلاد.
من جانبها لم تتأخر إسلام آباد في الرد؛ إذ نفت تمامًا أي صلة لها بالحادث، وعمدت إلى الرد بالمثل، فأغلقت مجالها الجوي وحدودها البرية مع الهند، وعلّقت التجارة الثنائية وطردت عددًا من الدبلوماسيين الهنود.
بينما أعلنت جماعة تطلق على نفسها “جبهة المقاومة” (TRF) مسؤوليتها عن الهجوم.
عقائد الدولتين النووية
تمتلك الهند وباكستان ما بين 300 و400 رأس نووي، تتقاسمانها بالتساوي تقريبًا. تتبنى الهند استراتيجية “الردع الأدنى الموثوق” التي تقوم على الاكتفاء بعدد محدود من الأسلحة النووية القادرة على إلحاق ضرر جسيم بالعدو.
الشق الثاني من العقيدة الهندية لا يقل أهمية، ومبدأه “عدم البدء بالاستخدام النووي“، بمعنى أن التسلح النووي الهندي يهدف إلى منع الحرب، لا خوضها.
في المقابل، بنت باكستان برنامجها النووي بعد هزيمتها في حرب 1971، وما نجم عنها من انفصال باكستان الشرقية وولادة دولة بنغلاديش.
طوّرت عقيدتها النووية على مبدأ “الردع من خلال الاستخدام الأول“، أي التلميح بالاستخدام المبكر للسلاح النووي بما يردع أي مغامرة عسكرية هندية.
يعني هذا، أن احتمالات الاستخدام النووي قائمة ومفتوحة، مما يجبر الهند أو أي خصم آخر محتمل على التفكير مرتين قبل الإقدام على أي تصعيد.
ماذا لو قامت حرب نووية بين الطرفين؟
تأخذ مراكز الأبحاث احتمالية نشوب حرب نووية بين البلدين على محمل الجد، إذ طرحت ورقة بحثية في “نشرة علماء الذرة” عام 2019 سيناريو افتراضيًا يُحاكي تورّط الهند وباكستان في صراع نووي شامل عام 2025.
تبدأ الدراسة بهجوم إرهابي مفترض يستهدف البرلمان الهندي، يؤدي إلى اغتيال عدد من القادة السياسيين الكبار. كرد فعل؛ تُقرر الهند شن هجوم بري بالدبابات على الأراضي الباكستانية، في حين تُفعّل باكستان عقيدتها الخاصة بـ”الردع من خلال الاستخدام الأول”، وتقرر استخدام أسلحة نووية تكتيكية كوسيلة دفاعية.
تُحاكي هذه الدراسة الأيام الأولى من الحرب الافتراضية، حيث ترى أنه في اليوم الأول من الحرب النووية تستخدم باكستان 10 قنابل نووية تكتيكية، تبلغ قوة كل منها نحو 5 كيلوطن أي أقل من نصف قوة قنبلة هيروشيما.
تتجاوز الهند مرحلة الانتظار في اليوم الثاني، وتنفّذ عقيدتها النووية القائمة على “الردع الموثوق”، فتقوم بتوجيه 20 ضربة نووية إستراتيجية.
في اليوم الثالث، تستمر الردود التصعيدية، باكستان ترد باستخدام 30 صاروخًا نوويًا إستراتيجيًا، تُوجّه 20 منها نحو مدن هندية كبرى، في حين تستهدف العشرة المتبقية القواعد البحرية والمطارات في مناطق حضرية.
إضافة إلى ذلك، تُطلق باكستان 15 رأسًا نوويًا تكتيكيًا جديدًا ضد القوات الهندية المتقدمة. وفي ذروة التصعيد، ترد الهند بإطلاق وابل نووي جوي ضد 10 مواقع باكستانية حيوية من قواعد عسكرية وبحرية وجوية.
تقدر الدراسة أن التصعيد سيسبب خسائر البشرية تصل إلى ما بين 50 و125 مليون شخص قتيل خلال الأسبوع الأول.
احتمالية خطر نشوب صراع نووي بين الدولتين يتزايد عامًا بعد عام، ومع تصاعد التوترات قد يسيطر الغضب على القادة ليحُول هذا السيناريو الافتراضي إلى واقع كارثي، لا قدر الله.