قال وزير النفط والثروة المعدنية المصري “شريف إسماعيل” في تصريح لصحيفة “إيجيبت ديلي نيوز” إنه لا يمانع في السماح لمجموعة بريتيش بيترلوليوم البريطانية باستيراد الغاز من دولة الاحتلال الإسرائيلي لصالح القاهرة.
وقال الوزير الذي عُين في الحكومة المدعومة عسكريًا في مصر إن “الاستيراد ضروري لمنع الشركات العاملة في مصر من اللجوء إلى التحكيم الدولي لمقاضاة الحكومة”.
وأضاف إسماعيل “كوزير للنفط، أنا ملتزم بالرأي القائل بأنه لا توجد مشكلة في السماح لمجموعة بريتيش بيتروليوم في استيراد الغاز لحماية مصر من الغرامات والتحكيم الدولي”، مشيرًا إلى أن “الشركة لم تطلب بعد من الحكومة البدء في إجراءات استيراد الغاز، وبأنه سيسمح لها باستيراد الغاز فقط بعد صدور الموافقة وتوقيع عقد مع الحكومة المصرية”.
وصرح أنه من الناحية السياسية “لم يعد محرمًا” أن يعمل الرئيس والحكومة بشكل مباشر مع إسرائيل.
ولفت الوزير إلى أن “كل ما يصب في مصلحة مصر، ينبغي أن يطبق مباشرة، نظرًا لأننا نتعامل مع أزمة طاقة”.
ولاحظ إسماعيل أن الشركة البريطانية وقعت فقط خطاب نوايا كاتفاقية مبدئية للشروع في التفاوض مع الشركاء في حقل غاز ليفياثان، لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مرافق تسييل الغاز التابعة لمجموعة بريتيش بيترلوليوم في إدكو، بمصر.
في تصريحات سابقة، ادعت مجموعة بريتيش بيتروليوم بأن الحكومة المصرية لم تحترم اتفاقياتها، وبأنها تضخ كميات أكبر من الغاز في السوق المحلية، فرد إسماعيل بالتصريح بأن احتياجات الغاز المحلية تتزايد بينما تعاني البلاد من تراجع إنتاجها، ولكنه يجري محادثات مع الشركة البريطانية لوقف أي تحكيم دولي ضد مصر.
في تصريح الأحد الماضي، صرح شركاء يعملون في حقل غاز ليفياثان أنه يجري التباحث حاليًا بشأن اتفاق، سوف يوفر الحقل، الذي يقع قريبًا من الساحل الإسرائيلي على البحر المتوسط، 7 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا لمدة 15 عامًا عبر خط أنابيب بحرية تصل إلى مرافق مجموعة بريتيش بيتروليوم في مصر.
يذكر أن مصر تعاني من نقص في الوقود ومن تراجع حاد في إنتاج الشركاء الأجانب نتيجة فشل الحكومة المصرية في سداد ديونها، وقد رفعت الحكومة المصرية الدعم الذي كانت تقدمه على الطاقة بهدف تقليص العجز في ميزانيتها وتخفيض الهدر في الطاقة، كما تقول.
يشار إلى أن مجموعة بريتيش بيتروليوم ستدفع لإسرائيل ما يقرب من 30 مليار دولار مقابل استخدام حقل غاز ليفياثان، فيما تقوم بريتيش بيتروليوم بإنشاء خط الأنابيب ويتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بنهاية عام 2014.
وليفياثان هو حقل بحري في البحر المتوسط يقع في المنطقة بالقرب من لبنان وقبرص والأراضي المحتلة، وهو أكثر حقول الغاز في العالم استراتيجية من حيث الموقع وأكثرها حساسية من الناحية السياسية.
وقبل عدة أشهر تداولت بعض المواقع الإلكترونية أخبارًا تفيد بأن مصر قد تستورد الغاز من إسرائيل عن طريق قبرص، بعد أن أعلنت صحف مصرية أن مصر على وشك أن تستورد الغاز من قبرص في الوقت الذي لا تصدر فيه قبرص الغاز من الأساس!!
وكان وزير الطاقة المصري السابق قد صرح أن بلاده تدرس إمكانية استيراد الغاز من قبرص، الأمر الذي شكك فيه خبراء متخصصون بالطاقة نظرًا لأن قبرص لن تكون قادرة على تصدير الغاز قبل عشر سنوات من الآن، بل إنها لا تزال تستورد حاجتها من الغاز من الخارج، ومن المحتمل أن توقع قريبًا عقدًا مع كل من الحكومة “الإسرائيلية” وشركة “نوبل” الأمريكية لاستيراد الغاز الإسرائيلي.
لكن مع تصريحات شريف إسماعيل، فإن الحكومة المصرية والجيش المصري الذي يقود البلاد يتوجه توجهًا جديدًا قديمًا، فعقب الثورة المصرية أبدى الساسة المصريون حرجًا من التعامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن إسماعيل يعود بتصريحاته إلى التحيزات التي أبقت على نظام مبارك وأبقى عليها نظام مبارك لسنوات طويلة.
وحتى مطلع عام 2012 كانت إسرائيل تستورد كثير من احتياجاتها من الغاز من مصر، فما يقرب من 45٪ من استهلاك إسرائيل من الغاز كان يأتي من مصر، وكانت هذه الصفقة قد أبرمت في عهد الرئيس حسني مبارك، وبموجبها كان الغاز يضخ عبر خط أنابيب يمتد بين العريش وعسقلان، ولم يكن ذلك يلقى تأييدًا لدى كثير من المصريين بسبب مشاعر العداء لدى عامة الشعب المصري تجاه إسرائيل؛ ولذلك ما لبثت الصفقة أن أُلغيت بعد الإطاحة بمبارك مباشرة عام 2011، فيما اعتبرته الحكومة المصرية الجديدة “نزاعًا تجاريًا”.
ومنذ ثورة 25 يناير تعرض خط أنابيب الغاز المؤدي إلى إسرائيل لعشرات الهجمات، وكان ذلك تعبيرًا واضحًا عن مشاعر العداء لإسرائيل في مصر، وإن كانت حالة الفوضى وانعدام الأمن في شبه جزيرة سيناء، حيث كانت تقع معظم الاعتداءات، قد ساهمت في ذلك.
وفي إبريل (نيسان) من عام 2012 ألغت مصر الاتفاقية التي صدرت بموجبها الغاز إلى إسرائيل، هذا رغم أن رئيس شركة غاز مصر كان يقول في ذلك الوقت “إن القرار الذي اتخذناه كان لأسباب اقتصادية وليس لأسباب سياسية”.
وشريف اسماعيل هو من تولّى وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية ضمن وزارة حازم الببلاوي في 16 يوليو 2013 مباشرة عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، واستمر كوزير للبترول ضمن حكومة إبراهيم محلب.