تقوم شركات المؤثرات الخاصة وتطوير بدلات محاربي الأفلام في هوليود، بالعمل على ما يبدو أنها مهمة مستحيلة، وهي صناعة بدلة شبيهة لبدلة الرجل الحديدي لتمكين القوات الأمريكية من دروع واقية للبدن بأكمله دون أن تفقدهم قدرتهم على التنقل والتحرك بسرعة ورشاقة.
وتقوم الطابعات الثلاثية الأبعاد الآن بصناعة نماذج أولية للبنتاغون، حيث يدرس المسئولون العسكريون ثلاثة تصاميم، في خطوة استباقية قررتها قيادة العمليات الخاصة الأمريكية بنية تطوير جيل جديد من الدروع الواقية تكون جاهزة خلال أجل لا يتجاوز أربع سنوات، وقال مايك فيلدسن، مدير المشروع العسكري المعروف باسم TALOS: “نحن نحاول أن نقوم بإنجاز ثوري من خلال صناعة هذه البدلة”.
وانضم لفريق العمل مهندسون مختصون في البيولوجيا، وعدد من المحاربين القدامى، وخبراء في التكنولوجيا مع فريق بحث كندي يسعى للبحث عن حلول من خلال أسرار الحشرات المدرعة، ومن المحتمل أن تغيّر البدلة الطريقة التي يعتمدها الجيش الأمريكي في الحروب، حيث عملت القوات الأمريكية لسنوات من أجل التخفيف من حمل الأسلحة والإلكترونيات والدروع الواقية للأجسام التي يحملها الجنود في حروبهم على غرار ما قامت به في العراق وأفغانستان، من تخفيف لحمولات الجنود.
ويقول مطورو بدلة الرجل الحديدي إن وزن البدلة يمكن أن يبلغ 400 رطلاً، وأنها ستكون مزودة بأجهزة خاصة لتمكين القوات من التنقل بسرعة وخفة، مؤكدين على أن الهياكل الخارجية المتوفرة لديهم الآن لا يمكنها إنجاز هذه المهمة.
وقال “روس آنقولد” المؤسس لشركة إكسو بيونيك بولاية كاليفورنيا، إن “هوليوود جعلت من صناعة بدلة الرجل الحديدي مهمة شبه مستحيلة، ففي الواقع من المستحيل حاليًا صناعة بدلة رقيقة وخفيفة ورشيقة وذات كفاءة عالية في استعمال الطاقة”، مع العلم أن شركة إكسو بيونيك سبق لها تصميم الهياكل الخارجية بهدف الاستخدام الطبي.
ويضيف روس آنقولد: “إننا نسعى بجدّ لحل المشكلة ونتساءل كيف سيبدو شكل الرجل الحديدي في الواقع”، مع العلم أنها ليست المرة الأولى التي يخوض فيها البنتاغون موضوع جدلي ذو تداعيات مستقبلية، حيث دفع الجيش عشرات الملايين من الدولارات على مدى سنوات للبحث على نماذج متطورة ولكنها لم تعمل كما هو مخطط لها، وإخفاقات الماضي أثارت مخاوف بين المشرعين حول المبادرة الخاصة ببدلة الرجل الحديدي.
قيادة العمليات الخاصة صرفت نحو 10 مليون دولار، ومع عدم وجود ميزانية ثابتة لهذا المشروع، فإن بعض النواب أعربوا عن تخوفهم، حيث طُلب من لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب مؤخرًا تقديم بسطة عن المشروع لأخذ القرار الصائب حتى لا تصرف أموال طائلة دون فائدة.
وقال “بيتر سينغر” عضو بالمؤسسة الأمريكية لمشاريع الحروب: “يمكنكم أن تلقوا نظرة بعيدة المدى حول هذا المشروع، لكن حاليًا فإن تطبيقه لا يزال من محض الخيال العلمي والترفيه”، مضيفًا: “أمامنا طريق طويل لنقطعه، ولكن الحواجز التقنية ليست مستعصية على الحل”.
وواحدة من أكبر العقبات الحالية هي تزويد البدلة بالطاقة، فقد قام توني ستارك الذي يعمل على بدلة الرجل الحديدي بتطوير “مفاعل”، ولكن يبقى هذا الإنجاز في بداياته.
والفريق الذي يشتغل على هذا المشروع يعمل في بناية من الآجر الأحمر كانت لشركة فورد موتورز لإنتاج الدبابات خلال الحرب العالمية الثانية، وتشعر وأنت داخل هذا المبنى بأنك في مؤسسة للتكنولوجيات المتطورة مع سقوف عالية ومساحات مفتوحة للعمل مع طاولة بليارد، ويتم تصميم الهياكل الخارجية لبدلة الرجل الحديدي من الورق المقوى.
ويقدر الباحثون بالبنتاغون أنهم يحتاجون إلى 365 رطل من البطاريات لتشغيل البدلة على النحو المطلوب، وهم يبحثون في إمكانية استعمال محرك صغير مصمم لطائرات بدون طيار كبديل لتخفيف هذا الوزن الثقيل.
وقد دفعت مشكلة الطاقة الجيش بأن يطلب من فريق البحث الكندي تطوير هيكل خارجي بديل لا تستعمل فيه الطاقة، وللمساعدة في حل هذه المعضلة، قام فريق البحث الكندي بدراسة تحرك مصارعي السومو لمعرفة كيفية تحرك رجال يزنون 600 رطل ببراعة.
وتم تصميم ثلاثة نماذج لأعضاء قوات العمليات الخاصة الذين يشاركون في الاختبار، حيث تم مسح الجسم رقميًا مع تطوير دمى لكي تستعمل عليها البدلات، وقال “ديفيد أوديت” وهو مسئول بالجيش أمضي سنوات في الإشراف على برامج التكنولوجيا المبتكرة في مراكز البحوث والتنمية العسكرية في ولاية ماساشوستس: “إذا لم نفعل شيئًا لمساعدة جنودنا فإنهم سيبقون عرضة للقتل السهل”، مضيفًا: “نحن ندفعهم للحرب ونطلب منهم أن يكتفوا بحمل بعض المعدات والدروع البسيطة والسخيفة مقارنة بالخطر الذي يواجهونه”.
وفي مايو، سافر أوديت إلى مزرعة صغيرة للقاء مطوري بدلة الرجل الحديدي، حيث تم عرض الاختبارات طوال اليوم، وقام جندي أمريكي بتجربة البدلة، ليتم اكتشاف مشكلة في تشغيلها عند الغطس وعند إطلاق النار مع إشكال في نظام التبريد وغيرها من المكونات التي تستحق مزيدًا من التطوير.
وقال مسئولون إن نقطة التحول لهذا البرنامج جاءت في ديسمبر 2012، عندما تم تحرير الطبيب الرهينة على يد مسلحين في شرق أفغانستان حيث قتل أحد الكوماندوس، فحينها قرر الأميرال “وليام مكرافن” أن قواته في حاجة إلى حماية أفضل.
وحين استدعائه بطل فيلم الرجل الحديدي للبيت الأبيض في فبراير/ شباط الماضي، قال الرئيس باراك أوباما: “أنا هنا لأعلن أننا نقوم ببناء مشروع حول الرجل الحديدي”، مضيفًا “في الوقت الذي قمنا فيه بتعزيز برامج التكنولوجيا المبتكرة كان هذا المشروع، الذي عملنا عليه لفترة طويلة، محفوفًا بالسرية والآن تحاول قيادة العمليات الخاصة الأمريكية التسريع في إنجاز هذا المشروع من خلال الالتفاف حول قواعد التعاقد التقليدية التي يمكن أن تعطل إنجازه”.
المصدر: وال ستريت جورنال