رتل من السيارات رباعية الدفع توقفت أمام الجامع، سبق هذا الرتل سيارة كانت منطلقة بشكل سريع، سحب سائقها الهاند بريك بشكل مفاجئ، دارت السيارة بزاوية 180 لقطع الشارع الذي يؤدي للجامع ، نزل من الموكب الذي توقف امام الجامع رجل في نهاية الثلاثين من عمره ، وبدأ الداعشيون مع نزوله بإعلاء اصوات التكبيرات والتهليلات ، دخل الثلاثيني الى الجامع وسط هذا المشهد السينمائي ولم يكن احد من المصلين يعلم حينها انه الخليفة البغدادي!.
البغدادي الذي نصب نفسه “خليفة “خارج سياق ما تعارف عليه أهل الحل والعقد من الشورى والبيعة _كما أوضح بيان هيئة علماء المسلمين والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وجيش الكرامة وفصائل مقاومة اخرى_بدأ بتنفيذ سياساته في إدارة المحافظة ، تنظيم داعش كان قد أبلغ في بداية دخوله بضرورة رجوع موظفي الدولة الى دوائرهم ، وأن عليهم تسيير أعمالهم بشكل طبيعي.
ابوعبدالله_احد موظفي جامعة الموصل_يقول ، في بداية الاحداث وعندما كنا ننتهي من صلواتنا في الجامع ، كان يقف بيننا عنصر من داعش ، كان يبدأ كلامه بالسملة والصلاة على النبي ثم يطلب منا بعد ذلك الرجوع الى دوائرنا وتسير المعاملات وارجاع الحياة على سياقها الطبيعي.
من جانبها ذكرت لنا أم سمية_اسم مستعار_احدى موظفات البنك المركزي في المدينة ، دخل علينا صباح يوم الاحد رجل أربعيني طويل الشعر كث اللحية ، يحمل في يده اليمنه دفتر أشبه ما يكون بالمفكرة ، وهو يتوسط شابان في العشرين من العمر ، بدأ الاربعيني بدرس تربوي ثم طلب منا بعد ذلك عدم الدوام في دائرة البنك المركزي ، وقال بالنص”ليس هنالك داعي لأن تأتوا من جديد”.
و عن دائرة صحة نينوى يذكر لنا د.عامر_طبيب في المستشفى العام_ان وزير الصحة في الدولة الاسلامية يأتي بإستمرار لتفقد دوامات الاطباء ويعمد على الكلام مع المتغيبين ويحثهم على الحضور ، لكن هنالك نقص كبير في المستلزمات اليومية ، كما ان مخازن دائرة الصحة بدأت تنفذ ، وحاجتنا للدواء في تزايد نتيجة للقصف والحوادث المختلفة كما ذكر.
يكمل د.عامر كلامه ، عندما طرحنا على وزير الصحة مشكلة نقص المستلزمات اليومية ، أجابنا الوزير متسائلا : هل لديكم نقص في بنك الدم ؟ ، أجبناه :نعم ، فقال سنبلغ شباب المدينة بإن يأتوا ويتبرعوا بالدم!
الاسواق في سبات ، اصبحت كالدب القطبي الذي يقضي الشتاء نائما ، هكذا قال هاشم_احد اصحاب المحال في سوق السراي وسط المدينة_ويكمل وهو يسحب نفسا عميقا ثم يطرحه بهدوء: اعتدنا ان يكون جلّ عملنا في رمضان ، اما الان فلا يوجد هنالك بيع ولا شراء ، ويستمر دون ملل حتى اسعار اللحوم انخفضت الى النصف تقريبا ، لا يوجد لدى الناس لا مال لتشتري ولا كهرباء لتحفظ.