تصاعدت المعارك بين الجيش اليمني ومقاتلين الحوثيين في الأيام الأخيرة في مناطق متفرقة في اليمن، وقال الحوثيون إنهم سيطروا على كامل منطقة عمران شمال صنعاء باستثناء معسكر اللواء 310 المدرع، وسط أنباء عن سقوط 250 قتيلاً وجريحًا على الأقل، وفي ظل تأكيد من الهلال الأحمر على أن حوالي عشرة آلاف أسرة نزحت من المدينة وضواحيها، وأن خمسة آلاف أسرة أخرى تسعى للهرب من المدينة غير أنها عالقة في داخلها.
وتركزت المواجهات المسلحة في محيط معسكر اللواء 310 المدرع جنوب عمران، حيث وصلت تعزيزات عسكرية جديدة إلى المدينة لدعم قوات الجيش، كما شن الطيران الحربي اليمني غارات على تجمعات للحوثيين، في حين قام الحوثيون بتفجير مدرسة تحفيظ قرآن ومنزلين تابعين لأعضاء في حزب الإصلاح في منطقة الورك شمال شرق المدينة.
وقال مصدر أمني يمني لوكالات الأنباء: “الحوثيين دخلوا إلى مقر الأمن المركزي وسيطروا عليه بما في ذلك الملعب الرياضي الذي يحوي المعدات والأسلحة التابعة للأمن، كما لم يتمكن قائده العميد محمد محسن الحباري من الهرب أو المواجهة مما أدى إلى أسره”، مشيرًا إلى أن “الطيران الحربي سيواصل قصفه على المحافظة حتى تعود إلى سيطرة الدولة”.
وقال مصدر أمني من اللواء 310: “نحن محاصرون حتى اللحظة من قبل الحوثيين، وهناك وابلاً من الرصاص يطلق علينا من المباني الموجودة بقرب المقر من قبلهم”، في حين قال “عبد الله أبو ركبة”: إن الوضع الميداني أصبح مأساويًا لدرجة كبيرة”، مناشدًا رئيس الجمهورية “عبد ربه منصور هادي”، والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني وضع حدًا لما يجري هناك.
ونددت وزارة الصحة اليمنية باستهداف مستشفى عمران من قبل أحد أطراف الصراع خلال المواجهات المسلحة، وحملت الطرف المعتدي على أية مرافق صحية كامل المسئولية الجنائية والأخلاقية المترتبة عن أي اعتداء أو تعريض حياة الكوادر الطبية للخطر.
عبد ربه منصور:
دعا الرئيس اليمني “عبد ربه منصور هادي”، أمس الخميس، كل الجماعات المسلحة من غير أبناء محافظة عمران (شمال) إلى الخروج من المحافظة، مطالبًا الحوثيين خاصة بالعودة إلى محافظة صعدة، معقلهم الرئيسي شمالي البلاد.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن هادي دعوته، خلال اجتماعه بالحكومة وكبار المسئولين الأمنيين، للحوثيين بتسليم كافة الأسلحة والمعدات وإخلاء كافة المباني والمعسكرات التي تم الاستيلاء عليها من قبل الجماعة.
واعتبر هادي أن ما حدث في عمران “لا يمثل تهديدًا لطرف أو حزب أو قوى بعينها، بل يمثل تهديدًا لاستقرار وأمن الوطن بصورة شاملة”، داعيًا جميع الأطراف إلى ضرورة الاصطفاف الوطني، واستكمال العملية السياسية وفقًا لمخرجات الحوار الوطني الشامل وإنجاز بنود المبادرة الخليجية.
وقال منصور: “لا يمكن التحدث عما يحصل هناك بمعزل عما يدور من صراع في المنطقة خصوصًا في العراق وسوريا”، مشيرًا إلى وجود “قوى إقليمية (لم يسمها) تدفع بكل قوتها لجعل البلد ساحات صراع إقليمية”، محذرًا من أنه “سيتم العمل بكل حزم وقوة للبدء في استرجاع أسلحة الدولة، ونزع كافة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كل الأطراف دون استثناء، وسيتم العمل على إخلاء كافة المواقع وخاصة من جماعة الحوثيين”.
الاتحاد الأوروبي:
بدوره، عبر الاتحاد الاوروبي عن إدانته الشديدة لأعمال العنف خلال الأيام الأخيرة داخل وحول مدينة عمران، وقالت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في بيان صدر عن مكتبها: “نأسف لسقوط ضحايا، لاسيما في صفوف المدنيين، ونحث جميع الأطراف على الالتزام بالاتفاقات المبرمة لوقف إطلاق النار، ولاسيما اتفاق وقف إطلاق النار في يونيو/ حزيران الماضي، والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول فورًا ودون عوائق إلى المناطق المتضررة”.
وأكد الاتحاد الأوروبي على أن “جميع الجهات المعنية بما في ذلك جميع وحدات الجيش، مطالبون باحترام سلطة الدولة وأن تكف عن الأعمال التي تهدف إلى تأجيج العنف في شمال البلاد ما يعيق عملية التسوية الانتقالية في اليمن”.
وذكر البيان أن قرار مجلس الأمن رقم 2140 هو إشارة واضحة إلى أي طرف يهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن”، حيث يدعو القرار 2140، كل الأطراف في اليمن إلى الامتناع عن استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية، ويعتبر أي استخدام للعنف لتحقيق أهداف سياسية وأي عدوان على ممتلكات الدولة ومؤسساتها؛ عرقله للعملية الانتقالية يتطلب اتخاذ عقوبات رادعة وفق الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة”.
الحوثيون:
يقول الحوثيون إنهم في ثورة شعبية في المحافظة من أجل “إزاحة اللواء الذي أصبح يشكل توترًا فيها أكثر من الاستقرار”، بحسب ما صرح به قيادي حوثي للأناضول في وقت سابق.
مع العلم أن جماعة الحوثي، التي تنتمي إلى المذهب الزيدي الشيعي، نشأت عام 1992 على يد حسين بدر الحوثي، الذي قتلته القوات الحكومية منتصف عام 2004؛ ليشهد اليمن 6 حروب (بين عامي 2004 و2010) بين الجماعة المتمركزة في صعدة (شمال)، وبين القوات الحكومية؛ خلفت آلاف القتلى من الجانبين.
ويُنظر لجماعة الحوثي على أنها امتداد لنظام الحكم الملكي الذي كان موجودًا في شمال اليمن قبل أن تطيح به ثورة 26 سبتمبر/ أيلول 1962.