ترجمة وتحرير نون بوست
تدير الدولة الإسلامية في العراق والشام حملة شديدة الكفاءة بأسلوب بارع على وسائل الإعلام الاجتماعية، فالمجموعة التي تصف نفسها بـ “الدولة الإسلامية” تحصل رسائلها على اهتمام بالغ سواء مع الدول التي تقاتلها أو الدول التي قد تميل إلى التدخل ضدها، فبعد أن سيطرت على الموصل، نشرت داعش فيديو لعدد من رجالها يعدمون عشرات من الجنود العراقيين الأسرى، وهو ما ساهم بشدة على ما يبدو في تشجيع أفراد الجيش العراقي على الهروب وإخلاء مواقعهم.
داعش قامت أيضًا بالتغريد بشكل مباشر أثناء العمليات وتقدمهم العسكري في العراق، كما هددت بقطع الرؤوس في ساحة الطرف الأغر في لندن، وبينما كانت الولايات المتحدة تلعب مباراتها في الدور الستة عشر في كأس العالم، كانت داعش تنشر تغريدة تحتوي على صورة رأس مقطوعة وقالت إن هذه كانت كرة الدولة الإسلامية.
داعش لا ترتكب نفس “خطأ” القاعدة، في اختيار قتال “العدو البعيد” بدلاً من “العدو القريب” من حكومات الشرق الأوسط، فالإسلاميون الراديكاليون يقاتلون على كل الجبهات، وهم يسيطرون على مساحات أوسع من الأرض في سوريا والعراق، بالطبع هم يبالغون في تقدير قوتهم، لكن نجاحهم على وسائل الإعلام الاجتماعي تساعدهم بالفعل، إنهم قادرون على صياغة رسائل مثيرة تدعم أهداف حملتهم العسكرية، فهم قادرون على تعزيز التردد لدى الجماهير الغربية في المشاركة في حرب أخرى في الشرق الأوسط، صن تزو (مؤلف كتاب فن الحرب) لو كان هنا لمنحهم علامة كاملة!
وعلى النقيض من ذلك، جهود الولايات المتحدة في ذلك المضمار تثير الشفقة، تظهر ميشيل أوباما وتحمل في يديها لافتة مكتوبة بخط اليد كُتب عليها #اعيدوا_بناتنا #BringBackOurGirls، وهو نداء بلا معنى لن يفعل شيئًا للإفراج عن الفتيات الذين اختُطفن من قبل بوكو حرام النيجيرية، فعل ضعيف للغاية رغم أنها عندما تعود لمنزلها في المساء فإنها تستلقي بجانب أقوى رجل في العالم، والقادر على فعل الكثير للمساعدة!
هناك حملات أخرى كانت فاشلة للغاية مثل حملات لدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، وفي كل ذلك كانت الولايات المتحدة غير قادرة على ما يبدو في استخدام الاتصالات الحديثة للترويج لقضاياها أو للتأثير بشكل حقيقي، السؤال الذي يجب أن يتبع ذلك هو لماذا؟!
هناك سببين لذلك، الأول هو النموذج نفسه، أي أن الفعل نفسه يفتقد للكثير، والثاني أن جهود الولايات المتحدة هذه لا تصب في صالح استراتيجية أوسع.
دبلوماسية الهاشتاج كوسيلة، تفضل استخدام السخرية والضربات السريعة، الصور المثيرة والتصريحات القصيرة هي ما يتم ملاحظته في تلك الوسائط، المؤسسات الكبيرة في الواقع، مثل حكومة الولايات المتحدة ليست في موضع منافسة في هذا المضمار، حتى استخدام الصور التي تشير إلى عنف داعش مع المدنيين، هذا في النهاية يصب في صالح الدولة أيضًا، حيث يعزز رسالتها بأنه لا ينبغي أن نمزح معهم!
إن تويتر والشبكات الاجتماعية هي الساحة الأنسب للحروب غير المتكافئة، فكما أن العمليات الإرهابية النوعية والتمرد هي الوسائل الأنسب لتعامل الضعيف مع القوي، كذلك الإعلام الاجتماعي، هو الوسيلة الأنسب لأن يضرب الضعيفُ القوي.
تلك الحملات لا يمكن أن تنجح لو لم تكن تدعم اعتقادًا موجودًا بالفعل، فمثلاً، الهاشتاج الذي تم نشره لصالح حارس مرمى المنتخب الأمريكي أثناء مباراة الولايات المتحدة وبلجيكا يقول الكثير، فقد قام الأمريكيون بالكتابة تحت هاشتاج #أشياء_يستطيع_أن_يصدها_تيم_هوارد #ThingsTimHowardCouldSave وكان التفاعل مذهلاً وطريفًا في بعض الأحيان، فقد كتبوا عن النيزك الذي قتل الديناصورات مثلاً وكيف أن تيم هواء لو كان هناك لاستطاع صده كما يصد الكرات البلجيكية عن مرماه.
الرسائل التي ترسلها داعش تعزز ذات الاعتقاد بوحشيتها وبقسوتها القاتلة، لكنها ترتبط أيضا باستراتيجية أوسع: منع الولايات المتحدة من التدخل، هذه الرسائل تذكر الأمريكيين بعنف الإقليم وبتعقيد العلاقات الدينية وتعزز رغبتهم بعدم التورط، هذا هو سبب فعالية حملات داعش.
وعلى العكس من ذلك، فإن مشاركة ميشيل أوباما في الحملة ضد بوكو حرام لم تدعم قضية الفتيات، بل على العكس، فقد عززت الشعور بعجز الولايات المتحدة عن فعل أي شيء.
لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون جيدة في حملات وسائل الإعلام الاجتماعية ما لم تفكر في الرسائل المراد توجيهها باعتبارها جزءًا من استراتيجية أكبر، لذلك، أمريكا بحاجة إلى استراتيجية! وبعد ذلك، تحتاج واشنطن إلى أشخاص يمكنهم توضيح وتلخيص مقاصد تلك الاستراتيجية وصياغتها على “السوشيال ميديا”.
وبدلاً من محاولة السيطرة على الرسائل، تستطيع الولايات المتحدة استغلال التنوع الذي توفره وسائل الاتصال تلك، وهذا ما يعني أن أفضل رسول يحمل الرسائل التي تريدها واشنطن، لن تكون واشنطن ذاتها، لكن الأطياف العديدة داخل المجتمع الأمريكي، ففي النهاية ليست الحكومة هي من اكتشفت أخطاء داعش، المواطنون العاديون هم من لاحظوا أن “الخليفة” يرتدي ساعة باهظة الثمن لا تليق بمن هو في موقعه المفترض!
المصدر: فورين بوليسي