توجت ألمانيا مباراتها مع الأرجنتين بهدف؛ رفعت به ألمانيا كأس المونديال للمرة الرابعة في تاريخها الكروي.
الفرحة أصابت الكثيرين من مشجعي فريق الماكينات، والإحباط أصاب الكثيرين من مهووسي التانجو، في ذات الوقت الذي أصاب فيه القتل الكثيرين من سكان القطاع المحاصر!!
مباراة ألمانيا والبرازيل تزامنت مع بداية القصف على غزة، اشتعلت غزة بفعل قذائف الصهاينة واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار الأهداف الألمانية التي اخترقت شباك البرازيل، على الرغم من نهر الدم المتدفق في غزة إلا أن البعض لم يتورع في أن يجعل من صفحته منصة نقل مباشر لكل أخبار المونديال والمباراة الملتهبة.
استنكر البعض هذا الأمر ووجد فيه – حتى ولو دون قصد – انضمامًا للمعسكر المغاير الذي يضم حكومات متواطئة ومسئولين دوليين سمتهم العمالة ومجتمعًا دوليًا يعاني مشاكل في سمعه وبصره معًا.
البعض برر الأمر – منهم أشخاص مؤمنون فعليًا بعدالة القضية الفلسطينية – واعتبر أن الأمر عاديًا ولا ضير في الاهتمام والشغف والتعليقات في الشأن الكروي والأمر لا يمثل مشكلة وأن المستنكر لهذا الأمر إنما يعبر عن “قناعات ساذجة وفرض وصاية على خيارات الناس”، حتى أن البعض بدأ في نشر صورٍ لشباب مخيم جباليا وهم يشاهدون المباراة متخذًا من ذلك حجة لتجاهل الكارثة الإنسانية.
عجبًا .. أين الضمير إذن؟ وأين الانتماء؟ وأين الألم حتى الذي انتابك تبعًا لمبدأ الجسد الواحد الذي أقره نبي هذه الأمة؟!
تبرير هؤلاء جعلني أتذكر وبعمق المقولة الشهيرة التي طالما اصطدمت بها في حديثي عن القضية الفلسطينية في أي مكان: “الفلسطينيون باعوا أرضهم”.
إذا كان أصحاب الشأن أنفسهم انصرفوا عن الأمر وأعطوا ظهورهم لأهلهم المنكوبين وانخرطوا في متابعة المباراة فلا داعٍ لنجلد أنفسنا إذن.
حسنًا!! مع علمي التام وامتلاكي لإثباتات بأنهم لم يبيعوا ولم يفرطوا، فحتى ولو حدث ذلك فلا يجب عليك أن تبيع أو تفرط أو تنسي أرضًا إسلامية فتحها واغتنمها المسلمون.
كذلك حتى لو توجه شباب المخيم لشاشة تعرض المباراة، فكيف لنا بأن نغض الطرف عما يحدث خارسين همس ضمائرنا التي تنادي بحتمية الواجب الأدنى وهو الاهتمام بقضيتنا الكبرى؟!
أنت تعلم وأنا أعلم بأن المؤامرة حيكت بإتقان كي نظل – عرب ومسلمون- غارقين في دوامة التيه، وتظل قضايانا عالقة وشبه محسومة لصالح الأعداء، لكن حان الأوان يا أخي أن ننقذ أنفسنا وننتبه من غفلتنا فلم يعد في العمر متسع.
لا ضير أن تشبع شغفك، ولكن أيضًا لا تجعل ذلك يقضي على هويتك وانتمائك، فحجم الإنسان دائمًا ما يكون بحجم قضيته.
وتذكر بأن القضايا العادلة لا تحتاج أشخاصًا “كثيرين” بقدر ما تحتاج أشخاصًا “واعين”.