عبر توافقها على انتخاب “سليم الجبوري” رئيسًا للبرلمان، خطت الكتل السياسية العراقية خطوة كبيرة في طريق إطلاق العملية السياسية مجددًا.
وحصل سليم الجبوري، مرشح التيار السني في البرلمان المؤلف من 328 نائبًا، على 194 صوتًا من بين أصوات 273 نائبًا حضروا جلسة الثلاثاء 15 تموز/ يوليو 2014، وشاركوا في عملية التصويت، علمًا بأن عدد الأصوات المطلوبة للفوز بهذا المنصب هو 165 صوتًا، وأن 19 صوتًا ذهبوا للنائب شروق العبايجي في حين أبطلت 60 ورقة تصويت.
وفي نفس الوقت فاز النائب الشيعي “حيدر العبادي” عضو ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، بمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي، وذلك بعد نجاحه في الحصول على 149 صوتًا خلال عملية الاقتراع السري.
سليم الجبوري:
ينحدر الجبوري من محافظة ديالى شمال شرق بغداد، وهو عضو في الحزب الإسلامي العراقي – أكبر الأحزاب الإسلامية السنية في البلاد – حيث رشحه الحزب في سنة 2010 لعضوية مجلس النواب وتمكن من الفوز بعضوية المجلس، وبعد انتهاء الدورة البرلمانية السابقة رشح سليم نفسه في انتخابات 2014 عن قائمة “ديالى هويتنا” (مستقلة) وفاز في الانتخابات مجددًا.
وبعد الانتخابات انضمت قائمة الجبوري لاتحاد القوى الوطنية الذي ضم معظم القوى السنية، ثم رشحه الاتحاد لتولي رئاسة البرلمان العراقي، وهو ما حصل بالفعل.
عرقلة مصرية فاشلة:
قبل يومين من اختيار الجبوري رئيس للبرلمان العراقي، وبعد فشل المحاولات السابقة لانتخاب رئيس للبرلمان، نشر موقع العربي الجديد تقريرًا حصريًا قال فيه إن قياديًا رفيع المستوى في التحالف الوطني الذي يتزعمه المالكي، أن الجنرال عبد الفتاح السيسي، اعترض على تولي أحد قادة جماعة “الإخوان المسلمين” في العراق، منصب رئيس البرلمان.
وجاء ذلك خلال مباحثات وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مع رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، يوم الجمعة الماضي، حيث نقل شكري إلى المالكي، طلبًا من السيسي، يدعوه إلى “عدم منح رئاسة البرلمان لأيَّ مرشح ينتمي إلى الإخوان المسلمين بمن فيهم، سليم الجبوري”، كما حذر شكري العراقيين الشيعة من خطر ما اسماه الإسلام السياسي على العراق والمنطقة والعالم.
ما بعد انتخاب الجبوري:
ينتظر أن تشهد العملية السياسية في العراق إنفراجة نسبية ستمهد الطريق أمام بدء مفاوضات تشكيل حكومة جديدة برئيس وزراء جديد لمواجهة التحديات التي تعيشها البلاد بسبب مخلفات سنوات حكم رئيس الوزراء المنتهية فترته، نوري المالكي، والتي توصف بالطائفية والتي تسببت في قيام “ثورة” مسلحة شمالي البلاد يقودها تنظيم داعش في الواجهة وتشارك فيها أغلب مكونات المجتمع العراقي السني.
ويذكر أن البرلمان العراقي فشل في جلسته الأولى في الأول من تموز/ يوليو في انتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور، كما فشل البرلمان في جلسته الثانية أيضًا الأحد الماضي، قبل أن تطغي التوافقات السياسية على جلسة اليوم.
وينص الدستور العراقي على أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ انعقاد مجلس النواب، وعلى أن يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددًا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ انتخابه، مع العلم أن العرف السياسي المتبع في العراق، ينص على أن يكون رئيس الوزراء شيعيًا ورئيس البرلمان سنيًا ورئيس الجمهورية كرديًا.
مأزق رئاسة الوزراء:
وبانتخاب سليم الجبوري المحسوب على الإخوان المسلمين لرئاسة البرلمان وتأكد معلومات على توافق القوى السياسية الكردية على ترشح نائب رئيس الوزراء العراقي ورئيس حكومة إقليم كردستان السابق “برهم صالح” لرئاسة البلاد خلفًا للرئيس المنتهية ولايته جلال طالباني، تبقى العقدة في منصب رئاسة الحكومة، الذي لازال نوري المالكي متمسكًا به.
وما يزيد من تعقيد مسألة اختيار رئيس الوزراء، هو تمسك رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بترشيحه لرئاسة الحكومة مرة أخرى، وتأكيده على أنه لن يتنازل “أبدًا” عن السعي للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة، وذلك على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له والاتهامات الموجهة إليه باحتكار الحكم والتعامل بطائفية وتهميش العراقيين السنة.
ويطالب الخصوم السياسيون المالكي وبينهم السنة، كتلة “التحالف الوطني” – أكبر تحالف للأحزاب الشيعية – بترشيح سياسي آخر من كتلته، فيما يصر هو على أحقيته في تشكيل الحكومة مستندًا إلى فوز قائمته بأكبر عدد من مقاعد البرلمان (92 نائبًا) مقارنة بالكتل الأخرى.
خلاف شيعي شيعي:
ويتعرض المالكي لضغوط من المرجعية الدينية الشيعية أيضًا، إذ أكدت تقارير إعلامية كثيرة أن المرجع الشيعي الأعلى “آية الله علي السيستاني” طالب ائتلاف دولة القانون باختيار شخصية شيعية أخرى من بين أعضائه غير المالكي لرئاسة الحكومة تلقى قبولاً لدى المكونات الأخرى في البلاد.
وفي هذا الإطار تنحصر مسئولية الخروج من أزمة رئيس الوزراء داخل كتلة المالكي نفسها، إذ أن تخليها عن المالكي واختيارها لمرشح آخر لهذا المنصب من داخلها؛ سيكون كفيلاً بإنهاء الأزمة السياسية ليكون التحدي الأكبر أمام العراقيين جميعًا هو كيفية إعادة النظام للبلاد وإرضاء كل مكونات المجتمع العراقي سنة وشيعة وعرب وأكراد.
المصدر: نون بوست + وكالات