“الجرف الصامد” أو كما أطلقت المقاومة الفلسطينية عليها “العصف المأكول” .. هي الحرب التي تدور رحاها في قطاع غزة المحاصر من إسرائيل ومصر على حد سواء، بكفتين غير متعادلتين أبدًا، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو أول من “بشر” أهل غزة بها قبلها بليلة واحدة.
تركيا كانت أول من طالب بوقف عاجل للعمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل ضد قطاع غزة، واصفة إياها بـ “العقاب الجماعي لشعب غزة”، وطالبت الخارجية التركية، في بيان لها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل من أجل إنهاء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة”، كما قالت إن “إسرائيل تقصف قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، ويكافح أهله من أجل حياة كريمة”، لافتًا أن “مواصلة العمليات العسكرية أمر لا يمكن قبوله”.
وفي رد فعل أمريكي نادر في اليوم الرابع من الحرب، ناشدت الإدارة الأمريكية، الفلسطينيين والإسرائيليين، تهدئة الأوضاع وخفض التوتر، مشيرة إلى قلقها البالغ حيال أمن وسلامة المدنيين من الجانبين، وأضافت المسئولة الأمريكية “لم نكن نرغب في رؤية سقوط ضحايا من المدنيين، لذلك نؤكد على أهمية اتخاذ خطوات جادة لتهدئة الأوضاع”، مضيفة “ونحن نشعر بقلق بالغ حيال أمن وسلام المستوطنين اليهود جنوب إسرائيل، والمدنيين في غزة”.
إلا أن “بساكي” عادت في نهاية كلام وأكدت على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وقالت في هذا الشأن “لا يمكن لأي دولة أن تقف موقف المتفرج على قصفها بالصواريخ من قبل منظمة إرهابية، وتعرض مدنييها للخطر جراء ذلك”.
الخارجية الفرنسية تبعت أنقرة في بيانها فقالت إن على “الفلسطينيين والإسرائيليين احترام هدنة تم توقيعها بينهما عام 2012″، كما عبر الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال، عن قلق فرنسا من تصاعد العنف في المنطقة، والذي يمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة خاصة أنه لا يصب في مصلحة أي طرف، لتعود فرنسا فيما بعد وتؤكد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بكل الأشكال.
وطالب أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، المجتمع الدولي ولاسيما مجلس الأمن، بـ “الاضطلاع بمسئولياته للجم آلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة”، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه الشيخ تميم من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، اليوم، بحسب وكالة الأنباء القطرية الرسمية.
كما اقترحت قطر أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب إنشاء ميناء تجاري بقطاع غزة تحت إشراف دولي إن أمكن كحل مؤقت لتخفيف معاناة سكان قطاع غزة حتى يتحقق للفلسطينيين إقامة دولتهم المستقلة على حدود العام 1967.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها خالد بن محمد العطية، وزير الخارجية ورئيس الوفد القطري خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة الإثنين الماضي، لبحث الخطوات التي ستتخذها الجامعة العربية لمواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم على شعبنا في قطاع غزة.
وحول العدوان على غزة، اجتمع الأمير “تميم بن حمد آل ثاني” أمير قطر، برئيس الوزراء التركي “رجب طيب أردوغان” في وقت متأخر من مساء قبل البارحة في مقر رئاسة الوزراء التركية بالعاصمة “أنقرة”، في زيارة للأمير إلى تركيا استغرقت ساعات، دون الكشف عن أي مخرجات للاجتماع أو الحديث للإعلام.
كما طالبت الحكومة الأردنية مع أول أيام العدوان، السلطات الإسرائيلية بوقف العدوان العسكري على قطاع غزة فورًا، وأضاف المتحدث باسم الحكومة ووزير الدولة لشئون الإعلام والاتصال، محمد المومني، إن “هذه العمليات العسكرية أسفرت عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى وأضرار مادية في البنية التحتية والمؤسسات المدنية”. وطالب المومني الإسرائيليين بالعودة إلى طاولة المفاوضات لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية.
أما وزير الخارجية الألماني “فرانك فلتار شتاينماير” فدعا كل من الإسرائيليين والفلسطينيين إلى ضبط النفس، وعدم الخروج عن السيطرة، والابتعاد عن الصراع العسكري، وحذر “شتاينماير” من مخاطر العنف التي يمكن أن تسببها الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة، مؤكدًا على حق إسرائيل في حماية مواطنيها من قصف الصواريخ.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بدوره أدان الهجمات الصاروخية العديدة التي أطلقت مؤخرًا من قطاع غزة على إسرائيل، معربًا في الوقت ذاته عن قلقه العميق إزاء وقوع وفيات وإصابات بين الفلسطينيين.
وقال “إستيفان دوجريك” المتحدث باسم الأمين العام، اليوم، إن “بان كي مون طالب بضرورة وقف هجمات الصواريخ الفلسطينية العشوائية على المناطق المدنية الإسرائيلية”، كما أكد على “القلق العميق للأمين العام إزاء التصعيد الخطير للعنف، مما أدى بالفعل إلى وقوع وفيات وإصابات متعددة بين الفلسطينيين نتيجة العمليات الإسرائيلية في غزة”.
الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” قال في خطاب بثه تلفزيون فلسطين الرسمي إن “القيادة الفلسطينية ستتوجه إلى كل المنظمات والمؤسسات الدولية من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والقدس المحتلة”، مؤكدًا أن “الحكومة الفلسطينية ستوفر أقصى ما تستطيع من احتياجات قطاع غزة والقدس المحتلة، للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني”.
كما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية على أن الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” وعد نظيره الفلسطيني محمود عباس، بـ”استمرار بذل الجهود المصرية لوقف إطلاق نار فوري وبأسرع وقت على غزة”، كما أكد السيسي، خلال اتصال هاتفي بين الجانبين، “حرص مصر على سلامة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتجنيب القطاع هذا الهجوم الخطير ووقف التصعيد من أجل العمل على التوصل لوقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن، وأن جهود مصر لم تتوقف منذ بدء العدوان”.
في السعودية، قالت وكالة الأنباء إن العاهل السعودي الملك “عبد الله بن عبد العزيز” أمر بتقديم 200 مليون ريال (نحو 53.3 مليون دولار) للهلال الأحمر الفلسطيني في غزة.
وأضاف وزير المالية السعودي “إبراهيم بن عبدالعزيز العساف” في تصريح لوكالة الأنباء السعودية أن هذا المبلغ سيخصص لتأمين الاحتياجات العاجلة من الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاج ضحايا الاعتداءات والقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، دون أي تفاصيل أخرى أو إعلان من الهلال الأحمر أو الحكومة في غزة عن تلقيها أي أموال حتى الآن، كذلك لم يصدر عن العاهل السعودي أي تصريح آخر بما يخص العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.
البرلمان العربي عقد اجتماعًا عاجلاً للجنة الشئون الخارجية والسياسية والأمن القومي في اجتماعها الطارئ، والذي كان البارحة – الأربعاء -، بعد 10 أيام من العدوان، وندد فيه “بالعدوان المتواصل من قبل الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة الذي يواجه أبشع أنواع الهمجية باستخدام جيش الاحتلال لسلاح الجو والأسلحة الثقيلة؛ مما أدى إلى سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى وأغلبهم أطفال ونساء وشيوخ، وتهديم آلاف المنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد في أحياء سكنية مأهولة”.
وفي مفاجأة من نوعها، نقل موقع “عربي 21” عن القناة العبرية الثانية أن اتصالات سرية جرت بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، كاشفة عن تفاصيل اللقاء الأخير الذي جمع وزيري الخارجية من الطرفين، في العاصمة الفرنسية باريس عشية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبينت القناة أن اجتماعًا سريًا جرى نهاية الشهر الماضي جمع وزير الخارجية الإماراتي “عبد الله بن زايد”، ونظيره الإسرائيلي “أفيغدور ليبرمان”، لبحث خطط خاصة من أجل القضاء على حركة حماس في قطاع غزة، وذلك بتمويل من الدولة العربية، مشيرة إلى أن الإمارات على علم مسبق بالعدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أيام على قطاع غزة.
وكشفت القناة أن بن زايد اجتمع على انفراد بوزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي على هامش اجتماع لعدد من وزراء خارجية دول الخليج والأردن بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وبحثا التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط خاصة على الصعيد الفلسطيني، كما أكدت القناة أن دولة الإمارات العربية كانت على علم مسبق بالعملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وأبدت استعدادًا لتمويلها، شريطة القضاء على حركة حماس نهائيًا، بحجة ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين.
على المستوى الشعبي، تعالت الأصوات للتنديد بالعدوان الغاشم على قطاع غزة، فتحركت مسيرات في الأردن، وازداد الغضب الشعبي في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني، وتحركت مسيرات في العديد من الدول مثل أمريكا وبريطانيا والسويد وكندا وإسبانيا وفرنسا والدنمارك وتركيا وموريتانيا وغيرها، حتى في سوريا خرج الناشطون في مظاهرات ورفعوا لافتات تضامنية مع العدوان على غزة، معتبرين أن العدو واحد والدم واحد.
ولوحظت حملة تحريض غير مسبوقة شنتها بعض القنوات المصرية للتحريض على قطاع غزة وكتائب المقاومة لاسيما كتائب القسام (الجناح المسلح لحركة حماس)، متهمة إياهم بدفع إسرائيل لقصف قطاع غزة بعد إطلاق كتائب المقاومة للصواريخ “عديمة الفائدة” على حد وصفهم، في محاولة من الكتائب لجلب التعاطف والتبرعات، كما ساهم بذلك عدد من الكتاب والصحفيين والمغردين على شبكة التواصل الاجتماعي تويتر، توزعت جنسياتهم بين مصرية وسعودية وإماراتية وكويتية.
في الوقت ذاته، خرجت مسيرات منددة بالعدوان على قطاع غزة من العديد من المنظمات اليهودية المناهضة للصهيونية وإسرائيل، وتركزت هذه المظاهرات في ولاية نيويورك من الولايات المتحدة الأمريكية، ومدينة مونتريال من كندا، رفعت فيها شعارات مناصرة للقضية الفلسطينية وقطاع غزة المحاصر.