فى وسط ركام اليأس وأنقاض الهزيمة وفشل ثورات الربيع العربي وأعراض الموت السريري للأمة، بعث الله لنا الأمل من جديد يخترق النفوس والقلوب ويشحذ الهمم نحو المستقبل لهذه الأمة المنكسرة الجريحة على أيدي رجال أشاوس عشقوا الموت كما يعشق أعداؤهم الحياة، رجال تربوا على الجهاد والرباط، رجال أحبوا الله ورسوله ودينه وأمتهم ووطنهم وقضيتهم فبذلوا الغالي والنفيس.
رجال أهل فلسطين .. أهل الجهاد والعزة .. أهل غزة والضفة .. أهل الخليل والجليل .. أهل رام الله والرملة ونابلس وجنين وطولكرم وأريحا وبيسان.
ففى ظل تكالب المحور الأمريكي الصهيوني وعملائه عرب الخليج وعسكر الدول على الأمة ومقاومتها وممانعتها ونهضتها، أبهرت المقاومة الفلسطينية العالم الحر بقدرتها على خلق توازن الرعب بصواريخها المتطورة وبعيدة المدى وطياراتها بدون طيار.
ففرح المجاهدون والمناضلون وأصحاب قضايا الأمة الكبرة في العالم فرحًا شديدًا بصواريخ القسام التي أمطرت سماء الأراضي المحتلة في القدس وتل الربيع (تل أبيب)، وطائراتها بدون طيار والتي اخترقت أجواء الأراضي المحتلة حتى وصلت لعمقه الاستراتيجي ورمزيته الحربية (وزارة الحرب الصهيونية).
وهنا نتكلم عن حماس وصواريخ القسام باعتبارها الابن الأكبر للمقاومة الفلسطينية لا باعتبارها الابن الوحيد لها، وكما عودنا العرب أن للبيت كبير يرجع له ويؤخذ منه وعنه.
فحماس لم تكن يومًا لتفرط في مقاومتها وتاريخها ونضالها ولم تشغلها السياسة وتولي مقاليد الأمور في غزة عن جهادها ونضالها، فلانامت أعين الخبثاء الماكرين الذين مالبثوا يذكرونها وينعتونها بالقعود والنكوص عن الجهاد والرباط.
وكما نجحت صواريخ حماس الحربية نجاحًا مبهرًا، نجحت أيضًا صواريخها السياسية في التعامل مع ملف عملية (العصف المأكول) أو كما يسميه الصهاينة (عمود الدفاع).
فبعد أن قامت مصر – السيسي ومخابراته – بمبادرة خزي وعار لتضرب المقاومة فى ظهرها، لم تسكت حماس والمقاومة الفلسطنية ولم تصمت وقدمت ورقة عمل في شروط أو بنود خمسة – حسب التسريبات -.
الأول: فتح كافة المعابر مع قطاع غزة.
الثاني: فتح معبر رفح البري الواصل بين غزة ومصر بشكل دائم وعلى مدار 24 ساعة، مع وجود ضمانات دولية بعدم إغلاقه.
الثالث: إيجاد ممر بحري لقطاع غزة.
الرابع: السماح لسكان قطاع غزة، بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك، في مدينة القدس.
الخامس: إفراج إسرائيل عن الأسرى المحررين المفرج عنهم ضمن صفقة “شاليط”، والتزام إسرائيل باتفاق سابق توصل إليه الأسرى مع إدارة السجون بوساطة مصرية عام 2012.
انظر معى لنتعلم من أهل الرباط والجهاد وأبناء الفكرة والمنهج:
– شروط ومطالب المفاوض العبقرى كلها شروط إنسانية متعلقة بالقطاع وأبنائه ويومياته (فتح معابر- معبر رفح دائم وبضمانة دولية – ممر بحري – ربط أهل غزة بمسرى نبيهم الأقصى الجريح – الإفراج عن أسرى – تحسين أوضاع أسرى).
– هل هناك أية مطالب تنظيمية أو حزبية أوجماعية أو فصائلية طُرحت فس الورقة ؟ لا وألف لا.
– لماذا يقدم الورقة ولم لم ينتظر؟ لعله انتظر حتى تمطر له السماء مبادرات وأفكار قد تكون مجحفة وظالمة، لكنه قدم المبادرة وطلب التفاوض بشروطه!!
– كما أنه لم يستثن أحدًا من المبادرة، استثنى حتى مصر والأردن والأمم المتحدة (الجانب الدولي) والجامعة العربية (دكان الأنظمة الذي لا يسمن ولايغني من جوع).
– هل من أحد سمع عن خلاف سياسي في الرؤية والتصور بين الفصائل؟ هل هناك من أحد سمع عن خلاف حتى إعلامى في الحديث بين الفصائل ولا المتحدثين الإعلاميين من طرف المقاومة!!
سنظل نتعلم من أهل الرباط والجهاد حتى الممات، لعل من تولى شأن الناس في مصر وثورتهم ولم يحسن صنعًا يتوب ويستغفر ويتنحى عن قيادة المشهد وتصدره.