لم ترض ليلى أن ترتدي الحجاب الإسلامي، رغم أن كثير من صديقاتها المسيحيات قد ارتدوا الحجاب استجابة لتهديدات تنظيم القاعدة في عام 2006، وفضلت رغم ذلك أن تترك دراستها الجامعية لعدة أشهر، كان والدها يدعمها في قرارها كما يبدو، كما أن والدها لم يرض إطلاقًا أن يترك مدينته (الموصل) رغم مقتل ابن خالته إسحاق والتهديدات الكثيرة التي وصلته حينها، كان يقول لزوجته: “في جدران الموصل رسمت ذكرياتي، أزقتها تحكي قصة حياتي وحياة أجدادي”، كان لوجود كنيسة الساعة بالقرب من منزله أثرًا كبيرًا على حياته ونشأة أسرته.
تنظيم داعش أعلن أول أمس أن الخليفة أبو عمر البغدادي سيجتمع مع وجهاء المسيحيين وسيعرض عليهم ثلاثة أمور، وسيتوجب على المسيحيين أن يختاروا واحدة من هذه الخيارات، كان ينوي البغدادي أن يعرض عليهم الدخول في الإسلام، فإن لم يقبلوه ولم يسلموا فسيعرض عليهم دفع الجزية، فإن لم يقبلوا بدفع الجزية فالسيف سيكون الحكم بيننا وبينهم، هكذا نص بيان البغدادي.
يبدو أن البغدادي لم يكن يعلم أن جميع المطارنة قد تركوا الموصل مع بداية سيطرة المسلحين على المدينة، المطارنة تركوا المدينة لخوفهم الكبير من تنظيم داعش الذي كان يفرض عليهم الأموال طوال السنوات الأخيرة، كما أنه وجه لهم الكثير من التهديدات خلال هذه السنوات، لذلك هم توقعوا هذا المسلسل قبل فوات الأوان.
بعض خطباء الجمعة في الموصل استنكروا ما قامت به داعش تجاه المسيحيين والتدخل بأمور الملبس والمشرب، وقالوا لداعش عليكم أولاً أن تهتموا بتوفير مستلزمات الحياة في المدينة بدلاً من التدخل في المسيحيين، رغم التبليغ الذي وصل إلى الخطباء بضرورة مباركة هذه الأعمال.
وفي لقاء مع أم بطرس – إحدى كبيرات السن اللاواتي خرجن من المدينة – قالت كتبوا على بيوتنا أنها أملاك للدولة الإسلامية، كما انهم فتحوا بيتي للنهب من قبل السراق، وأضافت نحن على مدار سنوات طويلة نعيش مع المسلمين في صفاء وود، كما أن أولادي كبروا وعاشوا مع أولاد المسلمين.
من جانب آخر ذكر لنا أبو ليلى أنه لا يفكر في ترك بيته وأنه يفضل أن يموت مصلوبًا في عقر داره وأمام زوجته على أن يترك مدينة أجداده وداره وأصدقائه، وأضاف أيضًا أن عدد العائلات المسيحية داخل الموصل اليوم ما يقارب سبعين عائلة، ولكن بعد التهديد الأخير نزح ما يقارب الخمسين منهم تاركين بذلك بيوتهم وجميع ما يملكون لداعش.
بدوره صرح محافظ نينوي “أثيل النجيفي” قائلاً: اليوم ترتكب داعش جريمة بحق المسيحين في الموصل .. إنها تقوم بنهب أموالهم”، ودعا الفصائل الوطنية أن تأخذ على يد داعش وتمنعها من الاستمرار في هذا المنهج الأهوج، كما طلب من المسيحيين الذين تعرضت بيوتهم للنهب بتقديم طلباتهم وتسجيل أسمائهم في مكتب المحافظ المؤقت في القوش وسيقوم مكتب المحافظ باتخاذ الإجراءات لتعويضهم.