الانفجاران استهدفا مدينة طرابلس التي تعد معقل للسنة في لبنان والتي تشهد في الآونة الأخيرة نشاطا سلفيا كبيرا، ووقع أول الانفجارين قبيل خروج المصلين من أحد المساجد المستهدفة أما الثاني فوقع بعده ب5 دقائق مما أدى إلى زيادة القتلى والمصابين.
وكانت حصيلة الانفجارين القويين قد ارتفعت إلى ٥٠ قتيلا وأكثر من خمسمائة جريح، وهي أعداد مرشحة للازدياد نظرا لكثرة الحالات الخطرة بين المصابين.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن الانفجار الأول وقع قرب مسجد التقوى بطرابلس، بينما وقع الثاني على مدخل جامع السلام عند معرض رشيد كرامي، بالقرب من منزل الرئيس ميقاتي والنائب سمير الجسر واللواء أشرف ريفي.
وأعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل أن “زنة العبوة المفجّرة أمام مسجد السلام بطرابلس تصل إلى نحو مائة كيلوغرام، فيما العبوة الثانية أمام مسجد التقوى لم تحدد زنتها بعد”.
وقالت مصادر صحفية في بيروت إن الانفجارين وقعا بالتزامن مع خروج المصلين من صلاة الجمعة في ثاني أكبر مدن لبنان.
وبحسب المصادر فلم يستهدف الانفجارين أي شخصيات سياسية عامة، لكن مسجد التقوى يؤمه رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي، وهو من الشخصيات الداعمة للثورة السورية.
وكان الشيخ الرفاعي يشجع السكان المحليين على الانضمام إلى صفوف المعارضة السورية ومقاتلة القوات الحكومية في سوريا التي تشهد ثورة عارمة منذ أكثر من عامين.
ولم تختلِف صورة طرابلس أمس عن صورة الضاحية في الأسبوع الماضي. حيث شهدت الضاحية الجنوبية في بيروت معقل حزب الله انفجارا شديدا أودى بحياة أكثر من ٢٠ شخصا.
وكان قائد الجيش العماد جان قهوجي تحدث عن سيارات مفخخة تستهدف اللبنانيين على تنوع مناطقهم وانتماءاتهم وهي ليست سوى جزء من مخطط تفجيري باتت القوى الامنية والعسكرية على علم بتفاصيله.
ورغم الغضب السني فقد بدا أن كثيرا من قيادات الطائفة السنية في لبنان توجه خطابا إلى حزب الله مفاده انسحب من سوريا ولنبدأ صفحة جديدة.
ففيما صدرت اتهامات عن بعض المشايخ السنّة والسلفيين تلقي المسؤولية على من سمّته ‘حزب الشيطان’ أو ‘حزب ايران’ عن انفجاري طرابلس اضافة الى ‘النظام السوري الظالم’، دعا مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني اللبنانيين الى ‘أن يستفيقوا من صراعات الزعماء من أجل تجنب الفتنة والتعالي على الجراح ولتقصير المسافات بينهم’. وقال: ‘الذين يريدون تفجير الوضع في لبنان وادخاله في الفتنة الشيعية السنية هم خلف تفجيري طرابلس وتفجير الضاحية’.
وكان ذلك أيضا رأي الكثير من قيادات 8 آذار “المناوئة لتيار المستقبل” أنه من المحتمل أن الفاعل في طرابلس والضاحية الجنوبية لبيروت واحد ، مثلما قال العماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر ، وهو ما رجحه أيضا النائب حسن فضل الله عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” التابعة لحزب الله الذي قال “إننا نحتاج إلى جرعة من العقل في البلد، معتبرا أن المخطط قد يكون واحدا والمستفيد هو من يريد الفتنة في البلد وهو بالدرجة الأولى إسرائيل”.
المرض يعلمه اللبنانيون إذن وهو الفتنة ، ولكنهم اختلفوا على السبب ، هل هو “الخطاب التكفيري التحريضي السلفي” -بحسب حزب الله-، ومن يدعمه ، أم تدفق النازحين السوريين ، أم تدخل حزب الله في سوريا.
و يختلف اللبنانيون أيضا على حل الأزمة، فبين من رأى مفتاح الحل في انسحاب حزب الله من سوريا، وآخرون رأوا الحل في الكف عن “الخطاب التحريضي” وتجاوز الخلاف حول سوريا لا الانسحاب منها ، وتشكيل حكومة وحدة وطنية بناء على الأوزان النيابية لتمسك بزمام الأمن في البلاد.
وكانت أطراف دولية عديدة قد أدانت الحادث، فقد أدان مجلس الامن “بقوة، الهجمات الارهابية” التي وقعت في طرابلس، وأكد على “ضرورة القبض على المسؤولين عنها واحالتهم للعدالة.”
وناشد المجلس، في بيان صدر بالاجماع، “كل الشعب اللبناني الحفاظ على الوحدة الوطنية بوجه المحاولات التي تستهدف استقرار البلاد.”
كما أكد البيان على “ضرورة أن تحترم كل الاطراف اللبنانية قرار البلاد عدم التدخل بالشأن السوري.” في إشارة واضحة لحزب الله الذي يقاتل أفراده جنبا إلى جنب مع قوات نظام بشار الأسد.