ترجمة وتحرير نون بوست
يمكنك أن تراهم مؤخرًا، يرتدون الزي الرسمي لدولة إسرائيل، يريدون أن يشاركوا في الهجوم على سكان غزة، المتطوعون الأمريكيون الذين شاركوا في مقتل 700 فلسطينيًا مدنيًا على الأقل منذ أن بدأت الحرب الأخيرة، فمن بين ثلاثين إسرائيليًا أعلنت إسرائيل عن مقتلهم، علمنا أن اثنين منهم كانا يحملان الجنسية الأمريكية.
إذن، كيف ترد الولايات المتحدة على ذلك؟ بداية: بإرسال المزيد من الأمريكيين.
خلال أقل من أربعة وعشرين ساعة عقب حلقة برنامج Hot Mic على قناة فوكس نيوز الأمريكية، وصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى القاهرة يوم الثلاثاء، في خطوة تختلف عن الرد الغربي المتوقع عن الحديث حول بدء حماس للعدوان وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
تحدث كيري عن مقتل اثنين من المواطنين الأمريكيين بصوت مختلف عن حديثه بخصوص “الدم الذي سال من جميع الأطراف”، تغير صوته أكد النفاق الواضح في الموقف الأمريكي من الصراع، فالأمريكيون يتم تشجيعهم بشكل منظم للحرب بجانب إسرائيل، وقمع وقتل الفلسطينيين.
لننس كيف تحدثت الولايات المتحدة مخاطبة الدول العربية ودول الشرق الأوسط عن تضييق الخناق أو “إيقاف تدفق” المقاتلين العرب إلى العراق أو سوريا أو إلى أفغانستان، لكن بالنسبة لأولئك المتطوعين الأمريكيين في إسرائيل، لن تكون هناك تحقيقات مطولة في مقر المباحث الفيدرالية الأمريكية عندما يعودون إلى أرض الوطن أو أسئلة حول رحلتهم إلى تل أبيب، لن تستجوب الشرطة جيرانهم لفهم دوافعهم للذهاب لارتداء زي عسكري أجنبي ورفع بندقية في وجه شخص ما كان ليلتقيه أبدًا، ناهيك عن عدم وضع أي شخص على قائمة المنع من السفر، كما لن تكون هناك رقابة على الكنيس اليهودي الذي شجعهم على السفر أو على خطابات لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (آيباك).
ولحسن حظ المتطوعين الأمريكيين للقتال في إسرائيل، فإنهم قد يكونوا بمنأى عن الإهانة التي يواجهها المسلمون الأمريكيون من قبل الإف بي آي عندما يتهمونهم بتشجيع المواطنين الأمريكيين للقتال في الخارج.
هذا كله لن يحدث، هناك ثلاثة طرق فقط قد يتعارض بها التطوع للقتال في هذه المعركة مع القانون الأمريكي، أولاً: إذا كان الانضمام إلى الجانب “الخطأ”، والذي دومًا ما توضع فيه حماس، الولايات المتحدة تصنف حركة المقاومة الإسلامية بوصفها منظمة إرهابية أجنبية وتفرض عقوبات عليها بسبب تعطيل عملية السلام في الشرق الأوسط، الغريب أن نتنياهو فعل أكثر مما يستطيع لقتل عملية السلام تلك، متى كانت آخر مرة رأيت فيها مواطنًا أمريكيًا تتم محاكمته لدعم (أو حتى كونه عضوًا) في جماعة إسرائيلية متطرفة من المستوطنين أو إلى جماعات دينية شديدة التطرف والعنف مثل كاهانا تشاي؟
ثانيًا: العقوبات الجنائية أو فقدان الجنسية من الممكن أن تصيب هؤلاء الذين يعملون في إسرائيل إذا ثبت أنهم يهدفون إلى التخلي عن الجنسية الأمريكية بانضمامهم إلى الجيش الإسرائيلي، إلى حد أنهم قد يُتهموا بالخيانة إذا اتهموا بمهاجمة الولايات المتحدة.
وأخيرًا: إن قتل مواطن أمريكي في الخارج يُعد جريمة فيدرالية، في حين أنه من المبكر للغاية القول إن الجنود الأمريكيين في الجيش الإسرائيلي قد قاموا بقتل فلسطينيين أمريكيين أثناء قتالهم في غزة، إلا أنك يمكنك أن تطمئن، فلن يكون هناك أي تحقيق في ذلك!
في الواقع، يمكن للمرء أو يقول إن هؤلاء “الجهاديين” الأمريكيين (أليس هذا هو المصطلح الذي يُستخدم عادة لمن يقاتل في الخارج؟) سيكونون في القائمة البيضاء ولن يُتهموا بأي شيء.
ربما كانت لديهم خططهم للتخلي عن جوازات سفرهم الأمريكية عندما حملوا السلاح لصالح إسرائيل، يمكنك سؤال “رام إيمانويل” الذي تطوع مرتين في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأصبح لاحقًا كبير موظفي الرئيس أوباما ورئيس بلدية شيكاغو.
كما أننا لا نعلم إذا كان الجنديين الأمريكيين القتلى قد فكرا في قتل أحد مبعوثي السلام الأمريكيين الذين وصلوا إلى المنطقة للوساطة لإنهاء نفس القتال الذين يحملان فيه السلاح، الأمر أعقد من ذلك، حتى الوسطاء الذين ترسلهم الولايات المتحدة للوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، شاركوا في القتال بشكل أو بآخر، يمكنك مراجعة سيرة “مارتن إنديك” السفير الأمريكي السابق في إسرائيل، ومبعوث السلام الحالي للشرق الأوسط، الذي كان نفسه أحد المتطوعين (المدنيين ربما) خلال الحرب العربية الإسرائيلية في 1973 والذي أصبح لاحقًا أحد أهم المسئولين في آيباك.
وإذا سألت عما إذا كان الجنديان يحاربان الولايات المتحدة أو يرتكبان خيانة عظمى ضد الدولة، فإن المدافعين عنهم سيجيبون بالنفي قطعًا.
لكن إذا درست جميع تصريحات تنظيم القاعدة قبل 9/11، وحتى المجموعات الأخرى التي ظهرت منذ ذلك الحين، سترى أن أهم النقاط التي يعتمد عليها هؤلاء في حشد الكارهين للولايات المتحدة لقتل الأمريكيين، هي الدعم غير المشروط لإسرائيل، والمساعدات العسكرية والدبلوماسية والمادية التي تغدقها واشنطن على دولة الاحتلال.
لذلك عندما ترى آلة الحرب الإسرائيلية تقصف أرواح أطفال يلعبون الكرة على شاطئ غزة، تأكد أن هناك عربا ومسلمين يريدون – الآن – أن يثأروا من إسرائيل والولايات المتحدة.
وقتال المتطوعين الأمريكيين مع إسرائيل يعمق هذا الغضب ويعني أنهم يشاركون في تحريض العرب والمسلمين على كراهية الأمريكيين؛ مما يشكل خطرًا على جميع المواطنين الأمريكيين سواء أثناء سفرهم في الخارج أو حتى أثناء سيرهم في بلادهم.
في عالم مواز يسود فيه المنطق، كانت الولايات المتحدة لتفعل شيئًا حيال ذلك الأمر.
لكن في عالم اليوم، فإن الولايات المتحدة تدعم القمع الإسرائيلي للفلسطينيين بشكل مؤسسي، ليس هناك أي إغلاق أو تعامل أمني مع الجمعيات التي تدعم إسرائيل بتبرعات معفاة من الضرائب، كما أن مصلحة الضرائب ستستمر في السماح لهذا الدعم للأنشطة المعادية للسلام بالانتشار، لن يكون هناك أي جهد أمريكي لاجتثاث التطرف عبر ملاحقة المقاتلين الأمريكيين الأجانب في إسرائيل عندما يعودون إلى الولايات المتحدة، بل على العكس من ذلك، قد تتاح لهم الفرصة في أن يصبحوا موظفين كبارًا أو مسئولين منتخبين في مواقع السلطة حيث يمكنهم زرع تحيزاتهم ونشرها في سياسات الولايات المتحدة.
وهذا تحديدًا هو ما عناه وزير الخارجية كيري بقوله: النظام الأمريكي الذي أنا جزء منه ينعي القتلي الأمريكيين في إسرائيل، لكن ليس بالضرورة أن يفعل ذلك الأمريكيون ولا أمريكا.
المصدر: هافنتون بوست