يتعامل المتحدثون الرسميون الإسرائيليون مع الإعلام بهدوء كبير، فعندما يُسألون عن التجاوزات الإسرائيلية عبر توسيع المستوطنات غير القانونية، تكون إجابتهم بوجوب تسوية هذه الوضعية سلميًا، وعندما يُسألون عن قصف المدنيين، يتحدثون عن ضرورة تضافر الجهود من أجل مستقبل أفضل لجميع أطفال إسرائيل وفلسطين، وذلك ضمن استراتيجية إعلامية منسقة لإرباك وتضليل الإعلام.
وقبل خمس سنوات، طلبت الولايات المتحدة من خبير استطلاعات الرأي الجمهوري الصهيوني، فرانك لونتز، إعداد دليل للتعامل مع وسائل الإعلام للقياديين المدافعين عن إسرائيل في الحرب الإعلامية الموجهة ضدها، ويعتمد هذا الدليل على بعض الأمثلة التي يجب الاستئناس بها من أجل وضع استراتيجية تهدف لإبطال مفعول منتقدي إسرائيل وتعزيز مكانتها لدى وسائل الإعلام العالمية.
وبدأ العمل على هذا الدليل بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2008، وبعد إدانة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمستوطنات الإسرائيلية، حيث أُعد للاستخدام الداخلي فقط مع الحرص على سريته، قبل أن يتم تسريبه في خريف عام 2009، ليتبين أنه دليل متكامل يعلم دارسيه “الكلمات التي يستحسن استعمالها” و”الكلمات التي لا يستحسن استعمالها” عندما يحدثون الشعوب الغربية.
وعلى سبيل المثال، عند مخاطبة الأمريكيين حول موضوع المستوطنات الإسرائيلية، ينصح الدليل المتحدث بأن يكون إيجابيًا وبأن يغير موضوع النقاش عن المستوطنات نحو السلام مع التعرض دومًا للتطهير العرقي الذي عانى منه اليهود.
وعن كيفية الحصول على دعم المشاهدين، فيطلب الحذر في كيفية استعمال نبرة الصوت مع عدم التشنج، كما يحذر هذا الدليل من استخدام الحجج الدينية عند الحديث إلى اليساريين الغربيين أو الليبراليين، ويؤكد أن أكثر الطرق فعالية لحشد الدعم لإسرائيل هو الحديث عن “جهودها من أجل تحقيق سلام دائم” و أن “إسرائيل تحترم حقوق الجميع في المنطقة”.
وأهمية الحديث عن السلام ترجع لسببين، أولهما: هو أن الأمريكيين إن لم يروا أملاً من تحقيق السلام فلن يقبلوا الدعم المالي الأمريكي لإسرائيل المتأتي من الضرائب التي يدفعها الشعب الأمريكي، وأما السبب الثاني: فهو أن المتحدث عن السلام سيحظى دومًا بمساندة المشاهد.
ومن النصائح التي يقدمها هذا الدليل: “الأمريكيون يتفقون على أن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن الحدود، لكن لا يجب تحديد ما ينبغي عليه أن تكون تلك الحدود، فيجب تجنب الحديث عن الحدود ما قبل أو ما بعد 1967، لأن ذلك سوف لن يؤدي إلا إلى تذكير الأمريكيين بالتاريخ العسكري لإسرائيل مما سيضر بصورة إسرائيل خاصة لدى اليساريين”.
ومن النصائح المستخلصة من حرب غزة عام 2008: “على المتحدث أن يظهر إسرائيل على أنها قدمت تضحيات مؤلمة لإعطاء فرصة للسلام، من ذلك أن إسرائيل أزالت طوعًا أكثر من 9000 مستوطن من قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية، وتخلت عن المنازل والمدارس والشركات وأماكن العبادة من أجل تجديد عملية السلام، وعلى الرغم من كل هذه التنازلات، تواصل إسرائيل مواجهة الهجمات الإرهابية، بما في ذلك الهجمات الصاروخية وما يتعرض له الإسرائيليون الأبرياء من حوادث لإطلاق النيران، ولتحقيق سلام دائم، يجب على إسرائيل أن تقاوم كل أشكال الإرهاب والدفاع عن حدودها”.
وعند الحديث عن الصواريخ التي تلقيها كتائب القسام وباقي فصائل المقاومة على إسرائيل، ينصح المتحدث بأن يوضح أن هذه الصواريخ تضرب العائلات الإسرائيلية وتحرمهم من العيش بسلام، وذلك لتقديم صورة عن معاناة الإسرائيليين جراء هذا القصف العشوائي.
كما يقدم هذا الدليل خمس خطوات لكسب المشاهد الغربي بالرغم من سقوط ضحايا من المدنيين في غزة:
1- التعاطف: “حياة كل إنسان ثمينة ونحن نفهم أن فقدان حياة الفلسطينيين الأبرياء مأساويًا مثله كمثل فقدان حياة الإسرائيليين”.
2- القبول: “نحن نعترف بأن إسرائيل ليست دائمًا ناجحة في منع سقوط ضحايا من المدنيين”.
3- الجهد: “نحن لا نزال ملتزمين ببذل كل ما في وسعنا لمنع سقوط ضحايا من المدنيين”.
4- تقديم أمثلة: “اسمحوا لي أن أحدثكم عن كيفية تدريب قواتنا المسلحة من أجل ضمان سلامة المدنيين الفلسطينيين”.
5- تغيير الوضعيات: “إنها لمأساة أن تطلق حماس، المدعومة من إيران، صواريخ على المدنيين، وهذا يسبب ضحايا لكلا الجانبين”.
المصدر: نون بوست + الجزيرة