هنا غزة .. 22 يوماً من الصمود والفداء والعدوان الغاشم .. مجازر بشعة سفكت دماء الأطفال والنساء والمسنين وأزهقت أرواح أكثر من 1036 مدنياً وأصابت المئات منهم بجراح مختلفة.
آلة حرب مجرمة حصدت الأخضر واليابس ودمرت كل شئ أتت عليه في غزة صاحبة المساحة الجغرافية الصغيرة والكثافة السكانية الكبيرة.
اليوم هو غرة شهر شوال أي أول أيام عيد الفطر السعيد عند الأمة العربية والإسلامية لكن غزة المكلومة استيقظت على أصوات المكبرين في مساجدها ولا زالت تقطر دماً وهي تذرف الدموع على شهداءها الأبرار وتودع الأطفال بدلاً من أن ترتسم على وجوههم الابتسامات.
في غزة بات ثوب العيد كفناً وحلوي العيد قنابل ولسان حال أهلها المكلومين على فراق فلذات أكبادهم حزنهم على دمار بيوتهم “بأي حال قد جئت يا عيد”.
شوارع غزة في صبيحة أول أيام العيد فارغة فالأطفال عاجلتهم القذائف والصواريخ الإسرائيلية المحرمة دولياً ودمرت منازلهم فوق رؤوسهم قبل أن يحتفلوا بالعيد أو يشتروا الألعاب كسائر أطفال المسلمين .
وانتشرت في عالم غزة الافتراضي على صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت والمنتديات عبارات التهاني بالعيد لكن بصورة مختلفة عن نظيرتها في الدول المجاورة المحتفية بالعيد كأن أجساداً بجوارها لم يفرقها الموت وقذائف الشر الإسرائيلية.
من بين تلك العبارات التي زخرت بها صفحات التواصل الاجتماعي بين الغزيين ونشطاء الاعلام الفلسطينيين في صبيحة العيد “كل عام ومقاومتنا بألف خير .. كل عام والنصر حليفنا .. سيكون عيدا رغم أنف الاحتلال، سنزور أهل شهدائنا، نتضامن ونتكافل مع جرحانا ومع من شردوا من بيوتهم؛ يشد بعضنا أزر بعض” ..
كما انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي عدة هاشتقات نشطة غرد عبرها نشطاء فلسطينيون وعرب وأجانب من بينها ” #عيد_شهيد وواصل الآلاف نشر تغريداتهم على هاشتاق #غزة_تحت_القصف و #غزة_تقاوم و #GazaUnderAttack وغيرها.
أحدهم يُغرد على صفحته بموقع تويتر “كل عام وأنتم بألف خير وعيد مبارك لأهلنا الصامدين المرابطين في غزة، نصرنا الله على أعدائنا وأعاد لنا حريتنا وبلادنا”.
وآخر ينشر على صفحته بموقع “فيس بوك” : “عيدنا ليس كعيدكم .. المسلمون في بلدي ممن لاحقهم الموت يحتفلون بالعيد في الكنيسة، ويذهبون إلى المقابر لمعايدة فلذات أكبادهم. أما صغارنا فرحلوا كطير نورس وهم يرتدون لباس الجنة.
أما أنتم فحدثونا عن عيدكم .. هل لبستم الجديد؟ وأكلتم الحلوى؟ عذرا عيد الفطر فنحن أثرنا تأجيل الاحتفاء بك قليلا، ذاهبون لمهمة قصيرة على الحدود نجمع من خلالها بقايا كرامة هذه الأمة، ومن ثم نعود، فلا ترحل، انتظرنا”.
هنا غزة .. تستقبل العيد وهي تنزف دماً وتودع الأطفال إلى مثواهم الأخير في يوم فرحتهم التي انتظروها أياماً وشهور .. كل عام والنصر حليفنا فعيدنا عيد الشهداء والتضحية والصمود والانتصار.