في مشهد معتاد، صبيحة عيد الفطر في مصر، ترى اجتماع الأسرة عقب صلاة العيد، مع المشروبات من شاي أو لبن، تلتف حول بطل المشهد الرئيسي .. طبق الكعك، وجبة الإفطار الرئيسية في أيام العيد.
إلى العصور الفرعونية القديمة، تعود الأصول الأولى للكعك في مصر، وأظهرت برديات ونقوش فرعونية تقديم زوجات الملوك الكعك للكهنة القائمين على حراسة هرم خوفو بالجيزة، في يوم تعامد الشمس على حجرة الملك، وكان يُسمى بالقُرَص حيث كانوا يشكلون الكعك على شكل أقراص.
إلا أن دراسة لعالم الآثار الإسلامية علي الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، قال إن “أول من اهتم بصناعة الكعك بصورته الحالية، كانت الدولة الطولونية (868-904م)، إلا أنها ازدهرت في عهد الفاطميين (909-1171م)، حتى أنهم انشأوا ديوانًا حكوميًا، يختص فقط بكعك العيد أطلقوا عليه اسم (دار الفطرة)، وخصصوا له ميزانيات ضخمة لصنعه وتوزيعه على الفقراء، تصل إلى 16 ألف دينار ذهبي”.
وأضافت: “كان الفاطميون يستعدون لصناعة الكعك من شهر رجب حتى النصف الثاني من رمضان، عن طريق أكثر من مائة عامل”.
وتابعت الدراسة: “في عهد المماليك (1250- 1517م)، كان الأمراء يوزعون الكعك على الفقراء والمتصوفين وكانوا يعتبرونه صدقة، خاصة من مدرسة الأميرة “تتر الحجازية” بحي الجمالية (وسط القاهرة)، التي كانت توزع الكعك الناعم والخشن على الموظفين، قبل أن يتطور الأمر لتبادل سكان مصر حينها الكعك كهدايا ويتنافسون بإجادته”.
وأشارت الدراسة إلى رواج صناعة الكعك في عيد الفطر، دفع المماليك إلى إنشاء سوق يطلق عليه “الحلاويين” داخل باب زويلة (وسط القاهرة)، كانت تعرض محاله أجود أصناف الكعك خلال العشر الأواخر من رمضان، بعدما تفنن صناعه في نقشه بقوالب مختلفة، حيث يحتوى متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، على هذه القوالب منها ما هو مكتوب على بعضها عبارات مثل: “كل هنيا” و”كل واشكر” و”كل واشكر مولاك” و”بالشكر تدوم النعم”.
خبير الآثار، عبد الرحيم ريحان، قال في تصريحات صحفية، إن صناعة كعك العيد فى الأعياد من أقدم العادات التي عرفت عند المصريين القدماء لا تختلف كثيراً عن صناعته الحالية، مما يؤكد أن صناعته امتداد لتقاليد موروثة، غير أنه أشار إلى تراجع نسبة الأسر التي لا تزال تحافظ على صناعته منزليا مقابل تزايد الإقبال على شراء الجاهز منه من المخابز الصغيرة منها والكبيرة.
وفي الشارع المصري، وعلى الرغم من الارتفاع الملحوظ لأسعار الكعك هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية، إلا أن الإقبال لم يقل، واستمر توافد المصريين لشراء الكعك، حتى وإن قلت كمية ما يشترون.
أما صناعة الكعك فأوضح محمد عبد اللاه صانع كعك فى أحد المخابز بالقاهرة، أنهم يقومون بصناعة العديد من الكميات من الكعك والبسكويت بطرق مختلفة وخاصة فى الأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم.
وأضاف أن الكعك يتكون من زبد مذاب على نار هادئة، مضافا إليه الدقيق، والسكر، والحليب، وبذور الفانيليا، والخميرة، ويتم عجنها لنحصل على خليط جامد ومتماسك يتم تشكيله على شكل كعك صغير، قبل أن يوضع في الفرن الساخن.
المصدر: وكالة الأناضول