“إذا الشعب يومًا أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر” هكذا رددت “توكل كرمان” اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام في ندوة تحت شعار “ربيع المقاومة” التي نظّمها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي) في يوم عصف فيه الإرهاب بأرواح شهيدين من الجيش الوطني التونسي، كما خلّف 3 مفقودين وجريحين في محيط جبال ورغة من محافظة الكاف بالشمال الغربي للبلاد.
تحت ضربات إرهاب المتشددين دينيًا وتحت ضربات الإرهاب الصهيوني على أهل غزة، قرر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الاحتفال بالذكرى الثالثة عشر لتأسيسيه رافعًا لواء المقاومة لحماية الثورة.
انطلق الاحتفال بكلمة “عماد الدايمي” أمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أشار إلى أن يد الإرهاب تمتد من جديد ليرتقي شهداء جدد في معركة التونسيين ضد الإرهاب الذي يريد أن يضرب نموذج ووحدة المجتمع التونسي، وأوضح بأن حزب المؤتمر الذي يبلغ الآن 13 سنة قد تأسس في مناخ سياسي متصحر فيه شعارات نضالية قليلة، وقد انطلق برفع شعار المقاومة ضد الدكتاتورية، وعنوان نضاله اختزال التاريخ النضالي لأجيال من التونسيين، وأضاف الدايمي بأن حزبه دعا منذ التأسيسي إلى إسقاط الدكتاتورية وليس إلى إصلاحها.
وأضاف الدايمي “لدينا مسئولية تاريخية كتونسيين في المساهمة في إنجاح الثورات العربية”، هذا وأكد أمين عام حزب المؤتمر أن تونس قد دفعت ثمنًا لموقفها المبدئي ضد الانقلاب في مصر، مشددًا أن للتونسيين لديهم اليوم مسئولية في دعم نضال الشعب الفلسطيني.
من ناحيتها قالت توكل كرمان إن أبو القاسم الشابي الشاعر التونسي خطّ البيت “إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلا بدّ أن يستجيب القدر” بدمائه وردّ عليه الشعب العربي بـ “الشعب يريد إسقاط النظام”، وأضافت بأنهم في اليمن رفعوا شعار “يا تونس الخضراء فيك خلاصنا وليسقط الأنصاب”، وقالت بأن الثورة مستمرة إلى حين بناء الدولة الديمقراطية.
وأكدت كرمان “أسقطنا دولة الفساد لنقيم دولة الحق والعدل والقانون”، موضحة أن هذه الدولة لا تقوم إلا بإسقاط رأس الفساد، وأوضحت يجب بناء مؤسسات الدولة الضامنة لإقامة الدولة العادلة، وتوجهت توكل كرمان بالحديث للشعب تونسي قائلة “أنتم عليكم أن تكملوا الحلم، تونس أمانة في رقبة كل تونسي لتكون أنموذج لكل الشعوب المتطلعين للحرية والكرامة”.
وختمت قولها بأن الثورة السلمية هي شكل من أشكال المقاومة، وقالت بأنّ الثورة اليوم في مواجهة مع قوى الثورة المضادة، وحول الشأن المصري أوضحت أن الانقلاب لم يكن على الرئيس مرسي بل كان على قيم الربيع العربي وأحلام شباب الربيع.
أمّا المعارض الشرس لنظام حسني مبارك رئيس حزب الغد الدكتور “أيمن نور” فقد أوضح في مداخلته بأنهم في زمن دكتاتورية مبارك وبن علي كان المصريون ينتظرون ما سيعود به وزير الداخلية المصري في كل زيارة له لتونس، موضحًا أنه كان يزور تونس لتعلّم الممارسات القمعية.
وأضاف نور “كانت تونس دائمًا هي الحالة الحاضرة في أذهاننا ونحن نخوض لحظات المقاومة في 25 يناير وكنّا نعلم بأنها ثورة”، و قال نور “كنا نشتم رائحة الاستبداد واشتممنا من رائحة ياسمين تونس رائحة الحريّة”.
من ناحية أخرى أشار نور إلى أنّ النظام المصري الحالي يلعب دورًا ضدّ القضية الفلسطنية، وأوضح أن القوى الغربية وإسرائيل ساندوا الانقلاب لتحصيل نتائج لعلّ أوّلها المبادرة التي قدّمها النظام الحالي، والتي وصفها نور بأنها لا تليق بشعب مصر ولا بالشعب العربي عمومًا، وقد ختم نور قوله بـ “لقد تعلّمنا الشجاعة من تونس”.
كما تخلل الندوة مداخلة لـ “مشير المصري” أحد قيادات حركة المقاومة الإسلامية الفلسطنية (حماس) والناطق باسمها مباشرة من أرض غزة، حيث أكدّ شكره للتونسيين على مواقفهم الرسمية والشعبية المشرفة، كما شدد على تمنياته لو كانت تونس جغرافيًا إلى جوار غزة حتي يكون لهم سندًا في مقاومة الطغيان الصهيوني في ظل الخذلان العربي.
وقد أكد على وحدة القوى الفلسطنية المقاومة ضد العدوان الصهيوني الغاشم، مبينًا أن إسرائيل فشلت في كسر المقاومة التي وصلت صواريخها إلى حدود لبنان وحدود سوريا، وقال بأن أبناء المقاومة مازال يحفرون الأنفاق وأن العدو الصهيوني لم يصل إلاّ إلى بعضها.
وبين قدرات المقاومة التي استطاعت ردّ العدوان برًا وبحرًا، مؤكدًا بأن عيد الفطر سيكون عيد نصر، كما شدد على أنّ قدرات المقاومة أصبحت بإمكانها خوض حرب طويلة المدى، مطالبًا القوى الحرة بمزيد الدعم والمساندة، وقال “قريبا نلتقي مع التونسيين وكل المغاربة على باب المغاربة عند المسجد الأقصى”.
هذا وتجدر الإشارة أنه تخلل الندوة مداخلات شعرية لكل من الشاعر “البحري العرفاوي” والشاعرة “سهير بادي”، إلى جانب وصلة موسيقية لمجموعة عشاق الوطن، كما أنه تعذر على القيادي الفلسطيني “فاروق القدّومي” الحضور نظرًا لتعرضه لتوعك صحي.