نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالا للصحفي باتريك كينغسلي يؤكد فيه أن الموقف المصري من الإخوان المسلمين ومن حركة المقاومة الإسلامية حماس وتحالف السلطات المصرية مع الإسرائيليين تسبب في تعزيز الحصار على غزة وانهيار محادثات التهدئة التي كان يُفتدض من مصر أن تلعب فيها دور الوسيط إلا أنها لعبت دور الممثل للطرف الإسرائيلي.
وتحدثت الغارديان عن موقف السلطات المصرية من غزة ومشاركتها في الحصار، مستدلة على ذلك بالموقف من قافلة التضامن المصرية الأخيرة التي أوقفها الأمن المصري على بعدأكثر من 100 كم عن الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة، وصرحت إحدى المشاركات في القافلة للغارديان قائلة “إنهم يريدون التأكد من أن العزلة والحصار سيستمران”، وهو الموقف الذي تعمل السلطات المصرية والخادجية وحتى الإعلام المصري على ترسيخه كواقع يجب على الفلسطينيين أن يتعايشوا معه ما دامت حماس موجودة في قطاع غزة، سواء على رأس السلطة أو حتى بسلاح المقاومة.
وأكدت الغارديان أنه على الرغم من أن الحرب الحالية تُصور على أنها بين طرفين: “حماس وإسرائيل”، إلا أن هناك طرفا لا يجبتجاهله، وهو الطرف الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع أكثر، وفي صالح إسرائيل: مصر.
مصر، التي دوما ما كانت الوسيط بين حماس وإسرائيل، والتي يُفترض بها أن تتصرف مع وضع مصالح الفلسطينيين نُصب أعينها، تتصرف الآن كما لو كانت تعمل كسمسار لصالح إسرائيل.
فرغم أن مصر أدانت مقتل فلسطينيين، الذين استُشهد منهم أكثر من 1300 شخص، ودعت إلى وقف إطلاق النار، وسمحت لعدد قليل للغاية من الفلسطينيين أن يخرجوا للعلاج في مصر مع خطورة حالاتهم، وسمحوا كذلك لعدد من المسعفين أن يعبروا إلى غزة، إلا أن الإجراءات المصرية على الأرض تعمل جميعها لصالح إسرائيل. فمصر تعزز الحصار الذي يفرضه الإسرائيليون على القطاع، ودمرت السلطات أكثر من 1600 نفق يستخدمهم الأهالي في جلب البضائع والمواد الأساسية مثل الطعام ومواد البناء ، وحتى الأسلحة بالطبع.
لقد شلت مصر اقتصاد غزة تماما وأنهت الأنفاق التي تسامحت معها لسنوات إبان مبارك ومرسي وحتى المجلس العسكري عقب الثورة. هذا يعني أن غزة لم تعد تمتلك أي منفذ على العالم سوى منفذ تغلقه مصر في رفح، وحدود تغلقها إسرائيل.
إن استطاعة حماس وإرادتها الاستمرار في القتال، مثل في حد ذاته استفزازا للمصريين، تقول الغارديان إن حماس أرادت أن تثبت للمصريين أن عليهم أن يرفعوا الحصار قبل أن يقبلوا بمبادرتهم أو حتى بوقف إطلاق النار.
مصر تعادي حماس بشكل رسمي في الوقت الحالي، فهي فرع الإخوان المسلمين في فلسطين، وقررت السلطات حظر عملها في مصر، ويحاكم بعض أفرادها (من بينهم شهداء عديدون) بتهم تتعلق باقتحام الحدود المصرية أو حتى اقتحام السجون، كما يُحاكم الرئيس محمد مرسي بتهمة التخابر مع حركة المقاومة.
وتقول الصحيفة الإنجليزية أن المصريين الذين دائما ما أبدوا تعاطفهم مع غزة، يظهرون الآن كما لو كانوا يعادون الفلسطينيين جميعا، فهم لا يميزون بين حماس وغزة، إلى حد أن المذيعين وكُتاب الأعمدة اليومية في الصحف القومية حرضوا إسرائيل على قتل الفلسطينيين، وكتب أحدهم في صحيفة الوطن المصرية “أنا آسف يا شعب غزة: لن أتعاطف معكم حتى تتخلصوا من عصابة حماس”.
سلمى سعيد، إحدى منسقات قافلة غزة، قالت إن التعاطف المصري ضخم مع معاناة غزة، لكن التليفزيون المصري يجعل الأمد يبدو كما لو أنه لا أحد في مصر يريد دعم غزة.