في أحد المقاطع الدعائية للحملة الانتخابية لـ “أكمل الدين إحسان أوغلو” مرشح المعارضة التركية للمنافسة في الانتخابات الرئاسية التي ستقام جولتها الأولى يوم 10 أغسطس القادم، يستشهد معدو الفيديو على كفاءة مرشحهم بكلمة لأردوغان في سنة 1994 يمتدح من خلالها جهود أكمل الدين، وبكلمة أخرى لعبد الله غول، شريك أردوغان في السياسة، قالها في سنة 2009 وامتدح عبرها جهود أكمل الدين في النهوض لمنظمة التعاون الإسلامي التي كان يترأسها.
وعلى عكس المعهود في الحملات الانتخابية التي تكون فيها المنافسة منحصرة، بشكل أو بآخر بين منافسين رئيسين، لا تشهد خطابات أردوغان ومنافسه أكمل الدين تصعيدًا حادًا تجاه بعضهما، وعند الإجابة عن سؤال: “لماذا أصوت لأكمل الدين؟”، يأتي الجواب الأول في برنامجه الانتخابي قائلاً: “لأن هذه الانتخابات ليست سياسية، لأن منصب رئيس الجمهورية ليس مقامًا للسياسة”.
وبينما قدم أوباما برنامجًا انتخابيًا اقتصاديًا متعارضًا بالكامل مع البرنامج الذي قدمه منافسه رومني، لا يقدم أكمل الدين برنامجًا انتخابيًا تفصيليًا كمثل الذي قدمه أردوغان وشمل صورة متكاملة لـ “تركيا المستقبل” في عهد أردوغان، وإنما يكتفي بالدعاية لنفسه بوصفه الحل لكل المشاكل الموجودة في تركيا ولأجل تحقيق “الوحدة” و”الحياة” و”الاحترام” و”الحب”.
ويعلق أردوغان في خطاباته من الطرح الذي يقدمه منافسه الأقوى، فيقول: “عندما نسألهم عن ماذا سيقدمون للمواطن من طرقات وشبكات نقل وخدمات، يقولون إن رئيس الجمهورية لا علاقة له بهذا”، مضيفًا: “لن تروا رئيسًا ينتقل من صالون إلى صالون آخر، سترون رئيسًا يركض من مكان إنشاءات إلى مكان آخر، نحن خرجنا في طريقنا هذا لخدمة الشعب وسنستمر في هذا”.
ويسخر أردوغان من البيئة التي يأتي منها أكمل الدين إحسان أوغلو مستخدمًا كلمة من اللغة الفرنسية أصبحت اسمًا يرمز به لأكمل الدين وداعميه فيقول: “هؤلاء جماعة mon cher (مون شار)”، وهي كلمة يستخدمها الفرنسيون في مطلع رسائلهم وتعني “عزيزي”، ويستخدمها أردوغان ليرمز إلى قدوم منافسه أكمل الدين من بيئة بورجوازية منفصلة عن المجتمع ولا تعنى بمشاغله واحتياجاته اليومية بقدر ما تعنى بالكماليات والبروتوكولات.
وهذا الفارق الشاسع بين البرنامجين الانتخابيين (برنامج أردوغان متكون من أكثر من 80 صفحة وبرنامج إحسان أوغلو بضعة سطور)، انعكس على نتائج سبر الآراء التي يشير معظمها إلى أن أردوغان سيفوز بنسة تتراوح ما بين 51 و54 بالمائة وهي ما ستمكنه من الفوز منذ الجولة الأولى.
وفي ظل هذه الوقائع والتوقعات، يذهب محللون إلى القول بأن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية ستكون بمثابة الاستفتاء الشعبي على شخص أردوغان وعلى مسيرة حزب العدالة والتنمية طيلة السنوات الـ12 الماضية، ففي حال فاز فستكون رسالة واضحة مفادها أن “الأتراك يريدون أردوغان” وفي حال فوز مرشح آخر فلن يفهم ذلك على أن الأتراك يريدون ذاك المرشح وإنما سيفهم على أن الأتراك قرروا أنهم “لا يريدون أردوغان”.