“تتوتر الأعصاب حتى تخرج عن السيطرة، ثم تشتد العضلات ولا يمكن للمصاب أن يتحكم فيها، وتستمر التشنجات لدقائق قبل أن يخرج زبد من الفم والأنف، ثم يكون الموت”.. هذا هو التسلسل العلمي للمراحل التي يمر بها من يستنشق غاز الأعصاب خلال عشرة دقائق تفصل ما بين اصابته وموته.
يعتمد غاز الأعصاب على مكون أساسي هو السارين الذي يدمر انزيمات/خميرة الأستيل، وفي حالة عمل الأعصاب بصفة طبيعية يقوم أنزيم الأستيل بتفكيك مادة الاستيل العالقة في آخر الأعصاب مرة في كل دقة قلبية، وعند استنشاق السارين يبدأ تراكم مادة الاستيل في نهايات الأعصاب فيبدأ التشنج العصبي على مستوى كل العضلات بما في ذلك عضلة القلب.
وبحسب خبراء عسكريين وكيميائيين فإنه عملية تحويل سائل السارين إلى غاز صعبة وخطرة جدا ولذلك لم يحدث أن استخدم غاز السارين من قبل مجموعات مسلحة غير نظامية وبقي حكرا على الجيوش النظامية المزودة بالمخابر والمستودعة المهيئة لتطوير وحفظ غازات من هذا النوع، وحتى الهجمات الارهابية التي استخدم فيها السارين مثل توكيو سنة 1995 والتي راح ضحيتها 12 شخص فقد استخدم فيها السارين في شكل سائل ولو أن نفس كمية السارين السائلة المستخدمة حينها حولت إلى غاز فإن عدد الضحايا بحسب خبراء كان سيتضاعف بعشرات المرات.
ويؤكد خبراء لصحيفة فوراين بوليسي أن المصابين الذين نقلت صورهم من مستشفيات ريف دمشق وهم يرتعشون ويتخبطون على الأرض قبل وفاتهم وخروج الزبد من أفواههم يمثلون تماما التصور الطبي العلمية لحالة مستنشق مادة السارين قبل وفاته بدقائق، مؤكدين أن تحليلا مخبريا لأجساد قتلى مجزرة الغوطة الشرقية في ريف دمشق ولتربة المناطق التي نزلت فيها الصواريخ سيقطع نهائيا فيما إذا كانت الصواريخ محملة بمادة السارين أو بمواد أخرى، لتكون هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها السارين منذ هجوم توكيو سنة 1995.
وبالإضافة إلى غاز الأعصاب، توجد أسلحة كيمياوية أخرى مثل غاز الكلورين القاتل من خلال الخنق البطيئ حيث يشعر من يستنشقه بحالة اختناق تدوم لأكثر من 4 ساعات تؤدي إلى وفاته في أقل من 24 ساعة على أقصى تقدير، وكذلك غاز الخردل الذي يؤدي عادة إلى حروق بليغة وإلى فقدان البصر أو إتلاف الرئة وفي حال استنشاق كميات كبيرة فإنه يؤدي إلى الموت خلال أيام.
وكان برتوكول جنيف لمنع استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية المعتمد سنة 1972 أول وثيقة دولية تجرم استخدام وتصنيع هذا النوع من الأسلحة، تلته اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية المقترحة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي انضمت إليها حتى الآن 189 دولة حول العالم ورفضت كل من سوريا ومصر وأنغولا وكوريا الشمالية الانضمام إليها، في حين وقعت الحكومة الاسرائيلية على وثائق الانضمام إلى الاتفاقية ولم يصادق الكنيست الاسرائيلي عليها بعد الأمر الذي يجعل اسرائيل غير ملزمة ببنود هذه الاتفاقية.