عاشت الفلبين عقودًا من التمرد للأقلية المسلمة من أجل المطالبة باستقلال المنطقة الجنوبية في البلاد وإقليم بانجسامورو الذي يعيش فيه خمسة ملايين مسلم من بين 100 مليون مواطن فلبيني.
وفي مارس الماضي، انتهت – أو كادت – الحرب الطويلة بين المتمردين والحكومة، فقد وقع رئيس الفلبينيين “بينينيو أكينو”، وزعيم جبهة مورو الإسلامية للتحرير “مراد إبراهيم” اتفاق سلام تاريخي كان يُفترض به أن ينهي أحد أطول النزاعات في أسيا وأكثرها دموية.
لكن هذه التسوية السلمية التاريخية هي الآن عرضه للانهيار أكثر من أي وقت خلال الخمسة أشهر الماضية بعد أن اتهم المتمردون المسلمون الحكومة بالتراجع عن اتفاقاتها المتعلقة بإنشاء منطقة حكم ذاتي.
الجانبين بدءا محادثات عاجلة هذا الأسبوع في محاولة لتسوية العقبات غير المتوقعة لإنجاز هو الأهم بالنسبة للرئيس الفلبيني أكينو.
انهيار عملية السلام ستؤدي إلى عودة العنف وستدمر فرص الانتعاش الاقتصادي التي كانت قد بدأت في الظهور في جزيرة مينداناو الغنية بالموارد في قطاعات مثل الزراعة والتعدين.
هناك العديد من الشركات العالمية لديها مزارع في مينداناو بالفعل، لكن غالبية الشركات والمستثمرين ينتظرون استقرار الأوضاع.
وبموجب الاتفاق الذي جاء ثمرة مفاوضات مستمرة منذ 17 عامًا، تقوم الحركة بنزع أسلحة عناصرها العشرة آلاف تقريبًا بشكل تدريجي، في عملية مستلهمة من الآلية التي طبقت في أيرلندا الشمالية.
ووعدت جبهة مورو بتسليم السلاح مقابل إقامة منطقة حكم ذاتي في جنوب الأرخبيل في جزيرة مينداناو حيث تعيش غالبية مسلمة في بلد كاثوليكي بنسبة 80%.
منطقة الحكم الذاتي التي ستمثل 10 في المائة من أراضي الفيلبين ستكون لها شرطتها الخاصة وبرلمان محلي وصلاحية جباية الضرائب، أما الدفاع فيبقى من صلاحيات الحكومة المركزية، وسيترأس قادة “جبهة مورو” سلطة موقتة في المنطقة قبل تنظيم انتخابات محلية في 2016.
وفيما يتعلق بالأسلحة التي بحوزتهم؛ أكد زعيم الجبهة أنها ستبقى “خارج نطاق الاستخدام” بموجب الاتفاقية، موضحًا أن قسمًا من أسلحة مقاتلي الجبهة ستستخدم من قبل فريق “السلام والأمن” وشرطة مورو التي ستشكل حديثًا، والباقي سيوضع تحت إشراف لجنة دولية، متابعًا: “ليس من الوارد تسليم أسلحتنا إلى الحكومة الفلبينية أو السماح بتدميرها”.
الاتفاق كان يسير بسلاسة إلى أن عمل الفريق القانوني التابع للرئيس الفلبيني على تغييرات جذرية في مشروع القانون الذي تقول الجبهة إنه يتعارض مع الاتفاق الذي تم توقيعه سابقًا وأنه يفرض قيودًا على سلطاتها، كبير المفاوضين في جبهة تحرير مورو أخبر رويترز أن الجبهة لن تقبل القانون بتلك التعديلات خاصة أنها ابتعدت كثيرًا عن روح اتفاق السلام.
التعليقات التي قالها كبير المفاوضين هي أول مؤشر على أن الاتفاق على وشك الانهيار، فقد أكد أن قرابة 70٪ من الاتفاق السابق تم تعديله أو حذفه من قبل محاميي أكينو الذين ظلوا يعملون على الوثيقة قرابة الشهرين بعد الاتفاق عليها.
ويعتبر المسلمون الفليبينيون البالغ عددهم خمسة ملايين من أصل حوالي مئة مليون ساكن، المنطقة الجنوبية من البلاد بمثابة أرضهم التاريخية، وخاضت جبهة مورو الإسلامية للتحرير حركة تمرد طويلة للمطالبة باستقلال هذه المنطقة.
وانطلقت حركة التمرد الإسلامية عام 1972 وخلفت 150 ألف قتيل لتصبح من حركات التمرد الأعنف في أسيا.
وكان الطرفان قد وقعا اتفاقًا إطاريًا في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 لإحلال سلام دائم في جزيرة “ميندانو”، جنوب الفلبين، التي يقطنها مسلمون، وبموجب الاتفاق تم تغيير اسم الجزيرة إلى “بانغسامورو” (وهو الاسم الذي استخدمه مراد إبراهيم في تصريحاته).
يشار أن جبهة تحرير مورو القومية، وغيرها من المجموعات الإسلامية المتمردة، كانت قد أعلنت أنها لا تعترف بالاتفاق الذي وقع بين جبهة تحرير مورو الإسلامية، والحكومة الفلبينية، وستستمر بالكفاح المسلح ضدها.